الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تقدير موقف - في فلسطين: حماية النساء المعنفات "تمكين منقوص"

تاريخ النشر : 2017-09-12

تقدير موقف
في فلسطين: حماية النساء المعنفات "تمكين منقوص" 

إعداد
سلمى حنتولي، محمد الحروب، هنادي حمّاد
مشاركون/ات في البرنامج التدريبي "إعداد السياسات العامة والتفكير الإستراتيجي"


11 أيلول/سبتمبر 2017 
مقدمة
أنهت وزارة شؤون المرأة منتصف العام الحالي 2017، بمشاركة مختلف الشركاء من القطاعات والمؤسسات الحكومية والأهلية، إعداد الخطة التنفيذية لنظام التحويل  الوطني للنساء المعنفات  للأعوام (2019-2017)، الذي أقره مجلس الوزراء الفلسطيني قبل نحو أربعة أعوام بتاريخ 10/12/2013.  وعلى الرغم مما تضمنته الخطة من أهداف إستراتيجية تهدف لحماية المعنفات وتمكينهن، إلا أن إغفالها لأهمية تعزيز الشراكة والتناسق ما بين المؤسسات الحكومية والأهلية، وعدم تحديد مصادر التمويل الخارجية اللازمة لتنفيذ بنودها؛ كرّس الضعف والنقص في تمكين النساء المعنفات.




العنف ضد المرأة والتمكين
تحظى قضية العنف ضد المرأة باهتمام بالغ، عالميًا وإقليميًا ومحليًا. فإشكالية العنف المبني على النوع الاجتماعي لا تقف عند حدودها الضيقة التي تمس حياة النساء وأسرهن، وتحول دون تمتعهن بحياة كريمة سوية، بل تتجاوزها إلى تعيق عملية التنمية المجتمعية، واستنزاف مواردها وإمكانياتها البشرية والمادية. 
ويعرّف العنف الممارس ضد المرأة بأنّه: "أيّ فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة ". 
وفي المقابل، يلعب التمكين باعتباره "عملية تنطوي على تطور إيجابي، تهدف للانتقال بالمعنفات من حال عدم المساواة إلى المساواة" ، دورًا فاعلًا في محاربة العنف الممارس ضدهن، إذ وفي ظل صمت غالبيتهن عن العنف لعدم توفر معيل أو مصدر دخل لهن ولأطفالهن، يُسهم التمكين الاقتصادي من خلال توفير مشاريع مدرة للدخل لهن في دعم إمكانياتهن وقدراتهن على اتخاذ القرارات المصيرية في حياتهن، بما فيها مواجهة العنف والمعنفين، الأمر الذي ينعكس بدوره على رفع شعورهن وأطفالهن بالأمان والاستقلالية . وبناء عليه، فقد خصصت الخطة التنفيذية لنظام التحويل هدفًا إستراتيجيًا يُعنى بالتمكين الاقتصادي للمعنفات.

النساء ضحايا العنف في أرقام وإحصائيات
أصدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في العام 2011 المسح الثاني  لظاهرة "العنف ضد النساء"، وجاء فيه أنّ 58.6% من النساء اللواتي سبق لهن الزواج قد تعرضن للعنف النفسي، في حين بلغت نسبة اللواتي تعرضن للعنف الجسدي 23.5%، أما اللواتي تعرضن للعنف الجنسي فبلغت النسبة 11.8%. 
أما بالنسبة إلى حالات العنف الفعلية التي تم استقبالها من قبل الجهات المختصة، فقد بينت إحصائيات وزارة التنمية الاجتماعية  التفاوت في عدد النساء المعنفات اللواتي تم التعاطي معها في العامين 2015 و2016. فبلغ عدد المعنفات في العام الأول (307) امرأة، وارتفع عددهن في العام الثاني إلى ـ(874) امرأة.  يذكر بأن تلك الإحصائيات لا تعكس العدد الحقيقي للحالات التي تتعرض للعنف، وتُحجم عن التصريح به، لدواعٍ ثقافية واجتماعية واقتصادية تحصر هذه القضية بالشأن الأسري الداخلي. 

الخدمات المقدمة للنساء المعنفات
تتولى وزارة التنمية الاجتماعية باعتبارها قائدة قطاع التنمية الاجتماعية مهام توفير الحماية والإيواء وإعادة الاندماج والتمكين للنساء المعنفات.  وبالتعمق في طبيعة الخدمات المقدمة لهن خلال العامين 2015 و2016، يلاحظ تركز معظم خدمات العام الأول - كما يتضح في الرسم البياني أدناه - في توفير خدمة "الحماية" التي قدمت لـ (119) امرأة معنفة، تلتها خدمة "التوجيه والإرشاد" التي وفرت لـ (101) امرأة. أما فيما يتعلق بباقي الخدمات، وتحديدًا المتعقلة بـالتعليم والعمل والتمكين، فعدد المستفيدات منها لم يكد يتجاوز العشرات.
 

وعلى الرغم من ارتفاع عدد النساء المعنفات اللواتي وفرت لهن الخدمات "القانونية"  و"الإرشاد والتوجيه الاجتماعي" في العام 2016 - كما يتضح في الرسم البياني أدناه - بقي عدد المستفيدات من خدمات "التعليم الأكاديمي والتدريب المهني والتمكين بعمل" متدنيًا، الأمر الذي أثار تساؤلًا حول مقدرة غالبية المعنفات على مواجهة العنف الممارس في ظل انخفاض خدمات التمكين لهن، وفيما إذ أخذت الخطة التنفيذية بأسباب ذلك التدني في رسم أهدافها الإستراتيجية.
 
الخطة التنفيذية لنظام التحويل الوطني للنساء المعنفات: تكريس للتمكين المنقوص
عقدت وزارة شؤون المرأة، خلال الفترة 11-13 نيسان الماضي، ورشة التخطيط الوطنية لتطوير خطة مأسسة وتفعيل نظام التحويل الوطني للنساء المعنفات، بمشاركة كافة القطاعات والمؤسسات الحكومية والأهلية. وأعقبت هذه الورشة اجتماعات عدة للخروج بالصيغة النهائية للخطة.  
وبمقارنة ما تضمنه الهدف الإستراتيجي المتعلق بـ "تعزيز الحماية والدمج والتمكين للنساء المعنفات والناجيات من العنف"  مع السياسات والتطبيقات المعمول بها حاليًا في مجال تمكينهن، تُجمل ثغرات الخطة "المتسمة بالتداخل" في الآتي:
حددت الخطة لوزارة شؤون المرأة والمؤسسات والوزرات الشريكة مسؤولية تنفيذ الأنشطة الإدارية فقط، مثل: توفير الكوادر اللازمة، وبناء فريق العمل الوطني للنظام، وتحديد الاحتياجات التدريبية، وتطوير دليل تدريبي موحد، والاجتماعات الدورية والتقارير الشهرية، وقياس أثر التدريبات..".  وفي واقع الأمر لا يتطلب تنفيذ تلك الأنشطة موازنات مالية ضخمة، ويتم تنفيذها فعليًا من قبل الكادر العامل في وزارة المرأة. 
وفي مقابل ذلك، أُنيط بوزارة التنمية الاجتماعية "وحدها" مسؤولية تنفيذ أنشطة ومهام تتطلب موازنات مالية ضخمة، تعجز الوزارة عن تنفيذها دون مشاركة الشركاء العاملين في نظام التحويل، مثل: تطوير وإنشاء مراكز متخصصة لاستقبال النساء المعنفات، وتوفير وسائل نقل للعاملين الميدانين، وتغطية المصاريف التشغيلية والتطويرية لمراكز الحماية الاجتماعية، وتوفير مساعدات مالية للتمكين الاقتصادي للنساء المعنفات... إلخ. 
لم تحدد الخطة التنفيذية مصادر التمويل الخارجية "الأجنبية" اللازمة لتنفيذ أنشطتها. وبربط هذه النقطة بسابقتها، بات من مسؤولية وزارة التنمية الاجتماعية وحدها تأمين تلك المصادر لتنفيذ أنشطة الهدف عامة، وتوفير مساعدات مالية لتمكين النساء المعنفات خاصة. 
وفي ذات السياق، تجاهلت الخطة الإشكاليات الواقعية المتعلقة باستدامة التمويل الأجنبي، فعلى سبيل المثال تعرّضت المعنفات  اللواتي استفدن من منح التعليم الجامعي الممولة من مشروع تمكين المرأة والمجتمع المحلي (WELOD 3) ، لانتكاسات نفسية واجتماعية وأزمات مالية جراء توقف المشروع لفترة تجاوزت عشرة أشهر، لم يتم خلالها تسديد أقساطهن الجامعية.  
لم تخصص الخطة مصادر مالية من الموازنة "الحكومية" لتمكين النساء المعنفات، وبذلك أُعفيت الحكومة من دورها في تعديل:
- فلسفة التخطيط المالي الحكومي المُغيّب لقضايا المرأة، إذ توّزع الموازنة العامة للحكومة على الوزارات بنسب محددة لتغطي كل وزارة مصاريفها الجارية كرواتب الموظفين وأجور المباني والنثريات والماء والكهربا وغيرها. وأما فيما يتعلق بقضايا المرأة، فالقرارات الحكومية المتخذة منذ العام 2003 وحتى العام 2015، لا تراعي تلك القضايا، ولا تفرد المستحقات المالية اللازمة لتنفيذها. 
- الإجراءات المالية الحكومية التي لا تراعي ظروف المعنفات، فعلى سبيل المثال ومع اعتماد بند التمكين الاقتصادي (توفير مشاريع مدرة للدخل) للنساء المعنفات ضمن الخطة التنفيذية لوزارة التنمية الاجتماعية، وتخصيص موازنة لتنفيذه خلال العام الحالي 2017، إلا أن البند لم يُنفذ بسبب المراسلات الحكومية والإجراءات المالية الطويلة، المتمثلة بضرورة توفر معززات الصرف التي لا يمكن للمعنفات توفيرها بسهولة، مثل ـ"الفواتير الضريبية، أو المطالبة المالية المختومة من الضريبة، وخصم مصدر، ورخصة مهن"، إلى جانب اعتراض الرقابة المالية في الوزارة على استئجار محلات تجارية أو شراء معدات وأدوات للتمكين، لكونها - حسب النظام المالي المعتمد - ستدخل في عهدة الوزارة باعتبارها أصولًا ثابتة ، ولن يكون للمستفيدة حرية التصرف بها. 
أغفلت الخطة أهمية إشراك القطاع الاقتصادي، مثل: "وزارات العمل والاقتصاد والزراعة، والمؤسسات النسوية والأهلية العاملة في مجال التمكين الاقتصادي.."، في إعداد الخطة وتبادل الخبرات والتنسيق والتعاون ما بين القطاعات بهدف خلق مشاريع محلية (فردية وجماعية) لتشغيل المعنفات.
لم تتطرق الخطة إلى أهمية التمكين الأكاديمي (الثانوي والجامعي) للنساء المعنفات، على الرغم من أهميته في صقل فكر المعنفات وبناء شخصيتهن وتأهيلهن للانخراط في سوق العمل مستقبلًا . كما أغفلت الخطة أهمية التنسيق والتشبيك مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية والخاصة لتوفير عدد من المنح "المدرسية/الثانوية والجامعية" اللازمة لذلك، الأمر الذي توافق مع الواقع القائم. فقد غيّبت اتفاقيات التعاون والشراكة التي تم توقيعها ما بين وزارة التنمية الاجتماعية والجامعات الحكومية والخاصة أهمية تخصيص عدد من المنح الجامعية للنساء المعنفات، فاستُثنين من فرص الاستفادة من المنح التي خصصت للفئات المهمشة التي تخدمها الوزارة "الفقراء، ذوي/ذوات الاحتياجات الخاصة، الأيتام".

الخلاصة والاستنتاجات
إن مقارنة ما تضمنته الخطة التنفيذية لنظام التحويل الوطني للنساء المعنفات مع الوضع الحالي لتمكين المعنفات، يفضي إلى تكريس اتسام تمكينهن بالضعف والنقص، فقد أغفلت الخطة أهمية تعزيز الشراكة والتعاون والتكاملية ما بين المؤسسات الحكومية والأهلية لتوفير خدمات التمكين لهن، وتغاضت عن دور الحكومة في تمويل مشاريعهن، وإيجاد حلول لتجاوز الإجراءات المالية "الطويلة" التي تعترض تنفيذ أي نشاط تمكيني لهن. كما قيّدت الخطة مفهوم التمكين الشامل والمتكامل بتوفير مساعدات مالية من التمويل الأجنبي غير المستدام، مغفلة أهمية تكاتف الجهود الحكومية والأهلية في خلق مشاريع تشغيلية لهن، وتوفير المنح التعليمية لتشجيعهن على استكمال تعليمهن. وعليه، جاءت الخطة معززة لواقع الضعف والنقص في تمكين المعنفات.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف