الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تقدير موقف - تعثر حل الدولتين وخيار اللاحل

تاريخ النشر : 2017-09-21
تقدير موقف

تعثر حل الدولتين وخيار اللاحل 


إعداد:خضر الريس ، ياسر الحطاب 

مشاركان في البرنامج التدريبي "إعداد السياسات العامة والتفكير الإستراتيجي"

19 أيلول/سبتمبر 2017

بالتوازي مع الرفض العلني المتكرر للساسة الإسرائيليين لحل الدولتين، انضمت روسيا للولايات المتحدة الأميركية في القبول بفكرة أنّ حل القضية الفلسطينية لا يشترط أن يكون على أساس حل الدولتين. ومع غياب أي معنى عملي لفكرة الدولة الواحدة، فإنّ تراجع قوى عالمية عن تأييد حل الدولتين، يعيد مسيرة التسوية السلمية للخلف خطوات عديدة. فبعد أن كان التفاوض والجدل كيف ومتى يطبق حل الدولتين، أصبح مبدأ إقامة الدولة الفلسطينية ذاته موضع شك. 

بتاريخ 15/2/2017، صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال استضافته رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، قائلًا: "أنا منفتح على حل الدولتين، وعلى حل الدولة الواحدة، وما يتفق عليه الطرفان هو المقبول لدي". 

ويمثل هذا التصريح تراجعًا أميركيًا عن النظر لحل الدولتين كإطار مهيمن لحل القضية الفلسطينية خلال فترة الرئيسين السابقين جورج بوش وباراك أوباما، وهو ما يثير التساؤل حول دلالة مفهوم الدولة الواحدة الذي قصده ترامب، إضافة لماهية الحل الذي تراه الإدارة الأميركية الحالية لهذه القضية من حيث الشكل والمضمون، لا سيما أن هناك توافقًا كبيرًا بين القيادة الإسرائيلية الحالية التي ترفض قولًا وفعلًا قيام دولة فلسطينية على حدود 67، وبين إدارة ترامب، وهذا ما عبر عنه نتنياهو بقوله: "علاقتنا بالولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى".  

وعززت هيثر ناروت، الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، دلالات تصريح ترامب المذكور أعلاه كشكل تعامل جديد للإدارة الأميركية مع القضية الفلسطينية، عبر تصريح لها بتاريخ 24/8/2017، إذ تنصلت فيه من التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين عندما أشارت إلى أن الإدارة الأميركية "لن تحدد مسبقًا مخرجات أي مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإنما المهم أن تكون النتيجة قابلة للتطبيق عند الطرفين". 

 وفي ذات سياق التشكيك الأميركي الحالي بحل الدولتين، كشف موقع ويرد (wired) الأميركي الشهير بتاريخ 1/8/2017 تسريبًا صوتيًا لجيراد كوشنير، مستشار ترامب، قال فيه أمام جمع من المتدربين في الكونجرس: "نحن نحاول أن نعمل مع الأطراف بشكل هادئ للغاية؛ لنرى إذا ما كان هناك حل، وربما قد لا يكون هناك حل". 

ووجدت التصريحات الأميركية المتلاحقة صدى روسيًّا، ظهر عبر تصريح وزير الخارجية سيرجي لافروف، في تصريح نقلته وكالة "تاس" الروسية بتاريخ 11/8/2017 قال فيه: "إن حل الدولتين حاليًا محل تساؤل، وقد تكون هناك سيناريوهات أخرى للحل إذا توافق عليها الطرفان". 

في حين اكتفت فدريكا موغيرني، مفوضة الاتحاد الأوروبي، بتكرار الموقف الأوروبي المعتاد من حل الدولتين، إذ قالت في تصريح لها بتاريخ 28/7/2017: "يعمل الاتحاد مع كافة الأطراف للوصول إلى حل الدولتين".  غير أنها لم توضح أي آليات عملية يمكن لها أن تقود لهذا الحل، باستثناء تشديدها على "أهمية المفاوضات المباشرة بين الطرفين، ومسؤولية المجتمع الدولي لإيجاد إطار ومساحة كافية للأطراف حتى يجدوا الطريقة التي تناسبهم للوصول إلى حل الدولتين". 

ويذكر أن الطرفين الفلسطيني، ممثلًا بقيادة منظمة التحرير، والإسرائيلي، متمثلًا بالحكومات المتعاقبة، فشلا في التوصل إلى تطبيق حل الدولتين على الأرض منذ بدء التفاوض عليه بعد توقيعهما على اتفاق "إعلان المبادئ" في العام 1993، وذلك على الرغم من العديد من الجولات التفاوضية والمؤتمرات التي خاضها الطرفان، إلى جانب المبادرات التي عرضت عليهما، إذ اصطدمت المفاوضات دائمًا بحقيقة أن الحد الأدنى المقبول على قيادة منظمة التحرير للوصول إلى تسوية هو أعلى بكثير من الحد الأقصى الذي يوجد لدى إسرائيل استعداد لتقديمه. 

على المستوى الرسمي الفلسطيني، تسود حالة من الغضب والاستياء جراء تملّص الإدارة الأميركية من حل الدولتين، حتى على المستوى اللفظي المحض الذي كان هو محصلة كل ما قدمته الإدارات السابقة إزاءه، وبرز ذلك من خلال ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية بتاريخ 25/8/2017 عن مزاعم حول قول رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس إنه التقى مبعوثي الإدارة الأميركية 20 مرة، لكنهم لم ينجحوا في تقديم تعهدات تتعلق بالتزام نتنياهو بحل الدولتين ، وهو ما تقاطع مع تصريحات أشرف الخطيب، الناطق باسم دائرة المفاوضات التابعة للمنظمة التي أوردتها ذات الصحيفة، إذ قال: "لا يوجد أي التزام من قبل الجانب الأميركي بحل الدولتين". 

كما يثير مصطلح الدولة الواحدة الذي ورد في تصريح ترامب سابق الذكر توجسًا عميقا لدى المستوى الرسمي الفلسطيني، إذ إنه يعني في نظره تكريس نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) في القدس والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وهو ما دفع صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة، للرد على كلام ترامب بالقول: "هناك محاولات واضحة من الحكومة الإسرائيلية لدفن حل الدولتين، والبديل الوحيد لحلّ الدولتين هو دولة ديمقراطية واحدة، ولكن إسرائيل تسعى لدولة بنظامين، وهو ما يعني نظام الأبارتهايد". 

إضافة إلى ما سبق، يبدو أن المخاوف الفلسطينية الحالية من تغير موقف الولايات المتحدة من حل الدولتين لها ما يبررها، لا سيما في ظل الحديث عن مقاربة أميركية جديدة للقضية الفلسطينية، فقد وصف ديفيد فريدمان، السفير الأميركي في إسرائيل والمعروف بولائه الكبير لها وللاستيطان خلال مقابلة له مع صحيفة "جيروساليم بوست" العبرية بتاريخ 1/9/2017 الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية "بالاحتلال المزعوم" . كما أن منظمة "الجي ستريت" اليهودية الأميركية وصفت في بيان له تصريح ترامب سابق الذكر عن حل الدولة الواحدة بأنه "خطير وفاقد للمعنى"، مضيفة: "كنا نعرف منذ بعض الوقت أن نتنياهو غير معني جديًا في السعي وراء حل الدولتين، ولكن من المزعج للغاية سماع أن الرئيس الأميركي يفشل في الاعتراف أنّه فقط مع الاستقلال الفلسطيني، يمكن لإسرائيل البقاء يهودية وديمقراطية". 

ويعتبر حل الدولة الواحدة في فلسطين بصيغه المختلفة حلًا قديمًا جديدًا، إذ طُرح في البداية عبر الحزب الشيوعي الفلسطيني في العام 1944، كما تبنته قوى اليسار الفلسطيني مثل الجبهتين الشعبية والديمقراطية إضافة إلى حركة فتح، قبل تبني البرنامج المرحلي في العام 1974، الذي أدى إما لجعل حل دولة فلسطين العلمانية الديمقراطية لكل سكانها أو قومياتها حلًا إستراتيجيا بعيد المدى، أو أدى عمليًا للنظر فيه من قبل جزء من النخبة السياسية الفلسطينية كحل غير قابل للتطبيق على الأرض.

أما على صعيد الحكومة الإسرائيلية، ورغم تصريحات نتنياهو الضبابية المتكررة عن أن هدف بلاده هو "التوصل إلى سلام وازدهار وأمن لشعوب المنطقة" ، إلا أنه تنصل بشكل يتوازى تقريبًا مع تنصل إدارة ترامب، من قبوله الشكلي لقيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح، الذي أعلنه في مؤتمر "بار إيلان" في العام 2009، إذ صرح مؤخرًا بتاريخ 9/8/2017 أمام حشد من أنصاره وأعضاء حزب الليكود الذين حضروا لدعمه في وجه احتمالات فتح ملف قضائي ضده بشبهة الفساد قائلًا: "سمعت أمس أن هناك مسؤولين فلسطينيين يتمنون سقوط نتنياهو بسبب التحقيق، وهذا واضح، فهم أيضًا يريدون من إسرائيل أن تنسحب إلى حدود 67 وتقيم دولة فلسطينية على تخوم كفار سابا. أصدقائي أيضًا سيصابون بخيبة الأمل، لأن هذا لن يحدث". 

واستبق نتنياهو إعلانه السابق من خلال تنفيذ خطوات على الأرض تؤدي في محصلتها إلى إجهاض قيام أي دولة فلسطينية على حدود 67 مستقبلًا، حيث أوردت صحيفة "هآرتس" العبرية خبرًا بتاريخ 3/7/2017 ينص على "إلغاء حكومة نتنياهو لقرار تجميد الاستيطان شرق القدس وإقرار بناء 1800 وحدة استيطانية حولها في مستعمرات جيلو وبسجات زئيف" ، كما أنه أعلن بتاريخ 28/8/2017 من قلب مستوطنة "بركان" شمال الضفة الغربية المحتلة خلال مشاركته في الاحتفال الذكرى الخمسين لبداية الاستيطان في الضفة "أنه لن تكون هناك أي إزالة لأي مستوطنة بعد الآن." 

تقوم فرضية نتنياهو الأساسية على أنه لا يوجد شيء يجبر إسرائيل في هذه الأثناء على الانسحاب من الحدود التي احتلتها في العام 1967، والتي يعتبرها "جزءًا من الوطن" ، وهو ما أوضحه خلال تصريح له بتاريخ 6/9/2017، حيث قال: "لقد كانت الفرضية الأساسية أن الاتفاق مع الفلسطينيين سيفتح لنا العالم، لكن ها هو العالم يفتح من دون ذلك على أهميته". كما زعم "أن التعاون مع الدول العربية أكبر من أي فترة أخرى في مسيرة دولة إسرائيل". مضيفًا: " للأسف، الفلسطينيون حتى الآن لم يغيروا شروطهم غير المقبولة على جزء ضخم من الجمهور الإسرائيلي للوصول إلى تسوية، ورغم ذلك علاقتنا مع العرب في تحسن". 

يحظى موقف نتنياهو برفض حل الدولتين بدعم من شركائه الائتلافيين في الحُكومَة أَمثال نِفتالي بنت، وإيليت شاكيد، الوزيرين عن حزب البيت اليهودي، حيث صرح الأول بتاريخ 13/2/2017: "كل من يريد دولة عليه الذهاب إلى غزة أو الأردن". 

 في حين اقترحت شاكيد في تصريح لها بتاريخ 15/5/2017 إعطاء الفلسطينيين "سلام اقتصادي مع منشطات سترويد" . مضيفة: "هناك فرصة مع انتخاب رئيس كترامب، المستعد لعمل خطوات شجاعة، والتفكير خارج الصندوق، لطرح اتفاق اقتصادي كبير مع الدول العربية المعتدلة، وأيضًا مع الفلسطينيين" 

وفي تصريح آخر لها بتاريخ 16/2/2017 دعت إلى ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة لإسرائيل إذ قالت: "أنا أعتقد أن ضم كل الضفة الغربية أمر غير صحيح، لكننا بالتأكيد نستطيع ضم مناطق (ج) ... أكا مناطق (أ) و(ب) فيجب أن تكونا جزءًا من كونفدرالية إقليمية". 

إن التزامن الحالي بين تراجع إدارة ترامب الواضح عن حل الدولتين كمرجعية لعملية التسوية من جهة، وعدم اعتراضها على التقدم الإسرائيلي في مشاريع الاستيطان، وإعلان نتنياهو رفض قيام دولة فلسطينية بشكل قاطع من جهة أخرى، يظهر أن ترامب يعني بمصطلح حل الدولة الواحدة الذي أشار إليه دولة بقاء دولة إسرائيل وحدها، أي بمعنى أن الإدارة الأميركية الحالية لا ترى مشكلة في بقاء الوضع على الأرض كما هو عليه الآن، وهو ما يعمل عليه نتنياهو وحكومته، خاصة أن ترامب قال في ذات التصريح أنّ أي حل شرطه الاتفاق بين الطرفين، ومن مجمل تصريحات نتنياهو وحكومته المذكورة أعلاه يظهر استحالة تحقيق هذا الشرط.

وبذلك، تكون إدارة ترامب تبنت خيار اللاحل من خلال تركها المجال مفتوحًا بشكل كامل أمام حكومة نتنياهو للاستمرار في تطبيق هذا الخيار على الأرض، الذي يعني إبقاء الواقع الاستعماري على الأرض كما هو، وكسب الوقت والمماطلة بهدف زيادة الاستيطان في أراضي الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، وبالتالي إخضاع الفلسطينيين لنظام (أبارتهايد) فعلي على الأرض، كما جاء في تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الأسكوا) الصادر بتاريخ 15/3/2017. 

لقد كان الموقف عند وصول إدارة ترامب للبيت الأبيض أنّ هناك حلًا شبه متفق عليه عالميًا، وكان التنكر، إسرائيليًا، لفكرة الدولة الفلسطينية يؤدي إلى استنكار عالمي، وكان الجدل هو كيف يمكن الوصول إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، أمّا ما حدث في الأشهر الفائتة، فهو خطوات للخلف، لدرجة أن مبدأ حل الدولتين بات مشكوكًا فيه. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف