الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في التحالف السعودي التركي بقلم:أحمد سمير القدرة

تاريخ النشر : 2017-02-25
قراءة في التحالف السعودي التركي بقلم:أحمد سمير القدرة
دفعت التطورات الاستراتيجية والظواهر السياسية المتلاحقة في منطقة الشرق الأوسط, الدول الإقليمية الكبرى إلى إعادة تعريف نفسها وإعادة ترتيب أوراقها وفق تحديد سياسة خارجية جديدة واضحة, تُسهم بشكل كبير في لعب دور فعّال ومؤثر في المنطقة تقود إلى تبوء مكانة متقدمة منافسة بالتوازي مع القوى الدولية الكبرى، بما يتناسب مع حجمها السياسي والاقتصادي والجغرافي والديمغرافي وقدراتها العسكرية، للمشاركة في رسم السياسات والاستراتيجيات الإقليمية والدولية وتحديد ملامح الجغرافيا السياسية للمنطقة، في ضوء المتغيرات والأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وإعادة ترميم وصياغة شبكة تحالفات معقدة ومتداخلة ومتشابكة بين القوى الإقليمية والدولية من منطلقات قد تكون سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو دينية أو جيوسياسية أو كافة تلك المنطلقات مجتمعة، ما ولّد التنافس والاشتباك غير المباشر فيما بينها لزيادة النفوذ والسيطرة والتأثير على دول منطقة الشرق الأوسط في صنع قرارها، بما يخدم أهداف الحلفاء بفرض الهيمنة وتنفيذ الخطط التي أعدت مسبقاً بتدمير الدولة المركزية وجعلها ضعيفة ومسلوبة القرار، ما أعاد للذاكرة مفهوم المعسكر والمحور الشرقي والغربي ومفهوم الحرب الباردة بين الأقطاب، ولتتجسد مقولة ونستون تشرشل رئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق "في السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم هناك مصالح دائمة", وهذا بمجمله يأتي ضمن سياق نظرية توازن القوى وإدارة الصراع، في ضوء تحول النظام الدولي من أحادي القطبية إلى متعددة الأقطاب وبروز الفواعل من غير الدول, ما يعني تغير بنية وهيكلية النظام الإقليمي والدولي.
ضمن هذا الإيجاز ودون الخوض في التفاصيل لتبيان محاور وأطراف التحالفات، يأتي التحالف السعودي التركي كجزء رئيسي من هذه الشبكة والمنظومة المعقدة، حيث شهدت العلاقات السعودية – التركية تطور وتعاون وتنسيق استراتيجي ملحوظ منذ اندلاع الحركات الاحتجاجية في الوطن العربي والتي أجيز تسميتها ثورات الربيع العربي، التي أدت إلى أولاً: حروب داخلية ذات أبعاد طائفية وقومية وعرقية، أدت إلى بروز العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية, التي كانت أهم نتائجها إضعاف وتدمير الدولة واغراقها في أتون الصراعات الداخلية، ثانياً: أسفرت تلك التطورات الجذرية إلى بروز التنظيمات الإرهابية وتنامي قوتها وتفشيها داخل الدولة وتمدد نفوذها الجغرافي، ثالثاً: نشط دور الفاعلون من غير الدول، رابعاً: استغلال إيران لتلك التطورات وزيادة نفوذها وتدخلها في المنطقة إلى جانب التدخل والتنافس بين القوى الدولية الكبرى, خامساً: انتشار الفوضى وانعدام الأمن والاستقرار الداخلي لتلك الدول، وتعرض الأمن القومي في الشرق الأوسط بشكل عام والسعودي والتركي بشكل خاص للتهديد والخطر وتعرضهما لتحديات كبيرة.
أدت تلك التطورات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، إلى إعادة التقارب والتعاون والتنسيق المتبادل بين السعودية وتركيا لمواجهة والتعامل الحصيف مع تلك التحديات والتهديدات، تأميناً للجبهة الداخلية والتأثير في مجريات الأحداث بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين, ولعب دور فعّال ومؤثر لإنهاء الحروب والأزمات التي خلفتها ثورات الربيع العربي, والتعامل مع كافة القضايا والتحديات والتحولات الإقليمية والتصدي لكافة المخططات والمؤامرات التي وُضعت لمنطقة الشرق الأوسط الهادفة إلى تقسيمها إلى دويلات على أسس طائفية وعرقية وقومية، وذلك من خلال تنسيق الجهود والتعاون على المستويين الإقليمي والدولي، فكانت أولى ملامح هذا التطور والتنسيق تأسيس مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين ليكون بمثابة الإعلان الرسمي لبناء التحالف الاستراتيجي، فالسعودية وتركيا تعتبران من أكبر دول منطقة الشرق الأوسط من حيث الجغرافيا والديمغرافيا، بالإضافة إلى كونهما أكبر اقتصادين وتتميزان بعمق استراتيجي كبير، بالتوازي مع وجود سياسة خارجية قوية واضحة, وامتلاكهما لقوة عسكرية لا يستهان بها، إلى جانب كونهما يتمتعان بمكانة بارزة على المستوى الإسلامي والعربي والإقليمي والدولي، ما جعلهما من الدول الإقليمية الكبرى في الشرق الأوسط ولهما حضورها ودورهما في السياسة العربية والإقليمية والدولية، ووجود العديد من الملفات والتحديات المشتركة التي تحتم ضرورة إعادة التنسيق والتعاون المشترك لمواجهتها, وذلك بوجود الكثير من المواقف الصريحة والعلنية تجاه القضايا والأزمات المستمرة في المنطقة، فهناك اجماع واتفاق وموقف ثابت ومشترك تجاه القضية الفلسطينية والأزمة السورية واليمنية والعراقية والنفوذ الإيراني وملفها النووي والتنظيمات الإرهابية بزعامة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والقاعدة، واختلاف وتباعد في الرؤى والمواقف تجاه الملف المصري على وجه التحديد.
إن تأسيس مجلس التعاون الاستراتيجي يعتبر نقلة نوعية وذو أهمية استراتيجية في مسيرة العلاقات بين السعودية وتركيا، فهناك أهداف عديد لتأسيس المجلس منها السياسية والاقتصادية والتجارية والأمنية والعسكرية والاستثمارية والطاقة وغيرها، فوفق ما جاء في تصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير "إن الهدف الرئيسي لإقامة مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين يكمن في أهمية التنسيق بينهما من جميع الجوانب الأمنية والعسكرية والاقتصادية والمالية والتعليمية، وتعزيز العلاقات الثنائية والمصالح المشتركة بين البلدين من أجل المصلحة العامة والمصلحة الخاصة للشعبين السعودي والتركي".
بموازاة الأهداف المشتركة لتأسيس مجلس التعاون الاستراتيجي يوجد أيضاً قضايا حساسة مشتركة وأخرى فردية ساهمت في تسارع التنسيق والتعاون بين البلدية تتمثل في النقاط التالية: أولاً: الدور الإيراني المتنامي في منطقة الشرق الأوسط وتشكيلها تهديداً صريح لكلا البلدين، ثانياً: الأزمة السورية التي أدت إلى تفاقم الصراع والحرب الداخلية بين قوات النظام السوري وقوات الجيش السوري الحر، أحدثت تناغم وتوافق في المواقف ووجهات النظر السعودية والتركية تجاه الأزمة المتمثلة بضرورة رحيل نظام بشار الأسد والحفاظ على وحدة وأمن واستقرار سوريا من خلال وقف اطلاق النار وادخال المساعدات وإعادة بناء الدولة السورية وتحقيق تطلعات وآمال الشعب السوري وتطبيق لإعلان جنيف 1 وقرار مجلس الأمن رقم 2254، ثالثاً: تنامي خطر الإرهاب بقيادة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتمدده الجغرافي الأفقي في العديد من الدول وخاصة في سورية والعراق، والذي بدوره أدى إلى زيادة التنسيق بين البلدين على المستوى الاستخباراتي والأمني واللوجستي لمواجهة الإرهاب، رابعاً: زيادة التدخلات من قبل القوى الدولية والفاعلون من غير الدول كحزب الله اللبناني، خامساً: الأزمة اليمنية التي تفاقمت مع تنفيذ جماعة الحوثيين بالتحالف مع الرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح انقلاب على مخرجات الحوار الوطني اليمني واتفاق السلم والشراكة الوطنية، والذي أدى إلى تشكيل التحالف العربي العسكري وبدء عملية عاصفة الحزم بقيادة السعودية والتي لقيت دعماً سياسياً ولوجستياً من قبل تركيا، سادساً: الأزمة الروسية التركية التي نجمت جراء اسقاط الدفاعات الجوية التركية للطائرة القتالية الروسية سوخوي 24 بعد أن اخترقت الأجواء التركية والتي أسفرت عن قطع وتوتر العلاقات بين البلدين والذي أدى إلى وقف تصدير الغاز الروسي إلى تركيا ما دفع تركيا إلى محاولة ايجاد مصادر بديلة للتزود بمصادر الطاقة بالاتجاه ناحية دول الخليج بشكل عام والسعودية على وجه الخصوص، سابعاً: معضلة حزب العمال الكردستاني الذي يُشكل مصدر تهديد مستمر للأمن الداخلي التركي، ثامناً: انخفاض أسعار النفط، ما دفع السعودية إلى ايجاد بدائل أخرى للاستثمار وتعزيز الأمن الاقتصادي بالاتجاه إلى تعزيز التعاون والاستثمار مع تركيا، تاسعاً: ضرورة نشر الاستقرار والأمن والسلم الدوليين في منطقة الشرق الأوسط، عاشراً: تطابق المواقف والآراء المشتركة والتحركات الفاعل تجاه القضية الفلسطينية في المحافل الإقليمية والدولية وتمسكهم بضرورة تطبيق كافة القرارات الدولية والشرعية وتنفيذ المبادرة العربية للسلام، والدعم المستمر لتوجهات وتحركات السلطة الوطنية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ومساندة كافة الحقوق الفلسطينية.
هذه القضايا والملفات المشتركة بين السعودية وتركيا، أدت بشكل متسارع إلى تطابق وتطبيع العلاقات في كافة المجالات والتنسيق والتعاون والتبادل المشترك في كافة المحافل الإقليمية والدولية تجاه أزمات وتحديات المنطقة، هذه الشراكة سيكون لها أثرها الفاعل في المنطقة على المدى القريب والبعيد، كما أن هذا التطور والتعاون والأهداف والمصالح المشتركة بين الرياض وأنقرة، جاءت في خضم التنافس وإعادة بناء التحالفات الإقليمية والدولية ضمن مبدأ وسياسة إعادة توازن القوى وإدارة الصراعات، لتشكل قوة ردع دفاعية لمواجهة التحديات والتهديدات، ومحاولة سد الفراغ الذي نجم عن تراجع الدور الأمريكي في المنطقة وعن الصراعات التي أفرزتها ثورات الربيع العربي في منطقة الشرق الأوسط. وتجسيداً لهذا التعاون والتحالف الاستراتيجي بين البلدين، تأتي زيارة رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان الأخيرة إلى الملكة العربية السعودية ولقائه بالملك سلمان بن عبد العزيز، للتأكيد على متانة العلاقات السعودية التركية والتنسيق المتبادل والمتكامل تجاه قضايا المنطقة سياسياً واقتصادياً وأمنياً واستراتيجياً وتجارياً، والبحث في المواضيع الثنائية وسبل تطوير كافة مجالات التعاون بين البلدين ضمن المباحثات التي جمعت بين الرئيسين وزيادة التنسيق أيضاً بين تركيا ومجلس التعاون الخليجي لتعزيز المصالح الاستراتيجية ولمواجهة كافة التحديات التي يتعرض لها الأمن القومي السعودي والتركي في المقام الأول والأمن القومي الخليجي ثانياً والعربي ثالثاً.
أحمد سمير القدرة
باحث ومختص في العلاقات الدولية
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف