ذكرى وعد بلفور ومئة عام من الإكراه والإرغام!
محمد عبد الحكم دياب
Nov 04, 2017
في العام الماضي مرت الذكرى المئة على اتفاقية سايكس بيكو؛ لتقسيم المشرق العربي، وحلت أول أمس ذكرى مرور مئة عام على صدور وعد بلفور.. ومثل تطورا سلبيا وعدوانيا طَبَع السياسات الأوروبية تجاه «القارة العربية» ومحيطها، واتضح ذلك مع نهاية القرن التاسع عشر؛ حيث سعت أوروبا لإرضاء اليهود وجذبهم؛ لحاجتها لأموالهم في تمويل حروبها التي اتسع نطاقها. ومنذ إجهاض آمال نابليون في فلسطين ومصر؛ سواء كان ذلك على أسوار عكا الفلسطينية أو في مواجهة ثورتي القاهرة الأولى والثانية؛ منذ ذلك الوقت بدأ نابليون يخطب ود اليهود طمعا في تمويل حملاته العسكرية، وأعلن إن فرنسا تمد يدها لليهود «حاملةً إرث إسرائيل، فسارعوا للمطالبة باستعادة مكانتكم بين شعوب العالم».
كانت بريطانيا مستعدة لخدمة اليهود، ولم تكن ظروفها مواتية، إلى أن دخل وزارتها أول صهيوني (يهودي) بريطاني هو «هربرت صمويل»؛ حرر مذكرة سرية لمجلس الوزراء عن «مستقبل فلسطين» وذلك عام 1915 أثناء الحرب العظمى (1914 ـ 1918) جاء فيها: «الوقت الحاضر ليس مناسبا لإنشاء دوله يهودية مستقلة لذا وجب وضع فلسطين بعد الحرب تحت السيطرة البريطانية، فنعطي تسهيلات للمنظمات اليهودية لشراء الأراضي، وإقامة المستعمرات، وتنظيم الهجرة، ونزرع فيها بين ثلاثة إلى أربعة ملايين يهودي أوروبي». وأفصح التواطؤ البريطاني الفرنسي عن نفسه؛ حين تم الأخذ بتوصية «هربرت صمويل» بعقد اتفاق سري بين الدولتين لتقسيم المشرق؛ حمل اسم البريطاني مارك سايكس والفرنسي جورج بيكو، وعُرف بـ«اتفاق سايكس ـ بيكو».
ومن ثَم وُضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني عام 1920، وتوالت الأحداث حتى قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب في 1947، وبعدها بشهور، وفي 15 أيار/مايو 1948 وقعت «النكبة» وقامت الدولة الصهيونية، واندلعت الحرب الصهيونية العربية الأولى، ولم تنقطع الحروب ولا توقف التطهير العرقي أو التهجير القسري الممنهج. وكانت الهجرة اليهودية إلى فلسطين تتم تحت سمع وبصر وبمساعدة السلطات البريطانية وحماية قواتها؛ وحدث العكس في مذابح دير ياسين، وكفر قاسم، وغزة، والعدوان الثلاثي، ومعارك 1967 وغزو بيروت 1982، ومذابح صابرا وشاتيلا وقانا، وحروب غزة 2009 و2012 و2014!!.
وتطابقت خلال هذه المئة عام الماضبة السياسة البريطانية، وتماهت مع المشروع الصهيوني وأصبحت أكبر روافده.. ووصل التطابق حد التواطؤ مع حكومته ومع فرنسا في العدوان الثلاثي عام 1956. والحركة الصهيونية بدأت جنينا من «نطفة شيطانية» تهيأت لها بيئة تكوين وتربية ورعاية بشكل دمغ السياسة الغربية؛ خاصة البريطانية، فخرجت كمكون سرطاني؛ دمر الخلايا الحية التي اعترضته، وأضفت عليه السياسات الغربية غلالة عقائدية (أيديولوجية)؛ منحته حقوقا زائفة شرعنت بالإكراه للاغتصاب والاستيطان والتهجير والاحتلال، ولم يتوقف «الوعد التوراتي» عند حدود فلسطين، واصطبغ ذلك الوعد بقدسية زائفة، فأضفى قدسية على مصادرة الأراضي الواقعة والتطهير العرقي والتهجير القسري فيما بين الفرات والنيل، وجاء «وعد بلفور» أكثر بطلانا وزيفا؛ لكنه جاء إيذِانا بالتنفيذ والتوسع والاستيطان.
والحق في فلسطين ليس حقا قانونيا فحسب، بل هو «حق شامل»؛ لا يجدي معه نقض ولا إبرام، وإذا أقر فقهاء القانون «أن ما بني على باطل فهو باطل»، فهذا صحيح؛ لكنه غير كاف أمام الحقوق الإنسانية والحضارية والتاريخية والدينية، لأصحاب الأرض الأصليين (مسلمين ومسيحيين ويهود)، وعليه لا يحق لطائفة وافدة، أو لجماعة غريبة، أو لمجموعة مهاجرة؛ أن تقوم بدور «وظيفي» لحساب مشروع عنصري، وتتماهى فيه، والأدوار الوظيفية لا ترتب حقوقا؛ ينتفي فيها العدل؛ الثابت والمطلق.. والعدالة في فلسطين وإن كانت مهدرة إلا أنها تحمل معنى أوسع ومغاير للمعاني المراد ترسيخها في أذهان الأجيال الشابة.
ومن يطلع على نصوص «التوراة» سوف يكتشف أن «الصهيونية السياسية»؛ بمعنى العودة إلى فلسطين ، ليست فكرة جديدة، ولها وجودها فيما وضعه الأحبار والحاخامات؛ غيروا.. وبدلوا.. وحوروا.. وأضافوا عليها.. وحذفوا منها، وفيما دونوه في «التلمود» وتوارثته أجيال متعاقبة؛ تارة بسرية كاملة، وأخرى بعلنية سافرة. واليهود يشكلون أقلية دينية وعرقية كـمـا ذكر المفكر الراحل عبد الوهاب المسيري في موسوعته؛ هم ـ في نظره ـ أقلية اقتصادية أيضا؛ لهم وظيفة محددة في المجتمع. ورأى أن الأساس الاقتصادي لأقلية من ذلك النوع فَاقَم الإحساس بالوحدة والعزلة، وجاء الانتماء الاجتماعي (الطبقي) فوجد الدعم من الانتماء العرقي والدينـي. وكـانت الطـبقات الاقتصادية في العالم القديم ذات مدلول عرقي وحضاري، وضرب المسيري مثلا بإنكلترا، وكيف جعلت من الغزاة النورمانديين (ذوي الأصل اللاتيني) ممثلين للأرستقراطية الانجليزية، بينما سكان انكلترا الأصليين من الإنجليز الساكسون استمروا في الفلاحة والزارعة والأعمال اليدوية.
وتـخـيـل مجتمع أوروبي ـ مع شيء من التبسيط ـ كما يقول المسيري؛ كمجتمع زراعي مسيحي، يوجد على هامشه مجتمع آخر تجاري يهودي، واليهود فيه يمثلون «البورجوازية البدائية المتجمدة» أو يمارسون نشاطا تجاريا ثانويا؛ يقف على حافة البنية الأساسية الزراعية المسيحية، وظلت كذلك بينما كان الجنين الرأسمالي ينمو في رحم المجتمع الإقطاعي، وانتهى نظاما رأسماليا، وصل حاليا لمرحلة التوحش، وتحوله لمخلوق ديناصوري عجز عن التطور وفقد القدرة على التكيف مع الحياة من حوله، ودخل طور الانقراض، فأشعل الحرائق في كل مكان، وأغرق العالم في الفوضى والعنف وبحور الدم.
وها هي تريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا بدلا من أن تعتذر عن الجرائم البريطانية؛ أحيت عنصرية أسلافها وآبائها الأوائل، ووجهت الدعوة لبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الصهيوني ليشاركها الاحتفال بمرور قرن على «وعد أعطى به من لا يملك حقا لمن لا يستحق»؛ وأكدت بذلك أن السياسة الصهيونية والبريطانية وجهان لعملة واحدة.
اعترفت تريزا بلا حرج أو إحساس بذنب بجريمة اقتلاع شعب من أرضه وإحلال مهاجرين آخرين محله. والاعتراف سيد الأدلة في عرف القانون، وسيأتي اليوم الذي يؤخذ فيه هذا الاعتراف مأخذ الجد لإحقاق الحق ومحاسبة من ساهم وشارك ونفذ تلك الجريمة ضد الإنسانية. ومسؤولية ضياع فلسطين وسقوط آلاف الشهداء والضحايا مسئولية بريطانية بالدرجة الأولى، وإذا كان قانون القوة قد سوغ لتريزا ماي أن تفخر بذلك العار، فإن قوة القانون العادل يعيد الحق إلى أصحابه؛ حين يستعيدون جدارتهم، ويستأنفون دورهم وكفاحهم بكل السبل المشروعة، خاصة أن العالم يمر بمرحلة وصلت فيها قوة الرأي العام مستوى لم يكن بهذه القوة من قبل، وذلك في تناقض واضح مع وضع «المجتمع الدولي»، الذي ما زال أعجز من أن يُراهَن عليه في مثل هذه القضايا المعقدة، وهذا ما يجب أن يستوعبه الشباب، وما زال الأقوياء أصحاب الكلمة والقرار فيما يقع على الشعوب من مظالم وتجاوزات.. وإذا كان لـ«المجتمع الدولي» دور فيلعبه اضطرارا؛ حين يجد مكاسب الأقوياء تتحول إلى خسائر وتنقلب انتصاراتهم إلى هزائم، وحينها تستمد الدعوة لتحرير فلسطين مشروعيتها، وذلك برد الاعتبار لصمودها ومقاومتها؛ استعدادا ليوم التحرير والعودة وإعلان الدولة.
محمد عبد الحكم دياب
Nov 04, 2017
في العام الماضي مرت الذكرى المئة على اتفاقية سايكس بيكو؛ لتقسيم المشرق العربي، وحلت أول أمس ذكرى مرور مئة عام على صدور وعد بلفور.. ومثل تطورا سلبيا وعدوانيا طَبَع السياسات الأوروبية تجاه «القارة العربية» ومحيطها، واتضح ذلك مع نهاية القرن التاسع عشر؛ حيث سعت أوروبا لإرضاء اليهود وجذبهم؛ لحاجتها لأموالهم في تمويل حروبها التي اتسع نطاقها. ومنذ إجهاض آمال نابليون في فلسطين ومصر؛ سواء كان ذلك على أسوار عكا الفلسطينية أو في مواجهة ثورتي القاهرة الأولى والثانية؛ منذ ذلك الوقت بدأ نابليون يخطب ود اليهود طمعا في تمويل حملاته العسكرية، وأعلن إن فرنسا تمد يدها لليهود «حاملةً إرث إسرائيل، فسارعوا للمطالبة باستعادة مكانتكم بين شعوب العالم».
كانت بريطانيا مستعدة لخدمة اليهود، ولم تكن ظروفها مواتية، إلى أن دخل وزارتها أول صهيوني (يهودي) بريطاني هو «هربرت صمويل»؛ حرر مذكرة سرية لمجلس الوزراء عن «مستقبل فلسطين» وذلك عام 1915 أثناء الحرب العظمى (1914 ـ 1918) جاء فيها: «الوقت الحاضر ليس مناسبا لإنشاء دوله يهودية مستقلة لذا وجب وضع فلسطين بعد الحرب تحت السيطرة البريطانية، فنعطي تسهيلات للمنظمات اليهودية لشراء الأراضي، وإقامة المستعمرات، وتنظيم الهجرة، ونزرع فيها بين ثلاثة إلى أربعة ملايين يهودي أوروبي». وأفصح التواطؤ البريطاني الفرنسي عن نفسه؛ حين تم الأخذ بتوصية «هربرت صمويل» بعقد اتفاق سري بين الدولتين لتقسيم المشرق؛ حمل اسم البريطاني مارك سايكس والفرنسي جورج بيكو، وعُرف بـ«اتفاق سايكس ـ بيكو».
ومن ثَم وُضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني عام 1920، وتوالت الأحداث حتى قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب في 1947، وبعدها بشهور، وفي 15 أيار/مايو 1948 وقعت «النكبة» وقامت الدولة الصهيونية، واندلعت الحرب الصهيونية العربية الأولى، ولم تنقطع الحروب ولا توقف التطهير العرقي أو التهجير القسري الممنهج. وكانت الهجرة اليهودية إلى فلسطين تتم تحت سمع وبصر وبمساعدة السلطات البريطانية وحماية قواتها؛ وحدث العكس في مذابح دير ياسين، وكفر قاسم، وغزة، والعدوان الثلاثي، ومعارك 1967 وغزو بيروت 1982، ومذابح صابرا وشاتيلا وقانا، وحروب غزة 2009 و2012 و2014!!.
وتطابقت خلال هذه المئة عام الماضبة السياسة البريطانية، وتماهت مع المشروع الصهيوني وأصبحت أكبر روافده.. ووصل التطابق حد التواطؤ مع حكومته ومع فرنسا في العدوان الثلاثي عام 1956. والحركة الصهيونية بدأت جنينا من «نطفة شيطانية» تهيأت لها بيئة تكوين وتربية ورعاية بشكل دمغ السياسة الغربية؛ خاصة البريطانية، فخرجت كمكون سرطاني؛ دمر الخلايا الحية التي اعترضته، وأضفت عليه السياسات الغربية غلالة عقائدية (أيديولوجية)؛ منحته حقوقا زائفة شرعنت بالإكراه للاغتصاب والاستيطان والتهجير والاحتلال، ولم يتوقف «الوعد التوراتي» عند حدود فلسطين، واصطبغ ذلك الوعد بقدسية زائفة، فأضفى قدسية على مصادرة الأراضي الواقعة والتطهير العرقي والتهجير القسري فيما بين الفرات والنيل، وجاء «وعد بلفور» أكثر بطلانا وزيفا؛ لكنه جاء إيذِانا بالتنفيذ والتوسع والاستيطان.
والحق في فلسطين ليس حقا قانونيا فحسب، بل هو «حق شامل»؛ لا يجدي معه نقض ولا إبرام، وإذا أقر فقهاء القانون «أن ما بني على باطل فهو باطل»، فهذا صحيح؛ لكنه غير كاف أمام الحقوق الإنسانية والحضارية والتاريخية والدينية، لأصحاب الأرض الأصليين (مسلمين ومسيحيين ويهود)، وعليه لا يحق لطائفة وافدة، أو لجماعة غريبة، أو لمجموعة مهاجرة؛ أن تقوم بدور «وظيفي» لحساب مشروع عنصري، وتتماهى فيه، والأدوار الوظيفية لا ترتب حقوقا؛ ينتفي فيها العدل؛ الثابت والمطلق.. والعدالة في فلسطين وإن كانت مهدرة إلا أنها تحمل معنى أوسع ومغاير للمعاني المراد ترسيخها في أذهان الأجيال الشابة.
ومن يطلع على نصوص «التوراة» سوف يكتشف أن «الصهيونية السياسية»؛ بمعنى العودة إلى فلسطين ، ليست فكرة جديدة، ولها وجودها فيما وضعه الأحبار والحاخامات؛ غيروا.. وبدلوا.. وحوروا.. وأضافوا عليها.. وحذفوا منها، وفيما دونوه في «التلمود» وتوارثته أجيال متعاقبة؛ تارة بسرية كاملة، وأخرى بعلنية سافرة. واليهود يشكلون أقلية دينية وعرقية كـمـا ذكر المفكر الراحل عبد الوهاب المسيري في موسوعته؛ هم ـ في نظره ـ أقلية اقتصادية أيضا؛ لهم وظيفة محددة في المجتمع. ورأى أن الأساس الاقتصادي لأقلية من ذلك النوع فَاقَم الإحساس بالوحدة والعزلة، وجاء الانتماء الاجتماعي (الطبقي) فوجد الدعم من الانتماء العرقي والدينـي. وكـانت الطـبقات الاقتصادية في العالم القديم ذات مدلول عرقي وحضاري، وضرب المسيري مثلا بإنكلترا، وكيف جعلت من الغزاة النورمانديين (ذوي الأصل اللاتيني) ممثلين للأرستقراطية الانجليزية، بينما سكان انكلترا الأصليين من الإنجليز الساكسون استمروا في الفلاحة والزارعة والأعمال اليدوية.
وتـخـيـل مجتمع أوروبي ـ مع شيء من التبسيط ـ كما يقول المسيري؛ كمجتمع زراعي مسيحي، يوجد على هامشه مجتمع آخر تجاري يهودي، واليهود فيه يمثلون «البورجوازية البدائية المتجمدة» أو يمارسون نشاطا تجاريا ثانويا؛ يقف على حافة البنية الأساسية الزراعية المسيحية، وظلت كذلك بينما كان الجنين الرأسمالي ينمو في رحم المجتمع الإقطاعي، وانتهى نظاما رأسماليا، وصل حاليا لمرحلة التوحش، وتحوله لمخلوق ديناصوري عجز عن التطور وفقد القدرة على التكيف مع الحياة من حوله، ودخل طور الانقراض، فأشعل الحرائق في كل مكان، وأغرق العالم في الفوضى والعنف وبحور الدم.
وها هي تريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا بدلا من أن تعتذر عن الجرائم البريطانية؛ أحيت عنصرية أسلافها وآبائها الأوائل، ووجهت الدعوة لبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الصهيوني ليشاركها الاحتفال بمرور قرن على «وعد أعطى به من لا يملك حقا لمن لا يستحق»؛ وأكدت بذلك أن السياسة الصهيونية والبريطانية وجهان لعملة واحدة.
اعترفت تريزا بلا حرج أو إحساس بذنب بجريمة اقتلاع شعب من أرضه وإحلال مهاجرين آخرين محله. والاعتراف سيد الأدلة في عرف القانون، وسيأتي اليوم الذي يؤخذ فيه هذا الاعتراف مأخذ الجد لإحقاق الحق ومحاسبة من ساهم وشارك ونفذ تلك الجريمة ضد الإنسانية. ومسؤولية ضياع فلسطين وسقوط آلاف الشهداء والضحايا مسئولية بريطانية بالدرجة الأولى، وإذا كان قانون القوة قد سوغ لتريزا ماي أن تفخر بذلك العار، فإن قوة القانون العادل يعيد الحق إلى أصحابه؛ حين يستعيدون جدارتهم، ويستأنفون دورهم وكفاحهم بكل السبل المشروعة، خاصة أن العالم يمر بمرحلة وصلت فيها قوة الرأي العام مستوى لم يكن بهذه القوة من قبل، وذلك في تناقض واضح مع وضع «المجتمع الدولي»، الذي ما زال أعجز من أن يُراهَن عليه في مثل هذه القضايا المعقدة، وهذا ما يجب أن يستوعبه الشباب، وما زال الأقوياء أصحاب الكلمة والقرار فيما يقع على الشعوب من مظالم وتجاوزات.. وإذا كان لـ«المجتمع الدولي» دور فيلعبه اضطرارا؛ حين يجد مكاسب الأقوياء تتحول إلى خسائر وتنقلب انتصاراتهم إلى هزائم، وحينها تستمد الدعوة لتحرير فلسطين مشروعيتها، وذلك برد الاعتبار لصمودها ومقاومتها؛ استعدادا ليوم التحرير والعودة وإعلان الدولة.