الأخبار
الإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفة
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

(عزالدين المناصرة)، يسرد قصة فصله من عمله كعميد لجامعة الأونروا في الأردن

تاريخ النشر : 2017-03-26
(عزالدين المناصرة)، يسرد قصة فصله من عمله كعميد لجامعة الأونروا في الأردن

(عام 1995): (إذا أغلقوا باب بيتي بالشمع الأحمر... يصبح من حقي الاحتجاج والتظاهر في الشارع العام)

-       أعلن المفوض العام للأونروا ( هيئة تشغيل اللاجئين الفلسطيين) في الأمم المتحدة (ألتر توركمان) من فيينا بتاريخ (5/9/1995) – قراره بفصل الشاعر الفلسطيني الشهير البروفيسور (عزالدين المناصرة) – عميد كلية العلوم التربوية ( جامعة الأونروا) في الأردن – على الرغم من خروج تظاهرات شعبية أمام مقرات الأونروا بعمان، تطالب بالتراجع عن قرار إغلاق الكلية ، وكان (المناصرة)، قد احتج علنا على القرار، وهذه هي تهتمه الوحيدة. هنا زار المفوض العام للأونروا المقيم في فيينا- عمان، وقابل الشريف زيد (رئيس وزارء الأردن، آنذاك)، وتمت التسوية بقرار جديد أعلنه (توركمان) أمام الصحفيين في مؤتمر صحافي عقده في عمان. القرار الجديد يقول: (تتراجع الأونروا عن قرار إغلاق الكلية، وتؤكد قرار فصل العميد). وكانت الأونروا قد تذرعت بنقص الأموال وتحقق السلام ( اتفاق أوسلو)، ورد الشاعر المناصرة بأن تكاليف الكلية ليست كما يدعي مسؤول الوكالة، وفند التكاليف بندا بندا، أما الذريعة الثانية فقد قال: ( أوسلو هو أسوأ اتفاق في العصر الحديث، والسلام لن يتحقق لأن إسرائيل دولة استعمارية عنصرية لاتريد السلام أصلا، بل التوسع).

*        *        *

هنا يروي (عزالدين المناصرة) قصة فصله في خطوطها الأساسية:

- وصلتُ إلى (عمَّان)، بتاريخ (18/7/1991) قادماً من الجزائر مع عائلتي بعد غيابٍ دام (18 سنة)، بعد صدور عفو ملكي عام، حيث كنتُ منفياً، ومُبعداً وممنوعاً من دخول الأردن، وأعيد لي (جواز سفري الأردني)، وكنتُ قد دخلتُ عمَّان بجواز سفر (يمني جنوبي)، حتى أن (جريدة الرأي)، نشرتْ مقالاً بعنوان: (عزالدين المناصرة... الشاعر اليمني)، قال فيه كاتبه (المرحوم أحمد المصلح) بأنه اتصل بالفندق يسأل عن الشاعر الفلسطيني المعروف (عزالدين المناصرة)، فأجابه موظف الاستعلامات حرفياً: (لا يوجد شاعر فلسطيني أو أردني اسمه المناصرة، لكن يوجد شاعر يمني اسمه المناصرة)!!. هكذا عملتُ بتاريخ (7/11/1991) في (جامعة القدس المفتوحة – تحت التأسيس)، التي تشرف عليها منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف)، مالياً وإدارياً وأكاديمياً، وهي تتبع منهجية (التعليم المفتوح)، و(التعلم عن بعد)، بل هي أول جامعة عربية للتعليم عن بعد. وكان هدفها هو خدمة أبناء وبنات الشعب الفلسطيني في (داخل فلسطين)، وفي مقدمتهم الأسرى والأسيرات في سجون العدو، كذلك ربّات البيوت. وبصعوبة بالغة، كانت (الوحدات التعليمية المطبوعة) على (ديسكت)، تُنقل من عمَّان إلى فلسطين بسبب رقابة سلطات الاحتلال الإسرائيلي. وهكذا مع تعييني، بدأ التفكير العملي بتأسيس (قسم اللغة العربية وآدابها). وكانت تعاونني (لجنة استشارية) من أساتذة الجامعات الأردنية، حيث بدأنا برسم الخطط للمواد، وقد أُنجز تحت إشرافي (24 خطة مقرر)، و(24 مقرراً)، تمت طباعة معظمها قبل تاريخ نقل الجامعة من الأردن إلى فلسطين بقرار من (ياسر عرفات)، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية.

وهكذا كان لي في هذه الفترة (نوفمبر 1991 – مارس 1994)، شرف تأسيس (قسم اللغة العربية وآدابها) – جامعة القدس المفتوحة.

- حدثتْ (أزمة مالية) عام (1993) في منظمة التحرير الفلسطينية أدَّت إلى (انقطاع الرواتب) في جامعة القدس المفتوحة، لمدة (ثمانية أشهر)، وكنّا في الجامعة حوالي (82 عاملاً)، ويشهد الله أنني اضطررت إلى (الاستدانة) طيلة هذه الشهور من أجل دفع إيجار البيت، ومصاريف العائلة. وهنا أقرر:

أولاً: لقد كان تجفيف الأموال أمراً مقصوداً، كنوع من الضغوطات على مجتمع منظمة التحرير الفلسطينية من أجل التماهي مع (اتفاق أوسلو)، سيء الذكر.

ثانياً: ما أحزنني هو قول أحد الدكاترة حرفياً ما يلي: (نحن نعمل في الجامعة انطلاقاً من ثقافة البيزنس، ولا علاقة لنا بمنظمة التحرير!!)، وأضاف: (المناصرة هو الوحيد الذي ينتمي لمنظمة التحرير). وما لا يعرفه هذا الدكتور هو أنني أرسلتُ ثلاث رسائل إلى (ياسر عرفات)، أطالبه بدفع الرواتب أولاً، ونقل الجامعة إلى فلسطين ثانياً. وما لا يعرفه هذا الدكتور أن الرواتب دُفعت بتاريخ (24/3/1994) بتحريض مني، على النحو التالي: توفيت زوجة المناضل القومي (عزت عمرو)، (وهي من عائلتي)، فذهبت إلى بيت العزاء لأداء الواجب، فوجدتُ الأستاذ (ياسر عمرو) – رئيس دائرة التربية والتعليم في (م.ت.ف)، المشرف على جامعة القدس المفتوحة. طلب صاحب البيت مني أن أجلس إلى جوار الوزير (ياسر عمرو)، فرفضت، عندئذٍ أحرجني (أبو ثائر) عندما ترك مقعده متوجهاً نحوي وأقسم أن أجلس إلى جانبه، فقلت له جملة قاسية، فتأثر كثيراً، وطلب مني أن أرافقه إلى حديقة المنزل. هنا أقسم لي أن تُدفع الرواتب بعد ثلاثة أيام فقط. وصدق الرجل وعده. هذه هي الحقيقة ولا حقيقة غيرها.

ثالثاً: هكذا تسلمتُ بتاريخ (24/3/1994) من (القائم بأعمال رئيس الجامعة بالوكالة)، ويُدعى (الدكتورأحمد أبو شيخة) – رسالة سخيفة يعلن فيها (إنهاء خدماتي في الجامعة، بسبب نقل الجامعة إلى فلسطين). وهكذا أصبحتُ في صباح اليوم التالي عاطلاً عن العمل. والمفارقة هنا هي أن (الأكاديمي)، الذي طالب (ياسر عرفات) بنقل الجامعة إلى فلسطين، أصبح في الشارع، وأنَّ (أساتذة البيزنس) بعضهم عمل فوراً في جامعات عربية، وعاد البعض الآخر إلى فلسطين([1])، ودبَّروا أمورهم.

*        *        *


- بقيت (نصف عام ) بلا عمل. وذات مرَّة التقيت في الشارع بصديق قديم، صُدفةً، حيث أعطاني إعلاناً كان قد قصَّه من الجريدة، عن وظيفة (أستاذ أكاديمي) في (كلية العلوم التربوية) في (الأونروا) أي (وكالة هيئة الأمم المتحدة لتشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين) – (UNRWA). فأرسلت طلبي دون اكتراث للنتيجة. وفوجئت بطلبهم مقابلتي، وتمَّ تعييني. بل فوجئت أكثر حين تمَّ تعييني (عميداً للكلية)، ولم أكن أرغب في ذلك. وبعد شهر واحد اكتشفت نواقص وسلبيات الكلية، وحين تأكدت أن (تأسيس)!! الكلية في 1993 كان ضعيفاً جداً، ومخالفاً لأبسط التقاليد الأكاديمية الجامعية، أبلغت مسؤولي رئاسة الوكالة سواءٌ العرب أو الأجانب، وتبيّن لي أنهم جميعاً يعرفون:

أولاً: كان (وزير التعليم العالي والبحث العلمي) في الأردن يخاطب (عميد كلية العلوم التربوية – الأونروا) بصفته (رئيس جامعة الأونروا) في مراسلاته الرسمية، وكان يطبق على الكلية مواصفات ومطلوبات (الجامعة الخاصة). وللحق، اكتشفت أن العوائق تجيء عادة من رئاسة الأونروا، وليس من وزارة التعليم العالي. والحقيقة هي أن (الأونروا) لم تتعامل مع (كلية العلوم التربوية) الجامعية التي تمنح درجة البكالوريوس في تخصصين، بصفتها الجامعية إدارياً ومالياً، فهي تقتطع ميزانية ((جامعة الأونروا) = كلية العلوم التربوية) من ميزانية (كلية تدريب عمان المهنية). بل وصل الأمر بالسيد (ناصر بوشوشة) – المدير العام للتعليم في الوكالة في مناطق فلسطين والأردن وسوريا ولبنان – أن صرّح في (مؤتمر عمداء كليات العلوم التربوية – أيار 1995)، وهو مؤتمر شبه سرّي – بما يلي: (نحن لسنا بحاجة إلى منح شهادة البكالوريوس الجامعية لأبناء اللاجئين، لأنهم سوف يصبحون (برجوازيين)، وهذه ليست مهمة الأونروا. مهمتها هي أن تعقد (دورات تأهيل) في مجالات متعددة). وقمت بالرد المناسب عليه، فانزعج من جوابي. وللأسف كنت وحيداً في المؤتمر، بينما صمت الآخرون، باستثناء شخص واحد من عشرين تقريباً وقف معي. واكتشفت أن (المؤتمر) هو عبارة عن (مؤامرة لتجهيز مبررات لإغلاق الكلية)، وبما أنني كنت أعرف بيروقراطية الوكالة، لهذا اقترحت تشكيل (لجنة) تدرس أوضاع الكلية، وتقدم تقريراً لمؤتمر قادم. هنا انزعج السيد (بوشوشة)، لأنه كان مستعجلاً لكي يتخذ المؤتمر قرار الإغلاق فوراً، لكنه رضخ في النهاية لاقتراحي.

ثانياً: اكتشفت ما هو أخطر: لقد دمَّرت الوكالة، (الروحية الداخلية) للإنسان الفلسطيني: طلبتُ ذات مرَّة من (دكاترة الكلية) أن يكتبوا رسالة شكوى ضدي أنا شخصياً بصفتي عميداً للكلية، تتضمن (مطالبهم)، التي كانوا يرددونها أمامي في الغرف المغلقة، لكي أستعملها أمام الرئاسة للضغط عليها، فتأخروا في التوقيع عليها، لأن ثلاثة أساتذة رفضوا التوقيع، (خوفاً من رئاسة الأونروا).

ثالثاً: قمت بإصلاح (الخطة الدراسية)، وقمت بتأسيس (مجلس للطلبة) بعد أول انتخابات ديموقراطية. كان هذا المجلس سنداً لي لاحقاً في معركتي من أجلهم مع الأونروا. وطالبت بإنشاء (بنية إدارية ومالية مستقلة) لكلية العلوم التربوية، لكي تُطبق معايير أكاديمية مناسبة يقتضيها وضعها الجامعي، خلافاً لقوانين الأونروا العثمانية المخالفة لحقوق الإنسان. فقد اكتشفت أنه من الناحية العملية والنظرية، (لا تعترف الأونروا بالكلية قانونياً)!!، إذ لم تطبق الأونروا قوانين جامعية على كلية جامعية بل تطبق تعليمات وقوانين تعود إلى عام 1989، أي قبل تأسيس الكلية. بل لأول مرَّة، دُفعتْ للأساتذة كلفة (الفصل الصيفي) في صيف 1995.

رابعاً: اعترضتُ (ضمن الأطر الرسمية للأونروا (عشرات المرات)) على الوضعية المزرية لكلية العلوم التربوية، ولم أترك مسؤولاً واحداً في رئاسة الأونروا دون أن أطرق بابه، عارضاً المشاكل باحثاً عن الحلول، دون جدوى. كلهم كانوا يعرفون. وكلهم كانوا يتهربون من المشاكل. هنا أذكر:

-       (ناصر بوشوشة): المدير العام للتعليم في الوكالة في مناطقها الأربع: (فلسطين والأردن، وسوريا ولبنان) – (جزائري).

-       (إيلي ساف): مدير عام شؤون اللاجئين في الأردن – (هولاندي).

-       (عمر غباين): مدير دائرة التربية والتعليم في الوكالة في الأردن – (فلسطيني).

-       (إبراهيم مسلماني)، وآخرون في رئاسة الأونروا – (فلسطيني).

-       (مستر كيري)، نائب مدير شؤون اللاجئين في الأردن – (اسكتلندي).

خامساً: في (ديسمبر 1994) اطلعت علي (وثيقة سرية) حصلت عليها من صديق في مكتب الأمم المتحدة في (فيينا)، كان قد أرسلها (إيلي ساف) الهولاندي إلى (المفوض العام للأونروا) التركي آلتر توركمان. يطالب فيها (ساف) بإغلاق (كلية العلوم التربوية)، ومراكز مهنية لأبناء اللاجئين الفلسطينيين في الأردن. فدهشتُ للأمر. وكانت (الشائعات) حول إغلاق الكلية تحاصرني وتحاصر الطلاب والطالبات، حتى كشفت الصحف الأردنية عن مضمون الوثيقة السرية. ومع ذلك، بقيت أعد طلبتي بالصمود وأحثهم على الصبر، إلى أن أبلغتني رئاسة الوكالة رسمياً بأن قرار إغلاق الكلية قد اتخذ في (كابينيت غزة)، وأن (المفوض العام) وافق عليه، وأنه يجب أن أتصرف على هذا الأساس. ولاحظت أن السيد (إيلي ساف) رمى لي (رشوة) تقول: (لا تخف على نفسك إذا أُغلقت الكلية، لأنك سوف تعيّن مستشاراً في رئاسة الأونروا). أوحيت للسيد ساف أنني قبلت الرشوة، ثمَّ قلبتُ الطاولة على رؤوسهم جميعاً، بتاريخ (24/8/1995).

سادساً: استدعتني (لجنة تحقيق) برئاسة إيلي ساف ثلاث مرَّات، وفي المرة الرابعة، قال لي السيد ساف: (دكتور (المناصرة)... لقد كنت بطلاً في نظر أبناء شعبك، لكنك خالفت القانون حين اعترضت على قرار الإغلاق في الصحف، مع هذا فأنا أحترمك، وأشعر بالأسف للقرار الذي اتخذه المفوض العام في فيينا – آلتر توركمان). ثمَّ ناولني ورقة قرار الفصل من العمل نهائياً. وضعت قرار الفصل في جيبي، وقلت له حرفياً، باللغة الإنجليزية: (مستر ساف، أنت كذّاب كبير، أما آلتر توركمان، فهو فاسد). ورميت في وجهه صورة طبق الأصل للوثيقة السرية، واندفعت مسرعاً خارج المبنى. وقيل لي لاحقاً: لم ينزعج مستر ساف من جملتي القاسية، بل كان منزعجاً من كيفية حصولي على الوثيقة السرية (التي لم تكن سرية).

- بشأن مضمون (استدعائي للتحقيق معي، ثلاث مرّات) – كانت التحقيقات تتمحور حول تصريحاتي للصحف، وأطلعني عضو لجنة التحقيق الأسكتلندي (مستر كيري) على ترجمة وكالة الغوث لتصريحاتي إلى (الإنجليزية)، وطلب مني التوقيع على صحة الترجمة من عدم صحتها، فوافقت على أن الترجمة صحيحة. وسُئلت في المرَّة الثانية من قبل لجنة التحقيق إذا ما كنت أتراجع عن أقوالي للصحافة، فأجبت حرفياً: (إذا تراجعتْ وكالة الغوث عن قرارها بإغلاق كلية العلوم التربوية، فسوف أتراجع عن أقوالي. أما إذا أصرّت على قرارها، فلن أتراجع عن أقوالي). ثمَّ استدعيت للتحقيق للمرة الثالثة، فوجدت لجنة التحقيق برئاسة (إيلي ساف)، قد جهّزت (وثيقة) من أجل توقيعها، أقرُّ فيها بأنني ارتكبت خطأ حين قمت بالاحتجاج على قرار الوكالة بإغلاق الكلية وأنني اعتذر عن هذا الخطأ، وطلبتْ (اللجنة) مني أن أوقع الوثيقة أمامهم، فسألت: هل هذا يعنى أنه إذا وقعتُ الوثيقة، سوف تتراجع الوكالة عن قرار الإغلاق. فكان الجواب (طبعا: لا.) لكن إذا وقَّعت الوثيقة، سوف لن يتخذوا قراراً بفصل (العميد) فقط. فرفضت التوقيع رفضاً باتاً. هكذا كان التحقيق الثالث معي أشبه بتهديد مخابراتي. قلت لهم في نهاية التحقيق: أرجو أن تسجلوا الجملة التالية في محضر الاستجواب: (إذا أُغلق باب بيتي بالشمع الأحمر، فمن حقي أن أحتج علناً في الشارع العام. لقد دفعتموني إلى حائط مسدود).

قال (مستر كيري): (أنا أعتبر أن التعليم أهم من الخبز، وأنا شخصياً ضد قرار الإغلاق، لأنني اسكتلندي، أحترم موقفك... لكني كما ترى مُجبر على التحقيق معك).

وتأثر على يبدو (السيد إيلي ساف)، حين ختم كلامه بقوله: إنني يا (دكتور المناصرة) مجبرٌ على اتخاذ إجراءات وقرارات، ولكن أعدك أن لا اتخذ قراراً إلاّ بعد إرسال محضر هذا التحقيق إلى السيد (آلتر توركمان)، المفوض العام في (فيينا). وبعد أن أنهى كلامه. قلت له: (إسرائيل تغلق المؤسسات التعليمية في فلسطين، وأنتم تغلقون جامعة ابناء اللاجئين الفلسطينيين في الأردن. ما معنى هذا!!) فأشار (ساف) إلى مقرر لجنة التحقيق ألا يسجل جملتي الأخيرة في المحضر، ولم أفهم لماذا.

- عندما عُدت إلى بيتي، وجدت زوجتي وأولادي بانتظاري، فسألوني عن نتيجة التحقيقات، فكان جوابي هو الصمت، إذْ رميتُ (قرار الفصل) لزوجتي... قرأته وبكت.

- من (نتائج معركة كلية العلوم التربوية – الأونورا) في صيف 1995) ما يلي:

1.      فصل عميد كلية العلوم التربوية (جامعة الأونروا) من عمله، بتهمة (احتجاجه العلني على قرار إغلاق الكلية)، وذلك بتاريخ 5/9/1995) بقرار من المفوض العام (آلتر توركمان)، ومدير شؤون اللاجئين في الأردن (إيلي ساف)، وبموافقة الأمين العام للأمم المتحدة (بطرس غالي).

2.      بعد أسبوعين من قرار فصل (عميد الكلية)، وصل السيد آلتر توركمان المفوض العام إلى عمَّان قادماً من (فيينا)، حيث اجتمع مع (الشريف زيد بن شاكر) – رئيس وزراء الأردن، وبحث معه (قضية كلية العلوم التربوية)، وعقد توركمان مؤتمراً صحافياً قال فيه ما يلي:

-       أبلغتُ (رئيس وزراء الأردن) بقرار جديد للوكالة يتضمن قرارها (بالتراجع عن قرار إغلاق الكلية) بعد الاحتجاجات الشعبية على القرار.

-       أبلغتُ رئيس الوزراء أيضاً بأن الوكالة (لن تتراجع) عن قرار فصل (عميد كلية العلوم التربوية) من عمله.

وحين كرَّر له أحد الصحافيين قائلاً: لكن المظاهرات والاعتصامات الشعبية أمام رئاسة الأونروا كانت تطالب بعودة (العميد) إلى عمله، كما أن المحامين في الأردن، يقولون بأن (القضيتين متلازمتان). وهنا أجاب توركمان: (رغم ذلك، نخشى من بقائه في إطار وكالة الغوث الدولية، لأن بقاءه يعني انفجار مشاكل جديدة في مؤسسات أخرى داخل الوكالة. لهذا، لن يرجع العميد إلى عمله. هذا قرار نهائي).

3.      من تداعيات المعركة، قبول (350 طالباً جديداً)، وتعيين (12) حامل دكتوراه وماجستير.

4.      وبعد شهور من المعركة، أي في عام (1996) – تمَّ فصل (آلتر توركمان) من عمله كمفوض عام للأونروا، (بتهمة الفساد)، وعوقب على سوء إدارته لمشكلة كلية العلوم التربوية، ومشاكل أخرى.

  ---------------------------------------------------------
([1]) أرسلتُ ثلاث رسائل إلى (ياسر عرفات) في تونس، تضمنت خلاصة مطالبي: 1. دفع رواتب العاملين والأكاديميين كاملة، 2. نقل الجامعة إلى فلسطين، 3. يصبح (مكتب عمّان)، مكتب ارتباط.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف