
الحقيقية في " حدائق عمَّان "
بقلم : كريم الزغير
كان من حسن حظي أن يكون أمام مكان عملي حديقة تمتلأ بالأشجار منها ما هو الطويل والمتوسط و القصير ، من الخارج لا ترَ إلا الأشجار وإن كنت لا تعاني من مشاكل في النظر سترى أيضاً المجتمع بحقيقته دون قشورهِ الخارجيّة من " عفّة مُزيفة " ورفض شكلي لما هو طبيعي في هذه الحياة .
رأيتُ شاباً أعرفه مستنفراً متحمساً ، اعتقدتُ للوهلة الأولى أنه مُلاحق من قِبل أحد أو أنه قام بشيءٍ ما يحاول أن يخفيه والحقيقة أن سبب هذا التوتر لم يكن سوى أنه رأى فتاة وشاب يجلسان على مقعد من مقاعد الحديقة متواريان عن الأنظار ويحتضنان بعضهما خلسةً خوفاً من مطارة شرطة الحب في بلادنا ومجتمع التديُّن القشوري ، وبعد أن هدأت من " حميته الزائدة " وجلستُ معه أحاول أن أُبسّط له القضيّة بأنها " نزوة " أو " جهل " أو " أعتبر نفسك مكانه " إلا أن مرت فتاة من أمامنا حتى خارت قواه ، وسال لعابه ، وبدأ " يُشمشِم " رائحة عطرها التي جعلت المكان مضمخاً برائحة " باي لايت بلو " حتى نظرت إليه ساخراً تناقضه وسألته بلغته " وحالة السطلان اللي إنت فيها الآن .. شو أسميها ؟! " فرد بضحكة تنم عن إعترافه بتناقضه .
الحدائقُ في عمَّان تكشف عن الوجه الحقيقيّ للمجتمع الذي نعيشه ، فما عليك إلا أن تزور إحدى الحدائق ولكن ليسَ ( حديقة الديار أو حدائق عبدون والرابية ودير غبار ) لترى زجاجات المشروبات الروحية ، أو زجاجة تبقّى منها قليلاً إلا أن شاربها من شدة ثمالته لم يستطع إكمالُها ، أو فتاة " بزيها الشرعيّ " تجلسُ مع شاب " يقمع شقيقته في المنزل " في لحظة حميمة أو ربما ترَ أطفالاً يحملون أسلحة بيضاء ويوزعون على بعضهم " أقراص الحشيش " والحبوب المُخدرة لكن بالنسبة للمجتمع والدولة الخطر لا يكمن إلا " بالموعد الغرامي " لأنه فقط يستحق " الغضب الإلهي " أما الأشياء الأخرى فهي تغضبهم ولكن لا تدفعهم للتعبير عن غضبهم بالعنف .
لن أتحدث عن الحلول لهذه الظاهرة التي تكشف حجم التناقضات لأن غيري قد تحدث وأسهب في الحديث ولم يجد آذاناً صاغيّة ، فقط أقول أن كل من ذكرتهم أعلاه من نماذج إجتماعيّة هم ضحايا النظام الإجتماعي السائد وتناقضاته وضحايا اهمال الدولة ومؤسساته وبالأخص ( التعليمية – التربوية ) التي لم تأخذ هذه الظواهر بعين الإهتمام والدراسة ولم تهتم ببناء مجتمع يقوم على " الحريات " ( ما عاذ الله ) أو مجتمعاً ليبراليًّا قائماً على الحُريّة الحقيقيّة لا الحريّة المشوّهة التي نعيشها الآن .
بقلم : كريم الزغير
كان من حسن حظي أن يكون أمام مكان عملي حديقة تمتلأ بالأشجار منها ما هو الطويل والمتوسط و القصير ، من الخارج لا ترَ إلا الأشجار وإن كنت لا تعاني من مشاكل في النظر سترى أيضاً المجتمع بحقيقته دون قشورهِ الخارجيّة من " عفّة مُزيفة " ورفض شكلي لما هو طبيعي في هذه الحياة .
رأيتُ شاباً أعرفه مستنفراً متحمساً ، اعتقدتُ للوهلة الأولى أنه مُلاحق من قِبل أحد أو أنه قام بشيءٍ ما يحاول أن يخفيه والحقيقة أن سبب هذا التوتر لم يكن سوى أنه رأى فتاة وشاب يجلسان على مقعد من مقاعد الحديقة متواريان عن الأنظار ويحتضنان بعضهما خلسةً خوفاً من مطارة شرطة الحب في بلادنا ومجتمع التديُّن القشوري ، وبعد أن هدأت من " حميته الزائدة " وجلستُ معه أحاول أن أُبسّط له القضيّة بأنها " نزوة " أو " جهل " أو " أعتبر نفسك مكانه " إلا أن مرت فتاة من أمامنا حتى خارت قواه ، وسال لعابه ، وبدأ " يُشمشِم " رائحة عطرها التي جعلت المكان مضمخاً برائحة " باي لايت بلو " حتى نظرت إليه ساخراً تناقضه وسألته بلغته " وحالة السطلان اللي إنت فيها الآن .. شو أسميها ؟! " فرد بضحكة تنم عن إعترافه بتناقضه .
الحدائقُ في عمَّان تكشف عن الوجه الحقيقيّ للمجتمع الذي نعيشه ، فما عليك إلا أن تزور إحدى الحدائق ولكن ليسَ ( حديقة الديار أو حدائق عبدون والرابية ودير غبار ) لترى زجاجات المشروبات الروحية ، أو زجاجة تبقّى منها قليلاً إلا أن شاربها من شدة ثمالته لم يستطع إكمالُها ، أو فتاة " بزيها الشرعيّ " تجلسُ مع شاب " يقمع شقيقته في المنزل " في لحظة حميمة أو ربما ترَ أطفالاً يحملون أسلحة بيضاء ويوزعون على بعضهم " أقراص الحشيش " والحبوب المُخدرة لكن بالنسبة للمجتمع والدولة الخطر لا يكمن إلا " بالموعد الغرامي " لأنه فقط يستحق " الغضب الإلهي " أما الأشياء الأخرى فهي تغضبهم ولكن لا تدفعهم للتعبير عن غضبهم بالعنف .
لن أتحدث عن الحلول لهذه الظاهرة التي تكشف حجم التناقضات لأن غيري قد تحدث وأسهب في الحديث ولم يجد آذاناً صاغيّة ، فقط أقول أن كل من ذكرتهم أعلاه من نماذج إجتماعيّة هم ضحايا النظام الإجتماعي السائد وتناقضاته وضحايا اهمال الدولة ومؤسساته وبالأخص ( التعليمية – التربوية ) التي لم تأخذ هذه الظواهر بعين الإهتمام والدراسة ولم تهتم ببناء مجتمع يقوم على " الحريات " ( ما عاذ الله ) أو مجتمعاً ليبراليًّا قائماً على الحُريّة الحقيقيّة لا الحريّة المشوّهة التي نعيشها الآن .