بينما انا منشغلٌ في صفحات التعاسة التي ترجمتُها سابقاً ، كان قريني الذي وعدني ان يخفّف كُربتي ، وان يكنّ لي صدقاً ووفاءاً ، يئنُّ في هامش آخر الصفحة التي دوّنتها ، رايتُ الحبر الاسود نفسه ، لم اعرهُ ذلك الاهتمام ، انها مجرّد كتابة اشبهُ باللغة الاغريقيّة القديمة ، او العربية العاميّة ، لا ،، كانت اشبه بطلاسم تسيرُ في اتجاهات عشوائيّة بنفس اتجاه ادراكي ، ساحرصُ هذه المرّة ان اضعهُ جانباً في الهامشّ
القيتُ بقلمي الذي نسيتهُ بين اصابعي التي ارهقها الخمول .. وبينما انا احتسي قهوتي المّرة تماماً كالمنطق الذي تحدّثت عنهُ مسبقاً ، نظرتُ في المرآة ظانّاً ( كعادتي اسيئ الظنّ في كل شيئ ، حتى في نفسي ) ان عيوني المزرقّة من شدة سوادها ستكونُ مرشدي للمغامرة التي تخطّيتها للتوّ ، للمنطق الذي رميتهُ خلفي فعاد ليأسرني مرة اخرى .. ككل
مرّة
المهم ان ذلك اللوح الماديّ التافه ، كانت عيونهُ اجملُ من عيوني ، كانت عيونه تنظر بشكل تعسّفي في تلك الصفحة ، في الهامش القرينيّ تحديداً .. رغم انّي لست ممّن يغرقون في التفاصيل ، الا انّي غرقتُ في فنجان قهوتي ، وبطبيعة الحال انا لست بمتمرّس في ذلك ، لكننّي قراتُ نصاً كتبتهُ انا ، انّهُ نفسُ النصّ الطويل ذاك كان في فنجان قهوة فارغ .. اسرعتُ لاعيد ترجمة ذاك الهامش بشكل موضوعي لا بشكل شخصيّ كما اعتقد ، باحثاً عن عليّته ، عن لغزهُ
حسناً ، انها تبدو في ظاهرها شيفرة ، اشبهُ بهمس خفيف من قريني ، كان اوضح من المرآة نفسها ، نقيضُ ما ادركتهُ التوّ ! ساعترف ، لن اكمل بدونه ، فقط لدقيقة
حسناً ، بداتُ ادركُ الآن ، الصورة اكثر وضوحاً ، انها مجرّد كلمات غير مرتبّة ، وواجبي انا ك رجل منطقيّ ان اعيد ترتيبها ترتيباً لغويّاً ، امسكت بقلمي ، وبدات اكتبُ بسرعة ، كتبت كما يلي مخاطباً نفسي
: وعدتُك ان املأ صحيفتك البيضاء رغم رفضك لوعودي ، اجبرتك ان توافق على طلبي ، لن اطيل عليك عزيزي ، الان هي مملوئة بالحبر الاسود ، المفضلّ لديك ، لا داعي لشكري على ذلك .. انظر ، طلبي بسيط جداً ، وهو جزءٌ من وعدي .. اعلم انّك ستقبله بلا شك ، ولكن لا تنظر لتلك العيون الجميلة الآن ، سترشدك لطريق لست تملكُ بوصلته حتى اللحظة ، هيّا نقرا نصّي الذي كتبته لك
كانت الفكرة مناسبة جداً في الوقت الذي كنتُ فيه اتنفسُ الصعداء لاطوي الصفحة السابقة " الصفحة القرينيّة" ، وابدأ من جديد بلون قلم مختلف هذه المرة ، ليس بقصد الترقيع ، او لترميم الجروح التي رممتها انا في روحي ، مع انّها في ذات الوقت كانت مجرّد واقعة سوداء ، كالحبر الاسود في ورقتي هذه ، الحبر الذي لا يتغاظى عن الزلّات والرخص ، انه الحبر الذي يتتبّع كل خطئ ليصرّح به بلا شفقة عليّ لكل قارئ يبحث عن سعادته ، ليوقعه في فخّ التشاؤم ، وبصراحة لكي يبدو الموضوع منطقيّاً اكثر ، لم اتعمّد هذا التناقض بقدر ما تعمّدتُ ان احظى باهتمام نفسي لنفسي.
حسناً ، ها انا اتمتمُ كلمات مفهومة :
" اذكرُ انّي رتبتُ افكاري بطريقة تسلسليّة بسيطة ، بلا تعقيد او تحيّز لفكرة عن الاخرى ، يبدو نصّي منطقياً بعض الشيئ، اعجبتني المحاولة المستميتة لتقبّل الطرف الآخر ، العمق في اول فقرة كان جميلاً ، والحكم بالاسر يبدو حكماً مؤبّداً ، الفرق بين الصراحة المنطقية والصدق ليس واضحاً ابداً الى الآن ، لكن لا بأس "
- الآن ( مخاطباً قريني ) ما مرادُك ? اريد ان اكمل احتساء قهوتي ، فلتذهب للجحيم الآن وخذ نصوصك معك لا تلزمني !
- وماذا عن الآخرين ?
- انه ذنبك انت فلتذهب ولتعتذر منهم بالنيّابة عنّي
- حسناً ، ساذهب ، ولكن لنكمل اللعبة اولاً ، لن اطيل هذه المرّة ، امامي الان ثلاث ارقام مخفيّة ، سيحتّم عليّ كل رقم ان اكتبُ نصاً جديداً .. اعلم جيداً انّ الارقام ليست مرتّبة ، ولا انصحك ان تعيد ترتبيها قبل ان تختار ما تمليه عليك نفسك المهووسة بالمنطق ، او التحيّز للادراك ، قلت انك تريده للحظة ، وها انت الان لا تدرك ان ناقضتك نفسك ، المهم ان هذه اللعبة ليست كالتي سبقتها ، هذه المرة لن يكون هناك شيفرة للقراءة ، ولن يسعفك فنجانك ، على كل حال ارى انك فرغت منه
- حسناً ، ساختار الرقم الاخير ، بلا ترتيب وبلا منطق ، انا واثق تماماً انه سيكون الاوّل في نهاية الطريق ، لا بل سيكون الثاني ، انه النصّ الثاني الذي على وشك ان انتهي منه بعد قليل .. اتذكرُ ما كتبته لك في المرة السابقة
- " المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين .. ?"
- احسنت ! كانت فكرتك ، وانا كتبتها ، انا الان في حالة انتشاء ، بعيداً كل البعد عن الادراك ..
اتعلم .. اكثر ما يعجبني ويضحكني اني نسيت ان اكتب في نصّي السابق " من حفر حفرة لاخيه وقع فيها " ، هذه المرة انا وقعت في حفرة الكتابة .. واهملت دروسي
- هل لي بكلمة اختم فيها حواري الساذج معك ?
- لا شكراً ..
- هل نسيت انك تخاطب نفسك ? سافهمه بنقيض قصدك ، هاك كلمتي يا هذا ، بالرغم من انك ساذج جداً ، الا انّك فتى مطيع ، والناس سيعجبهم ذلك انت لست اسيرا منطقك ، انت اسير لطبيعتك ، انتم بنو الانس مثيرون للشفقة
- وماذا عن القرائ ?
- الكاتب والقارئ على حدّ سواء
القيتُ بقلمي الذي نسيتهُ بين اصابعي التي ارهقها الخمول .. وبينما انا احتسي قهوتي المّرة تماماً كالمنطق الذي تحدّثت عنهُ مسبقاً ، نظرتُ في المرآة ظانّاً ( كعادتي اسيئ الظنّ في كل شيئ ، حتى في نفسي ) ان عيوني المزرقّة من شدة سوادها ستكونُ مرشدي للمغامرة التي تخطّيتها للتوّ ، للمنطق الذي رميتهُ خلفي فعاد ليأسرني مرة اخرى .. ككل
مرّة
المهم ان ذلك اللوح الماديّ التافه ، كانت عيونهُ اجملُ من عيوني ، كانت عيونه تنظر بشكل تعسّفي في تلك الصفحة ، في الهامش القرينيّ تحديداً .. رغم انّي لست ممّن يغرقون في التفاصيل ، الا انّي غرقتُ في فنجان قهوتي ، وبطبيعة الحال انا لست بمتمرّس في ذلك ، لكننّي قراتُ نصاً كتبتهُ انا ، انّهُ نفسُ النصّ الطويل ذاك كان في فنجان قهوة فارغ .. اسرعتُ لاعيد ترجمة ذاك الهامش بشكل موضوعي لا بشكل شخصيّ كما اعتقد ، باحثاً عن عليّته ، عن لغزهُ
حسناً ، انها تبدو في ظاهرها شيفرة ، اشبهُ بهمس خفيف من قريني ، كان اوضح من المرآة نفسها ، نقيضُ ما ادركتهُ التوّ ! ساعترف ، لن اكمل بدونه ، فقط لدقيقة
حسناً ، بداتُ ادركُ الآن ، الصورة اكثر وضوحاً ، انها مجرّد كلمات غير مرتبّة ، وواجبي انا ك رجل منطقيّ ان اعيد ترتيبها ترتيباً لغويّاً ، امسكت بقلمي ، وبدات اكتبُ بسرعة ، كتبت كما يلي مخاطباً نفسي
: وعدتُك ان املأ صحيفتك البيضاء رغم رفضك لوعودي ، اجبرتك ان توافق على طلبي ، لن اطيل عليك عزيزي ، الان هي مملوئة بالحبر الاسود ، المفضلّ لديك ، لا داعي لشكري على ذلك .. انظر ، طلبي بسيط جداً ، وهو جزءٌ من وعدي .. اعلم انّك ستقبله بلا شك ، ولكن لا تنظر لتلك العيون الجميلة الآن ، سترشدك لطريق لست تملكُ بوصلته حتى اللحظة ، هيّا نقرا نصّي الذي كتبته لك
كانت الفكرة مناسبة جداً في الوقت الذي كنتُ فيه اتنفسُ الصعداء لاطوي الصفحة السابقة " الصفحة القرينيّة" ، وابدأ من جديد بلون قلم مختلف هذه المرة ، ليس بقصد الترقيع ، او لترميم الجروح التي رممتها انا في روحي ، مع انّها في ذات الوقت كانت مجرّد واقعة سوداء ، كالحبر الاسود في ورقتي هذه ، الحبر الذي لا يتغاظى عن الزلّات والرخص ، انه الحبر الذي يتتبّع كل خطئ ليصرّح به بلا شفقة عليّ لكل قارئ يبحث عن سعادته ، ليوقعه في فخّ التشاؤم ، وبصراحة لكي يبدو الموضوع منطقيّاً اكثر ، لم اتعمّد هذا التناقض بقدر ما تعمّدتُ ان احظى باهتمام نفسي لنفسي.
حسناً ، ها انا اتمتمُ كلمات مفهومة :
" اذكرُ انّي رتبتُ افكاري بطريقة تسلسليّة بسيطة ، بلا تعقيد او تحيّز لفكرة عن الاخرى ، يبدو نصّي منطقياً بعض الشيئ، اعجبتني المحاولة المستميتة لتقبّل الطرف الآخر ، العمق في اول فقرة كان جميلاً ، والحكم بالاسر يبدو حكماً مؤبّداً ، الفرق بين الصراحة المنطقية والصدق ليس واضحاً ابداً الى الآن ، لكن لا بأس "
- الآن ( مخاطباً قريني ) ما مرادُك ? اريد ان اكمل احتساء قهوتي ، فلتذهب للجحيم الآن وخذ نصوصك معك لا تلزمني !
- وماذا عن الآخرين ?
- انه ذنبك انت فلتذهب ولتعتذر منهم بالنيّابة عنّي
- حسناً ، ساذهب ، ولكن لنكمل اللعبة اولاً ، لن اطيل هذه المرّة ، امامي الان ثلاث ارقام مخفيّة ، سيحتّم عليّ كل رقم ان اكتبُ نصاً جديداً .. اعلم جيداً انّ الارقام ليست مرتّبة ، ولا انصحك ان تعيد ترتبيها قبل ان تختار ما تمليه عليك نفسك المهووسة بالمنطق ، او التحيّز للادراك ، قلت انك تريده للحظة ، وها انت الان لا تدرك ان ناقضتك نفسك ، المهم ان هذه اللعبة ليست كالتي سبقتها ، هذه المرة لن يكون هناك شيفرة للقراءة ، ولن يسعفك فنجانك ، على كل حال ارى انك فرغت منه
- حسناً ، ساختار الرقم الاخير ، بلا ترتيب وبلا منطق ، انا واثق تماماً انه سيكون الاوّل في نهاية الطريق ، لا بل سيكون الثاني ، انه النصّ الثاني الذي على وشك ان انتهي منه بعد قليل .. اتذكرُ ما كتبته لك في المرة السابقة
- " المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين .. ?"
- احسنت ! كانت فكرتك ، وانا كتبتها ، انا الان في حالة انتشاء ، بعيداً كل البعد عن الادراك ..
اتعلم .. اكثر ما يعجبني ويضحكني اني نسيت ان اكتب في نصّي السابق " من حفر حفرة لاخيه وقع فيها " ، هذه المرة انا وقعت في حفرة الكتابة .. واهملت دروسي
- هل لي بكلمة اختم فيها حواري الساذج معك ?
- لا شكراً ..
- هل نسيت انك تخاطب نفسك ? سافهمه بنقيض قصدك ، هاك كلمتي يا هذا ، بالرغم من انك ساذج جداً ، الا انّك فتى مطيع ، والناس سيعجبهم ذلك انت لست اسيرا منطقك ، انت اسير لطبيعتك ، انتم بنو الانس مثيرون للشفقة
- وماذا عن القرائ ?
- الكاتب والقارئ على حدّ سواء