الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

إخوة يوسف و هدهد سليمان بقلم عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2017-06-25
إخوة يوسف و هدهد سليمان  بقلم عادل بن مليح الأنصاري
إخوة يوسف و هدهد سليمان
( عادل بن مليح الأنصاري )

رمضان بأية حالٍ عدت يا رمضانُ , حتى اختلاط الحابل بالنابل لم يعد يصف المشهد الرمضاني في شهر (الخير والبركات) ! , ما أصغر الدنيا لمن أدرك (أحمد سعيد) و ( الصحاف ) عندما كان الواحد منهم يطلق الكلمة فتتلقفها أسماع العرب من الخليط إلى الخبيط , ولكن الزمان جاد علينا بنموذج لا يقل مهنية عنهم فجاد لنا ( بأحمد موسى ) الذي شطب حكومة خلال 20 دقيقة وكأن وحي السماء يتنزل عليه دون العالمين , وصار الإعلام ساحةً للدهماء والكاذبين وعديمي الأخلاق الذين لم يترددوا في وصف رئيس بلد عربي منتخب ( بالمنــ....) , هذه (هالة سرحان) لم يشفع لرئيس دولتها كونه منتخبا بإرادة الشعب , ولم يشفع له أنه أستاذ جامعي ومثقف , لتقف على منبر إعلامي وتتفوه على الملأ وتسكب في أسماع الأمة صغارها وكبارها رجالها ونسائها شيوخها وشبابها بتلك الكلمة البذيئة التي لا تقال حتى في مواخير الدعارة , هذه الصورة وغيرها من صور الإسفاف والفجور الإعلامي هي التي طغت على ثقافتنا الإعلامية العربية بعد أن هدأت أعاصير الربيع العربي .
ومما زاد الطين بلةً دخول هذا السيل الجارف من إعلاميي شبكات التواصل والتي تفجرت بأقلام شتى , فبدءا بأولئك الرموز الإعلامية الذين لم يجدوا مفرا لهم من اللحاق بهذه الثورة الإعلامية المزلزلة التي دخلت كل شبر من الأرض , وحتى أولئك الرعاع وعديمي الثقافة , ولم تترك حتى الحكومات تلك الفرصة لتسبح في هذا السيل الإعلامي الزاحف لتضع الخطط والدراسات والموظفين لتوجيه جحاف الحاملين لأفكارهم وخصوماتهم وعدواتهم وخبثهم كيفا يريدون وبكل الوسائل , هي حرب شعواء أخطر بمئات المرات من حروب الآلة , حروب تدخل بيوت وعقول الشباب والأطفال وحتى أصحاب الفكر والرأي .
الشعوب صنيعة الإعلام , هذا ما يحصل على أرض معركة شبكات التواصل , فمن يربح المعركة هو من يخطط ويدرس ويستعين بأصحاب الخبرة من علماء النفس والاقتصاد والسياسة والحرب لترسيخ فكرة ما في عقول جماهير تلك الشبكات , لم نعد ندرك من الحابل ومن النابل , صُفدت شياطين الأرض في رمضان , ولكن شياطين الإنس لم تترك سهما إلا واستخدمته في هذه الحرب المقدسة وفي الشهر المعظم , حتى توجه الإعلام اتخذ توجها دينيا من حيث النوعية , فإما إعلام (إخوة يوسف) وجاؤوا بدمٍ كذب , أو إعلام (هدهد سليمان) جئتك بنبأ يقين , ولا نكاد نكون مبالغين أن إعلام إخوة يوسف طغى وابتلع في طغيانه إعلام هدهد سليمان , ملايين الأسهم السامة التي سممت رؤوسها بلغة الضاد الراقية لغة القرآن لتصيب الأخلاق والدين والشهامة والعروبة والأخوة بمقتل وأي مقتل , لم يكد يبدأ ( رمضان الخير ) وخلال ثلاثة أسابيع فعل ( شياطين الإنس ) مالم يفعله شياطين الجن في عشرات السنين , سهام تحمل الاتهامات بالخيانة , وأخرى بالعمالة , وأخرى بالإرهاب , وثالثة تُغرس في العرض والكرامة والشرف , وغيرها يَبعث الحياة في بطولات البسوس وداحس والغبراء .
هل فكر أصحاب القرار ومن بعدهم عقلاء الشبكات من يقف خلف كل تلك السهام المسمومة ؟ ربما يدرك الكثير أنها موجة ركبها الأعداء أكثر من الأصدقاء , هو باب شر وفتنة لا يمكن إغلاقه , لماذا لم يتصدى العقلاء (وهم كُثر) لتلك الخطط الإنسية الشيطانية عبر تلك الشبكات للتصدي لتلك الأقلام الغارقة في دمنا الواحد , دمنا البريء من تلك السموم التي يحاولون سكبها في شرايين عروبتنا , لم ولن أبالغ إذا ما قلت أن جيوش الصفويين والصهاينة وبقية المنتفعين من تلك الزلازل هم من يقف خلف كل (تغريدة) مسمومة , ولا لوم عليهم , فهم يبحثون عن نصر لهم وتدمير لنا منذ أمدٍ بعيد , ولكن اللوم كل اللوم على تلك العقول التي تدرك ما يحاك لنا ففضلت الوقوف على أطراف ساحة المعركة يرقبون السم يسري في عقول شبابنا , ويتزودون من تلك الشبكات بكل أنواع الأسلحة القذرة ليتراشقوا بها , نعم إنا نار تتلظى لا يصلاها إلا الأحمق , وكما يقال العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة , فالجهل والتهور وحماسة الشباب والغيرة الضيقة على محيطٍ ضيق تزيد من اشتعال تلك النار القذرة , وكأننا نسمع صدى الجاهلية يُبعث ( يا لثارات تغلب ) .
أليس مخيفا حد اليأس ما نقرأه عبر تلك المواقع وفي شهر من المفترض أن يكون شهر الرحمات والغفران والعبادة والتلاحم الإسلامي والانقطاع لمناجاة رب العالمين وإشاعة الحب الإسلامي والتآخي كما نراه عبر التلفاز أثناء صلاة المغرب والقيام من تلاحم وتصاف المسلمين من كل لون وعرق ومذهب وبلد كالبنيان المرصوص , يفطرون ويتبادلون الماء والتمر ثم يقفون وقفة رجل واحد أما رب العالمين , كجسد واحد في مكان واحد برغم كل الاختلافات التي تميزهم , كيف اختفت تلك الصورة وهي حاضرة عيانا بيانا عبر التلفزة العربية والإسلامية ثم يقوم جاهلٌ ما بتجاهل تلك الصورة الربانية القدسية التي تميزنا عن أمم الأرض ليفتح طريقا مع الشيطان ومع أعداء العروبة والإسلام ليكيل التهم والقذف والاستهزاء والتشفي والوعيد وتمني الخراب والجوع لمن كان بالأمس القريب أخا وشقيقا وعضيدا وحليفا ورفيق درب ومصير مشترك ؟
إن ما عجز الشيطان عنه منذ سنوات قمنا به خلال أيام , وأي أيام , أيام منحها الله عز وجل فخر نزول القرآن الذي هو هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان !!! .
ليس هناك عاقل لا يدرك أن ما يحدث من شقاق وتنافر هو عمل منظم تقف خلفه دول ورجال تعرف ما تريد , وليس أبسط من تلك القاعدة الواضحة لأي مشكلة إنسانية ودولية وإقليمية , وهي ( فتش عن المستفيد ) .
إذا كانت الدول لديها أدلتها اليقينية بمروق نظام معين على مصالحها ومحاولة الاضرار بها , فلا ضير من حماية أنفسها بكل السبل القانونية الواضحة بدءا من المحيط القريب وحتى المحافل الدولية , ولكن قذف تلك المشاكل الكبيرة لساحة الشعوب بما تعج به من دهماء وعديمي الثقافة ومراهقين ومتصيدي مواقف أو منتظري التفكك والدمار , لا يخدم مستقبل تلك الشعوب , فالحكومات تنسى بحكم خبرتها الدبلوماسية وطبيعة عملها , ولكن الشعوب لا تنسى , وخاصة لو استثمر تلك الخلافات التي تجرعت الشعوب سمومها دول وجماعات تترصد أي معول هدم لتوجهه نحو كياناتنا التي ولدت أصلا عبر مخاض طويل ومؤلم , فلماذا نهدمها بتلك السهولة وبتهور غير مدروس .
ربما يظل العربي بليدا في دروس التاريخ , وربما لا يحب أن يتذكرها , وربما لا ينظر إلا تحت قدميه , وربما لم يجيد فن الاستقلالية كما ينبغي .
أفيقوا قبل أن يكتب التاريخ صفحات لن تُمحى , وقبل أن يكتب الأعداء والدهماء في عقول الجيل القادم كلمات مسمومة وضغائن راسخة وأحقاد متوارثة , ربما يمكننا تدارك الخطر الذي سندفع جميعا ثمنه ذات يوم , ( ربما ) .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف