الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحلقة التاسعة عشرة -ثانية الى كندا.. بقلم: د.حنان عواد

تاريخ النشر : 2017-05-15
الحلقة التاسعة عشرة -ثانية الى كندا.. بقلم: د.حنان عواد
متابعة النضال السياسي والثقافي    

وفي ذلك الوقت،اشتدت الجرائم التي ترتكب بحق أبناء فلسطين في مخيمي صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة،انها جزء من المخططات التصفوية لقضيتنا وشعبنا والناس يراقبون الأحداث بهدوء تام..صرخات الأطفال تعلو،صرخات الأمهات تتزايد،ومواقف الرجال الصلبة تصمم على البقاء،والاستمرار،يحيطون بالمخيمات،يقدمون أرواحهم فداء.

وفي محاور الدفاع عن الهوية،والتصدر لأعداء الثورة،أصدرت كتابي الثالث"الفارس يزف الى الوطن"،والذي صدر عن دار الأسوار في عكا..وهو يتضمن نصوصا غاضبة على كل من تطاول على منظمة التحرير،وخاصة في لبنان،بصرخة عالية وقلم حاد..وبلغة أدبية قوية وصارخة..كتب مقدمة الكتاب الشاعر الكبير سميح القاسم..كما قدم دراسة تحليلية الدكتور عبد اللطيف البرغوتي..أما الأديب أفنان القاسم فاعتبر هذا الكتاب نصا مميزا بايقاع عالي النبرات.

كما نرى في هذه المقالة "كفوا أيديكم عن مخيماتنا":

لقد ازدادت الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا الفلسطيني الصامد،

وهويرفع الراية الحمراء.

ماذا ستتحمل يا شعبي المقهور؟

بماذا ستدافع والدوائر مغلقة حولك؟والحصار يتربص بك؟..

ماذا سيكون؟! أيتها الأمومة المذبوحة على عتبات الجزار..

كم جزارا يا وطني يتربص بك؟؟

وكم حاقدا يكيل لك؟؟

 ورغم ذلك،تصر على وحدة النضال،لرد الجريمة التي يخططها مصاصو الدماء...

كفوا أيديكم عن مخيماتنا،

كفوا أيديكم عن أبنائنا،

كفوا أيديكم عن قلعات صمودنا،

كفوا كفوا أيديكم عن فلسطيننا،

كفوا....

وسنلتقي غدا،

وان غدا لناظره قريب."

وتظل تنبعث كلماتي لادراكي معنى أن تكون مقاتلا صلبا ضد القوى الغاشمة،ليس بكلمات موسمية،بل بكل مواسم الحصاد التي أباحت الدم الفلسطيني والحق الغائب..

 لادراكي معنى أن أكون كاتبا في الق الثورة،

                    لتكون كلماتي سيوفا مسلولة ضد الظلم ،                          

معنى أن تكون نورسا على الشاطيء الحزين...

وتخطو الى أبواب مدينة الروح بأجنحة المطلق.

معنى التساؤلات الكبرى لزمن أصفر

ولقصائد ايقاعها تضحية وفداء،

ووزنها الحراري اشعاعات تخترق ستائر الليل المعتم،

وتمضي باصرار نحو الفجر.

معنى أن نصفق للردى،،

وروح الحياة مغروسة فينا بخيوط مجدولة بلغة الصفوة،

وتراتيل العائدين،وهتافات الثائرين..

معنى التفاف الأرواح المنطلقة الى فجر اللقاء،

بكنه الانسان،وتجليات المواقف،

وحركة الصيرورة المضمخة بعبير المجد..

معنى أن تحمل رسالة أدبية مسكونة بالحب الصوفي،

 في العلاقة الألهية المغروسة في أعماقنا،

 في تشكل ديمومة العلاقة ما بين الانسان والوطن.

معنى الحب والوفاء،ويوتوبيا الدولة،

صدق الانسان، وعظمة الأمانة..

معنى أن تنشد الحق،باطلالة فارس وفوارس بارادة التحدي..

ومعنى أن نكون..

وحتمية الحق التاريخي...

وظل الدكتور زهير مشرفا على برامجي السياسية والثقافية،منظما بعضها ومشاركا في بعضها،

وظل الصوت الذي يحمل قضايا الوطن التي أقوم بها،وصلة الوصل بيني وبين أبو عمار والقيادة الفلسطينية في زمن التقية.

         وعودة الى الأخ ابو جهاد

قام كوادر فتح بمتابعة تعليمات الأخ أبو جهاد بتنفيذ مشاركتي في مهرجان المربد،جهزوا لي تذكرة سفر متوجهه الى لندن،ولما وصلت المطار، كان باستقبالي شاب من طرف الأخ أبو جهاد،واسمه أبو خالد من قوات ال17،رجل مثقف،ملتزم،تحدثنا مطولا عن سير السفر والبرنامج المعد،وأحسست بالأمان وأنا أتحدث اليه،رغم المخاوف العديدة والمحتسبة،والتي نواجهها حينما نغادر الأراضي المحتلة.رتب لي الأخ أبو خالد لقاءات هامة،منها اللقاء مع اتحاد الكتاب الفلسطينيين،فرع بريطانيا،والتقيت هناك بالشاعر المعروف أمجد ناصر،وكذلك تم ترتيب لقاءات مع رؤساء تحرير الصحف العربية التي تصدر في لندن،الأخ عبد الباري عطوان-رئيس تحرير القدس العربي، والأخت سناء العالول ،ورئيس تحرير جريدة الحياة اللندنية الأخ جهاد خازن.

وفي اليوم التالي،أوصلني الى المطار، ولم أدر سوى أنني داخل الطائرة.

مشاعر بهالات القمر-وأنا أحلق في رحلة الكشف التواصلي مع رجالات ثورتنا العملاقة،لقضية يرتقي فيها السمو البشري والنضالي الى أعلى درجات الارتقاء في بهاءات التضحيات والالتزام المتداخل في الروح-أسير بها لأشعر بأنني طائر التكوين الجديد.

وهكذا حلقت الطائرة بخطواتها مع ايقاع الزمن،وغبت عن وعي اللحظة،وأنا أترقب ساعة الوصول الى بغداد.،المدينة التي زرتها سابقا،ولكن هذه المرة تختلف،انها زيارتي الرسمية للأخوة المناضلين، واخوتي الذين أعتز بهم.

الآن،بدأت الطائرة تهبط قليلا قليلا..آه يا هوى بغداد.

كان بانتظاري الأخ عزام الأحمد، ممثل منظمة التحرير هناك،واخوة اثنين،رحبوا بي،ثم أخذوني الى فندق ميليا منصور، حيث تقيم ادارة المهرجان.

الأخ السفير عزام الأحمد شخصية هامة الحضور، مقرب من الرئيس عرفات، وكذلك من الأخ أبو جهاد،حينما التقيته،كان مرحا مبتسما،وكان يشعرك بالأمان والرعاية.

كان يتابع برامجي الثقافيةـويعد الترتيبات اللازمة للقاء المبدعين الفلسطينيين المشاركين في المربد.كان نشطا جدا،ومرحا جدا،يناكفني دائما حينما شاهد بعض الخواتم  في أصابعي قائلا:"أنت مناضلة،ولماذا خواتم الذهب"؟،ونسير ضاحكين.ألفت حضوره،ودماثة خلقه،وكلفه الأخ ابو جهاد وابو عمار متابعة الكثير من القضايا.لا زال الأخ عزام الأحمد حتى هذه اللحظات،يتابع المهام الصعبة والمعقدة،ولا زال هو الصورة المنقوشة في ذاكرتي عن الرباط المقدس مع القائد أبو جهاد،والرئيس عرفات،في فضاءات العراق بعراقته،وبوجود القامات الثورية التي زينت المكان الذي تظلل بهم،وأظلم يفقدهم.

وصلت الفندق،وتوجهت الى قسم التسجيل،استقبلني بحفاوة منقطعة النظير، رئيس المهرجان ألأخ الدكتور عادل التكريتي.كان وسيما،طويل القامة، انتقى لي أجمل  الغرف ،وأحاطني بكل هالات الرعاية والاحترام.

في صباح اليوم التالي،وبعد اللقاء مع عدد كبير من الكتاب الضيوف،توجهنا الى المسرح،لحضور افتتاح المهرجان،وكانت كلمة الأرض المحتلة اولى القراءات في البرنامج.

صعدت المنصة،وقدمت تحيات فلسطين ،ثم قرأت قصائدي الملتزمة .التي لاقت تفاعلا جماهيريا كبيرا،وكان الأخ القائد أبو جهاد يتابع كلمتي باهتمام.

وفي مهرجان هام كالمربد،تشعر بأهمية الكلمة وأهمية الانسان..وترتبط من خلال الكلمة بالمفكرين والسياسيين،وكذلك ابناء الشعب العراقي،فتتعمق الرؤيا لتخرج من نص المجاملة،الى أبعاد المعرفة بتفاصيلها الهامة التي ترسم الصورة الحقيقية للعراق الذي أحببناه،وعشنا أياما بنقش الزهور في ربوعه،ولا زلنا في العناق النفسي للهواء النقي الذي تنفسناه،وابداع الأخوة والصداقة التي تشكلنا بها وشكلتنا في الفكر النضالي المسؤول.

تعرفت على الأدباء من مختلف الأقطار العربية،وكانت لنا جلسات،حوارات وندوات هامة،ناقشنا من خلالها الأبعاد الأدبية والسياسية،وكنا نشعر خلال الندوات والحوارات بعمق التواصل الذي يجمعنا في ظل العروبة وفي نبض المقاومة والنضال.فقد كان لفلسطين ومنظمة التحرير حيزا خاصا مميزا،أضفى الى اللقاء جماليات تغذي الروح.

ازداد اهتمام الدكتور عادل ببرامجي،حتى أخذت بعض المشاركات يتذمرن لاهتمامه بي،وما يكاد يطل الى القاعة،واذا بكلمات تلقى هنا وهناك،ويظل يبتسم..كان مقلا في الكلام،واذا تحدث أضفى حيوية وخفة روح.كان يأتيني في المساء،يطمئن علي،يشع من عيونه حبا عذريا راقيا،يتجلى في سلوك مخملي.

وفي لقاءاتنا العديدة،كان محور حديثنا "أبو عمار" والرئيس "صدام حسين"،وعن الأمل الآتي في تحقيق حلم النصر.

وبعد أيام،وفي احدى الامسيات الهادئة،وبفرحة العاشق والتزام المناضل، بدأ يحدثني بخجل وتعثر،ثم استطرد في الحديث عني بكلمات خاصة ومميزة .أقرأ في عينيه شيئا يريد أن يوصله الي ،أحاول من خلال الحوار المخملي أن أطلق أجنحة الارادة في معرفة ماذا يريد أن ينقل لي ،ازداد خجلا،وأخذ بسؤالي أسئلة تقريبية  توصل الرسالة.أظهرت كأنني لا أفهم ،وفجأة،وبشجاعة غير متوقعة،التفت الي موضحا مدي اعتزازه بي ،ثم صارحني بالحقيقة،راسما خطة متكاملة للارتباط.

أسعدني حديثه ومواقفه وصدقه،والتي توقعتها وقرأتها قبل أن تكتب حروفها..طأطأت رأسي مبتسمة،والحيرة تكتنفني،والحقيقة أنني انجذبت الى حضوره،وأدركت التوافقات التي تجمعنا والتي تساهم في بناء العلاقات الجادة..

 ولكن السؤال الحائر كان يطاردني ،"كيف أستطيع الخروج من فلسطين الى عالم آخر"؟،كانت قضية ونقطة مفصلية ومعقدة،التفت الي وقال:"لا أريد منك الجواب،وانما سأتحدث الى الرئيس صدام ليخاطب الرئيس عرفات بهذا الموضوع.كان د.عادل من عائلة الرئيس صدام ومقربا منه.أحسست بالخجل الشديد،وبدا الاحمرار على وجهي،أخفضت رأسي وصمت.

وكان مساء حالما حين دعاني الرئيس عرفات للعشاء، جاءت سيارة الرئاسة، لتنقلني الى مقر الرئاسة،استقبلني هناك الأخ أبو الطيب والأخ أبو سليم،وتناولت العشاء مع السيد الرئيس . الذي أحاطني بالرعاية،وأوصى الشباب جميعهم الاهتمام بي وتسهيل أموري .وبعد العشاء،تحدث الي بصراحة الأب قائلا:"هنالك فارس يرغب في الارتباط بك،فماذا تقولين؟أخفضت عيوني بكل الخجل،وصمت طويلا،ثم قلت:"يا والدي ،نحن نتحدث عن الصعب،كيف لي أن أغادر مدينتي التي أعشقها،لو كانت فلسطين محررة، لاختلفت الظروف،وأنت الأعلم،والشاب على درجة كبيرة من الوعي والالتزام ،وأنا معجبة به، وأرتاح اليه،ولكن الظرف أقوى منا..                                                               

.وكأنما هذه الاجابة أراحته.استأذنته للعودة الى الفندق،فدعا الأخوة قائلا لهم:"الرجاء الاهتمام بحنان كثيرا،لانها الطفلة المدللة عند أبو جهاد".                       ودعته بروح الابنة،وروح الأمل أن يحفظه الله لنا .                 

عدت الى الفندق،وتابع الدكتور عادل اهتمامه بي،وقدم لي كل وسائل الراحة.ظل يزورني،وكان يتضايق جدا من كثافة الصحفيين والاعلاميين الذين يطلبون مقابلتي لأنني،ومنذ اليوم الأول للمهرجان،توجه الي عدد كبير من الاعلاميين من جميع الأقطار العربية،لدرجة انني لم أتمكن من الحصول على سويعات للراحة،ورغم ذلك،كنت أشعر بالسعادة ،بأن أقدم صورة فلسطين المنتفضة الثائرة.

وفي أحد الأيام،حضر الى الفندق لتفقد الضيوف،ورآني أجلس في باحة الفندق مع مجموعة كبيرة من الاعلاميين،الذين لم يتوقفوا عن الحوارات الصحفية ،الأدبية والسياسية،وكنت أنهي حوارا لأبدأ بحوار آخر،وبدت على وجهي ملامح الارهاق..

بعد دقائق،اقترب مني النادل، وأعلمني ان مكتب الرئيس يطلبني عبر الهاتف. .استأذنت، وذهبت بسرعة الى الاستقبال،تناولت الهاتف،فاذا هو الدكتور عادل يخاطبني بأن أجهز، لان سيارة الرئاسة ستحضر بعد قليل..اعتذرت للصحفيين،ذهبت الى الغرفة لأستعد للخروج.نزلت من الغرفة وخرجت الى الساحة الخارجية انتظارا لسيارة الرئاسة،واذا بالدكتور عادل جالس في سيارته ينتظرني..

ركبت السيارة،وأخذني في جولة ترفيهية قصيرة وقال لي:"أنا الذي اتصلت بك خوفا عليك من الارهاق"،وبعد عشر دقائق عدنا الى الفندق ،لأجد سيارة الرئاسة بانتظاري.

والتعرف على انسان ملتزم يحمل مباديء مشابهة،-يساهم في تسريع عجلة التقارب ويوطد أواصر المحبةأكثر،يوثق الصداقة ويحافظ على مكنوناتها،خاصة واننا نعيش تفاصيل المعركة النضالية وآفاقها الأسمى ،ينساب الحديث الفكري والنقاش ويأخذ منحى العمق وهدوء التحليل،بعيدا عن الاستفزازات والتحديات...وظل الدكتور عادل يتواصل معي في أي بقعة أكون بها،حافظنا على الصداقة والاحترام الى أبعد الحدود...ومرت السنون،وساركل في دربه..وفي عام الف وتسعمائة وثلاثة وتسعين،قدمت لي دعوة رسمية من المرصد الوطني لحقوق الانسان ووزارة الخارجية الجزائرية،لزيارة الجزائر،استأذنت الرئيس أبو عمار،سعد بالدعوة وبارك خطواتي،وأعطى تعليمات لطاقم الرئاسة لتبليغ سفارتنا هناك لرعاية الموضوع..

ذهبت الى الجزائر التي عشقتها منذ الطفولة،ونظم استقبالا حاشدا لي،وتم ترتيب برنامج مميز،أوله كان محاضرة سياسية عن الموقف الفلسطيني ونضال الشعب الفلسطيني،بحضور جميع السفراء العرب،والمؤسسات الثقافية وشخصيات اعتبارية عديدة.تم تنظيمها في القصر الثقافي.كان هذا بعد اتفاق أوسلو بفترة وجيزة،لذا وجهت أسئلة عديدة محملة باللوم والنقد الشديد،تناولتها جميعها بهدوء السياسي،وأجبت عليها باسهاب..كان سفير دولة فلسطين الأخ ابو العز الدجاني يجلس باختيال وهو يسمع الاجابات..انهيت المحاضرة وعدت الى فندق الأوراسي..استرحت قليلا،ثم سالت الاستقبال في الفندق عن كوافير،فأشار لي بأنه في الجانب الآخر من الفندق،خرجت الى هناك فوجدت المكان مغلقا،عدت ثانية الى الفندق،وفي طريق العودة،سرت بتريث،طار ذهني بعيدا،ثم أخذت أدندن اغنية رومانسية،أنظر الى الأرض وهي تعانقها الزهور،واذا برأسي يرتطم بشخص أمامي،رفعت رأسي لأقدم اعتذاراتي،نظرت الى الرجل أمامي، فاذا هو يصرخ:حنان..تسمرت في مكاني لأرى أمامي الدكتور عادل..كانت مفاجأة لم أتوقعها، وكأنها من قصص الخيال،جلسنا سويا وتحدثنا وعلمت بأنه في خطوات الاعداد لتسلم السفارة العراقية في الجزائر.

وفي مكتب الأخ القائد أبو جهاد،تعرفت على مساعده، الأخ المناضل هاني عياد، كان يزورتي باستمرار،بكل الأخوة،يتفقدني ويسهر على راحتي .حدثته عن الدكتور عادل،وظل يناكفني بالموضوع قائلا:لا أستغرب،بل العكس سأستغرب اذا لم يلتفت اليك،مع أنني"مغيوظ".                                                                 

وبعد انتهاء القراءات الشعرية،كان يأتي الي،ويخرجني في جولات تعريفية على بغداد،كنا نأخذ حنطورا خاصا، ونتجول في العاصمةالغراء.

الأخ هاني عياد من الشباب الذين أعتز بهم كثيرا،كان طيب القلب،انسانا صادقا وطبيعيا،تخلو روحه من الخبث وتعدد الألوان،ظلت علاقتي به بمستواها الأرقى،وحين عاد الى فلسطين،تعمقت العلاقة ،وتابعنا الزيارات ،وخاصة عندما تسلم منصب وكيل وزارة الداخلية،أحبه الجميع،وظل بروحه التي عهدته بها،الى أن غادر هذا الأخ والصديق العزيز فجأة،صدمت بشدة،ولم أكن أتوقع هذه المفاجئات القاسية،وسلسلة فقد الفوارس الأعزاء، الذين شكلوا حالة خاصة في مسيرة النضال الوطني.

العلاقة مع رجالات منظمة التحرير وكوادر فتح ،لها لغة خاصة،وتجربة خاصة،مبنية على الأخوة التنظيمية والفكر الثوري،وتفاصيل تجارب،وبناء رؤيا ومواقف،مقرونة بظروف الحياة في المنفى وعذاباتها..

والتي تشكل حالة خاصة،يفهمها كل من كان في داخلها،ويعجز عن تفكيك حروفها الآخرون .انها لغة تدور بعبير خاص،وجو خاص،

ورؤيا مشتركة،بتفاصيل متعددة..وحينما تعبر اليها أمواج الوجدان الانساني،تضفي على العلاقة ابداعات تكوينية تضفي دلالاتها في العلاقات الانسانية.          

كانت أولى اللقاءات الصحفية الهامة التي أجريت معي،اللقاء المطول الذي نشر في صحيفة "صنعاء الثورة"،حيث التقاني الكاتب اليمني المعروف أحمد الأشول،وسجل لقاء هاما نشر في أربع صفحات متكاملة.

وفي نهاية الحوار،طلب مني كتابة كلمة لقائد القوات الفلسطينية في صنعاء، الأخ"أبو حميد" رجمه الله.لم اكن قبل ذلك قد زرت اليمن،ولم أكن أعرف الأخ أبو حميد،فكتبت له كلمة ،وبتوقيعي الخاص،ولم أكن أدري بأنني سألقاه قريبا.

كان الوجدان الجمعي في التحليق الفلسطيني من خلال الثورة ،ومن خلال الانتفاضة يضفي قيمة بلاغية وانسانية على اللقاءات،

وأذكر أن أخا مغربيا قد سجل معي لقاء اذاعيا،وبينما كنت أجيب على الأسئلة ، كانت الدموع تنهمر من عينيه.

واستمرت اللقاءات والحوارات الموقعة بروح الالتزام ورؤيا المستقبل.وخلال المهرجان،كان الأخ أبو جهاد يدعوني كل يوم للمتابعة.

والحديث عن الأخ أبو جهاد،حديث بايقاع خاص،

منقوش بشذور الذهب،

مدثر بحنين الروح،

مرسوما في أعماق النفس .

لا تكفيه الكلمات بفيضها ..ولا الايقاع..

"نص أزلي معلق في شجيرات المنتهى"،

يطوف فينا منا،على أرائك الخلود...رجلا

 حين يغادر الرجال،عملاق الفكرة في مدن البراكين ،

أفقا  منقوش الهوى على دعاء ألأرض..

 سلاما اليه...

كان،وخلال المهرجان،فارسا للكلمة،

ومدارس الفكر، بدءا أمام كبرياء الرؤيا .. 

ساعات طويلة أمام التلفاز،يستمع الى الشعراء من مختلف البقاع،ويبدي رأيا،حكمة في ترسيم الغد والفكرة،لتشعر أنك في عمق الفلسفة .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف