ويبقى الأمل!!
مِن ظَريفِ مَا وَقعَ لِي فِعلاً وَقَد تَنَفَّستُ الصُّعداءَ ،انغِلاقُ نَوافذِ سَيارتي المَصُونةِ التي بَدأتُ أَحملُهَا بَدلَ أَن تَحمِلني مِن ضِيقِ مَساربِ الحَياةِ، وَلكنْ لا مَلجأ مِن اللهِ إِلَّا إِليهِ، حيثُ اتجهتُ إلى مَقْبرةِ السَّياراتِ (الرَّابشِ) سيدي بالرَّابش لأُجددَ الحَياةَ فِي سَيَارتي التي أُغلقتْ نَوافذها، وَبعدَ جُهدٍ وَمَشقةٍ وَبحثٍ وَجدتُ شَابَّا لِيبِيَّاً لَطيفاً وَسِيماً وَاستغربتُ حَقَّاً مِن وُجودهِ فِي هَذا المَكانِ بَعدَ نِسيانِ هَمِّ تَصَبَّبِ العَرَقِ مِن جَبيني وَقِلَّةِ الأُكسجين، وَشَدَّني الفُضولُ فَسَألتُهُ هَل أَكملتَ دِرَاستكَ وَتُمارسُ هَذا العَملَ تَرَفاً؟ قَالَ لِي بِكُلِّ فَرحٍ وَسُرورٍ: (أَنَا لَم أَقرأْ إِلا لِحَدِّ الصِّفِ السَّادسِ، وَأَوقفتُ الدِّراسةَ، وَوجدتُ هَذه المهنة مَصدرَ رِزقٍ وَفيرٍ أَوجدتُ مِنها مَقْهى تَعملُ فِي جِدٍّ صَباحَ مَساءَ وَلي أُخرى عَلى البَحرِ أُجَهِّزها لِفصلِ الصَّيفِ)، وَدَاهمني المَثلُ المَشهورُ : ( صَنْعة اليِدينْ ، وَلا مَالْ الجِدِّينْ) فَتَوقَّفتُ قَليلاً فِي صَمْتٍ وَقُلتُ فِي نَفْسي ما يَقولُهُ كَثيرٌ مِن النَّاسِ: (كُلّْ رَاسْ عليه حِكمةْ)، وَرُبَّما هَذه المِهنُ أَفضلُ بِكَثيرٍ مِن شَهَادَاتِنَا التي نَحْمِلُها وَتَعجزُ عِن إِخراجِ هَذَا الوَطنِ مِن مَأْزقهِ، فَترَكتُهُ وَمَضيتُ أَبحثُ عَن ظِلٍّ يُذهبُ عَنِّي غَيظِي، وَغيظَ الشَّمسِ ووَهجَ رَمضاءَ القَيلولةِ، فَوجدتُ شَجرةَ التُّوتِ التي أُحِبُّها كَثيراً لِظِلِّهَا وَثَمرِهَا وَقَدْ بَدأ يَنضَجُ فَتَسَلَّلتُ دُونَ إِذنٍ نَحوها ،وَامتدتْ يَدي دُونَ وَعي إِليهَا، فَتَلَمَّظتُ أَنفاسَ الأَملِ، وَتَلَطَّفتُ مِن حَرارةِ الشَّمسِ بِلَذيذِ ثَمرهَا وَوجدتُ حَبةَ تُوتٍ لَذيذةً رُسمتْ فِي قَالبٍ عَلى هَيئةِ (قَلْبٍ) سُبحانَ الله عَزَّ وَجَلَّ!! فَتَعَلَّمتُ مِنهَا مَعنى الأَمل فِي نَفْسي، رُغمَ الظُّروفِ القَاسِيَة وَاغتِرَابها فِي مَكانٍ قَد لا يَليقُ بِها!! مَقْبرةُ السَّياراتِ (الرَّابش) فَأَخذتُها وَصَوَّرتُها، وَاحتفظتُ بِها لأُطلعَ عَليها زَوجتي التي تَنْتظِرني بِفَارغِ الصَّبرِ، وَأصلحَ لي (عَليُّ) السَّيارةِ، وَأَنقدتُهُ مَا اتفَقنَا عَليه، وَوَدَّعَني بِابتِسَامتهِ الجَميلةِ، وَفُتحتْ كُلُّ نَوافذِ سَيارتي مِن جَديدٍ وَشغافُ قَلبي، وَحمدتُ اللهَ عَلى فضلهِ، وَقُلتُ: مَهما طَالَ حَجمُ المُعَاناةِ، وَقسوةُ الظُّروفِ، سوف يَتَنفَّسُ هَذا الوَطنُ، وَنخرجَ مِن ضِيقِ هَذه الدَّوَّامةِ البَائسةِ بإذن الله، وَسَيُزهرُ الرَّبيعُ، أَتركُكُم فِي أَملٍ وَحُبٍ مَع وَطنِ العَجَائبِ!!
د. رضا محمد جبران
27/ 4/ 2017
مِن ظَريفِ مَا وَقعَ لِي فِعلاً وَقَد تَنَفَّستُ الصُّعداءَ ،انغِلاقُ نَوافذِ سَيارتي المَصُونةِ التي بَدأتُ أَحملُهَا بَدلَ أَن تَحمِلني مِن ضِيقِ مَساربِ الحَياةِ، وَلكنْ لا مَلجأ مِن اللهِ إِلَّا إِليهِ، حيثُ اتجهتُ إلى مَقْبرةِ السَّياراتِ (الرَّابشِ) سيدي بالرَّابش لأُجددَ الحَياةَ فِي سَيَارتي التي أُغلقتْ نَوافذها، وَبعدَ جُهدٍ وَمَشقةٍ وَبحثٍ وَجدتُ شَابَّا لِيبِيَّاً لَطيفاً وَسِيماً وَاستغربتُ حَقَّاً مِن وُجودهِ فِي هَذا المَكانِ بَعدَ نِسيانِ هَمِّ تَصَبَّبِ العَرَقِ مِن جَبيني وَقِلَّةِ الأُكسجين، وَشَدَّني الفُضولُ فَسَألتُهُ هَل أَكملتَ دِرَاستكَ وَتُمارسُ هَذا العَملَ تَرَفاً؟ قَالَ لِي بِكُلِّ فَرحٍ وَسُرورٍ: (أَنَا لَم أَقرأْ إِلا لِحَدِّ الصِّفِ السَّادسِ، وَأَوقفتُ الدِّراسةَ، وَوجدتُ هَذه المهنة مَصدرَ رِزقٍ وَفيرٍ أَوجدتُ مِنها مَقْهى تَعملُ فِي جِدٍّ صَباحَ مَساءَ وَلي أُخرى عَلى البَحرِ أُجَهِّزها لِفصلِ الصَّيفِ)، وَدَاهمني المَثلُ المَشهورُ : ( صَنْعة اليِدينْ ، وَلا مَالْ الجِدِّينْ) فَتَوقَّفتُ قَليلاً فِي صَمْتٍ وَقُلتُ فِي نَفْسي ما يَقولُهُ كَثيرٌ مِن النَّاسِ: (كُلّْ رَاسْ عليه حِكمةْ)، وَرُبَّما هَذه المِهنُ أَفضلُ بِكَثيرٍ مِن شَهَادَاتِنَا التي نَحْمِلُها وَتَعجزُ عِن إِخراجِ هَذَا الوَطنِ مِن مَأْزقهِ، فَترَكتُهُ وَمَضيتُ أَبحثُ عَن ظِلٍّ يُذهبُ عَنِّي غَيظِي، وَغيظَ الشَّمسِ ووَهجَ رَمضاءَ القَيلولةِ، فَوجدتُ شَجرةَ التُّوتِ التي أُحِبُّها كَثيراً لِظِلِّهَا وَثَمرِهَا وَقَدْ بَدأ يَنضَجُ فَتَسَلَّلتُ دُونَ إِذنٍ نَحوها ،وَامتدتْ يَدي دُونَ وَعي إِليهَا، فَتَلَمَّظتُ أَنفاسَ الأَملِ، وَتَلَطَّفتُ مِن حَرارةِ الشَّمسِ بِلَذيذِ ثَمرهَا وَوجدتُ حَبةَ تُوتٍ لَذيذةً رُسمتْ فِي قَالبٍ عَلى هَيئةِ (قَلْبٍ) سُبحانَ الله عَزَّ وَجَلَّ!! فَتَعَلَّمتُ مِنهَا مَعنى الأَمل فِي نَفْسي، رُغمَ الظُّروفِ القَاسِيَة وَاغتِرَابها فِي مَكانٍ قَد لا يَليقُ بِها!! مَقْبرةُ السَّياراتِ (الرَّابش) فَأَخذتُها وَصَوَّرتُها، وَاحتفظتُ بِها لأُطلعَ عَليها زَوجتي التي تَنْتظِرني بِفَارغِ الصَّبرِ، وَأصلحَ لي (عَليُّ) السَّيارةِ، وَأَنقدتُهُ مَا اتفَقنَا عَليه، وَوَدَّعَني بِابتِسَامتهِ الجَميلةِ، وَفُتحتْ كُلُّ نَوافذِ سَيارتي مِن جَديدٍ وَشغافُ قَلبي، وَحمدتُ اللهَ عَلى فضلهِ، وَقُلتُ: مَهما طَالَ حَجمُ المُعَاناةِ، وَقسوةُ الظُّروفِ، سوف يَتَنفَّسُ هَذا الوَطنُ، وَنخرجَ مِن ضِيقِ هَذه الدَّوَّامةِ البَائسةِ بإذن الله، وَسَيُزهرُ الرَّبيعُ، أَتركُكُم فِي أَملٍ وَحُبٍ مَع وَطنِ العَجَائبِ!!
د. رضا محمد جبران
27/ 4/ 2017