الأخبار
نتنياهو يستفز الإمارات باقتراحها للاشتراك في إدارة غزة(هيومن رايتس ووتش): إسرائيل ترتكب جرائم حرب بذخائر أمريكيةأبو عبيدة يكشف مصير الأسير الإسرائيلي نداف بوبلابيلشاهد: سرايا القدس تسيطر على المسيرة الإسرائيلية (سكاي لارك)شاهد: حركة حماس تنشر مقطع فيديو لأسير إسرائيلي في غزةجيش الاحتلال يوسع العملية العسكرية برفح.. ويدعو سكان مناطق بشمال غزة للإخلاءمع بدء ترحيل السكان.. تصاعد التحذيرات الدولية من اجتياح رفحمجلس الحرب الإسرائيلي يُقرر المضي في عملية رفحطالع: تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حماسحماس تُبلغ قطر ومصر موافقتها على مقترحهم لوقف إطلاق النارممثل عشائر المحافظات الجنوبية يحذر من خطورة اجتياح الاحتلال الإسرائيلي لمدينة رفححماس: انتهاء جولة المفاوضات الحالية ووفدنا يغادر القاهرة للتشاور مع قيادة الحركةهنية يكشف أهم شروط حركة حماس للتواصل لاتفاق مع إسرائيلمقتل أربعة جنود إسرائيليين بقصف المقاومة الفلسطينية لمعبر (كرم أبو سالم) العسكريالحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة تحت ذريعة أنها "قناة تحريضية"
2024/5/14
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نضالات الحركة الاسيرة الفلسطينية وتطور اساليبها 1967-2005 (ج2)بقلم:د. محمد عبد الجواد البطة

تاريخ النشر : 2017-04-20
نضالات الحركة الاسيرة الفلسطينية وتطور اساليبها 1967-2005 (ج2)بقلم:د. محمد عبد الجواد البطة
     نضالات الحركة الاسيرة الفلسطينية وتطور اساليبها 1967-2005 (ج2)

د/ محمد عبدالجواد البطة

كان للإبداعات التنظيمية في النضال المطلبي للحركة الاسيرة، القدرة على كسر حدة عدائية بيئة السجن وتخفيفها من خلال  خوض مئات الخطوات النضالية، أغلبها تكتيكية كالامتناع عن الزيارة وإرجاع وجبات الطعام أو الإضراب عن تناول الطعام لأيام معدودة أو الامتناع عن حلاقة الذقن والشعر والبعض منها استراتيجي وتتمثل في الإضراب المفتوح عن الطعام().

     كما وانتهجوا أساليب نضالية أخرى مكنتهم من الصمود في وجه أساليب سلطات السجون، وإحراز الكثير من الإنجازات المادية والمعنوية ويمكن إجمالها بالنقاط التالية:

1-  ضرب الشرطة؛ واستخدم هذا الأسلوب في السنوات الأولي كرد فعل فردي دفاعاً عن الكرامة، قبل ظهور الأطر التنظيمية للمعتقلين في السجون، التي عملت على توظيف هذا الأسلوب النضالي لصالح المعتقل، وأصبح هذا الأسلوب محدد بالحالات التالية فقط:

·        عند قيام أي من رجال إدارة السجن بالاعتداء ضرباً على أحد المعتقلين.

·        في حال قيام سلطات السجن بمحاولة تجنيد للمعتقل.

·        في حالة الدفاع عن النفس.

      ومن الجدير ذكره أن من كان يلتزم من المعتقلين بهذه التعليمات يمنح  تضامن باقي الأطر التنظيمية معه، لهذا التزم المعتقلون بهذا الموقف. ويعتبر أسلوب ضرب الشرطة من أخطر الأساليب التي عمد إليها المعتقلون خلال مسيرتهم لأنه سلاح ذو حدين، فإذا لم يتم استخدامه بشكل جيد وفي الظروف المناسبة فإن عواقبه تكون وخيمة على المعتقلين أنفسهم فيتعرضون للضرب الجماعي وقد يتم كسر بعض أعضائهم الجسدية وقد يعرض بعضهم للموت().

2-  الإضرابات ومنها: الإضراب عن الفورة "التجوال"، أو الإضراب عن امتناع حلاقة الذقن والاستحمام والامتناع عن الزيارة، ورفض استلام الكنتينه، والامتناع عن العيادة والمستشفى، والامتناع عن كتابة الرسائل، والإضراب عن العمل، إن هذه الأشكال من الإضرابات كانت عند بدء تجربة الاعتقال فظنوا حينها أنها قد تشكل عامل ضغط على سلطات السجون، غير أن رجال إدارة السجون كانوا يسخرون من المعتقلين للجوئهم إلى هذا الشكل من الاضرابات، ومع ذلك فقد لجأت سلطات السجون إلى قمع المضربين  بالقوة... ولقد أدرك المعتقلون عدم جدوى هذا الشكل من الاضرابات فامتنعوا عن استخدامه بعد فترة من الزمن... وتم التركيز على إضراب الطعام الذي كان يعتبر سلاح استراتيجي فتاك، أثبت فاعليته خلال المسيرة الاعتقاليه منذ سنواتها الأولى. ومن الجدير بالذكر أن مشاركة المعتقلين في مثل هذه الإضرابات هو أمر اختياري، ويمنع المرضي من المشاركة فيها ولها شكلين():

·        جزئي: حيث يتم تناول الطعام غير المطبوخ ويرفضون تناول الطعام المطبوخ أيًا كان نوعه أو شكله.

·        كامل "تام": ويعلن باسم إضراب مفتوح غير محدد المدة الزمنية للانتهاء، ويمتنع المعتقلون عن تناول أي نوع من الطعام باستثناء الماء والملح والدخان، ومن محاولات  كسر هذا الإضراب من قبل مصلحة السجون محاولة إجبار المعتقل على تناول سائل التغذية الإجباري().

3-  الاحتجاجات؛ وتعتبر من الأساليب التكتيكية التي يلجأ إليها المعتقل خلال اعتقاله لتحقيق الأهداف التالية: التلويح بالقوة أمام إدارة المعتقل، وشحذ الهمم والطاقات وتوجيه الأنظار نحو المعتقل، والإعراب عن رفض المعتقل لموقف اتخذته إدارة السجن، والحصول على بعض الإنجازات الحياتية اليومية.

       أما أهم أشكال الاحتجاجات التي قام بها المعتقلون خلال إعتقالهم فهي: رفض استلام الكانتينه( دكان السجن)، ورفض استلام الملابس، ورفض استلام الطعام، والاعتصام في ساحة التجوال لفترة زمنية قصيرة، والطرق على الأبواب لإحداث ضجة هائلة داخل المعتقل، وشتم رجال الإدارة وتحقيرهم().

        وبعد انتظام الحركة الفلسطينية الأسيرة الأولي وتكوين جسم اعتقالي لها وبروز التنظيمات والأطر النضالية داخل السجون، نظمت العديد من الإضرابات كانت على النحو التالي: إضراب سجن عسقلان بتاريخ 13 أيلول/ سبتمبر 1973 وحتى تشرين الأول/ أكتوبر 1973. الإضراب المفتوح عن الطعام بتاريخ 11 كانون الأول / ديسمبر1976، والذي انطلق من سجن عسقلان واستمر لمدة 45 يوماً بهدف تحسين شروط الحياة الاعتقالية. الإضراب المفتوح  بتاريخ 24 فبراير1977 لمدة 20 يوماً في نفس المعتقل، "ويعتبر امتدادًا للإضراب الذي سبقه، إضراب معتقل نفحة  الصحراوي بتاريخ 14 تموز/ يوليو 1980وهذا السجن تم افتتاحه في الأول من أيار/ مايو من نفس العام، وكان يتسع لحوالي مائة معتقل، وقد هدفت سلطات الاحتلال من تشغيله عزل الكادر التنظيمي عن الحركة الأسيرة، التي تمكنت من بناء نفسها والنهوض بواقع الاعتقال خصوصًا في سجني عسقلان وبئر السبع المركزي()، وقد تم تجميع الأسرى البارزين في سجن نفحة في ظروف قاسية للغاية، من حيث الطعام الفاسد والمليء بالأتربة. وتم الزج بأعداد كبيرة من المعتقلين في كل غرفة، و كانت غرف المعتقل تفتقد الهواء، حيث الأبواب محكمة الإغلاق وفتحات التهوية صغيرة. وقامت سلطات السجون كذلك بحرمان المعتقلين من أدوات القرطاسية، وسمحت لهم بساعة واحدة فقط في اليوم من أجل الفورة في ساحة السجن، إضافة إلى المعاملة السيئة().

         لهذه الأسباب عزم المعتقلون في معتقل نفحة الصحراوي على الإضراب عن الطعام بعد التنسيق مع معتقلي سجني عسقلان وبئر السبع، حيث بدأ الإضراب في 14 تموز/ يوليو 1980، وقد تمت مهاجمة المضربين بقسوة  شديدة وعنف من قبل سلطات السجن، لكن المعتقلين استمروا في الإضراب().

         وتجدر الإشارة إلى أن أساليب وقف الإضرابات اكتسبت سمعة سيئة()، حيث كان من الأساليب التي استخدمتها إدارة مصلحة السجون في قمع الإضراب بالقوة: نقلت السلطات واحد وعشرون شخص من قادة الإضراب إلى سجن في رام الله، وإعطاء وجبة "البقاء" "الزوندا للمعتقلين بالقوة (والزوندا هي أسلوب الإطعام القسري للمعتقلين المضربين عن الطعام، أُنبوب يدفع إلى معدة المعتقل من خلال فتحة الأنف. ويتألف هذا السائل من الحليب والبيض والسكر والسمن النباتي(المرجرين) والماء الساخن، وأحيانًا كانت تستبدل السكر بالملح كوسيلة ضغط ولكسر الإضرابات أما نسبة التركيز والحليب والبيض فكانت خفيفة جدًا )        في إثر ذلك تم نقل دفعة من المعتقلين ممن ساءت حالتهم الصحية إلى سجن نيتسان في الرملة، وتعرضت هذه الدفعة للتنكيل الشديد حيث قضى المعتقلين على الجعفري وراسم حلاوة يوم 21 تموز1980، وكاد يلحق بهم المعتقل إسحق مراغة لولا وجود المحامية "ليئا تسيمل" في مستشفى السجن. وقد توفي المعتقل إسحق لاحقاً، بعد سنتين من ذلك متأثرًا بإصابته. وقد قضى أيضًا خلال هذا الإضراب الأسير أنيس دولة في سجن عسقلان ولم يسلم جثمانه لذويه حتي يومنا هذا().  ولقد اعتبرت لجنة "ايتان" التي شكلت للتحقيق في "إضرابات السجون" أن حالات الوفاة "خطأ مؤسف، وأرجعته لقلة خبرة السجان المناوب "رحمي" الذي أدخل الأُنبوب إلي رئة ثلاثة من السجناء"() في محاولة منها لاستبعاد مسؤولية إدارة مصلحة السجون عن الحادث.

       وبعد وفاة هؤلاء المعتقلين انضمت السجون الأخرى للإضراب الذي تواصل لمدة 33 يوماً، ورافق هذا الإضراب حملة عنيفة من قبل إدارة مصلحة السجون بإشراف وزير الداخلية الإسرائيلي آنذاك "يوسف بورج"، ويعتبر هذا الإضراب الأشرس والأكثر عنفًا. ومع تواصل الإضراب تم تشكيل لجنة “كيت من قبل سلطات الاحتلال والتي بحثت في ظروف اعتقالهم، خاصة في معتقل نفحة، فأوصت بإدخال الأسرّة وتوسيع مساحات الغرف والساحات ورفع الصاج عن السقف العلوي من الباب، بحيث يستبدل بالشبك, وسارت الأمور في تحسن مستمر حيث تم تقليص العدد في الغرف وإدخال ألبومات الصور ومواد القرطاسية مع زيارة الأهل، وتم تركيب الأسرّة في كل السجون بالتدريج. وقد حظي هذا الإضراب بتغطية إعلامية واسعة خاصة بعد وفاة المعتقلين، كما حظي بحركة تضامنية وإسناد شعبي واسع من قبل ذوي المعتقلين ومناصريهم.

 وقد أحدث هذا الإضراب نقلة نوعية في ظروف حياة المعتقلين في سجون الاحتلال وإن لم تكن كافية بدليل أن إضراب شهر أيلول/ سبتمبر 1984، الذي حدث بعد افتتاح سجن جنيد في مدينة نابلس في شهر تموز/ يوليو عام 1984، و إخلاء سجن بئر السبع من المعتقلين الفلسطينيين().

        وقد أضرب المعتقلون في سجن جنيد إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، وبعد ثلاثة عشر يومًا انضم إليهم باقي المعتقلين في سجون الاحتلال الأخرى، ولقد اعتبر هذا الإضراب نقطة تحول استراتيجية في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة ، حيث قام وزير الشرطة الإسرائيلي حاييم بارليف بزيارة سجن جنيد، وجلس مع المضربين وخرج بضرورة تحسين شروط حياتهم، خاصة في القضايا التي كانت تعتبر من قبل خطوطاً حمراء لا يمكن الحديث فيها، مثل الراديو والتلفاز والملابس المدنية، حيث سمح بها جميعًا، إضافة إلى تحسين أنواع الطعام والعلاج، فأُعلن وقتذاك وقف الإضراب واستجابت السجون الأخرى وأوقفت إضرابها().

        لقد شهد هذا الإضراب حركة تضامن شعبية واسعة ونظمت المظاهرات والاعتصامات التضامنية,  وبعد هذه الأحداث مباشرة تم تغيير مدير مصلحة السجون الإسرائيلية، وعين مكانه مدير آخر معتدل وهو رافي سويسا؛ الذي تجاوب مع المطالب بالموافقة على إدخال الشراشف والبيجامات من قبل الأهل والحصول على السماعات والمسجلات وزيادة مبلغ الكانتينه المسموح به ووافق مبدئيًا على اقتناء جهاز تلفاز. وأما الإضراب الأخير في تلك الفترة  كان إضراب معتقلي سجن نفحة في آذار (مارس) 1985 لمدة 6 أيام().   (يتبع)


د/ محمد عبدالجواد البطة

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف