الانتقام لمازن فقها وفق قواعد اللعبة الجديدة عجّت وسائل الإعلام والفضائيات والسوشيال ميديا في الأيام الماضية –ولا تزال تعج- بالأصوات المطالبة بالانتقام والثأر لدماء مازن فقها، حتى أن أحدهم أقسم بأن الثأر سيكون قبل ثلاثة أيام العزاء، وقبل أن ينفضّ المعزون، مشاعر رائعة تعبر عن الغضب من جريمة العدو، والحب لمازن، ولكنها أصوات يحكمها الاندفاع والعاطفة التي لا تحتكم للتعقل، ولا تقيم لمصالح المجتمع وزناً، ولا تنظر إلى طبيعة صراعنا الطويل والمستمر مع إسرائيل، فمازن ليس أول شهداء كواتم الصوت الإسرائيلية، والاغتيالات السرية، ولن يكون آخرهم.
فرق بين الانتقام العاطفي المتسرع، الذي لا تحسب عواقبه، ويجر الويلات والدمار على شعبنا، وبين الرد العسكري المدروس الهادئ الذي يوجع ويؤلم العدو أضعاف المرات.
كان أسهل على إسرائيل أن تضرب –كالعادة-مازن بصاروخ من قيامها بعملية اغتيال أمنية معقدة، تتطلب الكثير من الوقت والتدريب والكلفة المالية، لكنها اختارت الثانية، رغم امتلاكها القوة المفرطة أمام ضعف امكانياتنا وعتادنا، لإدراكها حجم التعقيدات السياسية التي تؤطر العلاقة معنا الآن، لا يوجد رد عسكري أو أمني لا يأخذ في اعتباراته الإطار السياسي والزمني الذي يتحرك فيه، وإلا كان ضرباً من العته والجنون وإزهاق الأرواح. عشرات العمليات التي انتقمت ليحيى عياش، كان يختلف واقعها السياسي عما هو قائم اليوم، أقلها أنه لم يكن لحماس حينها كيان ثابت ومادي يمكن الانتقام منه، كانت حماس عبارة عن أشخاص يتحركون، ويتخفون.
إن أي انتقام عاطفي (علني) سيحملنا مسؤولية إعلان حرب مفتوحة مع إسرائيل مع غياب الأدلة القاطعة لارتكاب إسرائيل عملية الاغتيال (الدقيقة)، (الدقة) في اختيار الأهداف تعبر عن القوة وامتلاك الإمكانيات، لم يعرف تاريخ دقة العمليات العسكرية الفلسطينية الإسرائيلية من التخطيط وإصابة الهدف (المؤلم) بعناية مثلما حدث في عملية اغتيال الوزير (رحبعام زئيفي)، لكن بمقارنتها بعمليات الاغتيال الإسرائيلية ضد مواطنينا، كانت أقل حظّاً، فقد انتهت بالتعرف على المنفذين ومحاكمتهم، ومعاقبة الجبهة الشعبية، واعتقال رأس الهرم حينها (سعدات).
والسؤال الملح: هل تستطيع المقاومة الفلسطينية أن تقوم بعملية (نظيفة) (مؤلمة) (دقيقة) في إسرائيل مع إخفاء أدوات (القتل) جميعها مثلما تفعل إسرائيل؟. الإجابة: قد نستطيع على اعتبار أننا استطعنا في وقت ماض، رغم تغير الظروف وصعوبتها، واحتياج الأمر للوقت والجهد والمال والخوف من فرص الكشف، والمحصلة: يبقى خيار ضعيف لا يعول عليه في الرد.
أرجح أن التفكير يمضي في هذا الاتجاه: عملية رد قاسية ومؤلمة لإسرائيل مع غياب أدوات القتل وعناصرها، دون تحمل مسؤولية البدء بحرب مفتوحة، والشكل الأمثل في هذا السياق عملية لن تكون من غزة دون الإعلان عنها أو تبنيها، وستفتقر إلى دقة اختيار الشخصيات (الوازنة) مقارنة مع العمليات الإسرائيلية، وما دون ذلك ربما يعطي إسرائيل المبررات لتحميلنا مسؤولية إعلان حرب مفتوحة عليها دون أسباب. ونكون قد خسرنا قواعد اللعبة الجديدة معها (عمليات هادئة ونظيفة وموجعة)، قواعد اللعبة الجديدة هذه يجب أن تتقنها المقاومة الفلسطينية رغم تطلبها أضعاف إمكانيات ضرب الصواريخ، وإلا سنتلقى ضربات أخرى (نظيفة) كثيرة، (الحرب المفتوحة) لم تعد هي الخيار الأوحد في صراعنا مع إسرائيل.
د. تيسير عبدالله
فرق بين الانتقام العاطفي المتسرع، الذي لا تحسب عواقبه، ويجر الويلات والدمار على شعبنا، وبين الرد العسكري المدروس الهادئ الذي يوجع ويؤلم العدو أضعاف المرات.
كان أسهل على إسرائيل أن تضرب –كالعادة-مازن بصاروخ من قيامها بعملية اغتيال أمنية معقدة، تتطلب الكثير من الوقت والتدريب والكلفة المالية، لكنها اختارت الثانية، رغم امتلاكها القوة المفرطة أمام ضعف امكانياتنا وعتادنا، لإدراكها حجم التعقيدات السياسية التي تؤطر العلاقة معنا الآن، لا يوجد رد عسكري أو أمني لا يأخذ في اعتباراته الإطار السياسي والزمني الذي يتحرك فيه، وإلا كان ضرباً من العته والجنون وإزهاق الأرواح. عشرات العمليات التي انتقمت ليحيى عياش، كان يختلف واقعها السياسي عما هو قائم اليوم، أقلها أنه لم يكن لحماس حينها كيان ثابت ومادي يمكن الانتقام منه، كانت حماس عبارة عن أشخاص يتحركون، ويتخفون.
إن أي انتقام عاطفي (علني) سيحملنا مسؤولية إعلان حرب مفتوحة مع إسرائيل مع غياب الأدلة القاطعة لارتكاب إسرائيل عملية الاغتيال (الدقيقة)، (الدقة) في اختيار الأهداف تعبر عن القوة وامتلاك الإمكانيات، لم يعرف تاريخ دقة العمليات العسكرية الفلسطينية الإسرائيلية من التخطيط وإصابة الهدف (المؤلم) بعناية مثلما حدث في عملية اغتيال الوزير (رحبعام زئيفي)، لكن بمقارنتها بعمليات الاغتيال الإسرائيلية ضد مواطنينا، كانت أقل حظّاً، فقد انتهت بالتعرف على المنفذين ومحاكمتهم، ومعاقبة الجبهة الشعبية، واعتقال رأس الهرم حينها (سعدات).
والسؤال الملح: هل تستطيع المقاومة الفلسطينية أن تقوم بعملية (نظيفة) (مؤلمة) (دقيقة) في إسرائيل مع إخفاء أدوات (القتل) جميعها مثلما تفعل إسرائيل؟. الإجابة: قد نستطيع على اعتبار أننا استطعنا في وقت ماض، رغم تغير الظروف وصعوبتها، واحتياج الأمر للوقت والجهد والمال والخوف من فرص الكشف، والمحصلة: يبقى خيار ضعيف لا يعول عليه في الرد.
أرجح أن التفكير يمضي في هذا الاتجاه: عملية رد قاسية ومؤلمة لإسرائيل مع غياب أدوات القتل وعناصرها، دون تحمل مسؤولية البدء بحرب مفتوحة، والشكل الأمثل في هذا السياق عملية لن تكون من غزة دون الإعلان عنها أو تبنيها، وستفتقر إلى دقة اختيار الشخصيات (الوازنة) مقارنة مع العمليات الإسرائيلية، وما دون ذلك ربما يعطي إسرائيل المبررات لتحميلنا مسؤولية إعلان حرب مفتوحة عليها دون أسباب. ونكون قد خسرنا قواعد اللعبة الجديدة معها (عمليات هادئة ونظيفة وموجعة)، قواعد اللعبة الجديدة هذه يجب أن تتقنها المقاومة الفلسطينية رغم تطلبها أضعاف إمكانيات ضرب الصواريخ، وإلا سنتلقى ضربات أخرى (نظيفة) كثيرة، (الحرب المفتوحة) لم تعد هي الخيار الأوحد في صراعنا مع إسرائيل.
د. تيسير عبدالله