الأخبار
غزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليومي
2024/5/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تجاهل العارف بقلم:ب. فاروق مواسي

تاريخ النشر : 2017-08-09
تجاهل العارف  بقلم:ب. فاروق مواسي
تجاهل العارف

ب. فاروق مواسي
...

من ضروب المبالغة في التعبير أسلوب (تجاهل العارف)، فالمتكلم يسأل عن شيء يعرفه، ولكنه يُظهر للمخاطَب أنه في حَيرة من أمره؛ ويقصد بتجاهله  بيان شدة الشبه الواقع بين المتناسبين، وكأن الأمر أحدث التباسًا عنده، فبدا وكأنه يخلط بين المشبه والمشبه.
إنه نوع من التعجب الذي يصل إلى المبالغة.
يقول أحدهم:
أشهْدٌ في الزجاجة أم شراب؟
هو يعْـرف أنه شراب، وقد شبهه بالشهد على سبيل المبالغة والتعجب، فعندما يسألنا فهو يتجاهل ما يعرفه من حقيقته، وفي تجاهله  يؤكد عذوبته وحلاوته.

..

يقول أبو هلال العسكري في تعريف "تجاهل العارف ومزج الشك باليقين":
هو إخراج ما يُعرف صحته مُخرجَ ما يُشك فيه ليزيد بذلك تأكيدًا"- كتاب الصناعتين ص 396، ويعطي مثلاً من إنشائه:

"لم أدر ما أبصرت: أأبياتَ شعر، أم عقود درّ"؟

..

إذن فتجاهل العارف هو من المحسِّنات المعنوية، وهو سَوق المعلوم مساق المجهول لنكتة يقصدها البليغ.
(الخطيب القزويني: الإيضاح في علوم البلاغة، ص 530)

..

دواعي تجاهل العارف كثيرة، ذُكر منها في كتب البلاغة:

*  التوبيخ:

ومنه قول ليلى بنت طَريف الخارجية في رثاء أخيها:

أيا  شجرَ الخابور ما لكَ مورقًا؟ *** كأنك لم تجزعْ على ابن طريفِ

(الخابور نهر في العراق، وقد افترضت الشاعرة أن الأشجار يجب أن تساقط أوراقها كالدموع  بكاء وجزعًا على أخيها، ولكن الشجر بقي كما هو، وفي ذلك مدى استغرابها.
بعبارة أخرى:
الشاعرة تتساءل مضخّمة الحدث، وكأنّها تريد أن توقف دورة الزمن بعد وفاة ابن طريف؟ وتستنكر نضرة الشجر واخضراره إذ كان عليه أن يموت ويضرب عن الاخضرار حزنًا عليه).
..

*  المبالغة في المدح أو في الذم:
في المدح قول البحتري مثلاً:
ألمعُ برقٍ سرى أم ضوءُ مصباح ***  أمِ  ابتسامتُها بالمنظر الضاحي؟
(الضاحي- الظاهر للشمس)
ومن الذم قول زهير بن أبي سُلمى:
وما أدري وسوف إخالُ أدري ***  أقومٌ آلُ حِصنٍ أم نساء

( أرجال هم أم نساء، فهو يتجاهل كونهم رجالاً بسبب تقاعسهم في الحرب).

..

*  التدلّه في الحب:

بالله يا ظبَيات القاع قلن لنا *** ليلاي منكن أم ليلى من البشر*

(القاع= أرض مطمئنة عما يحيط بها من الجبال والمرتفعات)

وكقول ذي الرُّمَـة:
أيا ظبية الوَعساء بين جُلاجِلٍ *** وبين النقا آأنت أم أمُّ سالم

(الوعساء: الأرض اللينة الرملية، وجلاجل اسم جبل، والنقا- القطعة المحدودبة من الرمل)


* الإيناس،
نحو ما ورد في الذكر الحكيم:
{وما تلك بيمينك يا موسى؟}-  طه، 20



*  التعريض،
كقوله تعالى:
{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم من السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وإنّا أو إياكم لعلى هدًى أو في ضلال مبين}- سبأ، 24.
فالتساؤل سيعلم الكفار أن المسلمين على هدى، وأنهم على الضلالة، فيبعثهم ذلك على الحق.

..

نلاحظ أن التجاهل قد يكون في أكثر من تشبيه، نحو قول المتنبي:
أريقُك أم ماء الغمامة أم خمر؟ ***  بفِـيَّ بَرودٌ وهو في كبدي جمرُ

وكقول ابن المعتز:
وسكرت لا أدري أمن خمر الهوى *** أم كأسه، أم فيه، أم عينيه؟

..

كنت أشرت في إحدى مقالاتي إلى "الاقتباس الذاتي" في كتابة الناقد، حيث يجيز الكاتب لنفسه أن يستشهد بمادة له، فهذا العسكري وهو يشرح عن "تجاهل العارف ومزج الشك باليقين" يقدم لنا نموذجًا من شعره أكثر فيه من هذا الأسلوب:

أثغر ما أرى أم أقحوانُ *** وقدّ ما بدا أم خَيزُران؟
وطرْفٌ  ما تُقلِّب أم حسام *** ولفظٌ ما تُساقط أم جُمانُ
وشوقٌ ما أكابد أم حريقٌ *** وليلٌ ما أقاسي أم زمانُ

وبالطبع فهذه الأسئلة فيها مبالغة في الوصف ، وتدلّه في  الحب.

..

*  نُسب البيت لأكثر من شاعر: المجنون، ذي الرُّمّة، العَـرْجي، الحسين الغزّي. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف