نظرة على مقال أبي مازن في " الجارديان " اللندنية بقلم : حماد صبح
وفق أبو مازن إلى حد بعيد في اختصاصه ل " الجارديان " كبرى الصحف اللندنية بمقال في مئوية وعد بلفور سيء العاقبة على الفلسطينيين ، ولكون أبي مازن كاتبا كبيرا بحق ، جاء مقاله ، مدار حديثنا ، وافيا شافيا في مخاطبة الشعب البريطاني ، فنجح في تقديم عرض محكم لخلفية المأساة الفلسطينية الكبرى ، ولحالها القائم ، ولما قد تؤول إليه من حال أو حل . وركز في تضاعيف عرضه على عظم الذنب البريطاني في صنع مأساة الشعب الفلسطيني ، وما يتوجب على بريطانيا أخلاقيا وسياسيا أن تفعله تصحيحا لما خلفه هذا الذنب في حياة الفلسطينيين من عذابات وويلات ، والذي ما زالت بريطانيا لا تقر به ، وتوجت رئيسة وزرائها تيريزا ماي عدم الإقرار هذا حين شاركت مفاخرة في الاحتفال بمئوية الوعد مع رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ، ووصفت الوعد ب " واحدة من أفضل الرسائل في التاريخ " . استهل أبو مازن مقاله منبها إلى جهل كثير من البريطانيين ببلفور ، ووازن بين هذا الجهل وبين معرفة الشعب الفلسطيني التامة به ، أي بصانع أكبر نكبة قد تنزل بأي شعب ، وهي فقد الوطن . وهذه ظاهرة في سلوك البشر . الظالم ينسى ظلمه وضحيته ، والمظلوم لا ينسى آلام ومرارات هذا الظلم خاصة إذا لم تُزَل ، مثلما هو حادث في حال الشعب الفلسطيني . وفي استطلاع في بريطانيا من عامين ، قال أكثر المستطلعة آراؤهم إن المستوطنين في الضفة هم الفلسطينيون ! مقال أبي مازن على وجازته رسم صورة مركزة وافية الجوانب لحقيقة وأبعاد نكبة الشعب الفلسطيني ، وتأثير هذه الصورة سَيُرْبحنا زيادة في المتعاطفين من البريطانيين ، ومن غيرهم من الأوربيين الذين قد يقرؤون المقال في " الجارديان " ، أو يقرؤونه مترجما إلى لغاتهم ، ونستحب أن يترجم المقال إلى لغات أخرى هذه الأيام بَيْنا ما فتىء الاهتمام بوعد الشؤم والغصب حيا حارا . ليس في عادة الرؤساء أن يكتبوا رسائلهم وخطبهم بأنفسهم ؛ ففي كل رئاسة من يقومون بهذا ، وفي تقديرنا الحاسم أن أبا مازن هو كاتب هذا المقال بصفته مثلما قلنا كاتبا كبيرا بارعا ، ولست متأكدا من دقة الحديث عن تأليفه 40 كتابا عن القضية الفلسطينية ، فما وقعت له يوما على كتاب . هو على أي حال كاتب موهوب أصيل ، شغلته السياسة عن الكتابة . وهو يختلف عن "الختيار" أبي عمار الذي ما كان يحسن كتابة أو خطابة . وحين بان القصور في خطابه مقارنة بخطاب رابين عند توقيع اتفاق أوسلو في البيت الأبيض ؛ نسب القصور محقا إلى كاتب خطابه . ويظهر في مقال أبي مازن أثر دراسته القانونية ترابطا وتماسكا بين الأفكار ، وقوة حجة تقنع قارىء المقال بصحة موقف صاحبه ، وينبض فيه إيقاع أسى يسمعه القلب فور البدء في قراءته . وخطه المحوري تصالحي يوافق سياسة السلطة الفلسطينية في السعي لإقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة ، والتحذير من أن تعذر قيام هذه الدولة سيدفع الفلسطينيين إلى " النضال من أجل الحصول على حقوق متساوية لكل من يعيش في فلسطين التاريخية " ، وإسرائيل عمليا ترفض الحلين وإن زعمت تأييد حل الدولتين ، وتراهن على خلو فلسطين التاريخية لها مع مرور الزمن ، وترى في تحمس أكثر الدول العربية للعلاقات العلنية معها مساندة قوية ستساعدها على تجاوز القضية الفلسطينية . ونتنياهو يبشر متفائلا بين وقت وآخر بقرب علنية علاقات دولته بهذه الدول ، وآخر تبشير له كان في المحاضرة التي ألقاها منذ أيام في معهد تشاتام هاوس للبحوث في لندن .
***
مهم وجيد أن نطلع العالم على حقائق قضيتنا العادلة ومظلمتنا الرهيبة بمتباين الكيفيات والوسائل ، والأهم والأنفع أن ندير صراعنا في الجغرافيا الفلسطينية مع من مهد له وعد بلفور سبيل اغتصاب هذه الجغرافيا ؛ قلبا موحدا ويدا موحدة ، فهل نحن صادقون نية ، وقادرون إرادة على هذه الإدارة ؟! وإذا لم تصدق النية من أين تأتي الإرادة ؟! المؤثر الحاسم في كل ما يتصل بقضيتنا هو نحن ، وحين تفرقنا وضعفنا تفرق أنصارنا وضعفوا . الآخرون قد يساعدوننا ، ولكن نحن المساعد الأول لأنفسنا ، ومن يساعدك ليس بديلا لك بحال . والصهاينة الذين اغتصبوا أرضنا وشرعية حقنا في الحياة أفادوا من الآخرين وعلى رأسهم ابتداء دولة صاحب الوعد الأسود المشئوم إلا أنهم كانوا النواة الصلبة للاغتصاب ، ولو ما كانوا كذلك ما استطاعت كل قوى العالم إيجاد دولة لهم في وطننا . نتمنى أن تكون أفعال السلطة في الضفة وغزة مستمدة من روح مقال أبي مازن ، وهو ما نرتاب فيه بقوة ، هي ما كانت يوما مستمدة من هذه الروح ، ولا أمل في أن تكون حاليا ومستقبلا مستمدة منها . الفرق كبير بين أبي مازن الكاتب وأبي مازن السياسي . وبتوضيح صغير : ليس سياسيا حازما من يقول لعدوه إنه لا يملك إزاءه سوى سلاح المفاوضات ، وإسرائيل لا تحب في يد الفلسطينيين سوى هذا السلاح العاجز .
وفق أبو مازن إلى حد بعيد في اختصاصه ل " الجارديان " كبرى الصحف اللندنية بمقال في مئوية وعد بلفور سيء العاقبة على الفلسطينيين ، ولكون أبي مازن كاتبا كبيرا بحق ، جاء مقاله ، مدار حديثنا ، وافيا شافيا في مخاطبة الشعب البريطاني ، فنجح في تقديم عرض محكم لخلفية المأساة الفلسطينية الكبرى ، ولحالها القائم ، ولما قد تؤول إليه من حال أو حل . وركز في تضاعيف عرضه على عظم الذنب البريطاني في صنع مأساة الشعب الفلسطيني ، وما يتوجب على بريطانيا أخلاقيا وسياسيا أن تفعله تصحيحا لما خلفه هذا الذنب في حياة الفلسطينيين من عذابات وويلات ، والذي ما زالت بريطانيا لا تقر به ، وتوجت رئيسة وزرائها تيريزا ماي عدم الإقرار هذا حين شاركت مفاخرة في الاحتفال بمئوية الوعد مع رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ، ووصفت الوعد ب " واحدة من أفضل الرسائل في التاريخ " . استهل أبو مازن مقاله منبها إلى جهل كثير من البريطانيين ببلفور ، ووازن بين هذا الجهل وبين معرفة الشعب الفلسطيني التامة به ، أي بصانع أكبر نكبة قد تنزل بأي شعب ، وهي فقد الوطن . وهذه ظاهرة في سلوك البشر . الظالم ينسى ظلمه وضحيته ، والمظلوم لا ينسى آلام ومرارات هذا الظلم خاصة إذا لم تُزَل ، مثلما هو حادث في حال الشعب الفلسطيني . وفي استطلاع في بريطانيا من عامين ، قال أكثر المستطلعة آراؤهم إن المستوطنين في الضفة هم الفلسطينيون ! مقال أبي مازن على وجازته رسم صورة مركزة وافية الجوانب لحقيقة وأبعاد نكبة الشعب الفلسطيني ، وتأثير هذه الصورة سَيُرْبحنا زيادة في المتعاطفين من البريطانيين ، ومن غيرهم من الأوربيين الذين قد يقرؤون المقال في " الجارديان " ، أو يقرؤونه مترجما إلى لغاتهم ، ونستحب أن يترجم المقال إلى لغات أخرى هذه الأيام بَيْنا ما فتىء الاهتمام بوعد الشؤم والغصب حيا حارا . ليس في عادة الرؤساء أن يكتبوا رسائلهم وخطبهم بأنفسهم ؛ ففي كل رئاسة من يقومون بهذا ، وفي تقديرنا الحاسم أن أبا مازن هو كاتب هذا المقال بصفته مثلما قلنا كاتبا كبيرا بارعا ، ولست متأكدا من دقة الحديث عن تأليفه 40 كتابا عن القضية الفلسطينية ، فما وقعت له يوما على كتاب . هو على أي حال كاتب موهوب أصيل ، شغلته السياسة عن الكتابة . وهو يختلف عن "الختيار" أبي عمار الذي ما كان يحسن كتابة أو خطابة . وحين بان القصور في خطابه مقارنة بخطاب رابين عند توقيع اتفاق أوسلو في البيت الأبيض ؛ نسب القصور محقا إلى كاتب خطابه . ويظهر في مقال أبي مازن أثر دراسته القانونية ترابطا وتماسكا بين الأفكار ، وقوة حجة تقنع قارىء المقال بصحة موقف صاحبه ، وينبض فيه إيقاع أسى يسمعه القلب فور البدء في قراءته . وخطه المحوري تصالحي يوافق سياسة السلطة الفلسطينية في السعي لإقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة ، والتحذير من أن تعذر قيام هذه الدولة سيدفع الفلسطينيين إلى " النضال من أجل الحصول على حقوق متساوية لكل من يعيش في فلسطين التاريخية " ، وإسرائيل عمليا ترفض الحلين وإن زعمت تأييد حل الدولتين ، وتراهن على خلو فلسطين التاريخية لها مع مرور الزمن ، وترى في تحمس أكثر الدول العربية للعلاقات العلنية معها مساندة قوية ستساعدها على تجاوز القضية الفلسطينية . ونتنياهو يبشر متفائلا بين وقت وآخر بقرب علنية علاقات دولته بهذه الدول ، وآخر تبشير له كان في المحاضرة التي ألقاها منذ أيام في معهد تشاتام هاوس للبحوث في لندن .
***
مهم وجيد أن نطلع العالم على حقائق قضيتنا العادلة ومظلمتنا الرهيبة بمتباين الكيفيات والوسائل ، والأهم والأنفع أن ندير صراعنا في الجغرافيا الفلسطينية مع من مهد له وعد بلفور سبيل اغتصاب هذه الجغرافيا ؛ قلبا موحدا ويدا موحدة ، فهل نحن صادقون نية ، وقادرون إرادة على هذه الإدارة ؟! وإذا لم تصدق النية من أين تأتي الإرادة ؟! المؤثر الحاسم في كل ما يتصل بقضيتنا هو نحن ، وحين تفرقنا وضعفنا تفرق أنصارنا وضعفوا . الآخرون قد يساعدوننا ، ولكن نحن المساعد الأول لأنفسنا ، ومن يساعدك ليس بديلا لك بحال . والصهاينة الذين اغتصبوا أرضنا وشرعية حقنا في الحياة أفادوا من الآخرين وعلى رأسهم ابتداء دولة صاحب الوعد الأسود المشئوم إلا أنهم كانوا النواة الصلبة للاغتصاب ، ولو ما كانوا كذلك ما استطاعت كل قوى العالم إيجاد دولة لهم في وطننا . نتمنى أن تكون أفعال السلطة في الضفة وغزة مستمدة من روح مقال أبي مازن ، وهو ما نرتاب فيه بقوة ، هي ما كانت يوما مستمدة من هذه الروح ، ولا أمل في أن تكون حاليا ومستقبلا مستمدة منها . الفرق كبير بين أبي مازن الكاتب وأبي مازن السياسي . وبتوضيح صغير : ليس سياسيا حازما من يقول لعدوه إنه لا يملك إزاءه سوى سلاح المفاوضات ، وإسرائيل لا تحب في يد الفلسطينيين سوى هذا السلاح العاجز .