هدير الضمير
ارحمونا وارحموا أنفسكم !!
ياسين عبد الله السعدي
وهي هنا في صيغة طلب ورجاء ودعاء، وإن كانت في صيغة الأمر كقولنا في الدعاء إلى الله: اللهم ارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء، واللهم ارحمنا فإنك بنا راحم وهلم جرّا فنحن هنا ندعو ونرجو ونأمل تلبية النداء وتحقيق الرجاء.
والخطاب موجه للسائقين المتهورين الذين لا يقدرون عواقب تصرفاتهم خلال ما يقودون من سيارة صغيرة أو حافلة كبيرة أو الدراجات من نارية أو هوائية. فكلها وسائل يتم استخدامها من أجل تقديم خدمة وجلب منفعة لكنها بسبب الاستهتار باتخاذ وسائل الحذر والقيادة المتزنة الرزينة تؤدي أحيانا إلى مصائب مفجعة.
لا نبالغ إذا قلنا أنه يكاد لا يمر بنا شهر أو دون ذلك إلا وتحمل لنا الأخبار أنباء عن حوادث سير تكون أحياناً مفجعة وتكون الضحايا أحياناً أفراد أسرة بأكملها بحيث تغلق بيوت الضحايا وغيرهم من الضحايا. وأحيانا نسمع عبارة: (... ولكنّ الله سلّم) وذلك بفضل تطور وسائل الحماية التي تم تزويد الآليات الحديثة بها.
كثيرا ما تكون السرعة الزائدة هي السبب المباشر لحوادث السير المفجعة ومن أكثرها فظاعة وفاجعة حوادث الدراجات النارية أو ما تسمى (الفيسبا) لخفتها على الشارع وعدم كفاءة السائقين وطيش بعضهم وتهورهم في السياقة.
يقع بيتي على الشارع العام للمدخل الشرقي لمدينة جنين، وتكثر فيه المطبات التي وضعت اثر حادث سير أودى بحياة طفل من أبناء الحي. لكن لغياب الشرطة عن الشارع يحلو لأصحاب الدراجات النارية الصغيرة ( الفيسبا) إجراء المسابقات الليلية هنا. كنت عائداً إلى البيت بعد صلاة العشاء سيراً على الأقدام كتمرين على المشي، فإذا ب (سرب) من هؤلاء الطيارين الأرضيين يمر من الشارع وعندما يصل المطب لم يكن الواحد منهم يبطئ السرعة، وإنما يزيد من سرعته وعندما يرتطم بالمطب كان يطير في الفضاء فيأخذون بالقهقهة ويتصايحون ويظهرون سرورهم بعملهم الجنوني أما في الشوارع الخارجية فتكون النتيجة موت محقق ومحزن.
كم من هذه الحوادث كانت مفجعة لأن القتيل يكون أحيانا وحيد أبويه الذيْن يبنيان عليه الآمال لكي يكون ذخر المستقبل لهما عندما يتقدم بهما العمر.
ليست السرعة المجنونة والقيادة المتهورة على الشوارع الخارجية هي سبب الحوادث فقط؛ بل كثيرا ما نشاهد بعض السائقين في داخل الأحياء والشوارع الداخلية يقودون سياراتهم بسرعة تشد انتباه الناس الذين يسبونهم بأقذع الكلمات؛ لأن المسافة المتاحة أمام ذلك السائق لا تزيد عن عشرات الأمتار ودقائق معدودة، ومع ذلك تجده كأنه طيار يقود طائرة وليس سيارة قد تكون قديمة متهالكة يقودها شاب صغير لا يحمل رخصة سياقة ولا تأمينا وترخيصاً للسيارة وعندما تقع الواقعة يظهر الحزن ويلح في الرجاء ويرسل الجاهات لكي يسمح عنه أهل المجني عليه.
أما عندما تحدث الإصابات الخطرة أو التي تؤدي إلى الوفاة فإن الوضع يجعل الجاني يستجدي رضا أهل الضحية عندما يكون وضعه المادي لا يساعده على الوفاء بالمتطلبات التي تترتب على الحادث بالإضافة ما يترتب على ذلك من إجراءات .
وفي إحصائية رسمية قال المقدم لؤي ارزيقات المتحدة باسم الشرطة الفلسطينية في مؤتمر صحفي بتاريخ 1712017م إن العام الماضي (2016م) شهد ارتفاعاً حاداً في عدد الوفيات والإصابات نتيجة حوادث السير.
وأكد ارزيقات في تصريح خاص، أن 159 وفاة شهدتها الضفة الغربية العام الماضي، مقارنة مع أقل من 130 وفاة في 2015.
وزاد: (أيضاً شهد العام الماضي 2016، وقوع 9200 إصابة لمواطنين، منها قرابة 200 إصابة حالة خطرة، والباقي متوسطة وخفيفة).
بلغ عدد حوادث السير التي تسببت بهذا العدد الكبير من الوفيات والإصابات، نحو 10400 حادث سير في مختلف مدن الضفة الغربية.
وقال إن استخدام الهاتف النقال، وعدم إجراء صيانة دورية للمركبة من أبرز أسباب الحوادث المرورية في الضفة الغربية، وزاد: (65% من حوادث المرور تتم في الطرقات الخارجية الواصلة بين المحافظات).
كان ارزيقات قال الشهر الماضي: إن ما يزيد عن 120 ألف مخالفة تم تحريرها منذ بداية العام، إضافة لفحص قرابة 200 ألف مركبة، وضبط وإتلاف 13 ألف مركبة غير قانونية خلال العام 2016. وخلال العام الجاري 2017، أشار إلى أن شرطة المرور حررت منذ مطلع العام الجاري 7 آلاف مخالفة.
قرأت قبل مدة تقريراً للشرطة الفلسطينية أيضاً يذكر أن أكثر من 70% من حوادث السير سببها السرعة الزائدة. ولذلك نجد أن كل دول العالم تضع إشارات تحدد السرعة المسموح بها. وكل دول العالم تضع تحديد السرعة ب 50كم داخل المدن، ومع ذلك فأنت ترى بعض السائقين لا يلتزمون بها ولا يلتفتون إليها، وخصوصا سيارات الأجرة في مسابقة لكسب الوقت من أجل الحصول على الدور.
من أكثر الحوادث المفجعة والمؤلمة التي حدثت أن بعض سواقي (الفيسبا) بالذات طارت رؤوسهم عن أجسادهم عند التصادم نتيجة السرعة الزائد وفي ذلك بلاء يزيد الحادث حزنا لأهل الفقيد الذي تسبب بالحادث ولذوي الضحايا الذين يتلقون اصطدامه بسيارتهم فيدفعون الثمن ولا ذنب لهم إلا أن القدر ساقهم إلى الموقف المميت أو المسبب بعاهات بحيث يعيشون بقية أعمارهم يندبون حظهم العاثر ويناشدون السائقين المتهورين قائلين: إرحمونا وارحموا أنفسكم !!
نشر في جريدة القدس يوم الأحد بتاريخ 2492017م؛ صفحة 16
[email protected]
bisou
ارحمونا وارحموا أنفسكم !!
ياسين عبد الله السعدي
وهي هنا في صيغة طلب ورجاء ودعاء، وإن كانت في صيغة الأمر كقولنا في الدعاء إلى الله: اللهم ارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء، واللهم ارحمنا فإنك بنا راحم وهلم جرّا فنحن هنا ندعو ونرجو ونأمل تلبية النداء وتحقيق الرجاء.
والخطاب موجه للسائقين المتهورين الذين لا يقدرون عواقب تصرفاتهم خلال ما يقودون من سيارة صغيرة أو حافلة كبيرة أو الدراجات من نارية أو هوائية. فكلها وسائل يتم استخدامها من أجل تقديم خدمة وجلب منفعة لكنها بسبب الاستهتار باتخاذ وسائل الحذر والقيادة المتزنة الرزينة تؤدي أحيانا إلى مصائب مفجعة.
لا نبالغ إذا قلنا أنه يكاد لا يمر بنا شهر أو دون ذلك إلا وتحمل لنا الأخبار أنباء عن حوادث سير تكون أحياناً مفجعة وتكون الضحايا أحياناً أفراد أسرة بأكملها بحيث تغلق بيوت الضحايا وغيرهم من الضحايا. وأحيانا نسمع عبارة: (... ولكنّ الله سلّم) وذلك بفضل تطور وسائل الحماية التي تم تزويد الآليات الحديثة بها.
كثيرا ما تكون السرعة الزائدة هي السبب المباشر لحوادث السير المفجعة ومن أكثرها فظاعة وفاجعة حوادث الدراجات النارية أو ما تسمى (الفيسبا) لخفتها على الشارع وعدم كفاءة السائقين وطيش بعضهم وتهورهم في السياقة.
يقع بيتي على الشارع العام للمدخل الشرقي لمدينة جنين، وتكثر فيه المطبات التي وضعت اثر حادث سير أودى بحياة طفل من أبناء الحي. لكن لغياب الشرطة عن الشارع يحلو لأصحاب الدراجات النارية الصغيرة ( الفيسبا) إجراء المسابقات الليلية هنا. كنت عائداً إلى البيت بعد صلاة العشاء سيراً على الأقدام كتمرين على المشي، فإذا ب (سرب) من هؤلاء الطيارين الأرضيين يمر من الشارع وعندما يصل المطب لم يكن الواحد منهم يبطئ السرعة، وإنما يزيد من سرعته وعندما يرتطم بالمطب كان يطير في الفضاء فيأخذون بالقهقهة ويتصايحون ويظهرون سرورهم بعملهم الجنوني أما في الشوارع الخارجية فتكون النتيجة موت محقق ومحزن.
كم من هذه الحوادث كانت مفجعة لأن القتيل يكون أحيانا وحيد أبويه الذيْن يبنيان عليه الآمال لكي يكون ذخر المستقبل لهما عندما يتقدم بهما العمر.
ليست السرعة المجنونة والقيادة المتهورة على الشوارع الخارجية هي سبب الحوادث فقط؛ بل كثيرا ما نشاهد بعض السائقين في داخل الأحياء والشوارع الداخلية يقودون سياراتهم بسرعة تشد انتباه الناس الذين يسبونهم بأقذع الكلمات؛ لأن المسافة المتاحة أمام ذلك السائق لا تزيد عن عشرات الأمتار ودقائق معدودة، ومع ذلك تجده كأنه طيار يقود طائرة وليس سيارة قد تكون قديمة متهالكة يقودها شاب صغير لا يحمل رخصة سياقة ولا تأمينا وترخيصاً للسيارة وعندما تقع الواقعة يظهر الحزن ويلح في الرجاء ويرسل الجاهات لكي يسمح عنه أهل المجني عليه.
أما عندما تحدث الإصابات الخطرة أو التي تؤدي إلى الوفاة فإن الوضع يجعل الجاني يستجدي رضا أهل الضحية عندما يكون وضعه المادي لا يساعده على الوفاء بالمتطلبات التي تترتب على الحادث بالإضافة ما يترتب على ذلك من إجراءات .
وفي إحصائية رسمية قال المقدم لؤي ارزيقات المتحدة باسم الشرطة الفلسطينية في مؤتمر صحفي بتاريخ 1712017م إن العام الماضي (2016م) شهد ارتفاعاً حاداً في عدد الوفيات والإصابات نتيجة حوادث السير.
وأكد ارزيقات في تصريح خاص، أن 159 وفاة شهدتها الضفة الغربية العام الماضي، مقارنة مع أقل من 130 وفاة في 2015.
وزاد: (أيضاً شهد العام الماضي 2016، وقوع 9200 إصابة لمواطنين، منها قرابة 200 إصابة حالة خطرة، والباقي متوسطة وخفيفة).
بلغ عدد حوادث السير التي تسببت بهذا العدد الكبير من الوفيات والإصابات، نحو 10400 حادث سير في مختلف مدن الضفة الغربية.
وقال إن استخدام الهاتف النقال، وعدم إجراء صيانة دورية للمركبة من أبرز أسباب الحوادث المرورية في الضفة الغربية، وزاد: (65% من حوادث المرور تتم في الطرقات الخارجية الواصلة بين المحافظات).
كان ارزيقات قال الشهر الماضي: إن ما يزيد عن 120 ألف مخالفة تم تحريرها منذ بداية العام، إضافة لفحص قرابة 200 ألف مركبة، وضبط وإتلاف 13 ألف مركبة غير قانونية خلال العام 2016. وخلال العام الجاري 2017، أشار إلى أن شرطة المرور حررت منذ مطلع العام الجاري 7 آلاف مخالفة.
قرأت قبل مدة تقريراً للشرطة الفلسطينية أيضاً يذكر أن أكثر من 70% من حوادث السير سببها السرعة الزائدة. ولذلك نجد أن كل دول العالم تضع إشارات تحدد السرعة المسموح بها. وكل دول العالم تضع تحديد السرعة ب 50كم داخل المدن، ومع ذلك فأنت ترى بعض السائقين لا يلتزمون بها ولا يلتفتون إليها، وخصوصا سيارات الأجرة في مسابقة لكسب الوقت من أجل الحصول على الدور.
من أكثر الحوادث المفجعة والمؤلمة التي حدثت أن بعض سواقي (الفيسبا) بالذات طارت رؤوسهم عن أجسادهم عند التصادم نتيجة السرعة الزائد وفي ذلك بلاء يزيد الحادث حزنا لأهل الفقيد الذي تسبب بالحادث ولذوي الضحايا الذين يتلقون اصطدامه بسيارتهم فيدفعون الثمن ولا ذنب لهم إلا أن القدر ساقهم إلى الموقف المميت أو المسبب بعاهات بحيث يعيشون بقية أعمارهم يندبون حظهم العاثر ويناشدون السائقين المتهورين قائلين: إرحمونا وارحموا أنفسكم !!
نشر في جريدة القدس يوم الأحد بتاريخ 2492017م؛ صفحة 16
[email protected]
bisou
