الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ورقة موقف - كي لا تضيع البوصلة ويتعمّق التّيه

تاريخ النشر : 2017-09-19
 ورقة موقف صادرة عن مركز "مساواة"

كي لا تضيع البوصلة ويتعمّق التّيه

ورقة موقف لمواجهة العجز وإزالة أسباب إنعدام الثقة أولاً، يليها أو يتلازم معها البحث الجاد في إعادة البناء

مثل صدور المرسوم الرئاسي بتشكيل لجنة وطنية لتطوير قطاع العدالة ولمراجعة منظومة التشريعات القضائية كما ورد في مادته الأولى والصادر بتاريخ 06/09/2017، تجديداً لتمسك السلطة التنفيذية بذات الأدوات التي اعتمدتها عدة مرات منذ ما
يزيد عن التسع سنوات الماضية دون أن تحقق أية نتائج نوعية، ودون أن تُنجز معالجة جدية لوضع منظومة العدالة "ونقصد تحديداً القضاء النظامي والنيابة العامة، ووزارة العدل، ومن بعدها المحكمة الدستورية".

فالمتابع لواقع منظومة العدالة يلحظ اتباع ذات النهج وذات الأداة عدة مرات، بدأت بتنظيم حوارات ولقاءات ونقاشات بين المسؤولين والقائمين على أركان العدالة الرسمية من قضاء ونيابة عامة ووزارة عدل، تبعها الإنتقال إلى تنظيم ذات اللقاءات والحوارات بالتعاون مع خبراء إقليميين ودوليين، منهم وزير العدل الأردني الأسبق الدكتور صلاح البشير، وخبراء أوروبيين منهم من كُلف بالعمل داخل مجلس القضاء الأعلى "خبير فرنسي" ومنهم من شارك في حوار بين ذات الأطراف نُظم في لندن بدعم من اللجنة الرباعية الدولية وبمشاركة خبراء فلسطينيين وأجانب،
تلاها تنظيم لقاءات وحوارات مماثلة بمبادرة من خبراء دوليين برعاية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولم تؤتِ تلك اللقاءات ثمارها، وبقي النزاع على الصلاحيات على حاله، وشهد وضع منظومة العدالة ولا زال تراجعاً لافتاً متسارعاً، أكدته عديد من الوقائع والدراسات المسحية التي أشرف على بعضها وأصدرها مجلس القضاء الأعلى نفسه وتلك التي أصدرتها مؤسساتٍ وطنية ودولية.

وحتى لا تضيع البوصلة ويتعمق التيه، وتُخلط الأوراق على غير ذي مقتضى، ولكي لا تتجسد سياسة إدارة الأزمة بدلاً من حلها، ولكي تُصان المبادئ الدستورية، وتتم مواجهة العجز وإزالة أسباب إنعدام الثقة بمنظومة العدالة وأدائها، فلا بد من التمييز بين متطلبين، الأول إعادة بناء منظومة العدالة وإحياء مؤسسات دولة
القانون، والذي لا يُتصور نجاحه دون تمكين المواطنين من حقهم في اختيار ممثليهم في الحكم عبر إجراء انتخابات عامة دورية ونزيهة تحترم نتائجها، ودون إزالة أسباب الإنقسام السياسي البغيض، ودون إعادة إعمال مبدأ الفصل ما بين السلطات
واحترامه، ودون تجديد الشرعية لسلطات الدولة الثلاث وتفعيل دورها في بناء دولة القانون، إذ أن بناء سلطة قضائية فاعلة ومهنية وحيادية ونزيهة وقادرة على فرض حكم القانون على الكافة، ليس ممكناً ولا متاحاً في ظل نظام سياسي شمولي تُغيّب
في ظله سلطة التشريع، ويصادر فيه حق المواطنين في الاختيار الدوري لممثليهم في الحكم، وفي ظل انقسام سياسي وجغرافي وبنيوي. وأداة تحقيق هذا المتطلب سياسية بامتياز، يتمثل جوهرها في تنظيم حوار مجتمعي واسع يصل إلى توافق وطني بشأن
أدوات وإجراءات إعادة الشرعية والمشروعية لنظام الحكم برمته، ومن ضمنه السلطة القضائية.

بالمقابل فإن وقف ومواجهة حالة التراجع البين والمتواصل والخطير في وضع منظومة العدالة وأدائها "القضاء والنيابة العامة ووزارة العدل والمحكمة الدستورية" والذي يمثل المتطلب الثاني العاجل وغير القابل للتأجيل أو التسويف أو المماطلة،
أمر في متناول اليد، وبالمقدور إنجازه بأداة قانونية لا تمس المبادئ الدستورية، وتستجيب لحالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير، إذا ما توافرت إرادة سياسية واضحة وصريحة ومباشرة وعملية وواجبة، وذلك بإصدار قرار بقانون من مادة واحدة
تنص على: "أ- على الرغم مما ورد في أي تشريعٍ آخر لا يجوز أن يبقى في وظيفة قاضٍ أو يعين فيها من بلغ عمره سن الستين.

ب- يُحظر أي تدخل في العمل القضائي من أي شخص أو جهة، وأي تدخل أو تأثير على عمل القُضاة جريمة يعاقب عليها بالحبس والعزل من الوظيفة إذا كان مرتكبها من مُشغلي الوظيفة العامة".

وهذا القرار بقانون يُشكل الأداة القانونية التي تمكن من مواجهة الأزمة البنيوية البشرية التي تمثل السبب الأساسي لأزمة انهيار الثقة بمنظومة العدالة وأدائها، وتنسجم مع التشريعات الناظمة للوظيفة العامة من جهة، ولا تشكل تعديلاً لقانون السلطة القضائية بذاته من جهة أخرى، وتمثل استجابة لحالة الضرورة التي
لا تحتمل التأخير، والتي لا يمكن مواجهتها إلا بإعتمادها، وتنطوي على قواعد عامة مجردة، وتخاطب منظومة العدالة بكاملها، مع التأكيد على عدم تجاوز سن الستين انسجاماً مع التشريعات الناظمة للوظيفة العامة، وحتى لا تبقى جذور أزمة
الأداء المؤسسي والبشري قائمة.

وفي ذات السياق، وبقرار من السيد الرئيس يُعلن عن البدء في تنظيم حوار مجتمعي واسع يستهدف البحث والتوافق الوطني حول آليات عودة الحياة القانونية للنظام السياسي، ومتطلبات إعادة تطوير وتوحيد السلطة القضائية في شطري الوطن، وتوفير
كل ما يتطلبه ذلك من أدوات تشريعية وإدارية تكفل تطوير وإصلاح وتفعيل دور السلطة القضائية في إطار إعمال مبدأ الفصل بين السلطات وقواعد الحكم الرشيد.

ومقترحنا هذا تُسنده مجموعة من الحقائق والوقائع والتجارب ذات الصلة في المحيط الإقليمي والدولي، مثل لبنان، والأردن، والمغرب، وألمانيا، وجنوب افريقيا، أبرزها:

- إن أزمة منظومة العدالة هي أزمة بنيوية بشرية قبل أن تكون أزمة تشريع، تلك البنية التي استثمرت الهنّات التشريعية أو عدم الوضوح التشريعي في قانون السلطة القضائية الساري المفعول لتجسيد بنية لم تحافظ على استقلالية ومهنية وحيدة السلطة القضائية، بل وفتحت المجال رحباً أمام تدخل السلطة التنفيذية في
السلطة القضائية بناءً وعملاً وصولاً إلى اعتماد سياسة التزاوج التبعي بينهما.
ولعلّ في الاستقالات المسبقة لرؤساء مجلس القضاء الأعلى خير مثالٍ على ذلك، أفصحت عنه سياسة وإدارة السلطة القضائية من قبل مجلس القضاء الأعلى، والذي اعتنق ذات السياسة وذات الأدوات والإجراءات الإدارية للسلطة التنفيذية في تعامله مع القضاة والعاملين في السلطة القضائية، والشركاء المجتمعيين.

- استحالة فصل الإصلاح أو التطوير لمنظومة العدالة عن متطلبات الإصلاح السياسي، وإنهاء الإنقسام بكافة أشكاله وتداعياته.

- عدم صحة وعدم شرعية تأجيل مواجهة إنهيار الثقة في منظومة العدالة وأدائها بتعليقه على شماعة الإنقسام، وغياب المجلس التشريعي، الأمر الذي من شأنه أن يعمق الأزمة ويزيد من انهيار الثقة بمنظومة العدالة وأدائها.

- الضرورة الملحّة لمعالجة الأزمة البنيوية البشرية في منظومة العدالة لوقف الإنهيار وفتح الآفاق للإصلاح والتطوير.

- عُقم اتباع سياسة الخلط المتعمّد لأسباب الأزمة، وعُقم الاستمرار في تصويرها وكأنها أزمة تنازع على الاختصاص، أو أزمة نصّ تشريعي أو قانوني، أو أزمة غياب للمجلس التشريعي، وعقم مواصلة اتباع سياسة إدارة الأزمة بديلاً عن حلها، وفشل أدوات حلّها المتبعة طيلة السنوات التسع الماضية.

لذلك كله، ومرة أخرى وحتى لا تضيع البوصلة ويتعمّق التيه، فالعاجل من الأمر هو وقف الإنهيار يليه أو يوازيه البحث عن عودة الشرعية القانونية، وإعمال مبدأ الفصل بين السلطات، وهذا ممكن وفي متناول اليد إذا ما اعتُمد مقترحنا ووُضع موضع التطبيق.

وحتى لا يتكرر الفشل، وحتى لا نبقى ندور في دائرة مغلقة، فإننا وبمهنية واستقلالية وحياد نرى في مقترحنا هذا السبيل الوحيد لوقف التدهور، والشروع في خلق توافق مجتمعي نحو إعادة البناء.

وأخيرا بقي أن نُشير إلى أن المرسوم الرئاسي – مع الاحترام- وإذ اقتصر وفقاً لصريح نصّ مادته الرابعة على تكليف اللجنة موضوعه برفع توصياتها بشأن مشاريع القوانين المطلوب تعديلها (المقصود قانون السلطة القضائية بوصفه التشريع الناظم
لها) إلى السيد الرئيس فقط وإن أشار إلى محددات ومفردات كالتطوير في موضع والإصلاح في موضعٍ آخر، وإذ استهدف القضاء النظامي دون أن يشمل النيابة العامة والمحكمة الدستورية العليا ووزارة العدل، وإذ اعتمد المسميات الوظيفية لعضوية
اللجنة، وإذ منح اللجنة مدة ستة أشهر كاملةً لتقديم توصياتها ذات الصلة بالتعديلات على قانون السلطة القضائية والتشريعات القضائية، بوصفها المهمة الوحيدة المناطة باللجنة وفقاً لصريح نصه، يكون هذا المرسوم –مع الإحترام- قد أعاد الاعتبار مجدداً لذات الأدوات والآليات التي سبق اتباعها المرة تلو
الأخرى.

إننا وإن كنا نتمنى النجاح لأي جهد أو مبادرة أو تصوّر، فإننا نعتقد جازمين بأن انهيار الثقة بمنظومة العدالة وأدائها يتطلب اتخاذ إجراءات فورية وسريعة ولا تحتمل أي تأخير تتمثل في اعتماد مقترحنا موضوع ورقة الموقف هذه، ووضعه موضع
التنفيذ الفوري، إلى جانب الشروع في تنظيم حوارٍ مجتمعي يستهدف الوصول إلى توافق وطني بشأن حلولٍ جذريةٍ تمكّن من تطوير وإصلاح وبناء منظومة عدالة شاملة ومؤهلة لأداء دورها، وممارسة صلاحياتها وسلطاتها بنزاهة وحيدة وكفاءة، في إطار
نظام قانوني يحترم مبدأ الفصل بين السلطات ويجسده قولاً وفعلاً.


تحريراً في: 17/09/2017

المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء
"مساواة"
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف