الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

السكن الاجتماعي بين التضامن والتحايل بقلم: عمر دغوغي

تاريخ النشر : 2017-06-28
السكن الاجتماعي بين التضامن والتحايل بقلم: عمر دغوغي
السكن الاجتماعي بين التضامن والتحايل

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي صحفي وفاعل جمعوي                                  [email protected]                                                                                                  
شهد المغرب في السنوات الأخيرة تبني سياسة تعميرية جديدة أريد منها إخراج مجال التعمير من الركود الذي عرفه و الناتج عن الخلل الذي خلفه التباين الحاصل بين النمو الديموغرافي السريع و ما واكبه من ارتفاع سريع للعائلات الناشئة من جهة، و ضعف القدرة الشرائية جراء ارتفاع أسعارا لعقار الغير مفهوم في المملكة من جهة أخرى. هذه السياسة، وبعد فحص لحصيلتها بعد سنوات من التفعيل، رمت في النهاية إلى خلق سوق عقاري موازي للسوق الطبيعي القائم، عكس ما انتظره المغاربة و استبشروا به خيرا. فالدعايات التي اصطحبت الترويج لسياسة السكن الاجتماعي و الاقتصادي في بداية المشروع جاءت مخالفة للحقائق التي أفرزتها النزيلات على الأرض.

 فالدعاة لهذا المشروع في بدايته قدموا الأمر على أنه موجه استثنائيا لطبقة معينة ضعيفة المدخول و محرومة من السكن، حتى ظن الكثير من الناس أن الأمر يشبه إلى حد بعيد المشاريع الاجتماعية التي سبقتنا إليها دول أوروبية عديدة بهدف حماية المستضعفين في الأرض من غول الغلاء الذي عرفه سوق العقار في ربوعها و في مترو بولاتها على وجه الخصوص.

لكن الأمر لم يتم على نفس النحو. فالولوج إلى هذا الصنف من السكن و الاستفادة من ميزاته لم يقتصر على الطبقة المحرومة من المجتمع، بل أضحى متوفرا لأي شخص بغض النظر عن حالته المادية { المدخول، امتلاك سكن، ... } أو المدنية { متزوج أو عازب، عدد الأطفال، الإعالة، ... }، حتى صار الدافع الأساسي لاقتناء وحدات سكنية اقتصادية هو المضاربة فيها بهدف تحقيق الربح السريع و ليس توفير سكن لائق يراعي الظروف المادية للمستفيد. من تم فقد المشروع مصداقيته ليس في محتواه فحسب، بل وحتى في عنونته بالسكن الاجتماعي.

 فأي هدف اجتماعي يرمي إليه هذا البرنامج بعد أن أصبح يتعذر على فقراء البلد الحصول على وحدة سكنية هم أمس الحاجة إليها بحجة نفاذها، في حين يملك ميسورين أكثر من وحدة في ذات المشروع. و أي طابع اجتماعي يطبع هذا البرنامج بعدما أصبح العديد من العائلات التي التجأت إلى البنوك لنيل نصيبها من حسنات هذا البرنامج مهددة بالإفراغ لعدم قدرتها على سداد القرض، و بالتالي العودة إلى المربع الأول في معركتها مع التشرد بعدما ظنت أنها تخلصت من كابوسه إلى الأبد.

لا ننكر أن الخوض من أساسه في تجربة السكن الاجتماعي في المغرب و الإنجازات المحققة لحد الساعة شيء إيجابي في المجمل.

                        
لكن التغاضي عن إعادة النظر و مراجعة البرنامج بناءا على ما أفرزته سنوات التطبيق من عيوب و ما أملته النتائج المستخلصة من تحديات، ينذر بفشل ذريع للفكرة من أساسها، بل و ينذر بتكاثر العاهات التي أنتجها التمادي في تنفيذ هذا البرنامج في سيرته الأولى دونما تعديل أو تصحيح يخفف من الآثار السلبية المفروزة و التي أصبحت تهدد تماسك المجتمع و تتطلب مبالغ ضخمة لمحو آثارها مستقبلا { الإقصاء الغيتوهاتي، الجريمة المنظمة، انتشار الأوبئة، التهديد البيئي، ألخ.

على المسئولين و في مقدمتهم وزير الإسكان و التعمير إعادة هيكلة برنامج السكن الاقتصادي و الاجتماعي أولا قبل الانصباب في إعادة هيكلة الأحياء و المدن التي خلفها هذا البرنامج و التي تفتقر إلى أبست مقومات العيش الكريم.

 فبالنظر إلى أعطى سياسات السكن الاجتماعي و أنجعها عالميا ـ الكلام هنا على مدينة فيبنا التي توجت للمرة الثانية كأفضل مدينة للعيش حيث يرجع الفضل في ذلك لنجاعة سياساتها الاجتماعية خصوصا في مجال السكن و المواصلات ـ سنخرج بفارقين أثنين، لهما بالغ التأثير في ضمان مصداقية و نجاح أي مشروع اجتماعي سواء سكني أو غيره

ـ أولا: شروط الاستفادة: الاستفادة من مسكن اجتماعي في فيينا يتطلب شرطين أساسيين واضحين لا لبس فيهما. الأول هو المدخول السنوي للمجموعة المستفيدة.

 فمد خول العائلة التي تتطلع للاستفادة من البرنامج لا ينبغي أن يتخطى مبلغا محددا و معمما. الجدير بالذكر في هذا الباب هو أن الدولة تعرف المستفيد على أنها المجموعة ـ العائلة ـ التي ستسكن تحت سقف الوحدة السكنية، كما أن العقود تبرم مع جميع الأفراد المستفيدة و البالغة سن الرشد من زوج و زوجة و أم و أب ،هذا الإجراء يقطع الطريق على الأفراد المتمتعة بإعالة من الولوج إلى البرنامج.

الشرط الثاني و الواضح كذلك للاستفادة من سكن اجتماعي هو عدم توفر كل أطراف العائلة على مسكن في ملكيتهم. هذا الشرط يقطع الطريق على المضاربة الربحية في الوحدات السكنية أو استخدامها لأغراض تجارية كالكراء أو فتح مكاتب. و فيما يتعلق بإضفاء صبغة "لائق" على الوحدات السكنية المنشأة، تجعل حكومة فيينا ـ بخلاف المغرب ـ من مساحة المسكن أهم معاييرها بجانب جودة مواد البناء المستخدمة و الخدمات المحيطة باعتبارهما أمرين محددين في قوانين تفرض على الجميع الامتثال لها سواء في إطار السكن الاجتماعي أو خارجه. فلا مدخول العائلة و لا المقاولة المنشئة هي التي تحدد مساحة المسكن الذي يجب أن تتمتع به عائلة ما.

 بل عدد أفراد العائلة هو المعيار الأساسي الذي ترتكز عليه السلطات المحلية في تحديد المسكن المطلوب.

 لهذا السبب تتوفر أغلب المشاريع السكنية الاجتماعية في فيينا على مساحات مختلفة من صغيرة و متوسطة و كبيرة لإتاحة الفرصة لمختلف أحجام العائلات من الاستفادة.

 هذا الشرط السالف الذكر يعتبر الغائب الأكبر في برنامج السكن الاجتماعي المغربي. و بالتالي أصبحت وزارة الإسكان في المملكة بموجب هذا البرنامج المكرس الأساسي للسكن الغير ألائق للأسف الشديد.

ـ ثانيا: صاحب المشروع: كل من يتبع المساطير الإدارية المتعلقة بالحصول على وحدة سكنية في إطار برنامج السكن الاجتماعي في فيينا سيلاحظ أن كل المعاملات و التفاهمات و الأداء و العقود تتم مع طرف واحد ألا و هو الدولة ممثلة بمجموعة من المؤسسات الحكومية ذات الاختصاص.

فدور الشركات الخاصة في خضم هذا البرنامج يقتصر على إنجاز المشاريع من إنشاء و تجهيز فقط. و بالتالي فلا تربطهم أي صلة بالمستفيدين لا من بعيد و لا من قريب.

 فزبونهم هو الدولة، و حصولهم على العقود يتم عن طريق طلبات عروض تحكمها قوانين دقيقة تضمن الشفافية و تحفظ المنافسة الشريفة. هذا الأمر يقبله العقل بل و تقبله الفطرة كذلك.

 فالهدف الأسمى من هذا النوع من البرامج اجتماعي محض، و بالتالي فالراعي للمشروع لا ينبغي أن يطمح إلى تحقيق الأرباح المالية، وبالتالي لا يمكن أن يكون صاحب المشروع إلا مؤسسة حكومية، و ليس بأي حال من الأحوال مقاولة أو شركة خاصة تجعل من تحقيق الربح السريع أسمى أهدافها، بل وسبب وجودها.

في المغرب، أوكلت مهمة تدبير مشاريع السكن الاجتماعي و الاقتصادي إلى مقاولات ربحية صرف، في تنكر فاضح لمسؤولية الدولة في حماية الشرائح المعوزة من غول المضاربات و الاحتكارات، و من قبلها حماية مشروع اجتماعي هو من صلبها، فكرة و مبادرة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف