الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

"الحلقة العشرون "ذاكرة الترف النرجسي بقلم: د.حنان عواد

تاريخ النشر : 2017-05-23
"الحلقة العشرون "ذاكرة الترف النرجسي بقلم: د.حنان عواد
*****      روح القصيد في" المربد ."    ******                                                                         
.ففي اليوم الذي وقفت فيه على خشبة مسرح المهرجان،كان هنالك حشد كبير من الجماهير،ابتدأت بخطاب سياسي، قبل البدء بالقصيدة،وكان تفاعل الحضور غير عادي،ثم تابعت القصيدة ،وغادرت ثانية الى مقر الثورة ،عند الأخ أبو جهاد ،لألقاه مشدودا الى الكلمات ،مبهورا في الأداءات ،مرددا مقاطع من عمق ابداع الكلم المنصوص على حوافي البوح في العشق الأزلي المعتق—فلسطين.
 وقد تم ترتيب أمسيات ولقاءات عديدة وهامة،مع باقي الفصائل.التقيت الأخ أحمد عبد الرحيم ،قائد جبهة التحرير العربية،وفي اليوم التالي التقاني الأخ أبو العباس،وحين جلست اليه،كان اللقاء حميميا، مليئا بالتفاؤل والالتزام،انه شاب يفيض من عينيه الحنان والشجاعة والقوة والعزيمة.لا تزال صورته أمامي في لحظاتنا الوداعية المحملة بأريج المحبة والاكبار..                                               
ثم نظمت جبهة التحرير العربية أمسية خاصة لي على شرف المهرجان،ولقاء اعلاميا،وهناك تعرفت  على الأخ الكاتب هشام عودة و الأخ جابر ومجموعة من الأخوة،وكذلك قام الأخ أبو أحمد بدعوة جميع المشاركين بالمربد الى الغداء،والتقانا بروح الأخ والانسان.كان لطيفا جدا،وقائدا رائدا،ولما ودعته انقطعت أخباره عني،الى أن علمت أنه بالمستشفي في عمان ،يقاوم المرض.ذهبت لزيارته،ورأيته رغم المرض ،ذاك الانسان الأصيل،رحمة الله عليه.
كان يدير شئون المشاركين الأدبية،ويرافق الأدباء الأخ محمود أبو الهيجا،كاتب وأديب ومذيع في صوت فلسطين،التقيته عدة مرات،وسجل لي لقاءات صحفية متعددة.
اهتم بي المثقفون العراقيون،اتحاد الكتاب،وزارة الثقافة،وزارة الاعلام ومكتب الرئيس،ونظموا لي فعاليات كثيرة وزيارات للمراكز الثقافية،ولقاءات مع شخصيات اعتبارية لها حضورها الهام في الساحة السياسية..وظل التواصل المرسوم على الرؤيا الثورية والابداعية مستمرا مخترقا الحواجز المرصودة.
وفي هذا الزمن العابق بالفرح والثورة والألم،كان ضيف المهرجان الشاعر الكبير محمود درويش،وقد دعاني واياه الأديب العراقي الكبير حميد سعيد،جلسنا جلسة هادئة،وكان معنا الشاعر محمد الفيسي،ومحمود درويش حينما يحب لا يخفي حبه،وحينما يتضايق،تقفز من عينيه اشارات أفهمها،والواضح أنه كان غير مسرور بوجود القيسي،التفت الي وقال:"ماذا أقول لمحمود عما فعله"،ابتسمت وقلت:"مالنا الا الصبر".
وبعد أن غادر محمود أبو الهيجا ومحمد القيسي المكان، انفرجت أساريره .تمشينا قليلا،وسرنا نتحدث بحميمية،وكانت لغته الانسانية قريبة الى القلب ،وظل يناكفني مستغربا من رقة صوتي،معلقا:"هذه النعومة والرقة طبيعية أم مصطنعة"؟،ضحكت وتابعت الحديث:"ما رأيك"؟، نظر الي قائلا ثانية:"أنني أستمع الى لحن طفولي عذب ".تابعنا السير،بانتظار سيارة المراسم،وحلقت في تلك الأثناء فراشة،ثم هبطت على كتفه،رفعتها بهدوء،فعلق:"هذه الرقة التي تعجبني"..وظل منشرحا الى أن وصلت سيارة المراسم وغادرنا.وخلال اللقاء تحدثنا طويلا،وناقشنا أمورا كثيرة.والحديث مع أديب مميز كمحمود درويش،تحلق الكلمات في ابعاد الارتقاء،بفيض الروح والفكر وصفاء النفس،وشوق المعرفة المبعوث من المعرفة الفكرية  التي تسبق اللقاء الانساني ،من عذوبة النصوص وتجليات الابداع، وعظمة الوصف الذي يصيغه في التعبير عن الفكرة،بارتقاء الأنا وتداخلها في النص المعبود الذي يصيغ حروفه بنبض العشق الخالد لفلسطين.وكلما قرأت أعماله ،أعيد قراءتها بكل العمق المطلوب.ومهما تحدثت عن كلماته وقصائده،يبقى هنالك رمز أو رموز تحملنا الى التاريخ الانساني ووعي التجربة،والابحار في المعرفة الوضيئة بالتنصيص الخاص الذي رسم حروفه ورسمته.ناهيك عن الطروحات التصويرية،  والفلسفة النضالية التي ينقش بها،ويناقش تفاصيل دلالات العشق المؤكد.
