الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الخطاب في قصيدة "خماسية التحليق-رحيل العاشق" إياد شماسه بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2017-09-19
الخطاب في قصيدة
"خماسية التحليق-رحيل العاشق"
إياد شماسه
من الادوات المحفزة لدخول القصيدة/النص الفاتحة البيضاء، أستخدم صيغة السؤال، واحرف أو صيغة المنادى، بمعنى جعل المتلقي يشعر بأنه المعنى بهذا النداء، وهنا لا بد من استخدام لغة وفكرة مقبولة يمكنها أن تؤثر في المتلقي بحيث يجد فيها مبتغاه، إن على المستوى اللغة والأسلوب أو الأفكار التي يقدمها الكاتب/الشاعر، وهنا تكمن مهارة الكاتب/الشاعر، الذي أوجد العناصر التي يمكنها أن تجذب المتلقي وتجعله منسجما مع النص/القصيدة، "أياد شماسة" يفتتح قصيدته بصيغة المخاطبة، ويدعوا المتلقي ليرتفع ويرتقي متجاوزا واقعه فيقول: "

"أطْلِقْ جناحكَ، واترُكْ خلفَكَ المُدُنَا

إنَّ التباريحَ ما أبْقَتْ لنا بَدَنا

واصْعدْ إلى الغايَةِ العُليا، كَمَنْ صَعَدوا

ثم اتَّخِذْ نحوَ صدْرِ المُنْتهى سُفُنا"

بهذه الصيغة يجد المتلقي اهتمام الشاعر به، فمن يخاطبه حرص عليه وعلى وضعه لهذا ينصحه بهذا الخطاب، فرغم المباشرة في صيغة الخطاب، إلا أنها الحميمية التي يشعر بها المتلقي يجعله يتجاوزها، فهي صادر عن شخص/شاعر مهتم به، لهذا يقدم لها هذا الشكل من الخطاب، فقد تم تجاوز الحواجز بين الشاعر والمخاطب/المتلقي.
بعد هذه النصيحة يقدمنا الشاعر من واقعنا البائس، وما فيه من قهر:

"والقومُ صرْعى بِكأْسٍ ليْسَ تُثْمِلُهُمْ

إلا بِمِقْدارِ ما صاروا لها دَدَنا

يكابِدونَ سرابًا منْ عقائِدِهِمْ

في طَوْعِ آلهَةٍ يدْعونَها الوَثَنا

تركْتُهمْ، وَذِئابُ الأرْضِ قدْ شُغِلَتْ

بِشَهْوَةِ الدَّمِ عمَّنْ يَسْرِقُ الدِّمَنا

واللّاعِقاتُ دَمي يَلْعَبْنَ في تَرَفٍ

وَيَتَّخِذْنَ مِنَ الأهْواءِ مُخْتَزَنا"

وهنا نسأل لو أن الشاعر جعل هذه المقاطع في بداية قصيدته، هل كان يمكن أن يتقبلها القارئ/المتلقي، أم أنه سيعزف عنها إلى نص آخر؟.
وهنا تأتي أهمية الفاتحة لأي نص، فالشاعر أستطاع أن يقنعنا/يجذبنا بالمقدمة، ثم اعطانا صورة واقعنا، وكأنه بتلك المقدمة التي اعطتنا معنوية جعلتنا نثق بأنفسنا، وفي مقدرتنا على مواجهة الواقع، فكان باستطاعتنا أن نتحمل هول المواجهة والدخول في هذا الواقع، وهنا نأتي إلى حالة الحرب/الصراع، فيخبرنا عن حالة جمعية، ونحن المتلقين/القراء جزء منها، فعلينا المواجهة، لأنها متعلقة بنا ونحن المتضررين منها، وليس سوانا، فها نبقى متفرجين أم علينا الدفاع عن أنفسنا؟
بعد أن يشركنا في الصراع يبدأ يحدثنا عن همومه هو هموم الشاعر، فيخربنا عن من "يلعق دمه" فهو يقدمنا خطوة خطوة من الصراع، فبدأ في خطابنا ومناداتنا وتقديم النصح لرفع معنوياتنا، ثم يدخلنا في صراع عام، ثم يبدأ في الحديث عن نفسه، وهنا تكمن عبقرية الشاعر، فهو بعد أن جعلنا في أتون المعركة، أرادنا أن ندافع عنه ونزيل عنه الظلم الذي وقع عليه من المفترسات.
وإذا ما توقفنا عند المقدمة والخاتمة نجد هناك ترابط بينهما، فهو يقدمنا من أنفسنا لنكون كما يجب، اصحاب هم عالية وقادرين على خوض الصراع، ثم يدخلنا المعركة/الحرب، وبعدها يريدنا أن ندافع عنه، فهو ضعيف يتعرض للافتراس، فهل نقبل بأن نشاهد شاعرنا الذي امدنا بالمعنويات ورفعنا من حالة الخمول إلى حالة المواجهة أن يتعرض لهذا الافتراس؟
إذن الخطاب الأول موجه لنا نحن المتلقين، ومجمل ما جاء في الجزء الأول متعلق بنا، فقد دخلنا مرحلة جديد وعلينا الاستمرار فيها حتى نهايتها.
وهنا يأخذ الخطاب شكل آخر، غير الأول الأنا التي حققت الانجازات وتجاوزت الواقع:
"ومركِبي جامِحُ، لا يَتَّقي حُجُبا

مِنَ المَكانِ، وَقدْ لا يَتَّقي الزَمَنا

مجرَّدٌ منْ شُروطِ الأرْضِ مُتَّجِهٌ

صوبَ السَّماواتِ، يَتْلو للْعُلى سُنَنَا

فَقُمْتُ، والبَرْدُ في وَجْهي، وفي بَدَني

ورُحْتُ؛ والدِّفْءُ قدْ أَغْرى بِيَ الوَسَنا

أُكابِدُ الصَّعْدَةَ الأولى؛ فَأَغْلِبُها

وقدْ أرادَتْ بِنا في كَيْدِها الوَهَنا

فما وَهَنَّا، وقدْ شُقَّ الفضاءُ على

نورٍ، فأرْهَقَنا حينًا، وَأَجْهَدنا"

نقلة غير متوقعة، فالشاعر هنا يخوض عالم اسماء، الفضاء، ويصف لنا ذاك العالم الذي لا نعرف عنه الكثير، فها هو يتحرر من العالم الأرضي ليحلق بعيد في عالم السماء متخطيا حالة البرد وما يصاحب الجسد من وهن وارهاق من خلال الهدف الذي يسعى إليه، فنجد أن الشاعر في رحلته يستمد قوته من ذات الرحلة، من خلال البهاء الذي يشاهده، وكأنه يتغذى من عين (الصراع) الذي يخوضه، فكلما تقدم إلى الأمام استمد قوة أخرى تغذي جسده وترفع معنوياته ليكمل طريقه إلى الهدف.
الشاعر فيما سبق يتحدث عن نفسه، عن مشاعر شخصية، فهل يخوض رحلته/صراعه وحيدا، أم هناك من يشاركه هذا الصراع؟، يجيبنا:

" وصاحِبي منْ عبادِ اللِه ممتشقٌ

منْ ساحَةِ الأُفْقِ درباً، والضُّحى سَكَنا

أسْرى يحدِّثُني عنْ بعضِ ما شهِدَتْ

عيْناهُ في عدَنٍ، أوْ جاوَزَتْ عَدَنا

على جَناحٍ لهُ في الرِّيحِ مُشْبِهَةٌ

لكنَّهُ في مَسارِ الضَّوْءِ سارَ بِنا

حتَّى بَلَغْنا مجالاً لمْ نكُنْ أَبَدًا

نَدْري بأَنَّ لهُ غيرَ السَّما وَطَنا"

الصعود إلى العلى مرهق لكنه يحمل بين ثنياه المتعة، لهذا نرى الشاعر وصاحبه يتحدثان عن متعة عن فرح، رغم ما يعانيانه من شدائد، فالتعب المصاحب للإنجاز/للمعرفة/للنصر/للصول للهدف هو تعب لذيذ ويشعرنا بأننا ذات قيمة وفاعلية، لهذا يتم تجاوز هذا التعب من خلال متعة الوصول للهدف/للغاية التي ننشدها، وبهذه الطريقة يمكننا نحن القراء أن نأخذ مثلا من الشاعر وصاحبه لنكمل/لنسير في دربنا غير أبهين بالتعب أو الصعوبات التي تواجهنا.
الخطاب الثالث جاء إلى الله، فالشاعر في ذاك العالم السماوي يستنجد بالله ليعينه في اكمال دربه، فهو لم يألف من هذه الدروب العليا/السماوية:

"يا سيِّدَ الأُفْقِ؛ أدْرِكْنا فَقَدْ جَمَحتْ

هذي الطُّيورُ، ولمَ تترُكْ لنا فَنَنا

إنَ المساراتِ ليْستْ مِثْلَما عَرَفَتَ

في السّابِقينَ، ولا جاءَتْ بِخُطَّتِنا

يا سيِّدَ الأُفْقِ أدْرِكْ فالَمدى قِطَعٌ

تسابقت كَخُيولٍ مزَّقَتْ شَطَنا

ها نَحْنُ نَقْتَحِمُ الأَعْلى على قَلَقٍ

وكلُّ متَّزِنٍ في الرَّكْبِ ما اتَّزَنا

وللسَّديمِ اشتباكٌ في طرائِقِهِ

مثلُ السَّحابِ الّذي في الجَوِّ قدْ هَتَنا

وللمَجَرَّةِ هَمْسٌ في محاسِنِها

رَغْمَ السُّكونِ الّذي قدْ زانَ مَسْمَعَنا"

المخاطب هنا هو الله، لكن أرادنا الشاعر نحن بهذا الخطاب، فهو يحدثنا عن روعة وغرابة عالم السماء من خلال الاستنجاد بالله، فهو يقدم لنا معرفة بطريقة غير مباشرة، من خلال وسيط، لهذا سيكون وقعها علينا أكثر، وهو يستخدم معارفنا الأرضية ليقرب لنا عالم السماء، من خلال حديثه عن الطيور والخيول.
في العالم السماوي حياة، وهناك كائنات تقف في وجه كل من يقترب منها، وعلى الشاعر وصحبه مواجهة هذه الكائنات: "

"مُحَلِّقونَ؛ وَلا جوّاً نطيرُ بِهِ

مُثابِرونَ؛ وَلا ريحاً فَتَرْفَعُنا

حتَّى بَلَغْنا مَقامًا لا يجوزُ بِهِ

إلاّ المَقامُ، وَمَنْ يَمْضي فَقَدْ ضَمَنا

تَغْشاهُ أَجْنِحة الأَرْواحِ صامِتَةً

على الجَلالِ، وَمَنْ يَهْمِسْ فَقدْ لَحَنا

وَنحنُ لولا يقينُ القلْبِ ما ثَبَتَتْ

بِنا العُقولُ، ولا كنَّا لَها سَدَنا

حتّى دُعينا لِحَمْلٍ ناءَ حامِلُهُ

في السّابِقينَ، وَما أَوْفاهُ مَنْ وَزَنا

لكنّنا أُمَّةٌ لا تَنْحَني أَبَدًا

منْ ثِقْلِ ما حَمَلَتْ، أوْ ثِقْلِ ما اْؤتُمِنا"

وهنا يقدم لنا الشاعر وسيلة أخرى لتحقيق النجاح والوصول للهدف، الإيمان، "وَنحنُ لولا يقينُ القلْبِ ما ثَبَتَتْ" وأيضا التاريخ الذي يمدنا بمعنوية تجعلنا نرتقي على الصعاب والشدائد "لكنّنا أُمَّةٌ لا تَنْحَني أَبَدًا" بالإيمان وبالاسترشاد وبالاقتضاء بالأجداد الذين قدموا الكثير يمكننا أن نكمل الدرب لنصل إلى ما نصبوا إليه.
رحلة العودة إلى العالم الأرض لم تكن رحلة عادية، بمنعى لم يقدمها لنا الشاعر وكأنها رحلة استجمام، لهذا أرادنا أن نأخذها كمنهج للعبور ولخوض غمار المغامرة/ التمرد/الثورة، فلا نقنع/نكتفي/نقبل بما هو كائن، فيختم خطابه بحكم ورفع المعنويات كما بدأوه في الفاتحة:

"ثمَّ اتْخَذْنا جَناحًا نَحْوَ عَوْدَتِنا

وَكَمْ رَكِبْنا قَديمًا مَرْكِبًا خَشِنا

نَرْتادُ في السُبُلِ العُليا مَسالِكَها

وَنَسْتَقي مِنْ كُؤُوسِ الحُسْنِ ما حَسُنا

وقدْ شَرِبْنا كُؤوسَ العِشْقِ مِنْ شَغَفٍ

وقدْ تَداوَلَتِ الدُّنيا بِنا المِحَنا

فَما اهتَزَزْنا لَها خَوْفًا وَلا مَلَلاً

وَلا أَقامَتْ عَلَيْنا سَيْفَها مِنَنَا

ودارَتِ النَّشْوَةُ القُصْوى فَما رَعَفَتْ

منّا الأُنوفُ وَلا أْشْجَتْ لَنا شَجَنا

وما تَرَكْنا مَتاعًا لمْ نَذُقْ أَرَبًا

مَتاعَهُ، أوْ أَمَتْنا في الزَّمانِ مُنى

فالعاشِقونَ؛ وَإِنْ قاموا عَلى وَجَعٍ

لا يُسْلِمونَ فُؤادًا بالهَوى ثَخُنا"


ما يحسب لهذا الخطاب أنه جاء بشكل سرد قصصي، واستحضار التاريخ لتقديم نماذج قريبة منا لنحتذي بالشاعر وصحبه وما وصلوا له من مكان بهي في السماء، فإذا ما ستثنينا البيت الأول تكون بقية الأبيات كلها جاءت لرفع الهمهم ولتقدمنا من ضرورة العمل للخروج/تجاوز/الخلاص من (العالم الأرضي".
لكن هل أرادنا الشاعر ان نكون كائنات في العلا، كائنات سماوية، أم أرادنا شيء أخر؟ اعتقد بأن حديثه عن العودة إلى الأرض يؤكد أنها الأرض هي مبتغاه وليست السماء، فرغم ما وجده فيها من بهاء وغرائب تجذبنا إليها وتجلنا في شوق ولهفة للوصول/لمعرتها/لمشاهدتها، إلا أنه أرادنا أن نبدأ من الأرض، ان نأخذ مكاننا فيها، وأن نرسخ حضورنا وفاعليتنا فيها، فهي المنطلق وهي الغاية وهي الوسيلة لتحيق كل من نصبوا إليه.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف