الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ماذا بقي من شهر الله يا عباد الله بقلم:ناجي امهز

تاريخ النشر : 2017-05-28
ماذا بقي من شهر الله يا عباد الله
كان شهر رمضان على أيامنا شهر الحب والفرح ، شهر الخير والابتسامة وروحية المرح، كان نهاره حلو، فيه صمت وسلام وتسبيح الرحمان، وننتظر اقتراب موعد الافطاربين الآذان والآذان.
كان الاهل عندما يسالون اطفالهم ان كانوا صائمين، كان لهم امتحان وهو اصعب امتحان وهو مد اللسان، الله على تلك الايام الله.
كان لغروب الشمس الوان مختلفة تنتظرها بريشة مبدع الأكوان، وهي تخبرك باقتراب موعد اذان الافطار، لم نعرف غروب الفيس بوك والواتس اب او هذه الكمية من المسلسلات، كان الشيء الوحيد الذي يدل على وقت الايام هو القران، فانت في ضيافة الله وهديتك للمضيف هو ان تختم قرأه كتابه الكريم في شهره الكريم.
كانت امي لا تهداء فهي تعد الافطار ( اشتقت الى رائحتك يا امي) وابي يسال هل جلبتم شراب السوس، لا تنسوا اعداد القهوة هل ارسلتم الى الجيران صينية الافطار، نعم كنا نرسل السيلفي لايف بصورتها ورائحتها وطعمها لم نكن نفكر بان نرسل صورة الطعام تبجحا او دليلا على عمق ازمتنا النفسية المريضة، هل يمكن ان تفهمونا ما قصة تصوير الطعام او معناها.
وما ان تبدا التهاليل والتسابيح قبل الاذان، حتى نجتمع جميعا حول وجبة الافطار، وما ان تشاهد ابريق الماء المتعرق بسبب برودته وهو يخبرك عن ماءه العذب الندي الذي يبل ريقك وينسيك عطشك، حتى يصبح الوقت طويلا ثقيلا، والجميع بالانتظار، وكم كان جميلا ذاك الانتظار وانت تنظر بلهفة الى تلك المائدة البسيطة بمأكولاتها، فلا فرق بين الدجاج المحمر وبين رائحة البطاطا المقلية فانت جائع، تستعجل تلك الاناشيد التي تصدح على شاشات التلفزة ومن المساجد العامرة بروح الله في شهره، متسائلا اين الاذان معتقدا للحظة انهم نسوا ان يرفعوا الاذان، فتشتاق الى سماع كلمة الله اكبر حتى تبحر في صحن شوربة العدس التي ينتشر منها رائحة الكمون ومن ثم ترسم خريطة الذهاب بعيدا الى غابة "جاط الفتوش" وان كانت خضرواته قليلة وخبزه كثير ولكنه طعام الله في شهر الخير، ولن اخبرك عن قصة شراب الجلاب، فتلك رواية لا يمكن وصفها او نشرها.
ما ان ينتهي الافطار وتجلس لترتشف الشاي او القهوة، حتى تجد نفسك ثقيلا متخما، عطشا متلهفا لاكل المزيد والمزيد، فالطعام له نكهة مثل رائحة البخور، والشراب مثل عسل اعد من عصير الزهور، لا داعي ان تاكل الحلوة الفاخرة لتشعر بلذتها، يكفيك السعادة التي تقدمها الحلويات العربية وان اعدت بالمنزل، نعم الان ادركنا مكامن السعادة انها في البساطة التي كنا نعيشها.
وبعد وجبة الافطار وقيام شعائر الله تعود الى الحارة ليس باب الحارة بل الحارة الحقيقية فهذا ابو محمد يدخن سيجارته وهو يتحدث الى ابو احمد، وجارنا ابو عمر يعزم جاره ابو حسين على الافطار، وفلان يتصالح مع علتان ويستسمح منه، وان كان هناك شخص متخاصم مع الاخر فانه بهذا الشهر يصالحه ويوصل ما قطع ويعفو من قدر، الفقير يسابق الغني بالعطاء والمقتدر يبذل في سبيل الله ما جادت به يمينه دون ان تدري يساره، والقوي يعفو عن الضعيف، والضعيف يستقوي بالله، الحي مليء بالناس ذهابا وايابا والاطفال يلعبون بنشاط، كان الليل ينقلب نهارا بشهر رمضان، ومن ياتيه النوم وهو بانتظار السحور، بل تصبح دقيقا بالوقت ادق من ساعة بيغ بن، ولا اعتقد بان احدا كان يرفع ابريق الماء عن فمه الا مع نهاية اذان الفجر بتوقيت الروح واقل من ذلك لو بجزء من الثانية سوف تشعر بانك خسرت فرصة العمر.
أما في أيامنا هذه ماذا بقي من شعائر شهر الله الا اسمه فهذه جارتنا ترسل صورة الافطار الى زوجتي وزوجتي ترد التحية باحسن منها فترسل صورتين، وجارنا المتمول اقام مادبة افطار للمتمولين وان جاد احدهم فانه من بقية فتات طعامه وان تبرع نشرت الصحف صوره، الاخ لا يكلم اخيه والولد معيق لابيه، القوي ياكل الضعيف، فلا رحمة ولا من يرحم، الغيبة والنميمة والفتن تسكن النفوس وتعشعش بالاذهان، والايمان دعاية على موائد الرحمان، فاصبحت لا تميز بين شهر رمضان وشهر نيسان الا من خلال المسلسلات وبرامج المسابقات، ولا تدري ان اذن المؤذن للافطار او لم يؤذن فانت ماخوذ بالاخبار او انك تشاهد مسلسلا هنديا مدبلجا الى العربية، حتى الاناشيد اصبحت اغاني فمن يسمع توفيق المنجد او النقشبندي او حتى ايات الذكر الحكيم فانت تفطر على تامر حسني واليسا، وكل ما تذكره من الافطار انك نسيت ان ترد على رسالة جارك بالواتس اب او ان تعلق على الفيس بوك، اما الحديث حول طعام الافطار، فالجميع يتحدث مع الذي بهاتفه ليس من هو بجانبه، ناهيك ان طعم الطعام اصبح مرا علقما يرفع الضغط ويسد شرايين القلب، وحلوياته تجلب مرض السكري من كثرة الهموم والبؤس الذي نعيش به، والفواكه ليس لها لا طعم ولا رائحة ولا حتى لون، واصبح الانسان شبه انسان.
رحم الله تلك الايام الخوالي، ويا ليتها تعود ولو للحظة، اقله نكسب بها رضى الله، ونستعيد ما وهبنا الله من رحمته وهو فضل شهر مغفرته.
ناجي امهز
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف