الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

يهود تونس، أقلية ترفض الإنصهار في المجتمع بقلم:سفيان بنحسن

تاريخ النشر : 2017-08-05
يهود تونس، أقلية ترفض الإنصهار في المجتمع بقلم:سفيان بنحسن
يهود تونس، أقلية ترفض الإنصهار في المجتمع

يذهب المؤرخون إلى الإعتقاد بأن الهجرة اليهودية الأولى نحو إفريقية تعود إلى القرن السادس قبل الميلاد وبالتحديد إلى فترة ما يسمى يالسبي البابلي أو زمن إنهيار الهيكل المزعوم، إلا أننا نميل إلى الإعتقاد بأنه قد تم تضخيم تلك الهجرات بغية إثبات قدم هذه الطائفة على الأرض ونحن وإن كنا نقر بأن وجودهم في تونس ليس منة من أحد عليهم إلا أن المثبت تاريخيا أن الهجرات اليهودية العظمى قد تزامنت مع سقوط الأندلس في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر، فلم تميز محاكم التفتيش الإسبانية بين مسلم وبين يهودي وتفننت في تعذيب كل من رمته الأقدار في طريقها بأبشع الصور التي عرفها التاريخ حتى ولّى الناجون ظهورهم لسياط الفرار نحو الضفة الجنوبية للمتوسط لا سعيا وراء ما يسميه المؤرخون اليوم زورا بالتسامح العربي الإسلامي بل تشبثا بالمساواة التي نعمت بها هذه الطائفة إبان حكم أسلافنا في شبه الجزيرة الإيبيرية، نقول المساواة وليس التسامح ففي المصطلح الأول  شيء من التعالي والتفوق والتكرم بعدم الأذى أما الثاني فيحمل في معانيه روح الإسلام ومكارم الأخلاق العربية بأن البشر سواسية كأسنان المشط، فأن يزخر التاريخ بأعداد هائلة من رجال الدولة اليهود في تونس وغيرها من أقطار الأمة فهذا دليل على أننا قد تجاوزنا مفهوم التسامح بمراحل طويلة حتى وصلنا إلى المفهوم الأسمى : المساواة.

حمل اليهود عددا من الحقائب الوزارية في تونس سواء في عهد البايات أو في العهد الجمهوري، ويبقى أبرز هؤلاء نسيم شمامة وزير مالية الباي في أواسط القرن التاسع عشر وهو الرجل فاحش الثراء الذي كان يقرض الدولة الحسينية أحيانا بفوائد ضخمة، وتلك كانت تجارة اليهود الرابحة عبر العصور، وكان شمامة قد غادر نحو أوروبا بلا رجعة بعد أن سحب لصالحه كل ما تحويه خزينة البلاد من أموال، وللإنصاف فإن الإختلاسات في تلك الفترة لم تكن حكرا على طائفة أو عرق فقد إبتلى الله البلاد بعدد هائل من أمثال نسيم شمامة لا تربطهم روابط دم بالجنس اليهودي كأمثال مصطفى خزندار ومحمود بن عياد وغيرهما. ثم مع شروق شمس الإستقلال عيّن بورقيبة ألبرت بسيس وأندري باروش في مناصب وزارية رفيعة رغم ما كان معلوما لدى العامة من التحالف الوثيق والعلني بين اليهود وبين الإستعمار الفرنسي، وجدير بالذكر أن اليهود كانوا يحرصون على التجمع في أماكن محددة في البلاد دون أخرى كأنهم يقيمون كيانات مستقلة بهم أو دويلات خالصة لهم داخل الدولة يديرونها في الخفاء، وبعكس الأقليات المهاجرة في أنحاء المعمورة والتي عادة ما تضرب في الأرض دون سعي حثيث إلى الإنغلاق فإن اليهود كانوا يتميزون دوما بالتقوقع داخل شرانقهم المغلقة وعدم قدرتهم على التأقلم مع البيئة المجاورة حتى يخيل إلى المرء أنهم جالية أجنبية جاءت إلى هذه الأرض مرغمة وأنها تتحين الفرصة للعودة إلى ديارها.

إبان النكبة شهدت تونس تناقصا كبيرا في عدد اليهود الذين خيروا الهجرة بقضهم وقضيضهم إلى الأراضي المحتلة تاركين الأرض التي قالوا إنهم سبقوا العرب إليها، فتقلص عددهم من عشرات الآلاف في خمسينات القرن الماضي إلى أقل من ألفين في أيامنا هذه يتمركز معظمهم في جزيرة جربة وبعض المناطق الساحلية للبلاد، وإن وجد يهود مصر في حملة الملك فاروق مبررا لهجرتهم من أرض الكنانة نحو مستعمرات العدو فإن يهود تونس لا تكاد تجد لهم تبريرا واحدا للتخندق في صفوف دولة الإحتلال والتنكر للوطن الذي قالوا إنهم يفتخرون بالإنتماء إليه فلم تلاحقهم السلطات ولم يرسفوا في أغلال التمييز والعبودية ولم تعرف البلاد أحداثا جساما تعرضوا فيها للتنكيل والإضطهاد وهذا ما يعيدنا إلى المربع الأول أن معظمهم يقيم على أراضينا ليس بدافع الإستقرار بل إنتظارا لساعة الحسم التي يعلن فيها قيام دولتهم على أنقاض فلسطين، ورغم أن دولة الكيان الصهيوني مبنية أساسا على التفرقة العنصرية وأنها صنفت القادمين من المغرب العربي كمواطنين من درجة ثانية لما توهمت من قربهم من المجتمع العربي فإن الهجرات نحوها قد إستمرت عقودا طويلة من دون توقف، فيهود شرق أوروبا وروسيا أو "الأشكيناز" هم عصب الدولة العبرية بينما يمثل يهود الأندلس والمغرب أو "السفارديم" الطبقة الفقيرة في دولة الكيان ويعانون عادة من تمييز ممنهج ضدهم، وبين هذه الطائفة وتلك نجد طائفة ثالثة هي يهود المشرق العربي والعالم الإسلامي وهي أكثر قربا للسيفارديم.

إختار يهود تونس الإنضواء تحت راية دولة العدو رغم ما يجدونه فيها من تمييز ضدهم لصالح "الأشكيناز"، وإختاروا هجر هذه الأرض رغم المساواة التي نعموا بها بينهم وبين شركائهم في الوطن، حتى من بقي منهم اليوم فإن علاقاته بدولة العدو قوية تثير الريبة في النفوس أحيانا وهنا أستشهد بحادثة وقعت منذ أسابيع قليلة هدد فيها أحد أبرز شخصيات اليهود في تونس "إيليه الطرابلسي" بإلغاء جائزة نوبل للسلام التي تحصل عليها الرباعي الراعي للحوار وذلك ردا على مساعي الإتحاد العام التونسي للشغل لإلغاء حفل الصهيوني المتشدد ميشال بوجناح في قرطاج. مثل هذه التصريحات كانت كفيلة لإبراز الوجه الحقيقي لرجل الأعمال اليهودي التونسي الذي يدعي أنه إبن الخضراء متيم بحبها عاشق لترابها، ولو صدر مثل هذا التصريح عن غير يهودي لأتهم بالخيانة العظمى ولتفنن الإعلام في جلده ومحاكمته على المنابر، أقول هذا رغم إيماني بأن جائزة نوبل لا تساوي أكثر من صفر على الشمال وأنها لا تمنح إلا لمن زكته اللوبيات اليهودية أو على الأقل لم تبد إعتراضها عليه.

نحن لا نصنف الناس وفق إنتماءاتهم الإثنية أو الدينية لكن نصنفهم وفق موقفهم من قضايا الأمة وكما وجدت فرنسا المسيحية من بين مسيحيي لبنان مثلا من يرفع في وجهها السلاح ويطالبها بالجلاء عن الأرض العربية كان على يهود الوطن العربي أن يناصروا قضية وطنهم الأم ويتصدوا للعصابة الصهيونية لا أن يكونوا خنجرا مسموما بيد العدو، وإن أقررنا بوجود بعض الإستثناءات في صفوف اليهود كهنري كوريل المصري المناصر للثورة الجزائرية أو جورج عدة المناضل التونسي فإن الدهماء من هذه المجموعة قد قلبت للعروبة ظهر المجن وندبت نفسها لخدمة المشروع الصهيوني في السر والعلن.

نتمنى أن يخرج من بين هذا المجتمع المنغلق من يدعو علنا للدفاع عن عروبة فلسطين وللبقاء في الأرض التي أطعمتهم من جوع وآمنتهم من خوف وأن يقتدوا بمسيحيي الشرق الذين رفعوا أسلحتهم في وجه فرنسا وبريطانيا أو أمريكا ذات زمن غير بعيد.

[email protected]

سفيان بنحسن
تونس
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف