الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حَالَةُ حُبٍّ بقلم أنس جهاد سعيد

تاريخ النشر : 2017-07-20
حَالَةُ حُبٍّ  بقلم أنس جهاد سعيد
إليكم هذه البطاقة التعريفية بالحالة كالآتي:
الاسم والعمر: غـير مـعروف.
مـوضع الإصابة: الـقلب.
تاريخ الإصابة: غـير معلوم "فـجأة".
تاريخ آخـر كشف: أول كشف في حياتهِ.
درجة الإصابة: شـديـدة الـخطـورة.
الـقسم: قـسم الـحالات الـحرجة.
أعـراض الحالة: نبض الإيمان ضعيف، فـرح بالمعصية، تـرك بعض الفرائض، تـراجع المستوى العلمي، اكتئاب، انعزال عن الأهل، عين جفت من قلة بكائها من خشية الله، وتبكي عـلى حـبيب.
التشخـيص: يُـعاني من جفاف روحي.
التوصية: يُـرسل للعناية المركزة الإيمانية.


ذكـرت في البطاقة التعريفية بحالة المريض موضع الإصابة وقلتُ هوَ القلب، ولكن ما هو القلب الذي أقصدهُ في حديثي هذا؟! نُريد تحديد موضع الإصابة بدقة أكثر.
كثيراً ما نشاهد ونسمعُ عن حـالات لزراعة القلب، حيثُ يقوم الأطباء باستئصال قلب إنسان، واستبداله بقلب إنسان آخـر يخالفهُ في شتى الطباع والتصرفات، السؤال هنا؛ هل شاهدت تبدل وتغير مشاعر هذا الشخص بعد زراعة القلب، أي كان يحب زوجتهِ، وبعد عملية الزراعة أصبحَ يكره زوجتهِ!، بكل تأكيد لا يتغير حبهُ لزوجتهِ، وبشكل عام لا يتغير أي شيء في هذا الشخص سوى الكفاءة في ضخ الدم وتوزيعهِ على سائر أنحاء الجسم، وهذه هي وظيفة القلب الأساسية.

لكن لفظ القلب يُفسر إلى معنيين:
المعنـى الأول: مضغة اللحم التي تأخذ شكل ثمرة الصنوبر، والتي تقع في الجانب الأيسر من صدر الكائن الحي، في باطنه تجويف يحتوي على دم أسود، هذا ما يتعلق بالأطباء، ولا يتعلق بالأمـور الدينية، مـوجود في البهائم، ويبقى موجود في الكائن الحي الميت، حتى بعد دفن الميت، يبقى قطعة موجودة في جسم الميت كسائر الأعضاء.
أمـا المعنـى الـثاني: القلب هوَ اللطيفة الربانية الروحانية، شيء غير ملموس هو بالفعل حقيقة الإنسان، هذا الشيء غير الملموس هو المخاطب والمعاقب والمعاتب والمطالب، هو الذي يكفر ويؤمن، هو الذي يحب ويكره، هو الذي يحسد ويشكر، بشكلٍ عام هو المسئول عن الحالة الحسية والشعورية للإنسان، وهذا هوَ موضع الإصابة الذي أقصدهُ في حديثي.
كما درسنا في علم الأحياء، أنهُ في حالة دخول ميكروب إلى جسم الكائن الحي، يحدث للجسم أشبهُ ما يكون باستنفار أمني شديد، الأجسام المضادة تتصدى، والصفائح الدموية عَـلىْ أهبة الاستعداد، يحدث الاشتباك بين الميكروبات وأعضاء الجسم المسئولة عن خط الدفاع في جسم الإنسان، يستمر الهجوم لمدة معينة حسب نوع الميكروب، ثم تنتهي الإصابة، ويبدأ الجسم بالرجوع إلى حالتهِ الطبيعية ما قبل الإصابة.

الحـب تماماً كهذا الميكروب، دعوني أقول أنهُ يوجد ميكروب اسمهُ "الحب"، ولكن ما يميزه عن الميكروب البيولوجي، أنهُ يصعب علاجهُ في فترة قصيرة، أو لا يتم معالجتهُ أبداً، فهو لا يزول إلا بفناء الإنسان، والسبب البارز في ذلك أن موضع الإصابة جوهري غير محسوس، غير قادرين على التشخيص الدقيق، بمعنى آخـر معالم العضو المصاب غير واضحة، فهي بكل تأكيد إصابة روحية.

لقد قمتُ بتشخيص الحالة، وقلتُ أنها مصابة بالجفاف الروحي، في البداية ما أقصدهُ بالجفاف الروحي هو حالة الركود والخمول والكسل الروحي، أي يكون الإنسان بكامل قواه الجسمانية، ولكنهُ في الداخل هش غير قوي، السؤال الواجب ذكرهُ هنا، كيف يمكن أن نشخص ونكتشف حالة الجفاف الروحي بأنفسنا قبل فوات الأوان؟! وسؤالاً آخـر يراودني هل نحس بالجفاف الروحي كما نحس بالجوع والعطش والألم؟! إليكم بعض الأمثلة التي توصلنا لإجابة هذه الأسئلة، التي هي عبارة عن تشخيص للجفاف الروحي، حينما تصلي على سبيل المثال هل تعيش حالة الانصهار والذوبان والخشوع بين يدي الله؟! إذا كان الجواب بنعم، فأنت تعيش صحوة روحية، وإذا كان الجواب بـِ "لا"، فأنت تعيش حالة "كسل روحية"، وبشكلٍ عام تعيش حالة الجفاف الروحي.

الآن قمنا بتشخيص المرض بدقة متناهية، وبالتالي قادرين على إيجاد العلاج، ولكن العلاج دون القضاء على المسببات لا فائدة منهُ مطلقاً، فهو مجرد تسكين للحالة، وهذا بدورهِ ما يدفعنا لمعرفة الأسباب التي تؤدي للجفاف الروحي، أبرز هذه الأسباب وأولها وأقواها هوَ "تـلـوث الـقلب"، ومن منظوري الشخصي تلوث القلب هو أن تجعل في قلبك الروحي أشياء تضاهي وجود الله فيهِ، في الحقيقة الحب ملوث كبير للقلب إذا تم إشباعهِ بطريقة غير شرعية، الحب يعتبر ملوث أيضاً إذا كانت الانفعالات الناتجة عنهُ تؤدي لهلاك الإنسان نفسياً وأخلاقياً وفكرياً، وهذا هو الذي يحدث في الأغلب خلال مرحلة الحب ضمن علاقات ما قبل الزواج الشرعي، ولا تقتصر الملوثات على الحب، بل الحقد والحسد والبغض والشر، هي أيضاً ملوثات للقلب الروحي، يصبح قلبك وكأنهُ قطعة من الحديد أصابها الصدأ، فـأصبحت مهترئة بعدما كانت قوية صلبة، وهذا ما أخبر عنهُ النبي في أحاديثٍ كثيرة، وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى: في كتابه العزيز: "كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ".
السبب الثاني لهذا الجفاف بعد تلوث القلب، هو "الـمعاصـي والـذنـوب"، وهنا لنفرض أنك تعيش قصة حب "كما تسميها"، تحادث فتاة ليل نهار، وأنت صادق دون شك، تريدُ الـزواج، وتـريدُ الاستقرار، وتريد الحياة الرغيدة، لكن كل هذه الأعمال التي تقوم بها مع تلك الفتاة، هي عبارة عن ذنوب ومعاصي، الحب بينك وبين فتاة لا تحل لك إذا كان صحيحاً يدفعك إلى عبادة فعالة هي "الـدعاء"، إذن لو كان شعورك بالحب صادقاً تُريدُ إتباعهُ بالزواج، لماذا لا تقوم بأداء عبادة الدعاء؟! وفي الوقت ذاتهِ لماذا تمارس السرية في العلاقة إذا كنت تعتقد أنها علاقة شريفة لا يعاقبك عليها أحد، دعني من كل هذا الحديث، ألم تسمع قول النبي – صـلى الله عليه وسلم – عندما قال: "الدنيا مـتاع وخـير متاع الدنيا المرأة الصالحة" رواه مسلم وابن ماجه. تأمل هذا الحديث النبوي وقارن؟! هل الفتاة التي تتحدث معها صالحة؟! كل فتيات المسلمين صالحات، فهن يذكرن الله، ولكنك هل لاحظت يوماً أنها تركت المحادثة لك، وقامت لأداء نافلة قيام الليل، في الأغلب لا، وإن كان نعم؛ يكون مجرد استعراض أمامك كي تقول أنها على درجة عالية من الأخلاق، وأسئلة أخـرى منها هل هذه الفتاة حافظة لكتاب الله؟! في الأصل لو أنها حافظة لكتاب الله بحق لا تحادثك أبداً، ولا تنظرُ لك أصلاً، لأنها تكون مملوءة بالله، لأن لديها القناعة التامة بمحبة الله لها، وسائر البشر، ولكننا نحنُ من نفسد محبة الله لنا، بأفعالنا وتصرفاتنا، دون أن نلتفت إلى أوامر الله ونواهيه، لا نأخذ هذه الأشياء بعين الاعتبار، كل هذا في سبيل إرضاء نزوات وشهوات عـابرة، لن نُضيع الحديث في العتاب، فالأجدر هنا أن نضع العلاج، فبكل تأكيد "إحياء الـنفوس أولـى مـن إمـاتتها".

إن العلاج المناسب لهذه الحالة يجب أن يرتكز على ثلاث قواعد رئيسية، سأذكرها بالتفصيل عـلى الـنحو الآتـي:

الـقاعدة الأولـى: إرادة صـادقة.
من الطبيعي أن تكون الخطوة الأولى في القضاء على أي مرض هي الإرادة والعزيمة، فلا يوجد طبيب يُداوي سكران في وقت سكره أو من سكرهِ، لأن المنطق يقول دواء السكران أن يفيق، أي أن إرادة المريض والرغبة في الشفاء شرطاً أساسياً للشفاء التام.
دعـوة.. إلـى كُـل فـتاة.. إلـى كُـل شاب.. اتركي هذا الشاب في حفظ الله.. اترك هذه الفتاة في حفظ الله.. هذه هي الإرادة والثقة بالله.

أمـا الـقاعدة الـثانية: الـقضاء عَـلىْ الـفراغِ وأوقاتهِ.
في وقت الفراغ يتولد الاحتياج، لماذا فرض الله تعالى لنا العبادات والطاعات؟! كي نشغل أنفسنا، وكلما اجتهدنا في الطاعات واستغلال وقت الـفراغ كان المردود أكـبر، لعل ما يدلل على حديثي قول ابن حـزام رحمهُ الله، أن ملوك السودان كانوا يشغلون النساء بغزل الصوف بشكلٍ مستمر، لأنهم يقولون "إن امرأة إذا بقيت بغير شغل إنما تشتاق إلى الرجال، وتَحنُ إلى النكاحِ"، ومن المنطق العكس صحيح، لأنهُ في الفراغ تتزاحم وتتوارد الأفكار للعقل، ولكن إذا كان العقل مشغول بعملٍ ما، أو عبادة معينة، لا تتسلل لهُ أي أفكار مضرة، قد تؤذيه.

وأمـا الـقاعدة الـثالثة: الـقضاء عَـلى الوحـدة.
في الـوحدة لا يكون لك شريك سوى الشيطان، وفي الوحدة يتعمق التفكير في أمور يجب ألا يتم التفكير فيها، في الوحدة أيضاً يُسيطر الخيال عليك، أي كل ما تفكر فيهِ في وحدتك هو مجرد أفكار افتراضية غير دائمة، دون شك كلها أفكار أرضية لا تصعد نهائياً، وحتى لا ترتقي إلى مجرد أكثر من تفكير، أحاديثٌ كثيرة جاءت عن النبي تحارب الوحدة، حيثُ يقول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام في حديثهِ "نهى عن الوحدة: أن يبيت الـرجل وحـده" رواه أحمد.

عـزيزي الـقارئ.. عـزيزتي الـقارئة.. مهما تحدثتُ وقدمت من العلاجات لا جدوى منها، إن لم يكن القرآن مرجعها الأسـاسي، فهو الـشافي والعافي، هو الذي ينير الطريق، هنا أستطيع الجزم أن كل من تدبر القرآن الكريم بحق لن يتيه ولا يظل الطريق، ولو تأملت القواعد لوجدت أنها ذكرت في القرآن الكريم قبل حديثي وحديث العلماء فيها من قبلي.
ولأن الحب شعور لا يمكن معالجتهِ بأي عقار طبي، جاء القرآن الكريم ليعالج الحـالات المستعصية، وما يدلل على حديثي أن كل ما وصل إليهِ العلماء من اكتشاف للعلاجات، وجد في القرآن الكريم قبل أن يكتشفوه.

كما أذكرُ هنا، أن صـلاة قـيام الليل وأقلها ركعتين، تجعل صلة العبد بالله وكأنهُ يكلمهُ مباشرة، وإليكم هذا الأمل الجديد، والذي سأختمُ بهِ هذا الموضوع، كي يبقى ملصقاً في عقولكم، إليكم هذا الأمل الذي يخاطبكم به الله في الحديث القدسي، حيثُ يقول النبي عليه الصلاة والسلام، فيما يرويهِ عن ربهِ "ينزل الله عـز وجل كل ليلة، إلى سماء الدنيا، ثم يأمر منادياً ينادي، هل من مستغفر فاغفرُ له؟ هل من تائب فأتوبُ عليه؟ هـل من داع فاستجيب له؟"

عـزيزي الشاب.. عـزيزتي الفتاة.. بـعد هـذا الأمـل لمـاذا لا تـبادرون لـعلاج أنـفسكم؟؟!!.

________________________________
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف