التجربة الماليزية.. يا دي الكسوف.؟!
محمد هجرس*
في كوكب مصر الشقيق، كل ما عليك أن ترمي "زبالتك" باستهتارٍ في أقرب نقطة بعرض الشارع، لتتحول بعد دقائق إلى أكوام "مقرفة" تشوِّه حتى أعرق المناطق، وحينما تمشي في أي شارع أو حارة تجد عرباتٍ يجرها حمار مسكين، تقف جانباً وينبش عمال بسطاء في صناديق أو تجمعات القمامة، ليس ليحملوها سعياً وراء النظافة، ولكن لاستخراج ما يريدون ويتركون الباقي كما هو أكثر رعباً وسخافة.!
وحتى عندما تم إقرار بعض الأماكن لشراء الزبالة من المواطنين، تدر عليهم مبلغاً مالياً بدلاً من رميها أو تشويه المنظر، انتفض الزبالون احتجاجاً، وهدد نقيبهم بإضراب عام، ولكن أن تتخيل أن هذا "النقيب" يقطن في فيللا بالملايين، فما بالنا بالثروات التي يجنونها نظير هذه الفضلات البائسة.
ولك أن نتخيل أيها المواطن الذي تنهال شتماً وسبَّاً وقرفاً، أن "زبالتك" تتحول إلى ثروة تهدرها وأنت حرٌّ في ذلك، ولك أن تتخيل أيضاً أن حكومتك التي تضيف 5 جنيهات على فاتورة الكهرباء بدعوى النظافة، تقف عاجزة وتتفرج على هذا المنظر الكريه، بعد أن يئست من ثقافة شعبٍ لا يحترم بيئته، والأقسى أن بعض أفراده يسرقون صناديق القمامة ذاتها، حتى ولو تم ربطها بـ"جنازير" حديدية.
لك أن تتخيل يا مواطن، أن مشروعاً هائلاً مثل مشروع حي الأسمرات، الذي افتتحه الرئيس، ونقلت إليه أكثر من 4 آلاف أسرة، في شقق بديلة عن المساكن العشوائية، لم يسلم من ذات الثقافة الهمجية، أسبوع على الأكثر، وقام لصوص بسرقة أعمدة الحديد في الملاهي المخصصة للأطفال، وكذا المقاعد الخشبية، والمضحك حتى لمبات الإنارة لم تسلم هي الأخرى، وكأننا نستمرئ العبث وندمن سكنى المقابر والتجمعات الخطرة.
أمام كل عمارة ـ إلا من رحم ربِّي ـ تجد أكياس قمامة رماها الساكنون دون أي اعتبار، تتحول بعد ساعات قليلة إلى مقبرة جماعية قام بنبشها بالاحثون عن الثروة تاركين البقايا متناثرة في مشهد مفزع، ولا يكلف أحد نفسه بالمشي خطوات لرمي القمامة في صناديقها إن وجدت.!
مشكلتنا ـ كمصريين ـ أننا دائمو الشكوى من أفعالنا ومما اقترفت أيدينا "اللي عايزة قطعها"، ونادراً ما تجد من يحاول تنظيف عمارته اعتماداً على "البيه البوّاب" أو شارعه انتظاراً لسعادة الحكومة أو رئيس الحيِّ، لذا تكون هذه الفوضى التي نستحقها عن جدارة.
وبمثل أن كان مفرحاً لي وجود قرابة نصف مليون شقيق سوري، يعيشون دون مخيمات لجوء في مصر، وليس بينهم عاطل واحد، كلهم لهم مشاريعهم الخاصة التي ربما يعمل فيها مصريون اكتفوا نظرائهم بلعن الحكومة لعدم توفيرها فرص عمل، كان صادماً لي، أن أرى لقطات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لفتيات ماليزيات يقمن بتنظيف الشارع الذي تقع به شقتهن يومياً قبل ذهابهن لكلية الدراسات الاسلامية بجامعة الازهر بالمنصورة ودون مساعدة الأهالي، أو حتى انتظارها.
مشهد هؤلاءالطالبات، وهنَّ يفترشن الأرض ويقمن بجمع القمامة وتنظيف الشارع الذي تقع به شقتهن بعد أن رفضت المدينة الجامعية هناك قبولهنَّ، وقبله مشاهد بعض السياح الأجانب وهم ينظفون الشواطي من مخلفات جحافل التتار المصرية في غزوها للشواطئ بكل همجية، يعطينا جميعاً درساً أخلاقياً في السلوك الراقي والحضاري للأمم أياً كان موقعها من الإعراب.
إنه المشهد الذي يجب أن يُخجلنا وخاصة هذا "البغل" الذي لا يكتفي برمي نفاياته في الشارع، ولا يحرص على نظافة عمارته أو شارعه، بل ينظر باحتقار لمن "يلمّ زبالته".. ولعلَّ درساً من هؤلاء الطالبات "الأجانب" لن يكون أبداً عِبرةً له.
فعلاً.. حاجة تكسف.. جاتنا نيلة في حظنا الهباب.!
ـــــــــ
* كاتب ومستشار إعلامي مصري
محمد هجرس*
في كوكب مصر الشقيق، كل ما عليك أن ترمي "زبالتك" باستهتارٍ في أقرب نقطة بعرض الشارع، لتتحول بعد دقائق إلى أكوام "مقرفة" تشوِّه حتى أعرق المناطق، وحينما تمشي في أي شارع أو حارة تجد عرباتٍ يجرها حمار مسكين، تقف جانباً وينبش عمال بسطاء في صناديق أو تجمعات القمامة، ليس ليحملوها سعياً وراء النظافة، ولكن لاستخراج ما يريدون ويتركون الباقي كما هو أكثر رعباً وسخافة.!
وحتى عندما تم إقرار بعض الأماكن لشراء الزبالة من المواطنين، تدر عليهم مبلغاً مالياً بدلاً من رميها أو تشويه المنظر، انتفض الزبالون احتجاجاً، وهدد نقيبهم بإضراب عام، ولكن أن تتخيل أن هذا "النقيب" يقطن في فيللا بالملايين، فما بالنا بالثروات التي يجنونها نظير هذه الفضلات البائسة.
ولك أن نتخيل أيها المواطن الذي تنهال شتماً وسبَّاً وقرفاً، أن "زبالتك" تتحول إلى ثروة تهدرها وأنت حرٌّ في ذلك، ولك أن تتخيل أيضاً أن حكومتك التي تضيف 5 جنيهات على فاتورة الكهرباء بدعوى النظافة، تقف عاجزة وتتفرج على هذا المنظر الكريه، بعد أن يئست من ثقافة شعبٍ لا يحترم بيئته، والأقسى أن بعض أفراده يسرقون صناديق القمامة ذاتها، حتى ولو تم ربطها بـ"جنازير" حديدية.
لك أن تتخيل يا مواطن، أن مشروعاً هائلاً مثل مشروع حي الأسمرات، الذي افتتحه الرئيس، ونقلت إليه أكثر من 4 آلاف أسرة، في شقق بديلة عن المساكن العشوائية، لم يسلم من ذات الثقافة الهمجية، أسبوع على الأكثر، وقام لصوص بسرقة أعمدة الحديد في الملاهي المخصصة للأطفال، وكذا المقاعد الخشبية، والمضحك حتى لمبات الإنارة لم تسلم هي الأخرى، وكأننا نستمرئ العبث وندمن سكنى المقابر والتجمعات الخطرة.
أمام كل عمارة ـ إلا من رحم ربِّي ـ تجد أكياس قمامة رماها الساكنون دون أي اعتبار، تتحول بعد ساعات قليلة إلى مقبرة جماعية قام بنبشها بالاحثون عن الثروة تاركين البقايا متناثرة في مشهد مفزع، ولا يكلف أحد نفسه بالمشي خطوات لرمي القمامة في صناديقها إن وجدت.!
مشكلتنا ـ كمصريين ـ أننا دائمو الشكوى من أفعالنا ومما اقترفت أيدينا "اللي عايزة قطعها"، ونادراً ما تجد من يحاول تنظيف عمارته اعتماداً على "البيه البوّاب" أو شارعه انتظاراً لسعادة الحكومة أو رئيس الحيِّ، لذا تكون هذه الفوضى التي نستحقها عن جدارة.
وبمثل أن كان مفرحاً لي وجود قرابة نصف مليون شقيق سوري، يعيشون دون مخيمات لجوء في مصر، وليس بينهم عاطل واحد، كلهم لهم مشاريعهم الخاصة التي ربما يعمل فيها مصريون اكتفوا نظرائهم بلعن الحكومة لعدم توفيرها فرص عمل، كان صادماً لي، أن أرى لقطات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لفتيات ماليزيات يقمن بتنظيف الشارع الذي تقع به شقتهن يومياً قبل ذهابهن لكلية الدراسات الاسلامية بجامعة الازهر بالمنصورة ودون مساعدة الأهالي، أو حتى انتظارها.
مشهد هؤلاءالطالبات، وهنَّ يفترشن الأرض ويقمن بجمع القمامة وتنظيف الشارع الذي تقع به شقتهن بعد أن رفضت المدينة الجامعية هناك قبولهنَّ، وقبله مشاهد بعض السياح الأجانب وهم ينظفون الشواطي من مخلفات جحافل التتار المصرية في غزوها للشواطئ بكل همجية، يعطينا جميعاً درساً أخلاقياً في السلوك الراقي والحضاري للأمم أياً كان موقعها من الإعراب.
إنه المشهد الذي يجب أن يُخجلنا وخاصة هذا "البغل" الذي لا يكتفي برمي نفاياته في الشارع، ولا يحرص على نظافة عمارته أو شارعه، بل ينظر باحتقار لمن "يلمّ زبالته".. ولعلَّ درساً من هؤلاء الطالبات "الأجانب" لن يكون أبداً عِبرةً له.
فعلاً.. حاجة تكسف.. جاتنا نيلة في حظنا الهباب.!
ـــــــــ
* كاتب ومستشار إعلامي مصري