الأخبار
نتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيرانيالجيش الإسرائيلي: صفارات الانذار دوت 720 مرة جراء الهجوم الإيرانيالحرس الثوري الإيراني يحذر الولايات المتحدة
2024/4/16
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

لماذا لا نهتم بتعزيز ممارسة وتطوير آداب السلوك التعاملي العامّة في مجتمعاتنا العربيّة ؟

تاريخ النشر : 2017-04-25
لماذا لا نهتم بتعزيز ممارسة وتطوير آداب السلوك التعاملي العامّة في مجتمعاتنا العربيّة ؟
 بقلم:د. كاظم ناصر
الفرد في أي مجتمع إنساني يتصرّف طبقا لنظام القيم الأخلاقيّة والسلوكيّة التراكميّة التي إكتسبها من بيته، ومدرسته، ومسجده، وكنيسته، ومعبده، وعادات وتقاليد مجتمعه، ومكان عمله، وأبناء جيله، والآخرين الذين يتعامل معهم في حياته اليومية. ولهذا يمكن اعتبار سلوك الفرد والجماعة في أي مجتمع كمقياس حقيقي لتقدّمه وتطوّره وتحضّره .
للأسف الشديد لا بدّ من القول بأنّنا في مجتمعاتنا العربيّة نعاني من مشكلة غياب الكثير من مظاهر آداب السلوك العام في تعاملنا مع الآخر . هذه الممارسات التعامليّة والسلوكيّة الغير سويّة التي لا تراعي ولا تحترم عادات وتقاليد وقيم ومعتقدات وشعورالآخر، أوجدت اوضاعا سلوكيّة غير سوية يمكن ملاحظتها في بيوتنا، وشوارعنا، ومتاجرنا، وأحاديثنا الثنائيّة والجماعيّة، ودوائرنا الحكوميّة، ومدارسنا، وجامعاتنا، ومستشفياتنا، ومحطات تلفزتنا، ووسائل نقلنا، ومساجدنا الخ.
معظم أنماط سلوك مجتمعاتنا تتحكّم فيها .. الضدّية .. التي تؤمن بأن من لا يتّفق في الرأي معي، هو ضدّ لي، .. والضبابيّة .. في التفكيرالتي تتّسم بعدم الوضوح وترفض إعمال العقل والمنطق وتميل إلى التعميمات ، .. والإقصائية.. المبنيّة على من لا يفكّر كما أفكّر جاهل يجب التصدّي له وإبعاده بدلا من الوصول إلى قاسم مشترك للتعامل معه، .. والإرهاب السياسي .. القائم على من لا يتفق معي في وجهة نظري السياسية، هو عدوّ لي ويجب تهميشه بدلا من التعامل معه ومحاورته بالعقل والمنطق، .. والتزمت الديني .. التجهيلي الضيّق الأفق الذي لا يقبل إلا ما يريد، ويفسر الدين كما يريد، ويكفّر ويزندق من يريد، .. والأنانيّة .. التي تعني أنا أولا ولا تراعي شعور الأخرين وحقوقهم في الشارع والمتجر والدائرة الحكومية إلخ.
أضف إلى هذا أن الكثير من سلوكنا الفردي والجمعي مبنيّ على العنجهية القبليّة، وقلّة الإحترام، والفظاظة، والمداهنة، والنفاق الديني والسياسي والإجتماعي، والمجاملات. ولهذا فإن خلافاتنا توسّعت في كثير من الحالات فشملت الإخوان، والأقارب، والجيران ، والعائلات ،والحمائل، والأحياء، والقبائل وأصبحت كما يقولون .. الطوشات .. الفرديّة، والجماعيّة، والقبليّة وضرب السكاكين والإعتداءات في كل مكان !
تعاملنا مع المراة العربية دليل واضح آخرعلى تخلّفنا. إنّنا ننظر إليها نظرة دونيّة، ونهينها، ونتحكّم بمعظم شؤون حياتها، ونعتبرها أقلّ ذكاء من الرجل . إنها مهمّشة، وتعاني من البطالة، وتتعرّض للتحرش الجنسي المكشوف المهين المتّصف بأعلى درجات قلّة الأدب والإنحطاط في مدننا العربية . الأخلاق الإنسانية، والأديان كلّها، والقوانين الوضعيّة ترفض ممارساتنا ضدّ المرأة، وتعتبر بعضها جرائم يعاقب عليها القانون، ونحن في الوطن العربي كمواطنين وحكومات لا نفعل ما يكفي لحمايتها ومعاملتها بالإحترام الذي تستحقّه، وإعطائها حقّها كأم وأخت وزوجة، ومواطنة يجب أن تتساوى مع الرجل في الحقوق والواجبات .
في عالمنا العربي إننا لا نحترم القانون ولا نتقيّد به، ونحاول دائما تجاوزه بالمحسوبيّة، والعشائريّة، والمكانة العائليّة، والمعرفة الشخصيّة، والواسطة، والرشوة، وشراء الذمم، وشهادات الزور، والكذب، والنفاق . ولهذا تضيع حقوق معظم الناس، ويفقد القانون مكانته وإحترامه واهتمام الناس به، ويصبح لا قيمة له ولا خوف منه، إلا عند من لا يستطيع تجاوزه من الفقراء والمساكين . ما نشاهده يوميا في كل مؤسّساتنا دليل على ما أقول . في العالم الديموقراطي يقولون " لا أحد فوق القانون " Nobody is above the law وهم صادقون في ذلك، لان القانون في هذه الدول يطبّق بالتساوي على رئيس الدولة وعلى أبسط مواطن فيها، ولهذا فإن الناس يهابونه، ويحترمونه، ويطبّقونه .
لقد ورثنا هذه الإشكاليّة من الدول الفاسدة التي كانت وما زالت تحكمنا . إنها أساس الكارثة، لأنها بفسادها علّمت المواطنين كيف يتجاوزون القانون، بممارسة المحسوبية، والنفاق، والكذب، والرشوة . عندما يكون الحاكم فاسدا، وظالما، ولصّا، ومرتشيا فإن العدوى تنتقل إلى الوزراء وكبار وصغار موظفي الدولة والجيش والشرطة. لقد علّمونا كل هذا فأصبح الفساد ظاهرة عامّة متفشية في الوطن العربي على الرغم من أن ... مظاهر... التديّن والممارسات الدينيّة ملاحظة في كل مكان، وملايين أئمة المساجد والوعاظ لا يتوقفون عن الوعظ الديني وإعطاء النصائح التي لم تغيّر من الأمر شيئا !
ألجهل كان وما زال أحد العوامل الهامّة التي ساهمت في خلق هذه المشكلة السلوكيّة .ألإنسان الجاهل يتصوّرأنه من أكثر الناس معرفة وفهما وإن عاداته وتقاليده وقيمه ومعتقداته لا شكّ في صحّتها، وأن عادات وقيم ومعتقدات الآخر المختلف عنه خاطئة ومهينة وقائمة على الجهل . هذا النوع من الناس لا يعرف محدوديّة ثقافته وقدرته العقليّة، ويميل في تصرفاته إلى العنحهيّة، وإلاستخفاف بالآخرين، والتفرّد والتصلّب في الراي، وعدم القدرة على .. قبول التغيير والتفاعل .. مع الثقافات الأخرى المتطوّرة الأكثر أدبا وتحضرا في أنماط سلوك أفرادها .
شعوب العالم تتعلّم من تجاربها. ولهذا فإن الدول المتخلّفة دائما قلّدت الدول الأكثر تطوّرا في عصرها، واستفادت من إنجازاتها العلميّة والحضاريّة البنّائة فقبلتها وطبّقتها في مجتمعاتها . في أيام الدولة العباسية وعصر المسلمين الذهبي، استفاد العالم من علومنا ومن عاداتنا وثقافتنا .... وقلدّها وطبّقها في أوطانه .... ، لأننا كنا من أكثر دول العالم تقدّما، ومجدّدين في العلم والثقافة والتغيير الإجتماعي.
اليابان ، سنغافورة، كوريا الجنوبية، ماليزيا، أندونيسيا، والهند، ودول كثيرة أخرى كانت متخلّفة، فانفتحت على العالم وثقافاته، وتفاعلت معه، وأثّرت فيه، وتأثّرت به، وأوجدت منظومة سلوكيّة حضاريّة ممتازة، وبنت دولا صناعية متطوّرة وديموقراطية ضمنت حقوق المواطنين وحرّياتهم، وحافظت في نفس الوقت على ثقافاتها وتراثها الحضاري ولم تفقد هويّتها الوطنية.
إنني لا أفهم ما هو الخطأ في تقليد العالم المتطوّر في سلوكه الحضاري الذي يركّزعلى أهميّة ممارسة الصدق، والأمانة، والتهذيب، والإحترام في التعامل مع الرجال والنساء والأطفال الذين نعرفهم، والغرباء والأجانب الذين لا نعرفهم .هذه السلوكيات .. ليست تقليدا لأحد .. لأن الديانات والأخلاق الإنسانية تأمرنا باحترامها واتّباعها وتعميمها بين الناس في مجتمعاتنا. ولهذا فإن الذين يدّعون بأن هذا تقليد .. يتعارض مع قيمنا الدينية والإجتماعية .. كاذبون ومضلّلون .. ولا يريدون للأمة خيرا.
القيم السلوكيّة الإنسانيّة الجميلة ملك للجميع، وتطبيقها يخدم الجميع، لأنه يعمّق مشاعر المواطنة والوفاء والإحترام المتبادل بين الناس، ويجعل حياتهم أفضل . فلماذا لا نهتم بتعزيز وتشجيع تطبيقها على نطاق واسع في مجتمعاتنا العربيّة ؟ لا أحد يطالب بالتقليد الأعمى ونقل السيّئات والرذائل من مجتمعات أخرى إلى مجتمعاتنا العربية التي هي ككل مجتمعات العالم فيها من النواقص والرذائل والتجاوزات ما يكفي ويزيد ! إننا بحاجة إلى ثورة ثقافيّة تشجّع السلوك الأخلاقي المهذّب الذي يحترم الجميع ويدعم كل عمل خيرّ يخدمم الناس ويساهم في رقيّ وتحضّر مجتمعاتنا العربيّة .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف