أحمد رزقة
بخطى سلحفاء
عُرفت السلاحف ببطء حركتها بسبب قصر أطرافها وثقل درقتها، وضُرب بها المثل بالبطء وعلى تلك الدرب تسير الأحداث في غزة ببطء شديد، فمنذ الانقسام الفلسطيني والأحداث تكاد تخطو كخطى السلحفاء بل أشد بطءً، والأطراف المتخاصمة في كل مرة تعد بحل هنا وحل هناك ولكن المواطن الغزّي يكون الضحية على كل الأحوال .. فلا تهمه السياسة بأي حال من الأحوال ولا علاقة له بالمصالح السياسية التي تسعى وراءها الأحزاب المتخاصمة والفصائل التي تقف على الحياد.
فمن أولويات المواطن الحياة الكريمة وهو بحاجة لفتح المعابر، فمنذ الانقسام الفلسطيني الفلسطيني ضرب الحصار على أهل غزة واشتدت وطأة الحصار عاماً بعد عام، ، وازداد الحصار ضراوة بإغلاق معبر رفح من الجانب المصري بطلب من السلطة ويعتبر المعبر من المعضلات التي يختلف عليها المتخاصمون لا تقبل التنازل حتى أصبح فتح المعبر يوم أو يومين ضرباً من ضروب الخيال يتزاحم عليه آلاف الفلسطينيين كي يعبروه، لا للسياحة في أي دولة غربية لكن الكل يسعى للخروج من خلال المعبر إما ليتلقى العلاج في احدى الدول المجاورة بعد ان أصبحت مستشفيات غزة عاجزة عن العلاج ، أو طالب يريد اكمال دراسته، ومنهم صاحب الإقامة ومنهم من يعمل في بلد آخر ويريد العودة لعمله، ومنهم من يريد الذهاب لأي مكان في هذا العالم هرباً من قسوة الحصار وبحثاً عن فرصة للعيش يريد أن يخرج من دائرة الحصار فقد سأم الجلوس بلا عمل منتظراً دوره للحصول على مساعدة من هنا أو هناك أو عقد عمل مؤقت ــ بطالة ـــ المواطن لا دخل له بالسياسة وأهدافها .. هو لديه أهدافه وطموحاته الخاصة ونظرته للأمور من منظور غير منظور الساسة والأحزاب والمصالح.
ويقف المواطن عاجزا أما تنقلات وتحركات المسئولين هنا وهنا من خلال تلك المعابر التي هي بالأصل مغلقة أمام الجميع، لكنها ليست مغلقة أمام الساسة الذين تفتح لهم المعابر كي يمروا من خلالها، فهي أمور سياسية لا دخل للمواطن بها، أمور يعجز عن تفسيرها وتحليلها ولا تجد أولوية في حساباته، كل مراده كمواطن بسيط أن يضع الساسة مصلحته ضمن أولوياتهم أو تجد مكاناً على أجندتهم السياسية.
هناك الكثير من احتياجات المواطن لها أولويات على سلم الإنسانية غير المعبر لكن هل تجد لها مكاناً في أجندة الساسة؟! فمثلاً لا حصراً المواطن بحاجة للكهرباء كي يعيش حياة كريمة فقد سأم جدول الكهرباء غير المستقر والانقطاع المتكرر للكهرباء وسأمن من مطالبته بدفع فاتورة الكهرباء التي تكاد لا تتغير قيمتها رغم الانقطاع المتكرر .. سأم من أضواء الإضاءة البديلة .. سأم من إعادة شحن البطارية مرة تلو الأخرى ... وملّ من جدران منزله التي تعج بالأسلاك هنا وهناك. لقد سأم المواطن من تلك الأطراف التي تلقي باللوم على الطرف الآخر وأنه المتسبب في أزمة المواطن ومعاناته .. سأم كيل الاتهامات هنا وهناك فمن حقه أن تأتيه الكهرباء طوال اليوم بعيداً عن أي حسابات أخرى.
من الحق المواطن الرعاية الصحية دون تمييز بسبب انتماءه السياسة أو تبعيته لفصيل معين فمن حقه كمواطن أن يجد العلاج بمستشفيات الوطن ، ومن حقه أن يجد الدواء بلا تقليص أو منعه بسبب خلاف بين الساسة .. من حق المواطن أن يستقر في حياته اليومية وأن يشعر بالأمان في بيته وعمله وشوارع بلده لا يخاف أن يحاسب بسبب انتماءه لحزب معين أو يتم معاقبته لرأي مخالف لرأي الآخر فقد سأم المواطن نظرة العداء التي يتبادلها المواطنين فيما بينهم بسبب الانتماء السياسي .. فأمنيات المواطن مشروعة، فهو بحاجة للشعور بالاستقرار فمن حقه أن ينتهي هذا الانقسام البغيض وأن تعود غزة لحضن الوطن الواحد .. من حقه كمواطن أن يملك قراره بنفسه لا أن تقرر الأحزاب مصيره .. المواطن بحاجة للحرية فلا يحاسب على كلمة ولا يعاقب على بوست عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فهو بحاجة لقول كلمته بحرية دون خوف من تسلط الأجهزة الأمنية على اختلاف مسمياتها، وهو بحاجة لحرية الرأي دون الخوف من حزب معين يتهمه بالخروج عن الصف أو يتهمه بالعداء للمصالح الوطنية، من حق المواطن أن يحلم بغدٍ أجمل .. من حقه أن يصنع مستقبله.
كل تلك الأمور وغيرها من أمور المواطن يرى الساسة أنهم يسعون جاهدين لحلها وتقديمها للمواطن، ولكنها تسير بخطى بطيئة لا ترتقي لخطى سلحفاء على درب طويل من معاناة المواطن.
لقد خرجت الوفود مرة تلو الأخرى للحوار وتقريب وجهات النظر وجلست مع الوسطاء للحل، ومنذ الانقسام البغيض والمبادرات المقدمة لم تتوقف بداية من وثيقة الأسرى التي وافق الجميع عليها مروراً باتفاق مكة والدوحة وتفاهمات القاهرة واتفاق الشاطئ وحتى يومنا هذا لا تزال الوساطات قائمة بين المتخاصمين. والكل يتهم أن الطرف الاخر هو من يقف عائقاً أمام الحل ولكن المواطن يرى أن الحل بات قريباً مُأمّلاً نفسه بانفراجة قريبة تخرجه من عنق الزجاجة.
المواطن لا يملك قرار الحل، كل ما يملكه الأمل أن تكون هذه هي الجولة الأخيرة والحل اقترب والانقسام مضى لغير رجعة، وللأسف تعود الوفود بعد جولاتها لا تقدم للمواطن ما يأمله ولا ما حلم به طوال سنوات الانقسام واعدةً إياه بالحل القريب والسعي الحثيث.
اليوم أصبح المواطن أكثر يقيناً ووعياً بأن الأطراف المتخاصمة مسئولة عن معاناته وأيضاً البقية الباقية من الأحزاب الفلسطينية يرى أنها شريكة في الانقسام بصمتها وعدم جديتها للتدخل في الحل. فالمواطن لا تهمه المناصب التي يعتليها القادة هنا أو هناك أو قيادة الأحزاب، فهي بالنسبة له مناصب ومكاسب محصورة للقيادات وحكراً عليهم ليس للمواطن الحق بالمطالبة بها، هو في بادئ الامر مواطن له حياته التي يأمل أن يعيشها بكرامة، وما يهمه هنا أنه توفر له تلك القيادات أبسط الحقوق التي تضمن له الحياة الكريمة فقد سأم الوعود الكثيرة ولم يعد يأمل نفسه بقرب الانفراجة والخروج من قلب الأزمة. المواطن كره السياسة ومصالحها ولم تعد تقنعه وعودهم، فالمواطن ينظر من منظوره السياسي البسيط وحسب رؤيته للأمور التي باتت واضحة أمامه أن من حقه أن يعيش إنسان في وطنه. المواطن ينتظر سلحفاءً تخطو بالحل فمتى ستصل لمبتغاها؟ ام انها ستموت على طريق الحل؟!
بخطى سلحفاء
عُرفت السلاحف ببطء حركتها بسبب قصر أطرافها وثقل درقتها، وضُرب بها المثل بالبطء وعلى تلك الدرب تسير الأحداث في غزة ببطء شديد، فمنذ الانقسام الفلسطيني والأحداث تكاد تخطو كخطى السلحفاء بل أشد بطءً، والأطراف المتخاصمة في كل مرة تعد بحل هنا وحل هناك ولكن المواطن الغزّي يكون الضحية على كل الأحوال .. فلا تهمه السياسة بأي حال من الأحوال ولا علاقة له بالمصالح السياسية التي تسعى وراءها الأحزاب المتخاصمة والفصائل التي تقف على الحياد.
فمن أولويات المواطن الحياة الكريمة وهو بحاجة لفتح المعابر، فمنذ الانقسام الفلسطيني الفلسطيني ضرب الحصار على أهل غزة واشتدت وطأة الحصار عاماً بعد عام، ، وازداد الحصار ضراوة بإغلاق معبر رفح من الجانب المصري بطلب من السلطة ويعتبر المعبر من المعضلات التي يختلف عليها المتخاصمون لا تقبل التنازل حتى أصبح فتح المعبر يوم أو يومين ضرباً من ضروب الخيال يتزاحم عليه آلاف الفلسطينيين كي يعبروه، لا للسياحة في أي دولة غربية لكن الكل يسعى للخروج من خلال المعبر إما ليتلقى العلاج في احدى الدول المجاورة بعد ان أصبحت مستشفيات غزة عاجزة عن العلاج ، أو طالب يريد اكمال دراسته، ومنهم صاحب الإقامة ومنهم من يعمل في بلد آخر ويريد العودة لعمله، ومنهم من يريد الذهاب لأي مكان في هذا العالم هرباً من قسوة الحصار وبحثاً عن فرصة للعيش يريد أن يخرج من دائرة الحصار فقد سأم الجلوس بلا عمل منتظراً دوره للحصول على مساعدة من هنا أو هناك أو عقد عمل مؤقت ــ بطالة ـــ المواطن لا دخل له بالسياسة وأهدافها .. هو لديه أهدافه وطموحاته الخاصة ونظرته للأمور من منظور غير منظور الساسة والأحزاب والمصالح.
ويقف المواطن عاجزا أما تنقلات وتحركات المسئولين هنا وهنا من خلال تلك المعابر التي هي بالأصل مغلقة أمام الجميع، لكنها ليست مغلقة أمام الساسة الذين تفتح لهم المعابر كي يمروا من خلالها، فهي أمور سياسية لا دخل للمواطن بها، أمور يعجز عن تفسيرها وتحليلها ولا تجد أولوية في حساباته، كل مراده كمواطن بسيط أن يضع الساسة مصلحته ضمن أولوياتهم أو تجد مكاناً على أجندتهم السياسية.
هناك الكثير من احتياجات المواطن لها أولويات على سلم الإنسانية غير المعبر لكن هل تجد لها مكاناً في أجندة الساسة؟! فمثلاً لا حصراً المواطن بحاجة للكهرباء كي يعيش حياة كريمة فقد سأم جدول الكهرباء غير المستقر والانقطاع المتكرر للكهرباء وسأمن من مطالبته بدفع فاتورة الكهرباء التي تكاد لا تتغير قيمتها رغم الانقطاع المتكرر .. سأم من أضواء الإضاءة البديلة .. سأم من إعادة شحن البطارية مرة تلو الأخرى ... وملّ من جدران منزله التي تعج بالأسلاك هنا وهناك. لقد سأم المواطن من تلك الأطراف التي تلقي باللوم على الطرف الآخر وأنه المتسبب في أزمة المواطن ومعاناته .. سأم كيل الاتهامات هنا وهناك فمن حقه أن تأتيه الكهرباء طوال اليوم بعيداً عن أي حسابات أخرى.
من الحق المواطن الرعاية الصحية دون تمييز بسبب انتماءه السياسة أو تبعيته لفصيل معين فمن حقه كمواطن أن يجد العلاج بمستشفيات الوطن ، ومن حقه أن يجد الدواء بلا تقليص أو منعه بسبب خلاف بين الساسة .. من حق المواطن أن يستقر في حياته اليومية وأن يشعر بالأمان في بيته وعمله وشوارع بلده لا يخاف أن يحاسب بسبب انتماءه لحزب معين أو يتم معاقبته لرأي مخالف لرأي الآخر فقد سأم المواطن نظرة العداء التي يتبادلها المواطنين فيما بينهم بسبب الانتماء السياسي .. فأمنيات المواطن مشروعة، فهو بحاجة للشعور بالاستقرار فمن حقه أن ينتهي هذا الانقسام البغيض وأن تعود غزة لحضن الوطن الواحد .. من حقه كمواطن أن يملك قراره بنفسه لا أن تقرر الأحزاب مصيره .. المواطن بحاجة للحرية فلا يحاسب على كلمة ولا يعاقب على بوست عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فهو بحاجة لقول كلمته بحرية دون خوف من تسلط الأجهزة الأمنية على اختلاف مسمياتها، وهو بحاجة لحرية الرأي دون الخوف من حزب معين يتهمه بالخروج عن الصف أو يتهمه بالعداء للمصالح الوطنية، من حق المواطن أن يحلم بغدٍ أجمل .. من حقه أن يصنع مستقبله.
كل تلك الأمور وغيرها من أمور المواطن يرى الساسة أنهم يسعون جاهدين لحلها وتقديمها للمواطن، ولكنها تسير بخطى بطيئة لا ترتقي لخطى سلحفاء على درب طويل من معاناة المواطن.
لقد خرجت الوفود مرة تلو الأخرى للحوار وتقريب وجهات النظر وجلست مع الوسطاء للحل، ومنذ الانقسام البغيض والمبادرات المقدمة لم تتوقف بداية من وثيقة الأسرى التي وافق الجميع عليها مروراً باتفاق مكة والدوحة وتفاهمات القاهرة واتفاق الشاطئ وحتى يومنا هذا لا تزال الوساطات قائمة بين المتخاصمين. والكل يتهم أن الطرف الاخر هو من يقف عائقاً أمام الحل ولكن المواطن يرى أن الحل بات قريباً مُأمّلاً نفسه بانفراجة قريبة تخرجه من عنق الزجاجة.
المواطن لا يملك قرار الحل، كل ما يملكه الأمل أن تكون هذه هي الجولة الأخيرة والحل اقترب والانقسام مضى لغير رجعة، وللأسف تعود الوفود بعد جولاتها لا تقدم للمواطن ما يأمله ولا ما حلم به طوال سنوات الانقسام واعدةً إياه بالحل القريب والسعي الحثيث.
اليوم أصبح المواطن أكثر يقيناً ووعياً بأن الأطراف المتخاصمة مسئولة عن معاناته وأيضاً البقية الباقية من الأحزاب الفلسطينية يرى أنها شريكة في الانقسام بصمتها وعدم جديتها للتدخل في الحل. فالمواطن لا تهمه المناصب التي يعتليها القادة هنا أو هناك أو قيادة الأحزاب، فهي بالنسبة له مناصب ومكاسب محصورة للقيادات وحكراً عليهم ليس للمواطن الحق بالمطالبة بها، هو في بادئ الامر مواطن له حياته التي يأمل أن يعيشها بكرامة، وما يهمه هنا أنه توفر له تلك القيادات أبسط الحقوق التي تضمن له الحياة الكريمة فقد سأم الوعود الكثيرة ولم يعد يأمل نفسه بقرب الانفراجة والخروج من قلب الأزمة. المواطن كره السياسة ومصالحها ولم تعد تقنعه وعودهم، فالمواطن ينظر من منظوره السياسي البسيط وحسب رؤيته للأمور التي باتت واضحة أمامه أن من حقه أن يعيش إنسان في وطنه. المواطن ينتظر سلحفاءً تخطو بالحل فمتى ستصل لمبتغاها؟ ام انها ستموت على طريق الحل؟!