الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

العم ابو اليسار بقلم : احمد محمد الأعرج

تاريخ النشر : 2017-04-27
بقلم : احمد محمد الأعرج

التقيته ذات يوم صيفي في مكتب والدي في منطقة المنزه بتونس منتصف صيف العام 1987، كان هذا لقائي الاول بأبي يسار و للمصادفة الغريبة كنت احمل بين يدي ديوانه الشعري.
سلم علي و ابتسم و قال: اين ابو رائد، فاجبته: لقد ذهب الى اجتماع و سوف يعود بعد ساعة تفضل، و لم اكن بعد قد تعرفت الى ملامحه "علما بان صورته على غلاف الديوان" فقال لي: و من انت ، اجبت انا احمد ابن ابو رائد فقال: سلم على والدك و قل له احمد دحبور مر للسلام عليك و ترك لك هذه الاوراق.
لفت انتباهه ديوان الشعر على طرف المكتب فسألني: هل كنت تقرأ ديواني؟ فقلت نعم و كنت قد بدات فيه دقائق قليلة قبل ان يدخل المكتب. سألني اي القصائد اعجبتك اكثر، فقلت: ولا واحدة! استغرب ردي و قال مبسما: لماذا؟ فاجبت لانني بدأت للتو في القراءة و بالتالي لن استطيع ان اقرر اي القصائد اجمل، و لكن من الممكن ان اسمعك بعض القصائد التي احفظها؟
جلس العم ابو يسار و قال: بداية لو سمحت اطلب لي فنجان قهوة و خلينا نحكي، رفعت سماعة الهاتف و طلبت فنجان قهوة للعم ابو يسار و جلست امامه و قلت بعفويةماذا تريد ان تسمع عمو؟ فقال احمل الديوان و اقرأ لي اي قصيدة لا على التعييت، فتحت الديوان و بدأت أقرأ:
قالت له عصفورة الايام
خطوط كفيك بلا نهاية
تبدأ من كفيك.....
اوقفني هنا و قال: هل تحب الشعر، اجبته هل هناك اجمل من الشعر، فقال: هل تكتب الشعر؟ اجبته: انا شاعر عظيم و موهوب هل اسمع قصيدتي الاخيرة؟ ضحك و قال : بكل تاكيد، مددت يدي الى محفظتي و اخرجت ورقة مطوية و فتحتها و بدأت اقرا:
راجعلك يا بلادي راجع راجعلك
انا و اهلي و اولادي راجعلك
بعهد الثوار راجعلك
صونا لدار راجعلك
توقفت هنا لانظر اليه، كان يصغي بكل انتباه و لم يلاحظ بانني قد توقفت، نظر الي بعد برهة و ابتسم و قال: هذه اعنية و ليست قصيدة، هي محاولة جيدة و لكن يجب ان تتعلم اصول الكتابة و قواعد الشعر، انت لديك الموهبة و تحتاج الى تطويرها كي تصبح شاعرا مميزا في المستقبل.
ثم اضاف: ان اردت مساعدة فقل لابي الرائد ان يصحبك الى مكتبي و انا ساتولى الامر و كما دخل المكتب غادر كالنسمة الربيعية اللطيفة .
عاد ابي الى مكتبه و نقلت له الحديث الذي جار بين العم ابو اليسار و بيني و قلت له: لقد ترك لك هذه الاوراق ثم اغادرت المكتب عائدا الى البيت و بين يدي ديوان احمد دحبور.
امضيت الاسبوعين اللاحقيين اقرا ديوانه بتمعن و روية و اعيد قراءة كل الكلمات على مهل في محاولة لتعلم القواعد الصحيحة للشعر و هنا بدات قصتي مع الشعر و تعلقي بالكتابة.
غادرت تونس و لم التق بالعم ابو اليسار بعد ذاك اليوم و لكني في كل يوم اعود بذاكرتي الى لقائنا الوحيد في المكتب و استذكر نصائح الاب لابنه كي اطور ملكة الكتابة و اصل الى هدفي المنشود.
كان للعم احمد دحبور الفضل كله في تعلقي بالكتاب و الكتابة، كانت دائما في بالي جملته الاخيرة التي قالها و هو يغادر المكتب: الكتابة دواء الروح، لم يكن احمد دحبو مجرد شاعر عادي مر بسلام و رحل، كان مدرسة و قامة و قصة عبرت عن شعب بأكمله منذ غادر ذات صباح حيفا في العام 1948.
كان القلم رفيقه و نديمه و فسحة الامل التي كانت تحمله الى حيفا حيث الميلاد و حلم العودة الى الحضن الدافئ الذي انتشل منه قسرا، ربما لم يعد جسده المتعب من الترحال بين العواصم و القذائف و ازدحام المطارات، لكن روحه عادت الى المنزل القديم كي تنشر الياسيمن في السماء قصيدة للعشاق احرفها برتقالا و بعض حنين.
فليرقد جسدك بسلام ، فانت روحنا التي تنقلنا الى الاراض، و الشمس التي ترسم وجه الفرح قصيدة للعودة من كل المنافي.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف