الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عيون القلب/نجاة الصغيرة بقلم:ناجح شاهين

تاريخ النشر : 2017-10-23
عيون القلب/نجاة الصغيرة  بقلم:ناجح شاهين
عيون الألب/نجاة الصغيرة
ناجح شاهين
كنت يافعاً سريع الانفعال والغضب. وكانت الاشياء بيضاء وسوداء على نحو قاطع. لم يكن هناك متسع للألوان الكثيرة التي تملأ الكون والحياة. كان الغناء "الحقيقي" يعني الشيخ إمام ومارسيل خليفة وأحمد قعبور وفرقة بلدنا/الأردن، والكرد. تبدأ الدنيا ب "نزلنا عالشوارع رفعنا الرايات" وتنتهي ب "يا فلسطينية والبندقاني رماكو بالصهيونية تقتل حمام فوق حماكو". يمكن التساهل من جانبي مع فيروز، وبدرجة أقل مع ماجدة الرومي، وناظم الغزالي أسطورة الغناء العراقي. لا أمل لأي فنان آخر.
كانت نجاة، ومن قبلها أم كلثوم وعبد الحليم، نماذج صريحة للفن "البرجوازي" الهابط والرخيص الذي يداعب الغرائز، أو يصرف الوعي عن قضايا الإنسان الحقة التي كانت تختزل بالطبع في الصراعين القومي والطبقي. لم يكن هناك من صراعات أخرى في الوجود. وعلى الرغم من أنني كنت أقدر فرويد عالياً إلا أنني على ما يبدو لم أستوعب بما فيه الكفاية مقدار انغراس الحب والجنس في تكوين الإنسان البيولوجي والاجتماعي والنفسي والجمالي/الفني. لم أفكر بأن فرويد قال شيئاً لا يقل عمقاً عن ماركس أو أرسطو. الإنسان حيوان سياسي واجتماعي، وهو كائن يصارع من أجل الثروة والنفوذ والقوة بحسب الرجلين، ولذلك فإن الصراع الطبقي هو محرك التاريخ، ولكن فرويد على حق: يمكن للرجل أن يدفع ثروته ونفوذه على نحو أرعن مدهش في سياق "وهم" عاطفي ما.
تظل أنشودة "عيون القلب" تردد إلى ما لانهاية على طريقة أم كلثوم: "بأة يؤلي وأنا أولو=ظل يقول لي وأنا أقول له". تردد الى ما لا نهاية: "انت تؤول وتمشي، وأنا أسهر منمشي، يا اللي ما بتسهرشي ليلة يا حبيبي." وكان ذلك هو الكفر الرومانسي البرجوازي بعينه في نظري. كنت أستمتع بالأغنية وخصوصاً المقطع أعلاه، ولكنني كنت أتظاهر بأن ذلك كله غناء تافه لا قيمة له.
ما أنقذ نجاة و"عيون الألب" وملحنها عبد الوهاب، هو ما جرى في سياق موجة "ما بعد الحداثة" في العالم العربي. أرجو أن تغفروا لي: أعرف أن البلاد العربية فعلياً تعيش في القرون الوسطى خصوصاً في الخليج، أما العراق وسوريا وليبيا فقد عادت أجزاء واسعة منها الى العصر الحجري. لكن بما أن الزمن الأوروبي هو زمن ما بعد الحداثة فهو زماننا. أوروبا هي بوصلة الوجود الكلياني للتاريخ والإنسان.
إذن جاء زمن شجاع مليء بالصراحة الجنسية البشعة. الغناء أصبح ينافس أفلام الإباحة التي كنا نهربها ونحن أطفال ونشاهدها سراً. هل تذكرون نجلاء والحصان؟ الآن يمكن اعتبار نجلاء غناء عادياً تماماً بالنظر إلى الموجة المباشرة جنسياً التي جاءت بعدها. لا يوجد موسيقى ولا صوت أحياناً، لكن يوجد شبان وشابات في سياق جنسي راقص مثير ومهيج للغرائز بأوضح المعاني.
استعدت "عيون الألب" بوصفها جزءاً من أيام الصبا المليئة بالأحلام القومية والآنسانية قبل أن ينقسم المشهد بين دعارة داعش والسعودية ودعارة نجلاء والحصان وتجار الويسكي والمخدرات. العملة ذات الوجهين الأمريكيين قلبت المشهد سواداً ساخراً يخرج لنا لسانه. أتذكر العرب في كاريكاتير ناجي العلي يختصمون: قسم يريد الاتجاه نحو أمريكا، أما القسم الآخر فيريد الولايات المتحدة.
إذن: إذا كانت عيون الألب فناً برجوازياً، فلا بد أن البرجوازية في تلك الأيام كانت تحمل مشروعاً لا يقارن بمشروعها الحالي الذي يمثله فنياً جهات مثل روتانا وام بي سي. البرجوازية تخلت سياسياً واقتصادياً وفنياً عن كل طموح، وقبلت بدور التابع العميل الذليل للاستعمار العالمي، وهذا ينعكس في أدائها السياسي والاقتصادي و"الإبداعي".
طبعاً لا تخبرنا أم كلثوم ولا نجاه شيئاً عن مواجهة الإنسان لمصيره في هذا الوجود الحزين، ولا عن صراعه من أجل بناء مجتمع يخلو من الظلم وينحونحو المساواة والعدالة. "عيون الألب" لا تعرف أن جزءاً من وقت الإنسان يقضيه وهو يتعذب داخل جدران الفصل الدراسي السقيم في كتاتيب البرجوازيات العربية و"جامعاتها". جزء منه يقضيه وهو يعاني المرض ورعبه بين إرادة "القدر" وإرادة الطبيب الهابط المستوى، والمعدات المنقرضة، ومسلسل الإهمال والفساد. جزء من وقت الإنسان يقضيه وهو يعاني في الشوارع غير المجهزة، وهو يعاني من فشل المشروع القومي، وهو يعاني في مواجهة البطالة الرهيبة في غزة وجارتها مصر.
عيون الألب موسيقى جميلة وكلام لطيف وصوت عذب، يختزل الوجود البشري في حب رومانسي لا يلمح إلى أي شيء يخص الحياة المادية للبشر، ولا حتى الجانب الجنسي من ذلك الحب الطائر فوق السحاب. لكن مرحلة ما بعد نجلاء والحصان لا ترى فينا إلا أعضاءنا التناسلية: الأغنية "ما بعد الحداثية" تنزل سراولينا وتنظر مباشرة إلى ما لدينا من "مقدرات" بيولوجية. وهذا بالطبع هبوط مريع بالإنسان إلى مستوى زملائه في مملكة الثدييات الذين تهيج الذكور منهم رائحة البول، فينقض أحدهم على أنثاه يطفئ فيض الهرمون المنتعش بسبب الرائحة ثم يذهب في طريقه لا يهمه من أمرها أو أمر غيرها شيء.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف