
درس خصوصي .. حين مطلع الفجر !!
لعل من عجائب الأمور أن يطرق معلم باب تلميذته ، التي هي بالصف الرابع الإبتدائي ، في الخامسة والنصف صباحاً ، كي يُعطيها درساً خصوصياً ، ولعل ما أرغمه علي ذلك ، إفتقاره إلي أية أوقات أخري للحضور لتعليم الطفلة ، بعدما إنشغلت ساعات نهاره وليلِهْ ، بمواعيد دُروسه الخاصة ، التي يبدأها منذ باكورة الصباح وتنتهي بحلول ظلام الليل وسكونه !!
وكيف هو شعور أهل البيت عند استيقاظهم ، في ذلك الوقت الحرج ، لإستقبال معلم إبنتهم ، وماذا هو شعور المعلم نفسه ، وهو يزور بيت تلميذته في ذلك الميقات العجيب ، الذي يلي طلوع الفجر بقليل .
وحتماً أن قدوم المعلم في ذلك الوقت الباكر من الصباح ، يُعد مصدر قلق جسيم لدي أهل البيت جميعهم ، وخاصة أن التلميذة ، ذو العشرة أعوام ، ليست قادرة علي إيقاظ نفسها فجراً ، لإستقبال معلمها ، دون مساعدة أي من الوالدين.
ولعل تلك الطفلة المسكينة ، كانت تستيقظ باكية أو صارخة ، وهي تتوسل لوالدتها أن تتركها لكي تنم مزيداً من الوقت ، لتستمتع بدفئ الفراش في جو الشتاء القارس مثل قريناتها ، ولكنها ميقات درسها ، هو الذي أجبرها لأن تنهض من فراشها ، قبل ميعاد درسها ، ربما بساعة زمنية كاملة ، لكي تغتسل وتفيق من نومها، ثم تتناول فطورها ، وترتدي ملابس مدرستها ، وتتهيئ للجلوس مع معلمها ، لتأخذ درسها ، وهي قلقة ، خائفة تترقب أن يفوتها ميعاد الذهاب لمدرستها !!
وما حال تلك الطفلة ، وهي جالسة في مقعدها بحجرة الفصل ، قليلة التركيز، بعدما حُرِمَتْ من أخذ قسط وافر من النوم ، وربما يدفعها ذلك للدخول في حالة نوم عميق ، يعقبه شخير عالي الصوت !!
لم أسأل زميلي المعلم ، هل كان يُعاقب تلميذته إذا قصَرتْ في واجباتها ، فيُسبب لها آثار نفسيه ومعنوية سيئة ، فتذهب لمَدْرستها ، حزينة كارهه للمدرسة والتعليم معاً ، رغم إستقطاعها من وقت نومها وراحتها ، لتُخصصه لأجل درسها ، التي يُعقد في ميعاد غير مألوف ، وربما أن زميلي المُعلم قد أحدث إنفراداً أو إبتكاراً لم يسبقه به أحد ، بإبتداعه لذلك الميعاد القاسي ليُصبح كأي ميعاد لدرس خاص ، ويُصبح صديقي مُعلم الأوقات الصعبة !!
وماذا لو نامت الطفلة متأخراً ، في ليلة ما ، فكيف لها أن تستيقظ منتبهه لدرسها ، إلا إذا ظلت ، وهي في درسها ، تقاوم النوم وتُدلِك عينيها بيديها من حين لآخر حتي لا يغلبها النوم ، وماذا لو نام المعلم متأخراً ، في إحدي الليالي ، هل سيقدرعلي التركيز والشرح بكفاءة ، أم سيظل يتثاءب ويبدو وكأنه في حالة سُكْرْ وشرود ذهني ؟!!
كان عجبي لا يُوصَف وأنا أستمع لحديث زميلي ، الذي يُحَمِل جسده فوق طاقته ، ويُهمِل في صحته عظيم الإهمال ، ويُجهد رِجْليه بالذهاب والإياب مرات كثيره يومياً ، لزيارة أكبر عدد من البيوت ، لأجل الدروس المنزلية ، ليجمع المال لمواجهة غلاء المعيشة الفاحش .
كان صديقي المُعلم ، دائم الشكوي من حالة اللغوب القاتل التي تلازمه ، نتيجة الجهد الهائل جداً ، الذي يبذله ليلاً ونهاراً في دُروسه الخاصة ، وكان الحزن دائماً يرتسم وجهه ، وهو يشتكي من أوجاع ظهره وآلام في رقبته وحاجته لإجراء جلسات علاج طبيعي بأمر الطبيب ، مُعترفاً بظُلمُه لنفسه ، حزيناً متحسراًعلي حالة الخجل التي تفاجئه ، إذا أصابه النعاس وهو يُعطي درساً لتلميذ ، فلا يتنبه من نُعاسُه إلا إذا أيقظه التلميذ ، وحينها لا يتمني المُعلم كل أموال الدنيا ، وإنما تُصبح أعظم أمانيه ، أن يسمح له تلميذه بأن ينام قليلاً ليذهب الصداع الذي يكاد أن يُفجِرْ رأسه ، ولكي يرتاح جسده ، الذي أصابه الوهن والوجع والمرض ، إنه جسد صديقي المعلم الذي لم يبلغ من عُمرِه الثلاثين !!
[email protected]
لعل من عجائب الأمور أن يطرق معلم باب تلميذته ، التي هي بالصف الرابع الإبتدائي ، في الخامسة والنصف صباحاً ، كي يُعطيها درساً خصوصياً ، ولعل ما أرغمه علي ذلك ، إفتقاره إلي أية أوقات أخري للحضور لتعليم الطفلة ، بعدما إنشغلت ساعات نهاره وليلِهْ ، بمواعيد دُروسه الخاصة ، التي يبدأها منذ باكورة الصباح وتنتهي بحلول ظلام الليل وسكونه !!
وكيف هو شعور أهل البيت عند استيقاظهم ، في ذلك الوقت الحرج ، لإستقبال معلم إبنتهم ، وماذا هو شعور المعلم نفسه ، وهو يزور بيت تلميذته في ذلك الميقات العجيب ، الذي يلي طلوع الفجر بقليل .
وحتماً أن قدوم المعلم في ذلك الوقت الباكر من الصباح ، يُعد مصدر قلق جسيم لدي أهل البيت جميعهم ، وخاصة أن التلميذة ، ذو العشرة أعوام ، ليست قادرة علي إيقاظ نفسها فجراً ، لإستقبال معلمها ، دون مساعدة أي من الوالدين.
ولعل تلك الطفلة المسكينة ، كانت تستيقظ باكية أو صارخة ، وهي تتوسل لوالدتها أن تتركها لكي تنم مزيداً من الوقت ، لتستمتع بدفئ الفراش في جو الشتاء القارس مثل قريناتها ، ولكنها ميقات درسها ، هو الذي أجبرها لأن تنهض من فراشها ، قبل ميعاد درسها ، ربما بساعة زمنية كاملة ، لكي تغتسل وتفيق من نومها، ثم تتناول فطورها ، وترتدي ملابس مدرستها ، وتتهيئ للجلوس مع معلمها ، لتأخذ درسها ، وهي قلقة ، خائفة تترقب أن يفوتها ميعاد الذهاب لمدرستها !!
وما حال تلك الطفلة ، وهي جالسة في مقعدها بحجرة الفصل ، قليلة التركيز، بعدما حُرِمَتْ من أخذ قسط وافر من النوم ، وربما يدفعها ذلك للدخول في حالة نوم عميق ، يعقبه شخير عالي الصوت !!
لم أسأل زميلي المعلم ، هل كان يُعاقب تلميذته إذا قصَرتْ في واجباتها ، فيُسبب لها آثار نفسيه ومعنوية سيئة ، فتذهب لمَدْرستها ، حزينة كارهه للمدرسة والتعليم معاً ، رغم إستقطاعها من وقت نومها وراحتها ، لتُخصصه لأجل درسها ، التي يُعقد في ميعاد غير مألوف ، وربما أن زميلي المُعلم قد أحدث إنفراداً أو إبتكاراً لم يسبقه به أحد ، بإبتداعه لذلك الميعاد القاسي ليُصبح كأي ميعاد لدرس خاص ، ويُصبح صديقي مُعلم الأوقات الصعبة !!
وماذا لو نامت الطفلة متأخراً ، في ليلة ما ، فكيف لها أن تستيقظ منتبهه لدرسها ، إلا إذا ظلت ، وهي في درسها ، تقاوم النوم وتُدلِك عينيها بيديها من حين لآخر حتي لا يغلبها النوم ، وماذا لو نام المعلم متأخراً ، في إحدي الليالي ، هل سيقدرعلي التركيز والشرح بكفاءة ، أم سيظل يتثاءب ويبدو وكأنه في حالة سُكْرْ وشرود ذهني ؟!!
كان عجبي لا يُوصَف وأنا أستمع لحديث زميلي ، الذي يُحَمِل جسده فوق طاقته ، ويُهمِل في صحته عظيم الإهمال ، ويُجهد رِجْليه بالذهاب والإياب مرات كثيره يومياً ، لزيارة أكبر عدد من البيوت ، لأجل الدروس المنزلية ، ليجمع المال لمواجهة غلاء المعيشة الفاحش .
كان صديقي المُعلم ، دائم الشكوي من حالة اللغوب القاتل التي تلازمه ، نتيجة الجهد الهائل جداً ، الذي يبذله ليلاً ونهاراً في دُروسه الخاصة ، وكان الحزن دائماً يرتسم وجهه ، وهو يشتكي من أوجاع ظهره وآلام في رقبته وحاجته لإجراء جلسات علاج طبيعي بأمر الطبيب ، مُعترفاً بظُلمُه لنفسه ، حزيناً متحسراًعلي حالة الخجل التي تفاجئه ، إذا أصابه النعاس وهو يُعطي درساً لتلميذ ، فلا يتنبه من نُعاسُه إلا إذا أيقظه التلميذ ، وحينها لا يتمني المُعلم كل أموال الدنيا ، وإنما تُصبح أعظم أمانيه ، أن يسمح له تلميذه بأن ينام قليلاً ليذهب الصداع الذي يكاد أن يُفجِرْ رأسه ، ولكي يرتاح جسده ، الذي أصابه الوهن والوجع والمرض ، إنه جسد صديقي المعلم الذي لم يبلغ من عُمرِه الثلاثين !!
[email protected]