مجموعات شعرية ما زالت تنافح عن ديوان العرب
عمّان-
ما زال الكثير من فرسان الكلمة يتشبثون بناصية الشعر، رغم تراجع مكانته، التي ظلّت لقرون طويلة متربعة في شرفة الإبداع الكلامي في الإبداع العربي والعالمي العليا، لصالح الرواية. من هؤلاء الشعراء من يهوي عن صهوة فرس الشعر الجموحة، إذ للشعر فرسانه، ومنهم من يحلق عاليا مثل نسـر في السماء.
أنت تفكر بهذا الأمر وأنت تنظر إلى الكم الكبير من المجموعات الشعرية التي تصدر عن دور النشر، وتقول: لماذا يسبح هؤلاء الشعراء عكس التيار السائد في فن الكلمة، ومنهم يكاد يتحول إلى سلفي في الشعر، هل هو رد على غثاثة ما، أصبح يجدها فيما يسمى بالشعر الحديث، الذي لا يمكن عدّه حديثا ولا حتى شعراً، أم لأن الشعر، من وجهة نظرهم لا يمكن أن تنعقد رايته إلا لمحترفي النظم؟
محمد الزين ولد عبد الله القادم من أقاصي الصحراء الغربية، من موريتانيا، بلد المليون شاعر، يود أن يؤكد لنا في ديوانه" من هنا وهناك" الصادر مؤخرا عن الآن ناشرون وموزعون، أن راية الشعر لا تعقد إلا لفرسان النظم الخليلي الرصين. المجموعة الشعرية التي تضم(22) قصيدة قسم الشاعر موضوعاتها أيضا وفق الاهتمامات التقليدية: الغزل، الطبيعة، الرثاء، وظل أسير النظم التقليدي بجمال إيقاعاته. ومن قصائد المجموعة:
الشاعر مولود في نواكشوط بموريتانيا سنة 1981.ينحدر من عائلة محبة للعلم ونابغة في الشعر. درس في المحظرة التقليدية وحفظ القرآن الكريم في الصغر على والده الفقيه محمد عبد الرحمن، ودرس الفقه، ثم اللغة والألفية في محظرة تنجغماجك في ضواحي نواكشوط، واختتم دراسته المحظرية عام 2001. يعمل تاجرا في آنغولا.
وقد التزم الشاعر خالد الختاتنة في مجموعته الشعرية"بقايا عطر"، الصادرة عن الآن ناشرون وموزعون بالقصيدة الخليلية أيضاً، إلا أنه تجرأ وجرّب في قصيدة التفعيلة، فهو لم يبتعد كثيراً، وبدا فارسا ومجيدا في المجالين، وقد رأت الناقدة الدكتورة منتهى الطراونة أن الشاعر اختار هذ العنوان "ليولد شعورا لدى القارئ بحاجته للعودة إلى قصائده، كما يحتفظ المرء ببقايا العطر النفيس لاشتمامها والإحساس بمزيد من المتعة كل مرة"، لذلك تكثر في الديوان العطور، من عطر الحبيبة، وعطر المرأة بشكل عام، إلى عطر الوطن:
أنا يا نيل أموي شآمي
دمي شعر وأنفاسـي أغاني
أتيتك حاملا وجعي وحزني
أكتم في ضلوعي ما أعاني
معي قهر الخليل وهم يافا
ودمعة طفلة من عسقلان
أصاب الغدر في بغداد جنبي
وفي حلب تمكن من جناني
نفى الأوغاد في الأقصـى صلاتي
ودنس خبثهم طيب المكان
ويقول في قصيدة نفحة الياسمين:
لكنه يتحرر أكثر ويحلق في قصائده الحرة، فيقول في قصيدة الرحيل:
رحل السحابْ
رحل السحاب عن الأصـيلْ
والشمس في تشـرين تمطر كالسحابْ
فوق السواحل
لؤلؤا
وزمردا
فوق السهول
وعسجدا فوق الهضابْ
مازال في الأفق السنونو حائرا
بين التريث للصباح
أو الرحيلْ.
الشاعر الختاتنة من مواليد الربة بالكرك، درس في مدارسها، ثم درس في الجامعة حتى حصل على الدكتوراة في التربية. عمل معلما في مدارس التربية والتعليم، وصحفيا في جريدة الحوادث، ويعمل حاليا مديرا لمدرسة البوتاس الثانوية للبنين، وهو عضو في عدد من الهيئات الثقافية، وسبق أن صدر له مجموعة شعرية بعنوان" صاحبة الجلالة حبيبتي" سنة 2016.
أما الشاعر طالب الفراية فراوح أكثر بين القصيدة الخليلية وقصيدة التفعيلة، والمفارقة لدى الشاعر أنه ظل يكتب القصيدة التقليدية بالروح التقليدية، والأسلوب التقليدي، لكنه كما الشاعر الختاتنة نجده يتحرر من أسس القصيدة التقليدية في قصائده الحديثة، ويحلق عاليا. فهو في قصيدة "هذا الغرام" يلتزم بأسس القصيدة التقليدية:
لكنّا نجده أكثر حرية في التعبير وتقديم الصور الشعرية في القصائد الحرة. ففي قصيدة "صـرت أغني"، نقرأ:
سَقَطَتْ قَدَمٌ..
بَقِيَتْ أُخْرَى
وَالْوَحْلُ البَشـريْ يَنْمُو.. يَرْبَا
أَخْرَجْتُ شُعَاعًا مِنْ جَيْبِيْ لِأُزِيْلَ الوَحْل
لِأُعَرِيْ ظُلْمَةَ هَذا الْقَبْر..
لِأُقَطِّعَ لَيْلِيْ إرْبًا إِرْبا..
فاغْتَالُوا خَيْطِيْ حِقْدا
دَفَعُوْنِيْ كَيْ أَسْقُطَ مَعَهُم
فِيْ وَحْلِ جَهَالَتِهِم..
سَقَطَتْ قَدَمٌ..
بَقِيَتْ أُخْرَى..
ويذكر أن الشاعر طالب الفراية من مواليد الربة بالكرك سنة 1969، أنهى الثانوية العامة في مدرسة الربة في الكرك، ودرس اللغة العربية في جامعة مؤتة،ثم حصل على دبلوم عام في التربية، والماجستير في الأدب العربي، وعمل معلما في مدارس وزارة التربية والتعليم في الكرك، وكذلك معدا ومقدما لبرامج إذاعة صوت الكرك، منها شعر وشعراء، وأضاميم. وهو من مؤسسي صالون الكرك الثقافي، وله إضافة إلى مجموعة لحن الخلود عدد من المخطوطات.
عمّان-
ما زال الكثير من فرسان الكلمة يتشبثون بناصية الشعر، رغم تراجع مكانته، التي ظلّت لقرون طويلة متربعة في شرفة الإبداع الكلامي في الإبداع العربي والعالمي العليا، لصالح الرواية. من هؤلاء الشعراء من يهوي عن صهوة فرس الشعر الجموحة، إذ للشعر فرسانه، ومنهم من يحلق عاليا مثل نسـر في السماء.
أنت تفكر بهذا الأمر وأنت تنظر إلى الكم الكبير من المجموعات الشعرية التي تصدر عن دور النشر، وتقول: لماذا يسبح هؤلاء الشعراء عكس التيار السائد في فن الكلمة، ومنهم يكاد يتحول إلى سلفي في الشعر، هل هو رد على غثاثة ما، أصبح يجدها فيما يسمى بالشعر الحديث، الذي لا يمكن عدّه حديثا ولا حتى شعراً، أم لأن الشعر، من وجهة نظرهم لا يمكن أن تنعقد رايته إلا لمحترفي النظم؟
محمد الزين ولد عبد الله القادم من أقاصي الصحراء الغربية، من موريتانيا، بلد المليون شاعر، يود أن يؤكد لنا في ديوانه" من هنا وهناك" الصادر مؤخرا عن الآن ناشرون وموزعون، أن راية الشعر لا تعقد إلا لفرسان النظم الخليلي الرصين. المجموعة الشعرية التي تضم(22) قصيدة قسم الشاعر موضوعاتها أيضا وفق الاهتمامات التقليدية: الغزل، الطبيعة، الرثاء، وظل أسير النظم التقليدي بجمال إيقاعاته. ومن قصائد المجموعة:
عِينُ المعارف لا ترضى لِذِي الدّين |
بَوْحاً لناصعة الخَدَّيْنِ من عِين |
طوراً تغازله! طوراً تُعَتِّقه |
في طارقاتِ شجون الجيم والسـين! |
يا حاءُ رِفْقاً بباءٍ في هواكَ لَقاً |
فوق الرصـيف صـريعاً كالمجانين |
تخالُه ثَمِلاً في خَطْوِهِ وإذا |
كَلَّمْتَهُ باحَ بالأسـرار في الحين |
مُناشداً غادةً أوْدتْ به! وبه |
لها ترانيمُ تسْبيني فتشْجيني |
يا بِنْتَ شنْقيط يا تاجَ الْجَمال ألَا |
ترّيْنَ ما حَلّ بِي لُطْفاً بِمَفْتُونِ |
الشاعر مولود في نواكشوط بموريتانيا سنة 1981.ينحدر من عائلة محبة للعلم ونابغة في الشعر. درس في المحظرة التقليدية وحفظ القرآن الكريم في الصغر على والده الفقيه محمد عبد الرحمن، ودرس الفقه، ثم اللغة والألفية في محظرة تنجغماجك في ضواحي نواكشوط، واختتم دراسته المحظرية عام 2001. يعمل تاجرا في آنغولا.
وقد التزم الشاعر خالد الختاتنة في مجموعته الشعرية"بقايا عطر"، الصادرة عن الآن ناشرون وموزعون بالقصيدة الخليلية أيضاً، إلا أنه تجرأ وجرّب في قصيدة التفعيلة، فهو لم يبتعد كثيراً، وبدا فارسا ومجيدا في المجالين، وقد رأت الناقدة الدكتورة منتهى الطراونة أن الشاعر اختار هذ العنوان "ليولد شعورا لدى القارئ بحاجته للعودة إلى قصائده، كما يحتفظ المرء ببقايا العطر النفيس لاشتمامها والإحساس بمزيد من المتعة كل مرة"، لذلك تكثر في الديوان العطور، من عطر الحبيبة، وعطر المرأة بشكل عام، إلى عطر الوطن:
أنا يا نيل أموي شآمي
دمي شعر وأنفاسـي أغاني
أتيتك حاملا وجعي وحزني
أكتم في ضلوعي ما أعاني
معي قهر الخليل وهم يافا
ودمعة طفلة من عسقلان
أصاب الغدر في بغداد جنبي
وفي حلب تمكن من جناني
نفى الأوغاد في الأقصـى صلاتي
ودنس خبثهم طيب المكان
ويقول في قصيدة نفحة الياسمين:
نفحة الياسمين عنـد الصباحِ |
مزجت قهوتي رضاب المـلاحِ |
صوت فيروز أحضـر الشام لحنـا |
والحساسـين أمـعنت بانشـراحي |
لكنه يتحرر أكثر ويحلق في قصائده الحرة، فيقول في قصيدة الرحيل:
رحل السحابْ
رحل السحاب عن الأصـيلْ
والشمس في تشـرين تمطر كالسحابْ
فوق السواحل
لؤلؤا
وزمردا
فوق السهول
وعسجدا فوق الهضابْ
مازال في الأفق السنونو حائرا
بين التريث للصباح
أو الرحيلْ.
الشاعر الختاتنة من مواليد الربة بالكرك، درس في مدارسها، ثم درس في الجامعة حتى حصل على الدكتوراة في التربية. عمل معلما في مدارس التربية والتعليم، وصحفيا في جريدة الحوادث، ويعمل حاليا مديرا لمدرسة البوتاس الثانوية للبنين، وهو عضو في عدد من الهيئات الثقافية، وسبق أن صدر له مجموعة شعرية بعنوان" صاحبة الجلالة حبيبتي" سنة 2016.
أما الشاعر طالب الفراية فراوح أكثر بين القصيدة الخليلية وقصيدة التفعيلة، والمفارقة لدى الشاعر أنه ظل يكتب القصيدة التقليدية بالروح التقليدية، والأسلوب التقليدي، لكنه كما الشاعر الختاتنة نجده يتحرر من أسس القصيدة التقليدية في قصائده الحديثة، ويحلق عاليا. فهو في قصيدة "هذا الغرام" يلتزم بأسس القصيدة التقليدية:
غَصَّ الذْي شـربَ المَرَارَ بِعِشْقِهِ |
لمّـا رَأى مَـاءَ الغَرَامِ تَكَــــــدّرا |
وَبَكَى عَلى العِشْقِ القَدِيْمِ وَلَمْ يَزَلْ |
بَعْضُ الهَوى فِيْ نَاظِرَيْهِ مُحَيّرَا |
أَوّاهُ كَمْ قَاَدَ الخُيُوْلَ مُفَاخِرًا |
بَيْنَ الفَوَارسِ وَانْتَهى مُتَقَهْقِــــرا |
لَمّا رَأى سـرجَ الغَرَامِ تَناثرَتْ |
أشْــلاؤُهُ وَالْخَيْـلُ تَعْدُو نُفّـــــرا |
وَأرَاهُ يَهْفُو نَحْوَ رَسْمٍ دَارِسٍ |
وَأرَاهُ يَرْسُــمُ بالدّمُوْعِ المَنْظَرا |
وَأرَاهُ يَرْنُو للنّجُومِ مُسَائِلًا |
عَنْ بَــــــــدْرِهِ لمّا هَوَى وَتَغــوّرا |
لكنّا نجده أكثر حرية في التعبير وتقديم الصور الشعرية في القصائد الحرة. ففي قصيدة "صـرت أغني"، نقرأ:
سَقَطَتْ قَدَمٌ..
بَقِيَتْ أُخْرَى
وَالْوَحْلُ البَشـريْ يَنْمُو.. يَرْبَا
أَخْرَجْتُ شُعَاعًا مِنْ جَيْبِيْ لِأُزِيْلَ الوَحْل
لِأُعَرِيْ ظُلْمَةَ هَذا الْقَبْر..
لِأُقَطِّعَ لَيْلِيْ إرْبًا إِرْبا..
فاغْتَالُوا خَيْطِيْ حِقْدا
دَفَعُوْنِيْ كَيْ أَسْقُطَ مَعَهُم
فِيْ وَحْلِ جَهَالَتِهِم..
سَقَطَتْ قَدَمٌ..
بَقِيَتْ أُخْرَى..
ويذكر أن الشاعر طالب الفراية من مواليد الربة بالكرك سنة 1969، أنهى الثانوية العامة في مدرسة الربة في الكرك، ودرس اللغة العربية في جامعة مؤتة،ثم حصل على دبلوم عام في التربية، والماجستير في الأدب العربي، وعمل معلما في مدارس وزارة التربية والتعليم في الكرك، وكذلك معدا ومقدما لبرامج إذاعة صوت الكرك، منها شعر وشعراء، وأضاميم. وهو من مؤسسي صالون الكرك الثقافي، وله إضافة إلى مجموعة لحن الخلود عدد من المخطوطات.