أ. بسام أبو عليان
المهر: "هو ما يجب للمرأة على الرجل من المال أو المنفعة المقومة بالمال في عقد زواج صحيح". الحكمة منه بيان أهمية عقد الزواج، فإن لم يقم الرجل بأدائه، أو أضمر النية بعدم أدائه يكون قد عرّض نفسه لسخط عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل تزوج امرأة فنوى أن لا يعطيها من صداقها شيئًا مات يوم يموت وهو زان". إلا أنه لم يرد نصًا صريحًا في القرآن أو السنة يحدد قيمة المهر قليله أو كثيره، إنما ترك الأمر مفتوحًا، وهذا من التيسير؛ لأن الذي يتحكم في تحديد قيمته تفاوت الناس الاقتصادي، والاجتماعي، والتعليمي، والطبقي. هذه المعايير تختلف من مجتمع لآخر، وتختلف في المجتمع الواحد من فترة لأخرى ومن طبقة لأخرى. لكن هناك العديد من الأحاديث التي رغبت في تقليله. في الحديث: "خير نساء أمتي أصبحهن وجهًا وأقلهن مهرًا". و"خير النكاح أيسره". لكن المتابع لقضايا الزواج في مجتمعنا يجد المهر عقبة كؤود تقف في وجه المقبلين على الزواج. فعند تشدد الأسر في مغالاة المهر يعزف الشباب عن الزواج لعدم قدرتهم على دفع المهر المرتفع، فضلًا عن نفقات الزواج الكمالية. يقابل هذا العزوف عنوسة الفتيات. بمعنى آخر عزوف الشباب وعنوسة الفتيات وجهان لعملة واحدة (غلاء المهر). يشجع على ذلك الغلاء العديد من المعتقدات والأمثال الشعبية. كقولهم: "ارفع المهر بهرب الصهر"، "اللي ما بده يجوز بنته يزود مهرها". جعلوا من غلاء المهر سببًا لصرف الشباب عن الزواج. ذهبوا أبعد من ذلك فقالوا: "اللي بده الملاح ببيع السلاح"، وطالب المثل بعدم التباكي على ما يدفع من مهر للفتاة الجميلة مهما علت قيمته "يا ميخذ الملاح لا تكون نواح". واعتقدوا كلما ارتفع مهر الفتاة تمسك بها زوجها أكثر، "الجيزة إلي ببلاش طلاقها أهون".
السؤال الذي يطرح نفسه، ما هي أسباب غلاء المهر؟ يمكنني إيجازها في النقاط التالية:
أولًا: ارتفاع الأسعار انعكس سلبًا على الزواج، فقد تجاوز المهر في بعض مناطق القطاع (5000) دينارًا أردنيًا، في حين لم يكن قبلئذٍ يتجاوز (3000) في أعلى معدلاته.
ثانيًا: اعتقاد البعض كلما ارتفع المهر عكس قيمة الفتاة: في استطلاع حول "أسباب ارتفاع العنوسة في المجتمع الغزي" (65%) أرجعوا السبب لتدخل الأسرة في تحديد معايير الزواج. و(32%) أرجعوا عزوف الشباب للشروط التعجيزية التي يضعها أهل الفتاة.
ثالثًا: تلجأ الكثير من الأسر لرفع المهر من أجل التفاخر والتباهي في الوسط الاجتماعي. هذا التصرف أرهق الأسر، فهم يهتمون بالكماليات ولو على حساب الضروريات، وإن كان بالدَّين من أجل أن تظهر الأسرة بالمظهر اللائق أمام الآخرين! يؤكد صحة ذلك دراسة فلسطينية عن عزوف الشباب عن الزواج: رأي (52%) من أسباب العنوسة الفرق في المكانة الاجتماعية بين الأسر.
رابعاً: اعتقاد بعض الأسر كلما كانت الفتاة جميلة أو جامعية يجب أن يكون مهرها عاليًا: من الناحية الموضوعية يجب تمييز الجميلة والجامعية عن الأخريات اللواتي ليس لهن حظًا وافرًا من الجمال أو لم يتعلمن تعليمًا جامعيًا، إلا أن هذا التمييز يجب ألا يكون مبالغًا فيه، فقد بيّن رسول الله أربعة معايير لاختيار الزوجة ثم رجّح معيار (الدين)، كونه الحصن المنيع الذي يحفظ البيوت ويضمن ديمومة العلاقة الزوجية.
خامسًا: عمل الفتاة: حيث يعتقد بعض الآباء أن عمل ابنته مبررًا ليرفع مهرها. وصنف آخر يعتقد حينما يتقدم شاب لخطبة ابنته إنما جاء طامعًا في راتبها، لذا يلجأ لرفع المهر. هذا الارتفاع يعود لأحد سببين: أولهما: تنفير الشاب، وهو شكل من أشكال الرفض غير المباشر. ثانيهما: عدم الرغبة في تزويج البنت باعتبارها مصدر دخل للأسرة، فإن زوجت سيجف!
سادسًا: اعتقاد البعض كلما كان المهر مرتفعًا قيّد الشاب ومنعه من التعدد أو الطلاق: لقد جهلوا أولئك أنه في الحالة التي تصل فيها الحياة الزوجية إلى جحيم لا يطاق سيقدم الزوج على الطلاق أو التعدد مهما علت تكاليفه. فإن كان مؤخر الصداق مرتفعًا قد يلجأ إلى تضييق الخناق على زوجته، ويستخدم أساليب الإيذاء النفسي، أو الجسدي، أو الاثنان معًا حتى تصل الزوجة لحد تطلب فيه الطلاق وتتنازل عن كل حقوقها التي كان يعتقد الأهل أنها ستكون طوق أمان لابنتهم!
طرق الوقاية للخروج من هذا المأزق الأسري: بيان خطورة غلاء المهر على المجتمع حيث يترتب عليه التحلل الأخلاقي والاجتماعي، ونشر الرذيلة في أوساط الشباب والفتيات الذين تجاوزت أعمارهم سن الزواج. السعي لإيجاد مؤسسات اجتماعية تتبنى تيسير الزواج بمعنى التيسير، ليس اسمها تيسير وتصرفاتها تعسير، حتى تخفف على كاهل الشباب بعضًا من تكاليف الزواج المرتفعة. تشجيع مشروعات الزواج الجماعي. قيام الدعاة وقادة الرأي والعلماء بالمبادرة بتخفيف المهر عند تزويج بناتهم ليكونوا قدوة لغيرهم. ويقوموا بصياغة ميثاق شرف يحث على تخفيف قيمة المهر والحد من مظاهر الإسراف في حفلات الزواج؛ لترغيب الشباب في الزواج والحد من العنوسة.
المهر: "هو ما يجب للمرأة على الرجل من المال أو المنفعة المقومة بالمال في عقد زواج صحيح". الحكمة منه بيان أهمية عقد الزواج، فإن لم يقم الرجل بأدائه، أو أضمر النية بعدم أدائه يكون قد عرّض نفسه لسخط عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل تزوج امرأة فنوى أن لا يعطيها من صداقها شيئًا مات يوم يموت وهو زان". إلا أنه لم يرد نصًا صريحًا في القرآن أو السنة يحدد قيمة المهر قليله أو كثيره، إنما ترك الأمر مفتوحًا، وهذا من التيسير؛ لأن الذي يتحكم في تحديد قيمته تفاوت الناس الاقتصادي، والاجتماعي، والتعليمي، والطبقي. هذه المعايير تختلف من مجتمع لآخر، وتختلف في المجتمع الواحد من فترة لأخرى ومن طبقة لأخرى. لكن هناك العديد من الأحاديث التي رغبت في تقليله. في الحديث: "خير نساء أمتي أصبحهن وجهًا وأقلهن مهرًا". و"خير النكاح أيسره". لكن المتابع لقضايا الزواج في مجتمعنا يجد المهر عقبة كؤود تقف في وجه المقبلين على الزواج. فعند تشدد الأسر في مغالاة المهر يعزف الشباب عن الزواج لعدم قدرتهم على دفع المهر المرتفع، فضلًا عن نفقات الزواج الكمالية. يقابل هذا العزوف عنوسة الفتيات. بمعنى آخر عزوف الشباب وعنوسة الفتيات وجهان لعملة واحدة (غلاء المهر). يشجع على ذلك الغلاء العديد من المعتقدات والأمثال الشعبية. كقولهم: "ارفع المهر بهرب الصهر"، "اللي ما بده يجوز بنته يزود مهرها". جعلوا من غلاء المهر سببًا لصرف الشباب عن الزواج. ذهبوا أبعد من ذلك فقالوا: "اللي بده الملاح ببيع السلاح"، وطالب المثل بعدم التباكي على ما يدفع من مهر للفتاة الجميلة مهما علت قيمته "يا ميخذ الملاح لا تكون نواح". واعتقدوا كلما ارتفع مهر الفتاة تمسك بها زوجها أكثر، "الجيزة إلي ببلاش طلاقها أهون".
السؤال الذي يطرح نفسه، ما هي أسباب غلاء المهر؟ يمكنني إيجازها في النقاط التالية:
أولًا: ارتفاع الأسعار انعكس سلبًا على الزواج، فقد تجاوز المهر في بعض مناطق القطاع (5000) دينارًا أردنيًا، في حين لم يكن قبلئذٍ يتجاوز (3000) في أعلى معدلاته.
ثانيًا: اعتقاد البعض كلما ارتفع المهر عكس قيمة الفتاة: في استطلاع حول "أسباب ارتفاع العنوسة في المجتمع الغزي" (65%) أرجعوا السبب لتدخل الأسرة في تحديد معايير الزواج. و(32%) أرجعوا عزوف الشباب للشروط التعجيزية التي يضعها أهل الفتاة.
ثالثًا: تلجأ الكثير من الأسر لرفع المهر من أجل التفاخر والتباهي في الوسط الاجتماعي. هذا التصرف أرهق الأسر، فهم يهتمون بالكماليات ولو على حساب الضروريات، وإن كان بالدَّين من أجل أن تظهر الأسرة بالمظهر اللائق أمام الآخرين! يؤكد صحة ذلك دراسة فلسطينية عن عزوف الشباب عن الزواج: رأي (52%) من أسباب العنوسة الفرق في المكانة الاجتماعية بين الأسر.
رابعاً: اعتقاد بعض الأسر كلما كانت الفتاة جميلة أو جامعية يجب أن يكون مهرها عاليًا: من الناحية الموضوعية يجب تمييز الجميلة والجامعية عن الأخريات اللواتي ليس لهن حظًا وافرًا من الجمال أو لم يتعلمن تعليمًا جامعيًا، إلا أن هذا التمييز يجب ألا يكون مبالغًا فيه، فقد بيّن رسول الله أربعة معايير لاختيار الزوجة ثم رجّح معيار (الدين)، كونه الحصن المنيع الذي يحفظ البيوت ويضمن ديمومة العلاقة الزوجية.
خامسًا: عمل الفتاة: حيث يعتقد بعض الآباء أن عمل ابنته مبررًا ليرفع مهرها. وصنف آخر يعتقد حينما يتقدم شاب لخطبة ابنته إنما جاء طامعًا في راتبها، لذا يلجأ لرفع المهر. هذا الارتفاع يعود لأحد سببين: أولهما: تنفير الشاب، وهو شكل من أشكال الرفض غير المباشر. ثانيهما: عدم الرغبة في تزويج البنت باعتبارها مصدر دخل للأسرة، فإن زوجت سيجف!
سادسًا: اعتقاد البعض كلما كان المهر مرتفعًا قيّد الشاب ومنعه من التعدد أو الطلاق: لقد جهلوا أولئك أنه في الحالة التي تصل فيها الحياة الزوجية إلى جحيم لا يطاق سيقدم الزوج على الطلاق أو التعدد مهما علت تكاليفه. فإن كان مؤخر الصداق مرتفعًا قد يلجأ إلى تضييق الخناق على زوجته، ويستخدم أساليب الإيذاء النفسي، أو الجسدي، أو الاثنان معًا حتى تصل الزوجة لحد تطلب فيه الطلاق وتتنازل عن كل حقوقها التي كان يعتقد الأهل أنها ستكون طوق أمان لابنتهم!
طرق الوقاية للخروج من هذا المأزق الأسري: بيان خطورة غلاء المهر على المجتمع حيث يترتب عليه التحلل الأخلاقي والاجتماعي، ونشر الرذيلة في أوساط الشباب والفتيات الذين تجاوزت أعمارهم سن الزواج. السعي لإيجاد مؤسسات اجتماعية تتبنى تيسير الزواج بمعنى التيسير، ليس اسمها تيسير وتصرفاتها تعسير، حتى تخفف على كاهل الشباب بعضًا من تكاليف الزواج المرتفعة. تشجيع مشروعات الزواج الجماعي. قيام الدعاة وقادة الرأي والعلماء بالمبادرة بتخفيف المهر عند تزويج بناتهم ليكونوا قدوة لغيرهم. ويقوموا بصياغة ميثاق شرف يحث على تخفيف قيمة المهر والحد من مظاهر الإسراف في حفلات الزواج؛ لترغيب الشباب في الزواج والحد من العنوسة.