فوضى العراقيين...وعراقيوا الفوضى
ا.د. عبد الكاظم العبودي
ربما لم يعش شعب من شعوب العالم حالة من الفوضى، كما يعيش شعب العراق اليوم، ويقيني ان حالة الفوضى هي امتداد تطبيقي لمفهوم الفوضى الخلاقة التي رسمتها ادارة المحافظين الجدد الامريكية، ووجدت ووظفت لها من ينفذها، وكما اعدت ودربت من هو المستعد لتنفيذها بفوضى اكثر بكثير من حالة الانتروبيا الكونية ودرجات الفوضى.
واذا كان الكثير من العراقيين ، وخاصة السياسيين منهم ، يطبقون نظرية " الهوسه" وهي مشتقة من الهوس الطاغي في خلط الامور ، بانتظار النتائج المرجو قطافها من كل خبطة وحدث سياسي او اجتماعي يجري في العراق .
وعلى مبدأ (إحنا النخبطها ونشرب صافيها) يعمل اغلب سياسيوا العراق للاسف، من دون حساب دقيق للنتائج المرجوة من كل خبطة يخبطونها هنا وهناك. انه العبث بكل تجلياته الذي يجب ان يتوقف بمراجعة نقدية صارمة وحازمة.
في العراق اليوم خلط ورطانة وعبث في اطلاق الكلمات والمواقف والمسميات والشعارات وكأن الرؤوس، إما قد خوت من مضمون ما، او امتلئت بالشواش والعبث الفكري والسياسي.
كان للكاتب الانجليزي المبدع جورج أورويل كثير من التوصيفات، وكانت له ريادته في اكتشافه لعبثية وخواء مفردات السياسة وهراء اللغة، بل أكثر من ذلك ابدع في تحليله للآليات، التي تجعل اللغة شكلا من أشكال التسلّط والعبودية من خلال فرض الممارسة السياسية في حقل او مجال ما.
كتب جورج أرويل ، وكما ينقل عنه حرفيا الكاتب الجزائري عبد العزيز بابكير في احدى معالجاته التطبيقية : ( يجب على المرء أن يُدرك بأن الفوضى السياسيّة الحالية مرتبطة بفساد اللغة، وبأن من المحتمل أن يستطيع المرء أن يحدث بعض التحسينات بواسطة البدء عند طرف الفعل السياسي) ، لكن مثل هذا الامر لا يتوفر لدى اغلب مفردات سياسيي العراق المعاصرين، وطالما ان لغتهم ولهجتهم ومفرداتهم السياسية اصابها الخوار والتعفن وحتى الكساد، فلا رجاء منهم، وليس هناك من يسمعهم اليوم او يتمكن من تصريف مقولاتهم، أو نشرها كسلعة للتبادل السياسي بعد كل خبطة من تلك الخبطات.
فساد العملية السياسية، برمتها يمكن قياسه وتقديره من فساد لغتها، وحسب رأي جورج أورويل، مرة اخرى: نرى ان كل الاطراف السياسية العراقية ، في السلطة وحتى في المعارضة ، تكرر خيباتها السياسية، من دون ان تتعلم، كيفية استشراف الصواب وتحديد معالم المستقبل القريب والبعيد ، وكما يقول المثل الشعبي العراقي هناك من ( يطوف على مي الكروش)، بمعنى ان هناك من السياسيين العراقيين من وصل به الامر الى فقدان حتى الكثافة والوزن السياسي له ، حتى اصبح يطفو فوق كثافة بقعة من الزيت في داخل قدر وغليان الطبخ السياسي .
للأسف خابت ولمرات عدة توقعات ورؤى اصحاب آليات ( إحنا النخبطها ونشرب صافيها) ولم نعد في حال يجعلنا نصدق مثل تلك الأكاذيب المروجة في بياناتهم وتصريحاتهم في كل مرة، وللاسف يفتقد عراق اليوم ذلك الرجل والقائد السياسي
البارع والمحنك القادر على تحويل الهزيمة او الانتكاسة إلى حراك وفعل ثوري قادر على احداث التغيير المطلوب، وفي القدرة على إضفاء حالة من الامل في احداث ذلك التغيير بشتى الوسائل الممكنة في السياسة باعتبار السياسة ( هي فن الممكن) ، وبغياب القائد والمفكر السياسي كثر مشعوذوا السياسة ومرتزقتها.
وفي ضياع سفينة العراق، وهي تائهة اليوم، من دون ربان وملاحين متمكنين في ادارة الدفة وسط لجة العاصفة التي تحيط بالعراق، نجد من القول والحكي، ما يعبر عن حقيقة الفوضى "الخلاقة السائدة" في العراق، وانه لم يعد هناك فرق بين اليميني واليساري، المحافظ، والفوضوي، الوطني والقومي والأممي، المتديّن واللائكي.
ما أحوجنا فعلا إلى قراءة جورج أورويل ، لنفهم لغة سياسييّنا واحزابنا المتخشبة وقوانا السياسية ، المستلبة! وما أحوجنا فعلا إلى صياغة لغة سياسية جديدة، وعلاقات سياسية اكثر فهما لوضع العراق وواقعه ، ولا بد ان تنبذ سياسات الكذب والنفاق والهراء، ولا بد من الخروج من شرنقة المكابرة السياسية الزائفة المحشوة بالانا ، والنحن المضخمة ، الفارغة.
وما احوج العراقيين للتوقف عن ذلك الدوران حول انفسهم، وبقائهم بنفس المربع الصفري، وصداعهم من تكرار نفس " الهوسه" .
لا بد من التثبت فعلا اين نضع مواضع اقدامنا ، طالما ان الارض العراقية مشروخة ، وهي تهتز برداتها الاهتزازية كل يوم منذ ان حدث ذلك الزلزال الكبير الغشوم في العراق يوم التاسع من نيسان/ افريل 2003 !.
ا.د. عبد الكاظم العبودي
ربما لم يعش شعب من شعوب العالم حالة من الفوضى، كما يعيش شعب العراق اليوم، ويقيني ان حالة الفوضى هي امتداد تطبيقي لمفهوم الفوضى الخلاقة التي رسمتها ادارة المحافظين الجدد الامريكية، ووجدت ووظفت لها من ينفذها، وكما اعدت ودربت من هو المستعد لتنفيذها بفوضى اكثر بكثير من حالة الانتروبيا الكونية ودرجات الفوضى.
واذا كان الكثير من العراقيين ، وخاصة السياسيين منهم ، يطبقون نظرية " الهوسه" وهي مشتقة من الهوس الطاغي في خلط الامور ، بانتظار النتائج المرجو قطافها من كل خبطة وحدث سياسي او اجتماعي يجري في العراق .
وعلى مبدأ (إحنا النخبطها ونشرب صافيها) يعمل اغلب سياسيوا العراق للاسف، من دون حساب دقيق للنتائج المرجوة من كل خبطة يخبطونها هنا وهناك. انه العبث بكل تجلياته الذي يجب ان يتوقف بمراجعة نقدية صارمة وحازمة.
في العراق اليوم خلط ورطانة وعبث في اطلاق الكلمات والمواقف والمسميات والشعارات وكأن الرؤوس، إما قد خوت من مضمون ما، او امتلئت بالشواش والعبث الفكري والسياسي.
كان للكاتب الانجليزي المبدع جورج أورويل كثير من التوصيفات، وكانت له ريادته في اكتشافه لعبثية وخواء مفردات السياسة وهراء اللغة، بل أكثر من ذلك ابدع في تحليله للآليات، التي تجعل اللغة شكلا من أشكال التسلّط والعبودية من خلال فرض الممارسة السياسية في حقل او مجال ما.
كتب جورج أرويل ، وكما ينقل عنه حرفيا الكاتب الجزائري عبد العزيز بابكير في احدى معالجاته التطبيقية : ( يجب على المرء أن يُدرك بأن الفوضى السياسيّة الحالية مرتبطة بفساد اللغة، وبأن من المحتمل أن يستطيع المرء أن يحدث بعض التحسينات بواسطة البدء عند طرف الفعل السياسي) ، لكن مثل هذا الامر لا يتوفر لدى اغلب مفردات سياسيي العراق المعاصرين، وطالما ان لغتهم ولهجتهم ومفرداتهم السياسية اصابها الخوار والتعفن وحتى الكساد، فلا رجاء منهم، وليس هناك من يسمعهم اليوم او يتمكن من تصريف مقولاتهم، أو نشرها كسلعة للتبادل السياسي بعد كل خبطة من تلك الخبطات.
فساد العملية السياسية، برمتها يمكن قياسه وتقديره من فساد لغتها، وحسب رأي جورج أورويل، مرة اخرى: نرى ان كل الاطراف السياسية العراقية ، في السلطة وحتى في المعارضة ، تكرر خيباتها السياسية، من دون ان تتعلم، كيفية استشراف الصواب وتحديد معالم المستقبل القريب والبعيد ، وكما يقول المثل الشعبي العراقي هناك من ( يطوف على مي الكروش)، بمعنى ان هناك من السياسيين العراقيين من وصل به الامر الى فقدان حتى الكثافة والوزن السياسي له ، حتى اصبح يطفو فوق كثافة بقعة من الزيت في داخل قدر وغليان الطبخ السياسي .
للأسف خابت ولمرات عدة توقعات ورؤى اصحاب آليات ( إحنا النخبطها ونشرب صافيها) ولم نعد في حال يجعلنا نصدق مثل تلك الأكاذيب المروجة في بياناتهم وتصريحاتهم في كل مرة، وللاسف يفتقد عراق اليوم ذلك الرجل والقائد السياسي
البارع والمحنك القادر على تحويل الهزيمة او الانتكاسة إلى حراك وفعل ثوري قادر على احداث التغيير المطلوب، وفي القدرة على إضفاء حالة من الامل في احداث ذلك التغيير بشتى الوسائل الممكنة في السياسة باعتبار السياسة ( هي فن الممكن) ، وبغياب القائد والمفكر السياسي كثر مشعوذوا السياسة ومرتزقتها.
وفي ضياع سفينة العراق، وهي تائهة اليوم، من دون ربان وملاحين متمكنين في ادارة الدفة وسط لجة العاصفة التي تحيط بالعراق، نجد من القول والحكي، ما يعبر عن حقيقة الفوضى "الخلاقة السائدة" في العراق، وانه لم يعد هناك فرق بين اليميني واليساري، المحافظ، والفوضوي، الوطني والقومي والأممي، المتديّن واللائكي.
ما أحوجنا فعلا إلى قراءة جورج أورويل ، لنفهم لغة سياسييّنا واحزابنا المتخشبة وقوانا السياسية ، المستلبة! وما أحوجنا فعلا إلى صياغة لغة سياسية جديدة، وعلاقات سياسية اكثر فهما لوضع العراق وواقعه ، ولا بد ان تنبذ سياسات الكذب والنفاق والهراء، ولا بد من الخروج من شرنقة المكابرة السياسية الزائفة المحشوة بالانا ، والنحن المضخمة ، الفارغة.
وما احوج العراقيين للتوقف عن ذلك الدوران حول انفسهم، وبقائهم بنفس المربع الصفري، وصداعهم من تكرار نفس " الهوسه" .
لا بد من التثبت فعلا اين نضع مواضع اقدامنا ، طالما ان الارض العراقية مشروخة ، وهي تهتز برداتها الاهتزازية كل يوم منذ ان حدث ذلك الزلزال الكبير الغشوم في العراق يوم التاسع من نيسان/ افريل 2003 !.