قراءة في الانتخابات المحلية الفلسطينية
اجريت مؤخرا انتخابات الهيئات المحلية والبلدية الفلسطينية في الضفة الغربية فقط ، فيما لم تجري هذه الانتخابات في كل من القدس الشرقية وقطاع غزة ، إلا ان نسبة المشاركة في الانتخابات كانت متدنية ، حيث بلغت نسبة المشاركة العامة في جميع مدن وبلدات وقرى الضفة الغربية حوالي 53% ممن يحق لهم الانتخاب ، ولكن نسبة التصويت كانت متدنية جدا في المدن الكبرى كمدينة نابلس والتي لم تتجاوز فيها نسبة التصويت 20% ، ومدينة الخليل 30% فقط ، فيما ارتفعت نسبة التصويت في القرى ذات التركيبة العشائرية ، وذلك بسبب خوض الانتخابات من قبل قوائم عشائرية ، مما رفع نسبة التصويت في تلك القرى ،وقد جرت الانتخابات لاختيار 145 هيئة محلية ، تضم 1552 مقعدا ، حيث فازت القوائم المستقلة على 65% من الهيئات المحلية ، فيما فازت حركة فتح على 27.6% هيئة محلية وبلدية ، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين على 2.77% من الهيئات ، فيما توزعت بقية الهيئات على تحالفات ضمت بعض الاحزاب السياسية الصغيرة ، فيما قاطعت الفصائل الكبرى خوض الانتخابات في قوائم لها ، وخاصة حركتي حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
شكلت نسبة التصويت المتدنية صدمة كبيرة لحركة فتح ، والتي عملت وبقوة من اجل زيادة نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات ، واستنفرت معظم كوادرها وعناصرها وأنفقت مبالغ مالية كبيرة في سبيل تحقيق ذلك الهدف ، حيث ادت حالة الانقسام الفلسطيني ، وانعدام المنافسة القوية في ظل مقاطعة الفصائل الفلسطينية ، وتراجع ثقة المواطن الفلسطيني بالمؤسسات القائمة ، الى عدم توجه الكثيرين من الناخبين الفلسطينيين في الضفة الغربية لصناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم ، كما ان تزامن اجراء الانتخابات المحلية مع اضراب المعتقلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية عن الطعام ، قد ادى الى تراجع الاهتمام في المشاركة بالانتخابات ، ولكن وفي المقابل ادى اجراء الانتخابات وحملاتها الدعائية ، الى تراجع في حجم ووتيرة التفاعل والتضامن الشعبي الفلسطيني مع الاسرى المضربين .
لم تكن نسبة المشاركة المتدنية بالانتخابات ، هي الصدمة الوحيدة لحركة فتح ، بل ان حركة فتح واجهت تحديات اخرى وكبيرة ، حيث لم تتمكن من تشكيل قوائم مستقلة لها في الكثير من المواقع ، مما دفعها الى تعويم المشاركة ، او خوض الانتخابات في قوائم ضمت مرشحين من كبرى العشائر ، او مرشحين من رجال الاعمال والمال ، كما ان العديدين من نشطاء وكوادر حركة فتح قد خاضوا الانتخابات في قوائم مستقلة ، مما جعل حركة فتح تنافس ذاتها ، مما ادى الى عزوف الكثيرين عن التصويت ، وتشتيت الاصوات من جهة اخرى ، مما كشف ازمة جدية في الانضباط والالتزام لدى كادر وأعضاء الحركة بالتصويت لقوائم الحركة الرسمية .
ادى لجوء حركة فتح الى اختيار مرشحين من كبرى العشائر لقوائم الحركة ، الى اعطاء دور وأهمية كبرى للعشائر وذلك على حساب كوادر وأعضاء الحركة ، مما شكل تقدما واضحا للعشائر ، وتراجعا للمعايير الوطنية والنضالية والفنية ، وذلك بالرغم من ان العشائر الفلسطينية كانت قد شكلت الحاضنة الوطنية للحركة الوطنية الفلسطينية طيلة سنوات الاحتلال ، وقد ادت مشاركة بعض العشائر في قوائم حركة فتح لفوزها بسبب حصولها على اصوات تلك العشائر ، والذي لا يمكن اعتباره رصيدا لحركة فتح ، حيث من الممكن في اية انتخابات سياسية او بلدية قادمة ألا تحصل على اصوات هذه العشائر ، وفي مقابل ذلك ، فقد ادت مشاركة بعض العشائر في قوائم مستقلة منافسة لحركة فتح ، الى فوز تلك القوائم المستقلة على حساب قوائم حركة فتح ، مما شكل لها ضربة اخرى ، وجعل حركة فتح غير قادرة على تشكيل المجالس البلدية في عدد من البلديات بدون التحالف مع قوائم مستقلة اخرى ذات التشكيلة العشائرية او الفنية .
ادى عدم مشاركة القوى السياسية والحزبية الفلسطينية في الانتخابات ، وجعلها تدور في اوساط حركة فتح ، وبعض العشائر ، الى خلق شروخ وتصدعات كبيرة داخل حركة فتح ، كما في الكثير من العشائر ، والذي اصبح المحدد الرئيس للتصويت ،اضافة الى ان بعض المواقع شهدت منافسة انتخابية بناء على التركيبة الجغرافية للمدينة او البلدة ، حيث خاضت بعض القوائم الانتخابات على اساس تقسيم الحارات والأحياء ، مما ادى ايضا الى اتساع في المسافة والشروخ بين تلك الحارات والأحياء ، والذي كاد في مرحلة الدعاية والانتخابات ، وفي اكثر من موقع الى تعريض السلم الاهلي والمجتمعي للخطر ، والذي قد يحتاج لفترة زمنية ليست بالقليلة من اجل انهاء اثاره وتبعاته السلبية .
اما حركة حماس والتي رفضت اجراء الانتخابات في قطاع غزة والتي تخضع لسلطتها بحجة عدم التوافق الوطني على اجراء الانتخابات ، ولم تشارك في قوائم لها في الضفة الغربية ، إلا انها ايضا تعرضت لصدمة كبيرة ، عندما دعت كوادرها وأنصارها في الضفة الغربية الى التوجه للصناديق واختيار من يرونه الافضل ، حيث اتت دعوتها قبل موعد الانتخابات بأسبوع واحد ، إلا ان نسبة الاستجابة لدعوتها كانت متدنية جدا ، والذي يتم فهمه على تراجع في الالتزام بقرارات قيادة الحركة من قبل كوادرها وأنصارها ، بعكس ما هو معروف عن مدى الالتزام القوي لأعضاء حركة حماس في قرارات قيادة الحركة ، اضافة الى ان اعضاء حماس والذين شاركوا في التصويت ، قد ذهبت اصواتهم في عدة اتجاهات ، مما افقد حركة حماس القدرة على انجاح قوائم محددة وخاصة التي نافست حركة فتح ، لا بل انه في ظل المشاركة العشائرية الواضحة فان بعض اصوات اعضاء حركة حماس ذهبت في بعض المواقع الى قوائم حركة فتح الرسمية ، مما شكل تناقض واضح ما بين سياسات ومواقف الحركة وسلوك بعض عناصرها .
اسرائيليا كانت الصدمة الكبرى من الانتخابات المحلية والبلدية ، وخاصة ان الحكومة الاسرائيلية ومعها بعض الاطراف الحليفة لها ، كانت قد راهنت على ان الانتخابات البلدية في الضفة الغربية من الممكن ان تؤدي الى انتاج قيادات محلية بديلة ، من الممكن ان تتعامل معها كعناوين وان تتفاوض معها حول ادارة الحياة اليومية للمواطنين الفلسطينيين ،ونقل جزء من صلاحيات السلطة الفلسطينية لتلك البلديات ، والتعايش مع الاحتلال ، في ظل الازمة الكبيرة التي تشهدها العملية السياسية مع السلطة الوطنية الفلسطينية ، واحتمالية تراجع قوة السلطة ، حيث ان العديد من الباحثين الاسرائيليين المتخصصين في الشؤون الفلسطينية ، قد اعتبروا ان تدني نسبة المشاركة الفلسطينية في الانتخابات ، وخاصة في المدن الكبرى كالخليل ونابلس ، على انه مؤشر واضح لرفض المشروع الاسرائيلي المستقبلي في خلق قيادات بديلة ، وتفكيك القيادة والتمثيل السياسي الفلسطيني ، كجزء من مشروع تهويد الضفة الغربية وضمها وإدامة امد الاحتلال والاستيطان .
اجريت مؤخرا انتخابات الهيئات المحلية والبلدية الفلسطينية في الضفة الغربية فقط ، فيما لم تجري هذه الانتخابات في كل من القدس الشرقية وقطاع غزة ، إلا ان نسبة المشاركة في الانتخابات كانت متدنية ، حيث بلغت نسبة المشاركة العامة في جميع مدن وبلدات وقرى الضفة الغربية حوالي 53% ممن يحق لهم الانتخاب ، ولكن نسبة التصويت كانت متدنية جدا في المدن الكبرى كمدينة نابلس والتي لم تتجاوز فيها نسبة التصويت 20% ، ومدينة الخليل 30% فقط ، فيما ارتفعت نسبة التصويت في القرى ذات التركيبة العشائرية ، وذلك بسبب خوض الانتخابات من قبل قوائم عشائرية ، مما رفع نسبة التصويت في تلك القرى ،وقد جرت الانتخابات لاختيار 145 هيئة محلية ، تضم 1552 مقعدا ، حيث فازت القوائم المستقلة على 65% من الهيئات المحلية ، فيما فازت حركة فتح على 27.6% هيئة محلية وبلدية ، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين على 2.77% من الهيئات ، فيما توزعت بقية الهيئات على تحالفات ضمت بعض الاحزاب السياسية الصغيرة ، فيما قاطعت الفصائل الكبرى خوض الانتخابات في قوائم لها ، وخاصة حركتي حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
شكلت نسبة التصويت المتدنية صدمة كبيرة لحركة فتح ، والتي عملت وبقوة من اجل زيادة نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات ، واستنفرت معظم كوادرها وعناصرها وأنفقت مبالغ مالية كبيرة في سبيل تحقيق ذلك الهدف ، حيث ادت حالة الانقسام الفلسطيني ، وانعدام المنافسة القوية في ظل مقاطعة الفصائل الفلسطينية ، وتراجع ثقة المواطن الفلسطيني بالمؤسسات القائمة ، الى عدم توجه الكثيرين من الناخبين الفلسطينيين في الضفة الغربية لصناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم ، كما ان تزامن اجراء الانتخابات المحلية مع اضراب المعتقلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية عن الطعام ، قد ادى الى تراجع الاهتمام في المشاركة بالانتخابات ، ولكن وفي المقابل ادى اجراء الانتخابات وحملاتها الدعائية ، الى تراجع في حجم ووتيرة التفاعل والتضامن الشعبي الفلسطيني مع الاسرى المضربين .
لم تكن نسبة المشاركة المتدنية بالانتخابات ، هي الصدمة الوحيدة لحركة فتح ، بل ان حركة فتح واجهت تحديات اخرى وكبيرة ، حيث لم تتمكن من تشكيل قوائم مستقلة لها في الكثير من المواقع ، مما دفعها الى تعويم المشاركة ، او خوض الانتخابات في قوائم ضمت مرشحين من كبرى العشائر ، او مرشحين من رجال الاعمال والمال ، كما ان العديدين من نشطاء وكوادر حركة فتح قد خاضوا الانتخابات في قوائم مستقلة ، مما جعل حركة فتح تنافس ذاتها ، مما ادى الى عزوف الكثيرين عن التصويت ، وتشتيت الاصوات من جهة اخرى ، مما كشف ازمة جدية في الانضباط والالتزام لدى كادر وأعضاء الحركة بالتصويت لقوائم الحركة الرسمية .
ادى لجوء حركة فتح الى اختيار مرشحين من كبرى العشائر لقوائم الحركة ، الى اعطاء دور وأهمية كبرى للعشائر وذلك على حساب كوادر وأعضاء الحركة ، مما شكل تقدما واضحا للعشائر ، وتراجعا للمعايير الوطنية والنضالية والفنية ، وذلك بالرغم من ان العشائر الفلسطينية كانت قد شكلت الحاضنة الوطنية للحركة الوطنية الفلسطينية طيلة سنوات الاحتلال ، وقد ادت مشاركة بعض العشائر في قوائم حركة فتح لفوزها بسبب حصولها على اصوات تلك العشائر ، والذي لا يمكن اعتباره رصيدا لحركة فتح ، حيث من الممكن في اية انتخابات سياسية او بلدية قادمة ألا تحصل على اصوات هذه العشائر ، وفي مقابل ذلك ، فقد ادت مشاركة بعض العشائر في قوائم مستقلة منافسة لحركة فتح ، الى فوز تلك القوائم المستقلة على حساب قوائم حركة فتح ، مما شكل لها ضربة اخرى ، وجعل حركة فتح غير قادرة على تشكيل المجالس البلدية في عدد من البلديات بدون التحالف مع قوائم مستقلة اخرى ذات التشكيلة العشائرية او الفنية .
ادى عدم مشاركة القوى السياسية والحزبية الفلسطينية في الانتخابات ، وجعلها تدور في اوساط حركة فتح ، وبعض العشائر ، الى خلق شروخ وتصدعات كبيرة داخل حركة فتح ، كما في الكثير من العشائر ، والذي اصبح المحدد الرئيس للتصويت ،اضافة الى ان بعض المواقع شهدت منافسة انتخابية بناء على التركيبة الجغرافية للمدينة او البلدة ، حيث خاضت بعض القوائم الانتخابات على اساس تقسيم الحارات والأحياء ، مما ادى ايضا الى اتساع في المسافة والشروخ بين تلك الحارات والأحياء ، والذي كاد في مرحلة الدعاية والانتخابات ، وفي اكثر من موقع الى تعريض السلم الاهلي والمجتمعي للخطر ، والذي قد يحتاج لفترة زمنية ليست بالقليلة من اجل انهاء اثاره وتبعاته السلبية .
اما حركة حماس والتي رفضت اجراء الانتخابات في قطاع غزة والتي تخضع لسلطتها بحجة عدم التوافق الوطني على اجراء الانتخابات ، ولم تشارك في قوائم لها في الضفة الغربية ، إلا انها ايضا تعرضت لصدمة كبيرة ، عندما دعت كوادرها وأنصارها في الضفة الغربية الى التوجه للصناديق واختيار من يرونه الافضل ، حيث اتت دعوتها قبل موعد الانتخابات بأسبوع واحد ، إلا ان نسبة الاستجابة لدعوتها كانت متدنية جدا ، والذي يتم فهمه على تراجع في الالتزام بقرارات قيادة الحركة من قبل كوادرها وأنصارها ، بعكس ما هو معروف عن مدى الالتزام القوي لأعضاء حركة حماس في قرارات قيادة الحركة ، اضافة الى ان اعضاء حماس والذين شاركوا في التصويت ، قد ذهبت اصواتهم في عدة اتجاهات ، مما افقد حركة حماس القدرة على انجاح قوائم محددة وخاصة التي نافست حركة فتح ، لا بل انه في ظل المشاركة العشائرية الواضحة فان بعض اصوات اعضاء حركة حماس ذهبت في بعض المواقع الى قوائم حركة فتح الرسمية ، مما شكل تناقض واضح ما بين سياسات ومواقف الحركة وسلوك بعض عناصرها .
اسرائيليا كانت الصدمة الكبرى من الانتخابات المحلية والبلدية ، وخاصة ان الحكومة الاسرائيلية ومعها بعض الاطراف الحليفة لها ، كانت قد راهنت على ان الانتخابات البلدية في الضفة الغربية من الممكن ان تؤدي الى انتاج قيادات محلية بديلة ، من الممكن ان تتعامل معها كعناوين وان تتفاوض معها حول ادارة الحياة اليومية للمواطنين الفلسطينيين ،ونقل جزء من صلاحيات السلطة الفلسطينية لتلك البلديات ، والتعايش مع الاحتلال ، في ظل الازمة الكبيرة التي تشهدها العملية السياسية مع السلطة الوطنية الفلسطينية ، واحتمالية تراجع قوة السلطة ، حيث ان العديد من الباحثين الاسرائيليين المتخصصين في الشؤون الفلسطينية ، قد اعتبروا ان تدني نسبة المشاركة الفلسطينية في الانتخابات ، وخاصة في المدن الكبرى كالخليل ونابلس ، على انه مؤشر واضح لرفض المشروع الاسرائيلي المستقبلي في خلق قيادات بديلة ، وتفكيك القيادة والتمثيل السياسي الفلسطيني ، كجزء من مشروع تهويد الضفة الغربية وضمها وإدامة امد الاحتلال والاستيطان .