وامتدت اللقاءات والحوارات،الى أن استقبلته بكل فخر أسدا عائدا في غزة، بحضور الرئيس ياسر عرفات،طيب الله ثراه،وتابعنا اللقاءات في رام الله.وقد شاركنا معا في أكثر من محفل دولي،وقدمت له عدة فروع من رابطة القلم الدولي دعوات شرف،وافق على بعضها واعتذر عن بعض منها،واستقبلته الرابطة الدولية بكل اكبار وتقدير لفارس الكلمة الملتزمة.وكان آخرها الدعوة التي  نطمتها بالتعاون مع رابطة القلم التركي ومؤسسة ناظم حكمت،حيث قامت بترجمة كتب محمود درويش الى اللغة التركية،وكذلك قامت رابطة القلم التركي بترجمة كتابي "يوميات الحصار"..حيث قدمت بالندوة الهامة التي اعدت خصيصا لمحمود درويش، وكذلك في مهرجان التضامن الي نظمناه دعما للرئيس عرفات،بحضور سفير دولة فلسطين الأخ فؤاد ياسمين،الذي رعانا بكل الحب..ان الأخ فؤاد ياسين،شخصية فكرية،أدبية واعلامية تستحق الاحترام والتقدير.شارك بجميع فعاليات المؤتمر وقدم كلمة هامة في الافتتاح،تبعها كلمتي وكلمة رئيس الرابطة الداعمة للموقف الفلسطيني،تبعها هتافات شعبية للسيد الرئيس والتي استمرت لمدة طويلة وبلغة نضالية تشعرك بمدى ايمان الشعوب بشخصية ونضال أبو عمار،ومدى احترامهم للكلمة الفلسطينية الملتزمة.اتصلنا بالسد الرئيس لنسمعه حميمية التضامن،وكان سعيدا جدا..خاطب الحضور بكل ثقة وحنان وتقدير،ولما خاطبهم ازداد الحماس والهتاف،ثم خاطبه رئيس الرابطة واعلن دعمه ووقوفه الى جانبه ومع شعبه..وكانت لحظات تؤرخ في نضالية مواقف المفكرين والشعوب.
وظلت مسيرتنا الثقافية مضمخة بالصداقة الواعية المنتقاة ،بابداع الكلمة ورسالة المحبة وعمق الرؤيا،الى أن كانت صدمة الغياب.
وظل درويش الصورة الأدبية ،الانسانية والثقافية لفلسطين،يطوف في الكلمة المعجزة الى آفاق العالم، الى أن حلق الجناح في الرحلة الوداعية،والتي غرست الألم في نفوسنا.كان وداعه صعبا محمولا على وضاءة أرواحنا وكنه وجودنا وكلماتنا التي استندت على حضوره الأبدي فينا،وفي كل قلم حر..ليكون يوم ميلاده يوما عالميا للثقافة والابداع،ونصا للحياة.
في كل ذكرى ترتسم صورته في النص الأممي في قراءات لأعماله التي وشجت التاريخ باللون المنتقى في كبرياء شاعر وكبرياء وطن...
فأي كلمات تفيه حقه واستحقاقه،وأي رثاء منقوش له؟، وهو العبير الأرقى في الروح وفي الوجدان..وهو الصفاء الأنقى للفكرة الفلسطينية المطلقة،وهو الانسان بعظمة الخلق والخلق...
التقيت هناك أيضا،الأديب يحيى يخلف،والذي عرفته قبل سنوات في دمشق،حينما كان ثائرا .فقد استقبلني هناك وأهداني روايته "نجران تحت الصفر".كما التقيت أيضا،الشاعر أحمد دحبور،كان هادئا،رقيقا ومبدعا.
وفي رئاسة اللجنة التحضيرية للمربد،كان هنالك طبيب وسيم يهتم بي، ويتابع طلباتي،دعاني مرة الى العشاء في مطعم الفندق،تحدثنا وأسهبنا في الجلسة،مما أثار حمية الكتاب الفلسطينيين،فعلقوا كثيرا،قال لي يحيى يخلف:"كيف حال الدكتور المغرم"؟،وأنا أضحك بخبث الأنثى المعروف.
وهكذا سارت أيامنا في اللقاءات الثقافية،الانسانية والسياسية، بوجود القادة الكبار،وقامات الأدب الرفيعة،وأشعر ،وأنا أخط كلماتي لفلسطين،بعظمة القيادة وقدرتها المعجزة في تخطي العقبات الهائلة.
كان مرافق الأخ أبو جهاد ،الأخ محمد ابو سمرة وزاهي،وكانا دائما ملازمين لي،وكذلك الاخ الزغير وأبو العز الذين ظلا ملازمين للأخ القائد.رجال موقف وأمل،أضافوا لروحي رؤى سياسية،وصورة الفلسطيني في الغربه، وقدراته في القيادة في أي موقع يكون به.وكذلك الأخ هاني عياد بروحه وحضوره الدائم.وكانت هنالك أخت مبعدة اسمها فوز،جلسنا طويلا وتبادلنا أطراف الحديث.
ثم أزفت ساعة الرحيل،جاء السائق من عند الأخ أبو جهاد، وأخذني عنده،ودعته بعبير الروح،وأنا أحمل كل المحبة والاكبار والاعجاب الذي لا ينتهي، لهذا البطل العملاق.
وعندما صعدت أدراج الطائرة،جاءت سيارة أخرى من طرف الأخ أبو جهاد،وسلمني الأخ زاهي في اللحظات الأخيرة ،علبة مغلقة منه،شكرته جدا، فتحتها في الطائرة، فاذا بها زجاجة عطر،وجاكيت خاص،سررت بهما كثيرا،وأدركت عظمة القائد وروحه الأنسانية التي استطاعت النفاذ الي،وادراك العطر الذي أحب،والأشياء التي أرتديها،بوعي الأخوة والمسئولية.
وقد سررت بها أكثر من أية هدية تسلمتها.
وقبل أن أغادر،طلب مني الأخ أبو جهاد وبحضور الأخ عزام الأحمد ،التوجه الى الخليج العربي، لاعلاء صوت الانتفاضة وصوت منظمة التحرير،وسعدت جدا بذلك،وتم ترتيب الزيارة..
وقبل أن أبدأ بتفاصيل الرحلة،لا بد أن أتوقف ثانية، عند شحصية هذا القائد الفذ أبو جهاد،رجل المواقف بحنانه الأخاذ واصراره وصموده وتشجيعه ،شكل مدرسة نضالية فوق العادة،وجعل من الكلمة رسالة الموقف.كان يهتم بالابداع والمبدعين،فكان يوصي الأخ خالد سلام رئيس تحرير "صوت البلاد" آنذاك،والتي كانت تصدر في المنفى،برعايتي ورعاية كتاب الأرض المحتلة.
أبو جهاد شخصية وضيئة الحضور،بسيطة،يشعرك وأنت معه، أنك تستطيع تفكيك رموزها،فمن الاطلالة الانسانية،تعبر الى آفاق ثورية حديدية،لتشعر أنك مسلح بأسلحة القوة العظمى، التي لا يمكن اختراقها.وحينما يتحدث بلغة القائد وعنفوانه،تدور في عينيك علامات تساؤل كبيرة،محملة بيقين الايمان بهذا الرجل.
فكيف نفقد رجلا ك أبي جهاد؟! ونستعيد قوانا ثانية؟
وكيف نصيغ الأمان لسيد الموقف وباعث الانتفاضة ورسولها؟
وكيف نغفو عن حمايته؟
ولا نحافظ عليه؟
وكلما التقيته زاد حبي واحترامي.
كان دمثا،خلوقا،انسانا.كنت دائما في لقاءاتناأحدثه بلغة الارتقاء، ورسالة المقاومة وثورة العاشقين.كان يبتسم بوداعة،وكأنما الأمان مرصود له.
كان هذا الجو بالعراق،يشعرك بأنك محاط بكل الحماية والرعاية والأمان النفسي،فتنسى الاحتلال، وترسخ صورة الأمل بالحرية والاستقلال.
وكلما اعتليت منصة الشعر والسياسة،كان وجهه مطلا أمامي، بعظمته وشموخه،
انه قامة ارتقاء الأنا البطولي في استراتيجية الكفاح الأسمى.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف