أنا موافق …
استيقظ من نومه مبكرا، الضوء يرشح من النافذة، الصمت الشاسع يلف الفضاء، انسحب من فراشه الدافئ، وقف لصق النافذة ، يستوعب المدى المسدود بجدار أزرق ، رفع يديه أعاد ترتيب شعره .
السماء ترسل رذاذا متصلا على مهل ،عبرت في زمن كاللسعات!! على شعرها ندى الرذاذ وقد تورد وجهها فرآه صافيا كالصحو!! الحيوية تتدفق من جسدها الممتلئ ، سحر كامن من فائض أنوثتها الظاهرة ، إنها تحتفظ بتيار سري و قوي ، شاكسته ، غامزته بعينيها صراحة، لانت تقبضات وجهه!! ابتسامتها تطن في رأسه ، الخواطر تتخلله كومضة وتنأى به إلى واقع قصي و سري؛ فيدب فيه خليط من اللذة والتمني، تحتضنه الأحلام المحمومة ، فيشهق مزيدا من الهواء ويضحك بتوتر وعي غائم، عوّد نفسه على حبها، يراها من الزاوية التي تزيد من حبه لها وتعلقه بها ، ليس من اليسير حبها ونسيانها ، ليس ثمة ما يدعو للقلق والخوف ،هناك متسع من الوقت… لكن الوقت قد يقصر ويضيق كحبل مشنقة .
بدأ الهدير … عبس على الفور ، أخذ الغضب يلوك روحه ، ضربه شعور لا يقاوم بأن هذا يحدث مرة واحدة في العمر ، وأنه سيبقى معزولا بمنأى عن كل عوالمها الصغيرة المدهشة ، وأن الوحشة تسكنه ، تسكن بيته حتى النهاية ، فهو مفرد والناس أنساب تتناسل وتملأ الكون ، ولسوف يبقى هو وحده في علبة مقفلة وتذهب هي …إنه الخاسر .
عاد إلى رسالته التي كتبها قبل فترة ضغطها على قلبه…كلماتها يابسة شائخة ورغم ذلك تمنحه جرعات دفء، فكر وفكر، الاستطراد في التفكير جعله يطلق ضحكة مرة … اللحظات مشحونة …ظل مبهوتا … يجب ألا يكون القرار مباغتا وعشوائيا ، فالحياة حياته ليس من السهل حسم الأمر فالفشل يعني أن كل السياط ستنهال عليه وهذا يخيفه حتى الموت … كلما تقادم الوقت عاودته الوحدة تهرش خلاياه، يكظم صيحة من أعماقه ، القرار كامن في نقطة غائرة فيه لم يبلغها بعد، التنافر يلتبسه، الشهقات تتصاعد … ثمة ما يوحي بالنقيض الذي يصدمه … ذاكرته متماسكة بقوة حفظها ومقاومتها للنسيان وهي صحوى له بالمرصاد … يتحسس ذاته ، ذاته كاملة … من منا ليس له ماض …؟!! تجذرت صورة ماضيها في روحه وتمددت فيه سرا يخجل من إعلانه … نجح في التكتم طويلا، لكن لماذا لا ننزع أشواك الماضي من فراشنا؟؟!! لماذا لا نستبدل الملاءة الملطخة بأخرى نظيفة ؟؟!! المبالغة في الحكمة تعني التنازل عنها وهذا أمر مخيف … العذر غير مقبول … لا مبرر… أطال التحديق في القرار… يعود إلى صورة وجهها القمحي الصغير كلما عنّ عليه القرار!!
كان ينتظر بصبر صوتا يحدد خطواته التالية … أعاد التحديق في القرار، امتلأ به حدا لا رجعة فيه، أمسك القلم بسرعة خاطفة ، كأنه ينقض على فريسة تكاد تفلت ، يده ترتجف ضغط عليها بيده الأخرى حتى لا تنزلق الكلمات!! بزغت الكلمات من أعماقه المعتمة هادئة رتيبة … أكمل الرسالة: أنا موافق … فلنلتق … يومها استيقظ مبكرا ، ونام مساء مبكرا .
بقلم : محمودحسونة ( أبو فيصل )
استيقظ من نومه مبكرا، الضوء يرشح من النافذة، الصمت الشاسع يلف الفضاء، انسحب من فراشه الدافئ، وقف لصق النافذة ، يستوعب المدى المسدود بجدار أزرق ، رفع يديه أعاد ترتيب شعره .
السماء ترسل رذاذا متصلا على مهل ،عبرت في زمن كاللسعات!! على شعرها ندى الرذاذ وقد تورد وجهها فرآه صافيا كالصحو!! الحيوية تتدفق من جسدها الممتلئ ، سحر كامن من فائض أنوثتها الظاهرة ، إنها تحتفظ بتيار سري و قوي ، شاكسته ، غامزته بعينيها صراحة، لانت تقبضات وجهه!! ابتسامتها تطن في رأسه ، الخواطر تتخلله كومضة وتنأى به إلى واقع قصي و سري؛ فيدب فيه خليط من اللذة والتمني، تحتضنه الأحلام المحمومة ، فيشهق مزيدا من الهواء ويضحك بتوتر وعي غائم، عوّد نفسه على حبها، يراها من الزاوية التي تزيد من حبه لها وتعلقه بها ، ليس من اليسير حبها ونسيانها ، ليس ثمة ما يدعو للقلق والخوف ،هناك متسع من الوقت… لكن الوقت قد يقصر ويضيق كحبل مشنقة .
بدأ الهدير … عبس على الفور ، أخذ الغضب يلوك روحه ، ضربه شعور لا يقاوم بأن هذا يحدث مرة واحدة في العمر ، وأنه سيبقى معزولا بمنأى عن كل عوالمها الصغيرة المدهشة ، وأن الوحشة تسكنه ، تسكن بيته حتى النهاية ، فهو مفرد والناس أنساب تتناسل وتملأ الكون ، ولسوف يبقى هو وحده في علبة مقفلة وتذهب هي …إنه الخاسر .
عاد إلى رسالته التي كتبها قبل فترة ضغطها على قلبه…كلماتها يابسة شائخة ورغم ذلك تمنحه جرعات دفء، فكر وفكر، الاستطراد في التفكير جعله يطلق ضحكة مرة … اللحظات مشحونة …ظل مبهوتا … يجب ألا يكون القرار مباغتا وعشوائيا ، فالحياة حياته ليس من السهل حسم الأمر فالفشل يعني أن كل السياط ستنهال عليه وهذا يخيفه حتى الموت … كلما تقادم الوقت عاودته الوحدة تهرش خلاياه، يكظم صيحة من أعماقه ، القرار كامن في نقطة غائرة فيه لم يبلغها بعد، التنافر يلتبسه، الشهقات تتصاعد … ثمة ما يوحي بالنقيض الذي يصدمه … ذاكرته متماسكة بقوة حفظها ومقاومتها للنسيان وهي صحوى له بالمرصاد … يتحسس ذاته ، ذاته كاملة … من منا ليس له ماض …؟!! تجذرت صورة ماضيها في روحه وتمددت فيه سرا يخجل من إعلانه … نجح في التكتم طويلا، لكن لماذا لا ننزع أشواك الماضي من فراشنا؟؟!! لماذا لا نستبدل الملاءة الملطخة بأخرى نظيفة ؟؟!! المبالغة في الحكمة تعني التنازل عنها وهذا أمر مخيف … العذر غير مقبول … لا مبرر… أطال التحديق في القرار… يعود إلى صورة وجهها القمحي الصغير كلما عنّ عليه القرار!!
كان ينتظر بصبر صوتا يحدد خطواته التالية … أعاد التحديق في القرار، امتلأ به حدا لا رجعة فيه، أمسك القلم بسرعة خاطفة ، كأنه ينقض على فريسة تكاد تفلت ، يده ترتجف ضغط عليها بيده الأخرى حتى لا تنزلق الكلمات!! بزغت الكلمات من أعماقه المعتمة هادئة رتيبة … أكمل الرسالة: أنا موافق … فلنلتق … يومها استيقظ مبكرا ، ونام مساء مبكرا .
بقلم : محمودحسونة ( أبو فيصل )