قضية القدس
للأستاذ الشاعر : شريف قاسم
للأستاذ الشاعر : شريف قاسم
قضيَّةُ القدسِ مازالتْ بأيدينا | فلا يغرُرْكَ مَنْ بالسِّلمِ يهذونا |
إنا وأنْ غُلَّت الأيدي لموعدُنا | أرضُ الرباطِ ، فلا نامتْ مآقينا |
والَّلهُ ـ جلَّ جلالُ اللهِ ـ ناصرُنا | والَّلهُ ـ عزَّ جنودُ الله ـ يحمينا |
عشنا نلبِّي رسولَ اللهِ قائدَنا | والموتُ في الحقِّ من أسمى أمانينا |
ماضرَّنا النَّاسُ إنْ ضلُّوا وإن وهنوا | لأنَّ مَنْ قدَّرَ الأقدارَ يهدينا |
مجاهدون بعصرٍ فيه مابرحتْ | أعتى مناجلِهم تطوي مراعينا |
تقاعسَ النَّاسُ حتى باتَ أكثرُهم | إلى اللذائذِ والأهواءِ يعدونا |
كأنَّهم مارأوا مجدًا يعاتبُهم | وهم لغفلتِهم بالعارِ يلهونا |
لولا البقيَّةُ ممَّنْ شدَّ أزرَهُمُ | ربُّ البريَّةِ فاعتدُّوا ملبِّينا |
بالَّلهِ نغنى ، وفي أقدارِه عِبرٌ | تُتبِّرُ اليومَ وجهَ الزيفِ يُغريتا !! |
ويومئُ الفتحُ والبشرى بمصحفِه | وبوحُ آياتِه الكبرى تواتينا |
لاينبتُ المجدُ إلا في مرابعِنا | ولا تفيضُ المنى إلا بوادينا |
تزكو الثمارُ ، وتحلو في جنائنِنا | ويرفلُ الفخرُ زهوًا في مغانينا |
والمعصراتُ التي في الأُفقِ ترقبُها | أزكى المنابتِ هلَّتْ في صحارينا |
ألم يكنْ عهدُها والخيرُ بيدرُها | تلك الظلالَ ، وكانَ الدربُ مأمونا |
ولم تزلْ صهواتُ العزمِ مركبَنا | وساحةُ الجودِ إن جلنا ميادينا |
يفيضُ نورُ الهدى يروي لنا ظمأً | إلى الصباحِ الذي ترجو مآقينا |
جلتْهُ في المسجدِ الأقصى طلائعُنا | وقد جنى إرثَه الغالي المصلُّونا |
وسوَّروهُ بأحناءٍ معطَّرةٍ | ففوَّحتْ مهجٌ تفديه ميمونا |
وغزَّةُ احترقتْ في النارِ أضرمَها | مكرُ اليهودِ الذي مازالَ يؤذينا |
والمسلمون وقد ضلَّتْ رواحلُهم | تاهوا بمعتَرَكِ البلوى مساكينا |
وإنَّه الزورُ في ( كالوسِ ) خدعتِهم | كلعبةِ الأممِ العظمى يُمنِّينا !! |
شتَّانَ بين زمانٍ كان مبتسمًا | بهديِ إسلامِنا والناسُ راضونا |
وبينَ عولمةٍ بالشَّرِّ مطبقةٍ | على الخلائقِ سامتهم أحايينا |
تحيي مآثرُنا ماماتَ من قيمٍ | وتفرشُ الأرضَ ريحانا ونسرينا |
ومن دمِ الشهداءِ الصِّيدِ نوقدُه | فجرًا بسيمَ الرؤى ماكان يجفونا |
وقومُنا اليومَ لجُّوا في مفاسدِهم | وساوموا الظالمَ الأفَّاكَ ملعونا |
وما جنوا من أعاديهم ، وقد خُدِعوا | إلا السرابَ ، وعادوا منه يشكونا |
كان الصُّمودُ ينادي : لامكانَ لهم | وأنهم لعبابِ البحرِ ماضونا |
ستون عاما ولا ندري بما رسمتْ | أيدٍ ... وقد خنقتْ ليلاً أمانينا |
أبٌ شهيدٌ ، وأمٌّ بعدُ ثاكلةٌ | وبنتُها ، وأخٌ أشجتْهُ ستُّونا |
واحسرتاه على قومي وكم بذلوا | كأنما وجدوا في الساحِ حطينا !! |
مثلَ اليتامى أقاموا حيثُ تصفعُهم | كفُّ الهوانِ ، وقد كانوا ميامينا !! |
وقلَّبتْهُم أيادٍ غيرُ طاهرةٍ | في الشرقِ والغربِ غُفلا ليس يدرونا |
مَنْ يأمن الذِّئبَ لم يُحرمْ مخالبُه | أن يستبيحَ أذاها القلبَ موهونا !! |
لقد تداعتْ علينا في الورى أممٌ | كانت تهابُ إذا جئنا الميادينا |
فما لنا نسألُ الأعداءَ رحمتَهم | بنا ؟! ونركعُ نستجدي الشياطينا !! |
ونحنُ فوقَ يدِ المليارِ قلَّلنا | بأعيُنِ الناسِ مَنْ بالجبنِ يرمينا |
فدعْ عدوَّك يُرغي في مساوئِه | فليس يفلحُ عادينا وقالينا |
هي الليالي كما قد قال قائلُنا | بين الورى دولٌ فاسألْ ليالينا ! |
قد عاشها الناسُ في أمنٍ وفي رغدٍ | وفي سلامٍ ، يردُّ الزائفَ الدُّونا |
لم نستبحْ دمَهم ، لم نأتِ منقصةً | ولم نروِّعْ لهم طفلاً يناغينا |
ولم نسلِّطْ عليهم ذئبَ غابتِهم | ولا أهنَّا فتىً منهم يجافينا |
لنا ـ وحسبُهُمُ ما قال قائلُنا ـ | هذا التَّفاوتُ يُخزيهم ويُعلينا |
واليوم دنيا الورى بالخطبِ مثقلةٌ | وللمخاضِ بنو الدنيا ينادونا |
رؤيا يهودٍ وقد آنتْ نهايتُهم | وهاهم اليوم للميعادِ يأتونا !! |
ميعادُهم ومصيرٌ ليس ينكرُه | أخو الصيرةِ ميعادا وتمكينا !! |
لكنَّ عينَ أخي الإسلامِ مبصرةٌ | فليس عينُ أخي التَّضليلِ تفتينا |
جاؤوا لملحمةٍ لاريبَ آتيةٍ | حتى يروا حتفَهم بأيدينا |
توضَّأتْ بضياءِ الفتحِ وابتهلتْ | للهِ أن ينصرَ الأبرارَ والدِّينا |
خلتْ جوانحُنا من حقدِ شانئِنا | وأشرقتْ بالهدى الأسنى مآقينا |
غدا لقانا وساحُ القدسِ موعدُنا | مهما تمرَّدَ واستعدى أعادينا |
قضيةُ القدسِ أدمتنا مواجعُها | وباتَ في كربها المسجورِ أهلونا |
الإخوةُ اليوم في وجهِ العدا صمدوا | رغم المكارهِ صيدًا ليس يشكونا |
مَن ذا يكون لهم ياربِّ في زمنٍ | سادَ الطغاةُ به نذلا ومأفونا !! |
ياربِّ لمَّـا نزلْ عندَ اللقا صُبُرًا | فافتحْ علينا ، وردِّ البغي ملعونا |