الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الإستراتيجية السياسية لحركة حماس بعد الوثيقة بقلم:د. سامي محمد الأخرس

تاريخ النشر : 2017-09-26
الإستراتيجية السياسية لحركة حماس بعد الوثيقة بقلم:د. سامي محمد الأخرس
الإستراتيجية السياسية لحماس بعد الوثيقة
من سالف الذكر التأكيد على أن السياسات الإستراتيجية لحركة حماس شهدت انقلابًا أبيض على الموروث السياسي السابق للحركة، والإستراتيجيات التي كانت تنطلق في تحليل الواقع بناءً عليها، رغم أن كل المؤشرات تؤكد على أن هناك انقلاب ناعم، وأن حركة حماس بدأت تتعاطى وفق رؤية واستراتيجية جديدة سواء في سياستها الداخلية أو مع القضايا الإقليمية، فبعد تشكيل حماس لمكتبها السياسي الجديد، وانتخاب قيادة جديدة، بدأت تتخذ خطوات متقدمة للأمام، وخطوات أخرى في سياقات أخرى للخلف، سواء على صعيد رؤيتها للصراع الداخلي، أو مفهوم الصراع مع"إسرائيل"، وفهمها لهذا الصراع وكيفية التعامل معه بناءً على استراتيجية المرحلية أو(التكتيك) والإعتراف بدولة على حدود 1967، وهو ما يعتبر قفزة هوائية واسعة من الحركة التي كانت بالأمس القريب تعتبر أحد الحركات العقائدية الراديكالية، وهذه القفزة وإن حاولت بعض الأطراف في الحركة أو خارجها من التقليل من أهميتها، إلَّا إنها قفزة فارقة، وتحول هام في صيرورة هذه الحركة السياسة، ورؤيتها الأيديولوجية للصراع، وهو ما تتضح مفاعيله على الأرض رويدًا وريدًا، إضافة إلى الفهم الإجتماعي الجديد لهذه الحركة في تعاملها مع القضايا المجتمعية، وخاصة في بعدها ونظرتها لبعض القضايا المتعلقة بالحريات المجتمعية التي لم تكن قائمة في سلوك الحركة سابقًا، وربما تجربة العشر سنوات في حكم غزة منحت خبرة وفهم لهيئات الحركة، صقل وتربية قاعدتها وكادرها ومنظماتها وأطرها برؤى وثقافات أكثر انفتاحًا، وأكثر ليونة في التفاعل مع الحريات المجتمعية والقضايا الأيديولوجية المختلفة. هذه المؤشرات تؤكد أن هناك تغييرًا في استراتيجيات الحركة وفهمها لطبيعة الإستبدال من مصاف الحركة الحزبية العقائدية، إلى الحركة السياسية المنخرطة في الحكم والسياسة، وتحاول أن تستوفي هذه المتغيرات في حقن عناصرها بتطعيم المفاهيم الجديدة، والرؤية الجديدة، والثقافة الجديدة، حتى لا تشكل ردة فعل معاكسة من قبل عناصرها لمزيدٍ من التطرف، أو الإتجاه للتطرف الذي وصفته قبل أيام بالإنحراف الفكري، وتجنب ما حدث في صفوفها بعد انخراطها في العملية السياسة واتجاه العديد من عناصرها للإتجاه الأكثر تطرفًا، وهو ما لجأت إليه بمبررات الحاجة للإندماج في الواقع السياسي، ومناهضة ومقاومة الحصار كما حدث في تمريرها تفاهماتها مع تيار النائب محمد دحلان أو التيار الإصلاحي بحركة فتح- كما يطلق عليه البعض- رغم أن هذا التيار كان أهم مبررات الحركة في انقلابها ضد السلطة الفلسطينية.
أما على صعيد مستوى صدامها مع " إسرائيل" فالحركة وجناحها العسكري يحاولان اتباع سياسة ضبط النفس، وارسال تطمينات متعددة ومتنوعة لـِ"إسرائيل" أن إعدادها العسكري دفاعي وليس هجومي، وهذا ما أكدته أحداث الأقصى الأخيرة التي أكدت على نضج العقلية التقررية في حماس، ونضج عقليتها السياسية في التوازن بردات الفعل، والإبتعاد عن الإندفاع والإنفعال في التعامل مع الأحداث وردات الفعل المعاكسة كما حدث في أحداث سابقة، ومحاولة تصدير الأزمات إلى غزة كما حدث في حرب عام 2014، حيث استقطبت الحركة الضربة من " إسرائيل" جراء ردة فعلها على أحداث الخليل، أي أن الحركة بدأت التفكير بعقلية الحزب الحاكم وليس عقلية الحركة المسلحة. بل واستطاعت أيضًا ترويض وإحتواء القوى الفلسطينية المسلحة الأخرى، وضمان الصمت وعدم التعامل بردات فعل مع" إسرائيل" وخاصة حركة الجهاد الإسلامي التي التزمت الصمت إجبارًا وليس أختيارًا في أحداث الأقصى الأخيرة.
كما أن إدارة حركة حماس لملف الأزمات الإقليمية شهد إختراقًا كبيرًا، ونضجًا لافت للنظر وخاصة في الإنحياز التام والشامل لجماعة الإخوان المسلمين، والخروج ولو مؤقتًا من عباءة الولاء والبراء، والطاعة العمياء لمكتب الإرشاد الإخواني العالمي، أي تحررت حماس من (ولاية الفقيه الإخوانية) وهذا ما تبادر في السلوك السياسي والإستراتيجية السياسية مع الملف المصري، وتحول حماس والسياسة الحمساوية إلى التعاطي الناعم مع مصر، والتقارب المعلن وغير المعلن معها، والعودة للبعد المصري كمرجعية في العديد من الملفات، وعلى وجه التحديد ملف المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية، وتبادل الأسرى مع " إسرائيل"، ومحاربة داعش وربما الأهم محاربة الفكر المتطرف وحالات التهريب لسيناء، وسعي حماس لضحد الإتهامات المصرية بهذا الشأن قولًا وفعلًا، وربما رسالتها القوية بهذا الشأن كانت في حادث تفجير رفح الأخير الذي منعت حماس بعض العناصر المتطرفة من التهرب إلى مصر، مؤكدة بذلك أن الأمن المصري أولوية أيضًا لدى حركة حماس وإنها لن تسمح بأي تهديد من غزة لمصر، كذلك رسالتها القوية بحل اللجنة الإدارية في غزة دون أي شروط، والتعاطي بمرونة مع مجمل القضايا المطروحة مصريًا. ممّا يؤكد أن حماس بدأت البحث عن موطئ قدم في المعادلة السياسية الإقليمية، وكسر عزلتها، وتبييض صورتها من الإعتقاد بإنها حركة راديكالية متطرفة إلى إنها حركة سياسية تتعاطى مع الواقع المحيط، وربما كان للأزمة العربية – القطرية الأخيرة فعل مؤثر في توجهات حركة حماس الجديدة، وتعاطيها بمرونة واقعية مع مجمل الملفات وخاصة الإقليمية، كإستراتيجية جديدة، ومتحول جديد وهام في الفهم والسلوك السياسي الحمساوي، وايضًا خطوات العودة للخلف بالملفين السوري والإيراني وحزب الله، حيث بدأت حماس تطمئن هذه القوى أن سياسات حماس تشهد تغيرًا إسترارتيجيًا حقيقيًا، وإنفتاح على الجميع بمنطق التوازن، ممّا دفعها لممارسة سلوك آخر، وإرسال العديد من الرسائل لهذه القوى تعزز ثقتها أو تجديد ثقتها بالحركة من جديد، دون أن تخسر تحالفاتها مع قطر أو تركيا أو أي قوة أخرى، وفيما تبدو المؤشرات أن حركة حماس تحاول استنهاض خطها الجديد وإستراتيجيتها السياسية الجديدة على قاعدة نظرية داوود أوغلو( تصفير مشاكل)، ممّا عزز وجودها وحضورها الإقليمي، واستقبال الكرملين لوفدها قبل عدة أيام وهي زيارة تحمل في طياتها دلائل ومؤشرات عديدة، وإيحاءات متعددة في الفهم السياسي العام، وقراءة السلوك السياسي لحركة حماس.
إذن فجل السياسات والمتغيرات الجديدة لحركة حماس تؤكد أن الحركة تشهد تغيرًا مفاهيميًا في نهجها، ينبئ بنضج في فهم للواقعية السياسية، وأن التغريد خارج السرب لن يجني للحركة إلَّا مزيدًا من الصعاب والمتاعب، والفشل في إدارة الأزمات، كذلك إستدراك حماس بأن الإعتماد المطلق على بعض القوى لا يمكن له ان يخرج الحركة من أزماتها، ولا يمكن لها أن تقتحم السياسات الإقليمية، والوجود الإقليمي، أو أن تصنع موطئ قدم لها في المعادلة افقليمية الجديدة وعلى وجه التحديد بعدما حقق النظام السوري انتصارات كبرى على الأرض عسكريًا، والإصرار الروسي على عدم سقوط الدولة السورية.
هذه التحركات، وهذا السلوك فطن له جيدًا الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي بدأ التحرك قويًا، والتعامل معه بحرصٍ وذكاء، حيث شَرع للحركة بصيص من الأمل بترحيبه بخطوتها بحل اللجنة الإدارية، وبعض التفاهمات في القاهرة مع عدم الإندفاع بنوايا خالصة أو بإندفاعية في التفاؤل، بل بترحيب مشروط في بعض القضايا بلغة(لعم) وعلى وجه التحديد في ملفات كانت بالسابق شائكة وحجر عثرة مثل الأمن في غزة، وملف موظفين سلطة حماس.
أمام هذه المتغيرات، وهذا المشهد المتشعب يبقى السؤال الأكثر أهمية وشرعية في خضم كل ذلك ما هو مستقبل القضية الفلسطينية؟ وما هو القادم؟
هنا لا يمكن الحزم أو القول الحاسم المقتصر على ملف المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية فحسب، أو إندماج حماس في السياسات والأدوار الإقليمية كقوةٍ سياسية فقط، بل ما هو القادم على مستوى الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، والرؤية لحلول القضية الفلسطينية ف ظل الترتيبات الدولية والإقليمية، ففي معرض الإجابة هناك قرائتين؛ الأولى تحركات حماس السياسية، والتغيير المتدحرج في إستراتيجياتها السياسية ينذر بأن هناك مشروع سياسي تتهيء له الحركة، وتستعد لإقتحام تفاصيله والمشاركة فيه، وفق الرؤية الدولية والإقليمية والعربية خاصة بعد حسم الأزمة السورية، وأن الرزنامة الفلسطينية من ضمن الرزنامة العامة للمنطقة، وأن حماس أدركت ذلك جيدًا وتحركت بموجبه، انطلاقًا من هذه القاعدة في كل الإتجاهات لفرض نفسها كقوةٍ سياسية مؤهلة لكل الأدوار، والقراءة الثانية التعمق في خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالأمس في الأمم المتحدة، وما حمله خطابه من ثبات وتأكيدات كثوابت قائمة موجهة لكل القوى الدولية، والإقليمية، والعربية وكذلك المحلية، وللشعب الفلسطيني بأن لا حلول جزئية، ولا دولة بدون غزة، ولا غزة بدون دولة، محملًا النتيجة لما آل إليه الشعب الفلسطيني لكل القوى أيضًا دون إستثناء أحد، محذرًا من أي محاولات لإستمرار ظلم الشعب الفلسطيني والقفز وتجاهل حقوقه الوطنية. وهي رسائل متشعبة وتحمل في طياتها الكثير من المفاهيم والغايات.
إذن فهناك حالة لا وضوح، فالرؤيا السياسية ضبابية، والتحركات الإقليمية تزيد الأمر تعقيدًا وهلامية، كذلك تحركات القوى السياسية الفلسطينية وصمت قوى أخرى يزيد شعبنا تمللًا وخشية أن هناك مشروع متكامل يكون أحد ضحاياه المشروع الوطني الفلسطيني، وهو ما يحتاج لقراءة معمقة وعميقة لتحركات القوى العربية من جهة، وخطاب الرئيس الفلسطيني بالأمس من جهة أخرى.
د. سامي محمد الأخرس
[email protected]
22 سبتمبر(أيلول)2017
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف