عزيزتي مرام
أكتب إليك مرة أخرى بعد مرور فترة طويلة جداً على الفراق، لا أعلم طول تلك المدة، فهل أعتبر فراقك يوم مرضك أم يوم إخباري بذلك المرض أم يوم استسلامك له أم يوم النزع الأخير !! جميعهم يا مرام فقدوا حبيباتهم مرة واحدة إلا أنا فقدتك سبع مرات، عشت بعدك الكثير من الأحداث التي باتت أرشيفاً من الذكريات، كنت فيها الحاضرة الغائبة.
قبل أسابيع من الآن كنت مع أصدقائي قريباً من المقبرة الشرقية في رحلة، استأذنتهم لقراءة الفاتحة على قبر أحد الشهداء سريعاً، وانطلقت بعدما كذبت، وقبل وصولي إليك تراجعت تقهقرت إلى الوراء نادماً، لا أدرى هل خشيت أن أقابلك بعينين كاذبتين أم أنني استنكرت أن يكون لقائي بك على هامش نزهة !، وأثناء تراجعي اصطدمت بقبر شهيد، مسحت على قبره بيدي وقرأت الفاتحة ومضيت، الشهداء يا قمري يجبرون كسرنا وهم بيننا وحتى وهم في قبورهم يسترون ضعفنا.
ما يهون علي أن جميع النساء الذين أعرفهن وأقابلهن في حياتي وحتى بين ثنايا السطور كلهن كلهن متفقات على أن جميع الرجال خائنون، وأن امرأةً واحدةً لعوب من شأنها أن تزيل جذور أرسخ النساء من عقل أوفى الرجال، وأنا ما زلت أصدقهن وأنتظر اللحظة التي يصدق فيها كذبهن فأصبح فيها خائناً كباقي الرجال.
أمي وأخواتي وصديقاتي جميعهن يدفعن بي إلى الخيانة، إلى النسيان، إلى المجهول، إلى بحر امرأة أخشى على نفسي فيها الغرق، أعاند مرة وأهرب مرة وتارة أخرى أحاول تعلم السباحة على شطآن النساء.
أخبرتك سابقاً أنني أنهيت رسالة الماجستير، وما لم أخبرك به أنني كتبت في نهاية الإهداء "إلى مرام كل الحب"، لكن عندما نظرت في عيون الحاضرين لم أنطق بها، تجاوزتها سريعاً، ربما كانت بداية مراحل الخيانة ! لا أدري.
فعلت كل ما بوسعي يومها لأدخل الفرحة على قلوب أهل بيتي لعلي أعوضهم عن فرحة بي انتظروها طويلاً ولا أعلم كم تطول، وفعلاً كان عرساً متكامل الأركان لكنه افتقد جزءاً من الشرعية، فالوجود يستمد شرعيته من حضورك.
كنت أفكر ذات يوم كالمراهقين بالمطعم الذي سنرتاده سوياً لتناول الغداء بعد الانتهاء من حفل المناقشة والطقوس التي سنصنعها يومها، رحلت وبقي التفكير قائماً مع اختلاف الرفيق، ذهبت يومها أنا وصديقي إبراهيم لتناول الغداء، اطمئني فالرجال في أحلك الظروف ومعمعة الذكريات لا ينسون بطونهم، خاصةً النحيفين منهم أمثالي.
وحتى لا أطيل عليك فإن سبب كتابتي لك اليوم أن شهر رمضان الذي يذكرني بك لحظياً يقترب، كنت أحرص في كل عام أن أهنئك قبل أن يسبقني إلى ذلك أحد، وعلى الرغم من تأخري هذا العام فكل رمضان وأنت في نعيم.
دعيني أخبرك سراً.. في رمضان الماضي كنت أدعو لك كأي رمضان مضى وأنا أعرفك، كنت أدعو الله عزوجل أن يجمعنا قبل كل إفطار وعقب كل صلاة، لم يكن ذلك شاقاً علي فقد دأبت منذ سنوات على الدعاء لأحد أصدقائي بنفس الطريقة، حيث تعاهدنا على ذلك قبل ارتقاء روحه بسبب صراع يمارسه الأغبياء على هذه الأرض، فكان من اليسير أن أجمع اسمك مع اسمه قبل كل تمرة وبعد كل وجهة إلى قبلة، وأعتقد أن ذلك ليس سراً تجهليه.
سيكون من الصعب علي في رمضان القادم أن أدعوا الله أن يزيل حبك من قلبي، ولكن سأدعوه أن يبدلني قلباً آخر غير الذي في جوفي، فذلك أراه أقرب إلى الاستجابة.
سأخبرك أمراً أخيراً حتى لا أطيل عليك، فبعد الفراق وفي لوعة الفقدان دخلت في رحلة قصيرة ممتدة من الإلحاد، كفرت بالظلم بالمجتمع بالعادات بالموت بآلهة الخير وآلهة الحب وبكل معبود لا يستجيب لدعوات العابدين، كان نوعاً من الإلحاد لم أعرف له تصنيف، لم أترك خلاله الصلاة والدعاء، من منا يا مرام لم يلحد في حياته مرة، من منا لم يعاتب الله مرة أو مرتين، من منا لم يحتج على القدر مرتين أو ثلاثة !!
أستغفر الله العظيم، اغفري لي ذلك يا مدللتي فالله عزوجل يغفر كل ذلك إن نبع عن محبة له.
سأقبل بالأيام القادمة على خطوة كفيلة بإحداث تغيير على نمط حياتي لسنوات قادمة، سأحتاج فيها لذكرياتي الجميلة تساندني.
وسأكتب لك قريباً.
مصطفى
أكتب إليك مرة أخرى بعد مرور فترة طويلة جداً على الفراق، لا أعلم طول تلك المدة، فهل أعتبر فراقك يوم مرضك أم يوم إخباري بذلك المرض أم يوم استسلامك له أم يوم النزع الأخير !! جميعهم يا مرام فقدوا حبيباتهم مرة واحدة إلا أنا فقدتك سبع مرات، عشت بعدك الكثير من الأحداث التي باتت أرشيفاً من الذكريات، كنت فيها الحاضرة الغائبة.
قبل أسابيع من الآن كنت مع أصدقائي قريباً من المقبرة الشرقية في رحلة، استأذنتهم لقراءة الفاتحة على قبر أحد الشهداء سريعاً، وانطلقت بعدما كذبت، وقبل وصولي إليك تراجعت تقهقرت إلى الوراء نادماً، لا أدرى هل خشيت أن أقابلك بعينين كاذبتين أم أنني استنكرت أن يكون لقائي بك على هامش نزهة !، وأثناء تراجعي اصطدمت بقبر شهيد، مسحت على قبره بيدي وقرأت الفاتحة ومضيت، الشهداء يا قمري يجبرون كسرنا وهم بيننا وحتى وهم في قبورهم يسترون ضعفنا.
ما يهون علي أن جميع النساء الذين أعرفهن وأقابلهن في حياتي وحتى بين ثنايا السطور كلهن كلهن متفقات على أن جميع الرجال خائنون، وأن امرأةً واحدةً لعوب من شأنها أن تزيل جذور أرسخ النساء من عقل أوفى الرجال، وأنا ما زلت أصدقهن وأنتظر اللحظة التي يصدق فيها كذبهن فأصبح فيها خائناً كباقي الرجال.
أمي وأخواتي وصديقاتي جميعهن يدفعن بي إلى الخيانة، إلى النسيان، إلى المجهول، إلى بحر امرأة أخشى على نفسي فيها الغرق، أعاند مرة وأهرب مرة وتارة أخرى أحاول تعلم السباحة على شطآن النساء.
أخبرتك سابقاً أنني أنهيت رسالة الماجستير، وما لم أخبرك به أنني كتبت في نهاية الإهداء "إلى مرام كل الحب"، لكن عندما نظرت في عيون الحاضرين لم أنطق بها، تجاوزتها سريعاً، ربما كانت بداية مراحل الخيانة ! لا أدري.
فعلت كل ما بوسعي يومها لأدخل الفرحة على قلوب أهل بيتي لعلي أعوضهم عن فرحة بي انتظروها طويلاً ولا أعلم كم تطول، وفعلاً كان عرساً متكامل الأركان لكنه افتقد جزءاً من الشرعية، فالوجود يستمد شرعيته من حضورك.
كنت أفكر ذات يوم كالمراهقين بالمطعم الذي سنرتاده سوياً لتناول الغداء بعد الانتهاء من حفل المناقشة والطقوس التي سنصنعها يومها، رحلت وبقي التفكير قائماً مع اختلاف الرفيق، ذهبت يومها أنا وصديقي إبراهيم لتناول الغداء، اطمئني فالرجال في أحلك الظروف ومعمعة الذكريات لا ينسون بطونهم، خاصةً النحيفين منهم أمثالي.
وحتى لا أطيل عليك فإن سبب كتابتي لك اليوم أن شهر رمضان الذي يذكرني بك لحظياً يقترب، كنت أحرص في كل عام أن أهنئك قبل أن يسبقني إلى ذلك أحد، وعلى الرغم من تأخري هذا العام فكل رمضان وأنت في نعيم.
دعيني أخبرك سراً.. في رمضان الماضي كنت أدعو لك كأي رمضان مضى وأنا أعرفك، كنت أدعو الله عزوجل أن يجمعنا قبل كل إفطار وعقب كل صلاة، لم يكن ذلك شاقاً علي فقد دأبت منذ سنوات على الدعاء لأحد أصدقائي بنفس الطريقة، حيث تعاهدنا على ذلك قبل ارتقاء روحه بسبب صراع يمارسه الأغبياء على هذه الأرض، فكان من اليسير أن أجمع اسمك مع اسمه قبل كل تمرة وبعد كل وجهة إلى قبلة، وأعتقد أن ذلك ليس سراً تجهليه.
سيكون من الصعب علي في رمضان القادم أن أدعوا الله أن يزيل حبك من قلبي، ولكن سأدعوه أن يبدلني قلباً آخر غير الذي في جوفي، فذلك أراه أقرب إلى الاستجابة.
سأخبرك أمراً أخيراً حتى لا أطيل عليك، فبعد الفراق وفي لوعة الفقدان دخلت في رحلة قصيرة ممتدة من الإلحاد، كفرت بالظلم بالمجتمع بالعادات بالموت بآلهة الخير وآلهة الحب وبكل معبود لا يستجيب لدعوات العابدين، كان نوعاً من الإلحاد لم أعرف له تصنيف، لم أترك خلاله الصلاة والدعاء، من منا يا مرام لم يلحد في حياته مرة، من منا لم يعاتب الله مرة أو مرتين، من منا لم يحتج على القدر مرتين أو ثلاثة !!
أستغفر الله العظيم، اغفري لي ذلك يا مدللتي فالله عزوجل يغفر كل ذلك إن نبع عن محبة له.
سأقبل بالأيام القادمة على خطوة كفيلة بإحداث تغيير على نمط حياتي لسنوات قادمة، سأحتاج فيها لذكرياتي الجميلة تساندني.
وسأكتب لك قريباً.
مصطفى