سيجارة لفّ
عطا الله شاهين
اعترضَه ذات صباحٍ ربيعيٍّ رجُل مُسنّ، كانَ ذلك أمام مركز دنيا في شارعِ ركب، وسط مدينة رام الله، فقالَ له الشّابّ أتريدُ شيئا أيّها الحاج؟ توقّفت زوجة الشّابّ التي بدتْ مستعجلةً وهي تنظرُ إلى ساعتها، وقالتْ له سنتأخّر، رنا إليها، وقالَ لها ليستْ هناك أيّة مشكلة لو تأخّرنا، ربما احتاجَ هذا الرجل المسنّ إلى شيء ما، فلا بدّ لنا أنْ نساعدَ النّاسَ ونجيبَ على أسئلتهم مثلا، فقالَ الرّجلُ المُسنّ للشابّ الذي التصقتْ زوجته به، هلْ أعطيتني سيجارة، فزوجتي المرأة العجوز لا تسمحُ لي بالتّدخينِ في البيتِ، فقال له الشّابّ: لا يوجدُ معي سوى سجائر لفّ، فردّ الرّجل المُسنّ ما من مشكلة أيّها الشّابّ، فسيجارةُ لفّ اليوم يدخنونها بكثرةٍ حسب ما أسمعُ، وقالَ الرّجُل المُسنّ هلْ أنتَ من هنا؟ فردّ الشّابُّ لا أيها الحاج، أنا من قرى رام الله، استدارَ لزوجته وقالَ لها دقيقة باللغة الروسية، الرّجُل يحتاج فقط إلى سيجارة، أنتِ لا تقدرين طبعا، ماذا يعني احتياج شخص ما لسيجارة، وعلى كل حال، بسبب لحظات من الوقت لن تنقلب الدُّنيا، فقال الرّجل المُسنّ للشّابّ يبدو أنكَ مستعجل، أعذرني إنْ سببتَ لك التأخير.. ابتسمَ الرّجل المُسنّ عندما أعطاه السّيجارة، وقالَ للشابّ: أشكركَ، ووضعها بين شفتيه بلهفة، أعادَ الشّابُّ عُلبةَ الدّخان جيبِه وخمّن أنّه لمْ يدخن منذ يومِ أمس، وقالَ الرّجل المسنّ القدّاحة لو سمحت، فقام الشّابُّ بتناول القدّاحة من جيبِه وأشعلَ له السّيجارة، وقال له نهارٌ طيّب لك يا حاج، ثم تحرّكَ معية زوجته باتجاه نزلة البريد، لكنْ بدأ المشهد يتكرر في ذات المكان وذات الزمان، وكانَ الرّجل المًسنّ يسأله في كلّ مرة أأنتَ من رام الله أو نابلس، وحينما كان الشّابّ يذهب إلى عمله من تلك الطريق، فيقول الشّابّ في ذاته يهربُ هذا الرّجل من زوجتِه كيْ يدخّن سيجارةً، فهي لا تريدُ أنْ يدّخن. إنّها خائفةٌ على صحته، فهي معها حقّ..
وذات يومٍ حارّ مرّ الشّابّ من ذات الطّريقِ، ولكنّ الرّجلَ المُسنّ لم يكن موجوداً كعادته هناك، ولكنْ الشّابّ نسي الأمر، وسارَ في طريقِه، وبعد عدّةِ أشهر أيّ في موسمِ قطفِ الزيتون رآه مع امرأةٍ عجوز، فقال الشّابّ لربما تكون زوجته، ولكن هذا لا يعنيني مَنْ تكون، وحينما رآه الرجل المسنّ قالَ سيجارة لو سمحت، أو لو تكرّمت بسيجارتيّن، لأن السيدة التي بجانبي تدّخن أيضا، فقالتْ له السيدة أأنتَ من الجنوب؟ فقال لها الشابّ: لا أنا من هنا، فرأى الشّابّ كيف يدخّنان معا في مشهدٍ سرياليٍّ، وقالَ لهما أأنتما من رام الله، فقالا له: لا نحن من فلسطين، ابتسمَ لهما وذهبَ في طريقه..
عطا الله شاهين
اعترضَه ذات صباحٍ ربيعيٍّ رجُل مُسنّ، كانَ ذلك أمام مركز دنيا في شارعِ ركب، وسط مدينة رام الله، فقالَ له الشّابّ أتريدُ شيئا أيّها الحاج؟ توقّفت زوجة الشّابّ التي بدتْ مستعجلةً وهي تنظرُ إلى ساعتها، وقالتْ له سنتأخّر، رنا إليها، وقالَ لها ليستْ هناك أيّة مشكلة لو تأخّرنا، ربما احتاجَ هذا الرجل المسنّ إلى شيء ما، فلا بدّ لنا أنْ نساعدَ النّاسَ ونجيبَ على أسئلتهم مثلا، فقالَ الرّجلُ المُسنّ للشابّ الذي التصقتْ زوجته به، هلْ أعطيتني سيجارة، فزوجتي المرأة العجوز لا تسمحُ لي بالتّدخينِ في البيتِ، فقال له الشّابّ: لا يوجدُ معي سوى سجائر لفّ، فردّ الرّجل المُسنّ ما من مشكلة أيّها الشّابّ، فسيجارةُ لفّ اليوم يدخنونها بكثرةٍ حسب ما أسمعُ، وقالَ الرّجُل المُسنّ هلْ أنتَ من هنا؟ فردّ الشّابُّ لا أيها الحاج، أنا من قرى رام الله، استدارَ لزوجته وقالَ لها دقيقة باللغة الروسية، الرّجُل يحتاج فقط إلى سيجارة، أنتِ لا تقدرين طبعا، ماذا يعني احتياج شخص ما لسيجارة، وعلى كل حال، بسبب لحظات من الوقت لن تنقلب الدُّنيا، فقال الرّجل المُسنّ للشّابّ يبدو أنكَ مستعجل، أعذرني إنْ سببتَ لك التأخير.. ابتسمَ الرّجل المُسنّ عندما أعطاه السّيجارة، وقالَ للشابّ: أشكركَ، ووضعها بين شفتيه بلهفة، أعادَ الشّابُّ عُلبةَ الدّخان جيبِه وخمّن أنّه لمْ يدخن منذ يومِ أمس، وقالَ الرّجل المسنّ القدّاحة لو سمحت، فقام الشّابُّ بتناول القدّاحة من جيبِه وأشعلَ له السّيجارة، وقال له نهارٌ طيّب لك يا حاج، ثم تحرّكَ معية زوجته باتجاه نزلة البريد، لكنْ بدأ المشهد يتكرر في ذات المكان وذات الزمان، وكانَ الرّجل المًسنّ يسأله في كلّ مرة أأنتَ من رام الله أو نابلس، وحينما كان الشّابّ يذهب إلى عمله من تلك الطريق، فيقول الشّابّ في ذاته يهربُ هذا الرّجل من زوجتِه كيْ يدخّن سيجارةً، فهي لا تريدُ أنْ يدّخن. إنّها خائفةٌ على صحته، فهي معها حقّ..
وذات يومٍ حارّ مرّ الشّابّ من ذات الطّريقِ، ولكنّ الرّجلَ المُسنّ لم يكن موجوداً كعادته هناك، ولكنْ الشّابّ نسي الأمر، وسارَ في طريقِه، وبعد عدّةِ أشهر أيّ في موسمِ قطفِ الزيتون رآه مع امرأةٍ عجوز، فقال الشّابّ لربما تكون زوجته، ولكن هذا لا يعنيني مَنْ تكون، وحينما رآه الرجل المسنّ قالَ سيجارة لو سمحت، أو لو تكرّمت بسيجارتيّن، لأن السيدة التي بجانبي تدّخن أيضا، فقالتْ له السيدة أأنتَ من الجنوب؟ فقال لها الشابّ: لا أنا من هنا، فرأى الشّابّ كيف يدخّنان معا في مشهدٍ سرياليٍّ، وقالَ لهما أأنتما من رام الله، فقالا له: لا نحن من فلسطين، ابتسمَ لهما وذهبَ في طريقه..