معادلة ملوك العرب ... مات الملك عاش الملك 23-6-2017
بقلم : حمدي فراج
أهم ما يمكن ان يسجل فيما اطلق عليه "انقلاب القصر" في السعودية ، بمجيء ولي العهد الجديد محمد بن سلمان ، هو حقبة زمنية طويلة قادمة قد تستمر خمسين عاما او أكثر ، فالرجل ما يزال شابا يافعا ، ولديه خبرة عشر سنوات تقريبا ، هي ثلث عمره الحالي، في تجارب الحكم و تبوأ المناصب الحساسة ، ناهيك انه ليس "ولي عهد" جديد بالمعنى الكلي للكلمة ، فقد كان قبل ذلك "ولي ولي العهد" ، وهو منصب مستحدث تم تفصيله على مقاسه منذ تولي والده الحكم قبل حوالي ثلاث سنوات ، خلالها حصلت احداث جسام لم تحدث من قبل ، تشكيل ما يسمى بالحلف العربي الذي شن الحرب على اليمن والتي تعاني اليوم اكثر ما تعاني تفشي وباء الكوليرا ، ومحاصرة "الشقيقة" قطر ، برا وبحرا وجوا .
في عالمنا العربي ، تختلط انظمة الحكم على الناس ، لكثرة ما لدينا من تسميات ، فهذه دولة يحكمها الملك ، وتلك يحكمها الرئيس ، وثالثة يحكمها الامير ، ورابعة يحكمها السلطان ، وفي حقيقة الامر ، فإن جوهر جميع انظمتنا العربية هي ملوكية بامتياز ، يتم فيها توريث الحكم من الاباء الى الابناء ، ويتم فيها تفصيل المناصب على مقاييس الابناء حين تقترب ساعة الاجل المحتوم .
لم نعرف على مدار تاريخ أنظمة الحكم الطويل لدينا في اقطارنا المتعددة نظاما واحدا تم فيه انتقال السلطة بالعملية الانتخابية . العامل الحاسم دائما وابدا ، كان التدخل الالهي في تغييب الحاكم ، فيأتي من بعده "الوريث الشرعي" ، الذي يكون دائما ذكرا لا أنثى .
مرات عديدة كان الوريث "يضطر" الى استباق التدخل الالهي ، فيذهب للاطاحة بأبيه ، احيانا بشكل سري ، واحيانا اخرى بشكل علني ، احيانا بشكل دموي ، واحيانا اخرى بشكل سلمي ، لكن جوهر تاريخ الحكم لدينا ، ظل واحدا ، وهو تغييب دور صاحب السلطات الحقيقي ، وهو الشعب ، عن المشهد .
يستمد الحاكم في العرف العربي جزءا كبيرا من شرعيته الحالية والمستقبلة ، وكذلك شرعية ابيه الماضية ، حتى لو انقلب عليها دمويا ، من القاعدة الشرعية ، انه يحكم باسم الله ، وان الله هو الذي اراد ذلك ويسّره فمكّنه ، وان عصيانه عصيان للرب وخروجا على طاعته ، ولهذا سرعان ما يأتي الحاكم الجديد ، نرى اول من يقوم بمبايعته علماء الدين .
قبل حوالي عقدين قال شاعر للملك : يا ابنَ الهواشِمِ من قُرَيشٍ أَسْلَفُـوا جِيلًا بِمَدْرَجَةِ الفَخَارِ ، فَجِيلا / يا ابنَ النَبِيّ، وللمُلُـوكِ رِسَالَـةٌ، منْ حَقَّهَا بالعَدْلِ كَانَ رَسُولًا / نَسَلُوكَ فَحْلاً عَنْ فُحُـولٍ قَدَّمـوا ، أَبَدًا شَهِيدَ كَرَامَةٍ وقَتِيلًا .
لكن قبل اكثر من ألف سنة ، قال : ما شئت لا ما شاءت الاقدار / فاحكم فأنت الواحد القهار .
بقلم : حمدي فراج
أهم ما يمكن ان يسجل فيما اطلق عليه "انقلاب القصر" في السعودية ، بمجيء ولي العهد الجديد محمد بن سلمان ، هو حقبة زمنية طويلة قادمة قد تستمر خمسين عاما او أكثر ، فالرجل ما يزال شابا يافعا ، ولديه خبرة عشر سنوات تقريبا ، هي ثلث عمره الحالي، في تجارب الحكم و تبوأ المناصب الحساسة ، ناهيك انه ليس "ولي عهد" جديد بالمعنى الكلي للكلمة ، فقد كان قبل ذلك "ولي ولي العهد" ، وهو منصب مستحدث تم تفصيله على مقاسه منذ تولي والده الحكم قبل حوالي ثلاث سنوات ، خلالها حصلت احداث جسام لم تحدث من قبل ، تشكيل ما يسمى بالحلف العربي الذي شن الحرب على اليمن والتي تعاني اليوم اكثر ما تعاني تفشي وباء الكوليرا ، ومحاصرة "الشقيقة" قطر ، برا وبحرا وجوا .
في عالمنا العربي ، تختلط انظمة الحكم على الناس ، لكثرة ما لدينا من تسميات ، فهذه دولة يحكمها الملك ، وتلك يحكمها الرئيس ، وثالثة يحكمها الامير ، ورابعة يحكمها السلطان ، وفي حقيقة الامر ، فإن جوهر جميع انظمتنا العربية هي ملوكية بامتياز ، يتم فيها توريث الحكم من الاباء الى الابناء ، ويتم فيها تفصيل المناصب على مقاييس الابناء حين تقترب ساعة الاجل المحتوم .
لم نعرف على مدار تاريخ أنظمة الحكم الطويل لدينا في اقطارنا المتعددة نظاما واحدا تم فيه انتقال السلطة بالعملية الانتخابية . العامل الحاسم دائما وابدا ، كان التدخل الالهي في تغييب الحاكم ، فيأتي من بعده "الوريث الشرعي" ، الذي يكون دائما ذكرا لا أنثى .
مرات عديدة كان الوريث "يضطر" الى استباق التدخل الالهي ، فيذهب للاطاحة بأبيه ، احيانا بشكل سري ، واحيانا اخرى بشكل علني ، احيانا بشكل دموي ، واحيانا اخرى بشكل سلمي ، لكن جوهر تاريخ الحكم لدينا ، ظل واحدا ، وهو تغييب دور صاحب السلطات الحقيقي ، وهو الشعب ، عن المشهد .
يستمد الحاكم في العرف العربي جزءا كبيرا من شرعيته الحالية والمستقبلة ، وكذلك شرعية ابيه الماضية ، حتى لو انقلب عليها دمويا ، من القاعدة الشرعية ، انه يحكم باسم الله ، وان الله هو الذي اراد ذلك ويسّره فمكّنه ، وان عصيانه عصيان للرب وخروجا على طاعته ، ولهذا سرعان ما يأتي الحاكم الجديد ، نرى اول من يقوم بمبايعته علماء الدين .
قبل حوالي عقدين قال شاعر للملك : يا ابنَ الهواشِمِ من قُرَيشٍ أَسْلَفُـوا جِيلًا بِمَدْرَجَةِ الفَخَارِ ، فَجِيلا / يا ابنَ النَبِيّ، وللمُلُـوكِ رِسَالَـةٌ، منْ حَقَّهَا بالعَدْلِ كَانَ رَسُولًا / نَسَلُوكَ فَحْلاً عَنْ فُحُـولٍ قَدَّمـوا ، أَبَدًا شَهِيدَ كَرَامَةٍ وقَتِيلًا .
لكن قبل اكثر من ألف سنة ، قال : ما شئت لا ما شاءت الاقدار / فاحكم فأنت الواحد القهار .