الأخبار
الأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويا
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التصرفات الباطلة في وقف تميم الداري رضي الله عنه بقلم:د. تيسير رجب التميمي

تاريخ النشر : 2017-03-25
التصرفات الباطلة في وقف تميم الداري رضي الله عنه بقلم:د. تيسير رجب التميمي
هذا هو الإسلام
التصرفات الباطلة في وقف تميم الداري رضي الله عنه
الشيخ الدكتور تيسير رجب التميمي قاضي قضاة فلسطين/رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سابقاً أمين سر الهيئة الإسلامية العليا بالقدس
الحلقة الأولى : بيع الوقف
أبرز التصرفات الممنوعة شرعاً وقانوناً في الوقف الصحيح عموماً وفي وقف سيدنا تميم الداري رضي الله عنه على وجه الخصوص هي التصرفات والأسباب الناقلة للملك والتي تُخْرِجُ الوقف عن وقفيته ، وهي البيع والرهن والهبة والإرث وحلّ الوقف أي إلغاؤه أو الرجوع فيه ، وذلك لأنه أصبح وقفاً لازماً ، ولاستحالة تمليك الأعيان التي خرجت بالوقف عن ملك أصحابها ،
وأبدأ بالبيع فأقول :
إن بيع الأوقاف وتسريبها وشراؤها باطل شرعاً للمسلمين ولغيرهم ، فقيام بعض ضعاف النفوس ببيع الأوقاف الإسلامية أو المسيحية للجماعات اليهودية أو لسلطات الاحتلال الإسرائيلية أو لغيرهم هو بيع باطل لا ينشئ التزاماً ولا يرتب أية حقوق أو آثار قانونية للمشتري وللبائع على السواء ، لأن الأراضي الوقفية خرجت عن ملك صاحبها أو ملك المنتفعين بها وحُبِسَتْ على الجهة الموقوف عليها إلى أبد الآبدين ، وأؤكد أن من يقوم ببيعها أو التنازل عنها خارج عن الصف الوطني ومخالف للأحكام الشرعية . وهذا الحكم ينطبق على من يقوم بالسمسرة أو التوسط أو التسهيل في بيعها ؛ فهو خائن لله ولرسوله وللمسلمين .
أما إذا وجد مسوغ شرعي للبيع (وهذا في الأوقاف العامة فقط) كأن يشترط الواقف لنفسه أو لغيره الاستبدال فيجوز لكل منهما أن يبيعه ويشتري بثمنه ما يكون وقفاً بدله ، وكأن تدعو الضرورة إلى بيعه أو يكون في بيعه مصلحة للوقف فيجوز للقاضي الشرعي أو للمتولي ـ بإذنٍ القاضي الشرعي ـ بيعه وشراء ما يكون وقفاً عوضاً عنه بثمنه .
مذاهب العلماء في بيع الوقف
* عند الحنفية فمنهم من يرى جواز البيع أصلاً لانعدام فائدة الوقف في هذه الحالة ، وهذا الرأي مرجوح في المذهب لضعفه ، أما الرأي الراجح والمعمول به في المحاكم الشرعية في فلسطين والمفتى به فهو قول الصاحبين أبو يوسف ومحمد بعدم جواز بيع الوقف لأن العقار بوقفه أصبح لازماً لا يصح الرجوع عن وقفه ، ولا يجوز بيعه أو شراؤه أو توريثه أو هبته ، وقد استدلوا على ذلك بالخبر الصحيح من حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه { أصاب أرضاً بخيبر فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها قائلاً : يا رسول الله إني قد أصبت أرضاً بخيبر لم أصب قط مالاً أنفس عندي منه فماذا تأمرني فيها ؟ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم " إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها " ، فتصدق بها عمر أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورّث} رواه البخاري ، وفي رواية أخرى من طريق صخر بن جويرية عن نافع رضي الله عنه { ... قال النبي صلى الله عليه وسلم (أي لعمر رضي الله عنه) تَصَدَّقْ بأصله ، لا يُباعُ ولا يُوهبُ ولا يُورثُ ، ولكن يُنْفَقُ ثمره } رواه البخاري .
* ويرى الشافعية والمالكية والظاهرية عدم صحة بيع الوقف بأي حال من الأحوال ، وعدم صحة تغيير صفته أو بيع شيء من نَقْضِه . ومَنَ هَدَمَهُ فعليه إعادته كهيئته قبل الهدم التزاماً بقول الواقف ، واستمساكاً بالخبر الذي منع بيع الوقف ، ولا يجوز أخذ قيمته لأن أخذها كبيعه ، فإن لم يمكن إعادته لزمته قيمته :
1- فإن كان الموقوف عقاراً فتلف أو خرب كدارٍ انهدمت فلا يصح بيعه ولا هبته بل ينتفع بعينه .
2- وإن انهدم مسجد أو خربت المحلة حوله وتفرق الناس وتعطل المسجد لم يعد مِلكاً ولم يجز بيعه . وإنْ أُمِنَ نقضُه لم يُنْقَض ، وإن خيف عليه نُقِضَ وحُفِظَ . وإن رأى الحاكم أن يعمِّرَ بنَقْضِهِ مسجداً آخر جاز ، ولكن لا يجوز صرفُهُ إلى عمارَةِ نوعٍ آخرَ من بئرٍ أو حوضٍ أو رِباطٍ .
3- والبئرُ الموقوفةُ إذا خَرِبَتْ يُصْرَفْ نقضُها لأي بئر أخرى أو حوضٍ ؛ وليس إلى مسجد مراعاة لغرض الواقف .
أما الأثاث والأدوات الموقوفة للمسجد كالحصير والبسط والجذوع فأجاز الحنبلية والشافعية في المعتمد من مذهبهم بيعه إذا بلي أو تكسر فأصبح لا يصلح إلاَّ للحرق ؛ حتى لا يضيع أو يضيق به المكان في غير فائدة ، فتحصيل ثمنٍ مهما كان يسيراً يعود على الوقف خيرٌ من ضياعه كلياً ، ولا يدخل ذلك أبداً تحت بيع الوقف لأنها صارت بحكم المعدوم ، وأجازوا صرف ثمنها في مصالح المسجد ، والقياس أن يُشْتَرَى بثمنِ الحصير حصيرٌ لا غيرَه إنْ أمكن ، وهذا هو الظاهر من مذهب المالكية .
* ويرى الحنبلية عدم صحة بيع الوقف ولا هبته ولا إبداله ولو بخير منه ؛ إلاَّ أن تتعطل منافعه المقصودة منه كخرابه أو إتلافه بحيث لا يرد من غلته شيء على أهله يعد نفعاً بالقياس إلى أصله ، أو إذا تعذرت عمارته وعودة نفعه .
ولو كان الموقوف مسجداً فخرب وتعطلت منفعته وتعذرت إعادته مسجداً حتى ضاق على أهله المصلين وتعذر توسيعه في محله ، أو كان موضعه لا يصلح أن يكون مسجداً فيصح بيعه ويصرف ثمنه في بناء مسجد جديد لأن المقصود انتفاع الموقوف عليه بما شرطه الواقف بأن يكون مسجداً لا بعين الأصل ، ولأن في هذا التصرف بقاء للوقف من حيث معناه لتعذُّر بقائه من حيث صورته ، فيجوز بيع المسجد الخَرِبِ ليعمر بثمنه مسجد آخر .
وكذلك لو كان الموقوف شجرة يبست أو جذعاً كسر أو بلي فالبيع جائز ، وكذا لو أشرفت دار موقوفة على الانهدام وعلم أنها لو تركت على حالها لخرجت عن كونها منتفعاً بها ، فتباع رعاية للمالية أن تنقص وتحصيلاً للمصلحة . وكذا المدارس والخانات المسبَّلة يجوز بيعها عند خرابها وشراء بدلاً منها وقفاً مماثلاً .
ولو شرط الواقف عدم البيع فيجوز البيع إذا عَرَضَتْ حالة الخراب لانعدام الانتفاع وذهاب المقصود من الموقوف ، ويصرف ثمنه في مثله ؛ لأن في إقامة البدل مقامه تأبيداً له وتحقيقاً للمقصود ، ولو تعطلت جهة الوقف التي عيَّنها الواقف صرف البدل في جهة مثلها ، فلو وقف على الجند المجاهدين في مكان ما فتعطل فيه الجهاد صُرِفَ البدل إلى غيرهم من الجند في مكان آخر تحصيلاً لغرض الوقف في الجملة .
ويجوز نقل الأثاث واللوازم والأدوات الخاصة بالمسجد الذي يجوز بيعه لخرابه أو خراب محلته ونقل أنقاضه إلى عمارة مسجد آخر إن احتيج إلى ذلك ، وحكم المسجد بعد بيعه يصير للمسجد الجديد الذي اشتري بثمنه ، ولا يجوز استعمال أثاث ولوازم المسجد الذي نقض إلى عمارة نوع آخر من بئر أو حوض أو قنطرة أو مدرسة .
أما لو نقلت آلة المسجد وأنقاضه من غير بيع فموقع المسجد باقٍ على أنه مسجد . فقد سئل الإمام أحمد عن رجلٍ بنى مسجداً فأُذِّن فيه ثم قلعوا هذا المسجد وبَنَوْا مسجداً آخر في مكان آخر ، ونقلوا خشب المسجد القديم إلى المسجد الجديد ، فأجاب بترميم المسجد القديم . فلا يمنع النقلُ إخراجَ البقعة الموقوفة عن كونها مسجداً .
وكذا البئر الموقوفة إذا خربت يصرف نقضها إلى بئر أخرى أو حوض لا إلى مسجد ، وكذا الرباط الموقوف إذا خيف على نقضه ينتقل إلى رباط آخر ولا يصرف إلى نوع آخر إلاَّ أن لا يوجد من ذلك الجنس .
إذن فالآلات في هذه الأمكنة لا يعمر بها ما عداها ؛ لأن جعلها في مثل العَيْن الخربة ممكن متعيِّنٌ دون غيره .
* وعند الحنبلية أيضاً يصح بيع بعض الموقوف لإصلاح ما بقي منه ، لأنه إذا جاز بيع الكل عند الحاجة فبيع الجزء مع بقاء الجزء أولى من بيع الكل ، فهم يرون أن الوقف إذا خرب وتعطلت منافعه كدار انهدمت أو أرض خربت وعادت مواتاً ولم يتمكن من عمارتها ، أو كان مسجداً قد انتقل أهل القرية عنه وصار في موضع لا يصلى فيه ، أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضعه إلاَّ ببيع بعضه جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته . أما إذا لم يمكن الانتفاع بشيء منه جاز بيع الكل ، واستدلوا بالإجماع والعقل ، أما الإجماع فقد روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد لما بلغه أنه قد نَقَبَ بيت المال الذي بالكوفة [ انقل المسجد الذي بالتمارين (اسم مكان بالكوفة) واجعل بيت المال في قبلة المسجد ، فإنه لن يزال في المسجد مصلى ] ، وكان هذا بمشهد من الصحابة ولم يظهر خلافه فكان إجماعاً . أما العقل فبيع الوقف هو استبقاء له بمعناه عند تعذر إبقائه بصورته .
وخلاصة القول إذن أنه يجوز بيع الوقف فقط في الحالات والضوابط التي ذكرتها بشرط إذن القاضي الشرعي للمتولي على الوقف بأن يبيع عند توفر المسوغات الشرعية وتحقق المصلحة في ذلك للوقف .
أحكام بيع الوقف بغير مسوَّغ شرعي
إذا باع أحد الوقف سواء أكان البائع متولياً أم غير متولٍّ فتترتب عليه الأحكام التالية :
1- إذا كان البائع هو المتولي فقد استحق العزل ، لذا يجب على القاضي الشرعي أن يحكم بعزله .
2- يعتبر هذا البيع باطلاً فلا يدخل الموقوف في ملك المشتري ، ويجب استرداده منه ، ويرجع هو بالثمن على البائع .
3- يُطَالَبُ المشتري بأجرة المثل عن المدة التي استغلَّ فيها الوقف سواء علم أنه وقف أم لم يعلم ، ولا يقبل منه التذرع بأنه استعمل الموقوف بتأويل ملك ـ أي بشبهة العقد ـ لأن الوقف يُعْمَلُ فيه بما هو أصلح له وأنفع ، وأخذ أجرة المثل أنفع للوقف من تركها ، فإذا كان المشتري مخدوعاً فله أن يرجع بالأجرة التي دفعها على البائع .
4- إذا أحدث المشتري بالموقوف ما هو أصلح وأنفع للوقف أخذ منه ولا يُدْفَعُ له شيء ؛ لأنه يعتبر متبرعاً فيما أحدث ، وإذا كان البائع متولياً أو غير متولِّ قد خدع المشتري فللمشتري الرجوع عليه .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف