الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

جواز سفر (standby)بقلم:علي علي

تاريخ النشر : 2017-05-24
جواز سفر (standby)بقلم:علي علي
جواز سفر (standby)
علي علي 

       من غير المعقول حتما أن حديثي عن الوطن يأتي بشيء جديد، وهل أستحدث معلومة لم تكن معلومة من قبل، وقد سبقني إليها الشعراء والكتاب والمؤرخون والسياح والعشاق والفنانون والثوار، على مر العصور وفي كل الأماكن والأزمان؟ فقد تحدثوا جميعهم عن حب الوطن، وتغنوا به ولعا بمفاتنه، وتعلقوا بتلابيبه، وتمسكوا بجلبابه، وأفنوا أعمارهم في التغزل والتشبب بوصله، والتشوق والتحرق على فراقه، فمن المؤكد أن كلامي عن الوطن، لن يعدو كونه استرجاعا لألم ممض -مع فقدان الأمل بالشفاء- أو استذكارا لماضٍ جميل -مع اليأس من عودته- أو إبحارا في احتياجات نفس فقدت الأمن والأمان والاطمئنان، وأكون إذاك قد جسدت قول النابغة الجعدي:

تذكرت والذكرى تهيج لذي الهوى

            ومن حاجة المحزون أن يتذكرا

   كما أن حديثي عن الوطن والأوطان لا أنفرد في سرده وحدي، إذ حتما يكون قارئ سطوري هذه شريكي في الإحساس والتفاعل، ويؤرخ معي حبنا أو فلنقل شعورنا بالوطن، إذ ليس كل شعور حبا. وكما قال أدهم شرقاوي:

"في حصة واحدة أقنعني مدرس التربية أن قطعة الأرض هذه اسمها وطن! وأنا فشلت على مدى ثلاثين عاما بإقناع هذا الوطن أني إنسان".

  ويالبؤسنا وتعاستنا حين يكون حبنا للوطن حبا من طرف واحد، يقابله بغض وحنق وكره شديد من الطرف الثاني، فتتحول حينها الحياة الى جحيم لايطاق حيث اللاوطن، وقد قال مصطفى السباعي:

"عندما يمسك بالقلم جاهل، وبالبندقية مجرم، وبالسلطة خائن، يتحول الوطن إلى غابة لا تصلح لحياة البشر".

   ومفردة الوطن لها مرادفات عدة في لغات العالم جميعها، أما ساحرتنا اللغة العربية ففيها لكل جنس من المخلوقات تسمية لموطنه، فالوطن للإنسان، والعرين للأسد، والعطن للبعير، كذلك باقي الأنواع، فيقال: وجار الذئب والضبع، وكناس الظبي، وقرية النمل، وكور الزنابير، ونافقاء اليربوع. والطيور هي الاخرى لكل صنف منها اسم لموطنه، حيث يطلق على ما يضعه الطائر على الشجر وكر، فإن كان على جبل أو جدار فهو وكن، وإذا كان في كِن فهو عـِش، وإذا كان على وجه الأرض فهو أفحوص. وتحصيل حاصل، فالوطن صغر أم كبر! مرعى كان ام ارضا جرداء! جبلا أم واديا! فهو وطن نحنّ اليه ونذود عنه ونلوذ به، وقطعا تتنامى في تكويناتنا الشخصية تبعا لهذا مشاعر وأحاسيس، تنفرد بعشق الوطن حد التعلق به، ولن تبرح هذه المشاعر نفوسنا حتى نوارى في الثرى. وقد تغنى في حب الوطن كثيرون لايقف عندهم عد، ولاينتهي بهم حساب. فهذا أمير الشعراء أحمد شوقي ينشد في وطنه:

    وطني لو شغلت بالخلد عنه

                        نازعتني اليه بالخلد نفسي

وآخر يستنجد ويستغيث بمسعف، إذا ما عنّ عليه حب الوطن، واعتملت لواعجه شوقا اليه، فيقول:

من لي ليمسح عن خدودي دمعتي

                        إذما بكيت الحب للأوطان

ويقول الكاتب الاسكتلندي توماس كارليل: "جميل أن يموت الإنسان من أجل وطنه، لكن الأجمل أن يحيا من أجل هذا الوطن".

أما الجاحظ فقد قال في رسالة الحنين إلى الأوطان: "كانت العرب إذا غزت أو سافرت حملت معها من تربة بلدها رملاً وعفراً تستنشقه".

  فعجبي على من يملك أوراقا ثبوتية تؤكد نسبه لبلد، وجنسية تشهد انتماءه اليه، فيما نفسه لاتتوق لرؤيته مستقرا، ولاتود رقيّه وتحضره وازدهاره، وعجبي يتضاعف وألمي يتفاقم، حين يكون هذا البلد هو العراق، وأسفي أن يكون فيه أناس يرون ان أصغر الحيوانات تستميت من أجل موطنها، فيما هم يعدّون العراق محطة استجمام، أو متجرا للتبضع، أو حانة للتسكع، أو مصلى للعبادة، مع حرصهم الشديد على إبقاء جوازات سفرهم بوضع (standby) للرحيل بعيدا عنه حين الطلب.

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف