الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الصمادي يجسد عروبيته ب" فرح "بقلم : سلطان الخضور

تاريخ النشر : 2017-02-24
الصمادي يجسد عروبيته ب" فرح "بقلم : سلطان الخضور
الصمادي يجسد عروبيته ب" فرح "

سلطان الخضور
محمد الصمادي , فالأحرف الثلاثة التي فرح ليس اسما عاديا لدى الأديب
كونت فرح , كان من المفترض أن تعكس أجواء من السعادة ,أو تكون عنوانا لحفلة عرس أو حفلة عيد ميلاد, سواء له أو لواحد من أصدقائه أو أقربائه, لكن فرح لم تكن هذه ولا تلك , كانت عنوان لقصة ينفث بطلها الآهات. فرح كما هو الحلم العربي , ينام على حلم ويستيقظ على حلم .
كان من المفترض أن يشار إلى فرح كإسم علم أنثوي , ولم يكن أيضا كذلك ,فمن يقرأ قصة فرح كواحدة من روايات الصمادي وقصصه القصيرة التي عنونها ب " حنين وسبع أخريات " يتوقع أن تكون فرح , بطلة القصة التي حملت اسمها لكن قارئها ما يلبث أن يجد نفسه أمام شخصية رجل , يحمل هم العرب بالإضافة إلى همه الوطني .
قصة فرح الرجل المسكون بهم عروبته , والتي أسكنها الصمادي في بيت أشبه ما يكون بجناح لصفوف مدرسية . أسكنها مع السبع الأخريات . لم تكن عنوانا لذلك السكن , بل هي واحدة من أفراد أسرة تقطن مع أخواتها اللاتي يهتدي القارئ إليهن حين يستحث الخطى نحو عنوان واضح " حنين وسبع أخريات ",
فرح كغيرها من السبع الأخريات , توشحت بجدارية صلبة تربعت على مدخلها . جدارية نحتت من حجر الصوان على شكل جذع شجرة , وهي منحوتة لفنان سعودي قدير أسمه فهد الأزوري , فكانت منحوتة ذات دلالة أشارت أن رؤى كاتبنا عابرة للحدود . جدارية الأزوري قراءتها تحمل معنيين , أحدهما معنى صلابة النحات والمنحوت , فالنحت ليس بالأمر الهين . وطبيعة الحجر المنحوت صلبة وقاسية , وليس من السهل التعامل معها , ما يعكس نفسية المصمم من جهة ووعورة ذوق الكاتب من جهة أخرى , فالصمادي فلاح ريفي تربى في بيئة جبلية , ما جعله يحب صعود الجبال وأورثه الطموح وعدم اليأس وجعل نظره للأعلى . التصق كاتبنا بالطبيعة فأحبها , وتعلم منها معاني العطاء , إضافة إلى معاني الصلابة والتحدي والوفاء , فالبيئة بطبعها تبادل العطاء بالعطاء والإنتماء بالإنتماء .
ارتأى الصمادي قبل أن يدخل منزل حنين وأخواتها , أن يحمل مجموعة من الهدايا , يوزعها بالتساوي على من أحب . أرسل واحدة من هداياه إلى النحات الأزوري وهو كما ذكرنا سعودي , وأرسل أخرى إلى أسيل العبادي وهي عراقية وثالثة إلى د نجاح العطار وهي سورية , ورابعة إلى لؤي العساف وهو أردني , وخامسة إلى الإعلامية جهاد الجزائري وهي كما يشير أسمها جزائرية , فقد توزعت هداياه على جزء كبير من جغرافيا الوطن العربي , ما يدل على اتساع في الأفق وإيمان بوحدة أهل الضاد. ولم ينسى الصمادي نصيب إخوته وأخواته من الهدايا وهي أسماء تحمل معاني الأصالة ولم يلحن والداه بتسمية أي من أخوته , فكانت خمسا تحمل دلالات عربية – عريفة – خولة – عارف – عمر – محمود .
ولم ينسى نصيب أبنائه الثمانية , سبعة منهم ذات دلالات عربية أصيلة (إسلام – عبادة – علي – عماد – غسان – إياد - غيث ) لكن من يقرأ الاسم يظن الصمادي قد لحن في تسمية ليليان , حيث اختلف اللغويون في أصل التسمية , فمنهم من عجمها بمعنى ضوء القمر في العربية , ومنهم من أصلها على أنها من مسميات السوسنة السوداء, ومنهم من زعم أنها من مسميات الخمرة , ويقابلها بالإنجليزية السوسنة السوداء . وأجدني أميل إلى تأصيلها على أنها السوسنة السوداء , وإن عجمت فقد عجمت من ليلى , وليلى أسم عربي تغزل به الصوفيون كدلالة على المحبة والجمال , وتغزل بها قيس بن الملوح " يقولون ليلى في العراق مريضة ألا ليتني كنت الطبيب المداويا ....".
حمل فرح " بطل القصة " مع أفراد أسرته على عاتقه تجربة الصمادي الحياتية والثقافية وعكس شخصيته الغنية بخبرته في الحياة . عائلة متجانسة كانت ثمرة من ثمار الصمادي التي رباها على الشعور بالمسؤولية والطموح منقطع النظير.
من يقرأ للصمادي أو يعرف شخصية الرجل , لا يحتاج إلى جهد ولا إلى ذكاء , ليعرف أنه أمام مبدع متعدد المواهب . فمحمد علي فالح الصمادي قيادي مجتمعي , وأديب وقاص , وناثر ينثر بذاره كل حين في سهول المنتديات والملتقيات والروابط , يريد أن يقول كل شيء لو وجد مساحة من الوقت تتسع لأن يقول كل الذي يريد.
يحاول الصمادي أن يدخل عالم الإعلام من موقعه " ألوان للثقافة والفنون " ففتحت له نوافذ عربية منها يطل على ثقافة دول الجوار وغيرها من الجناح الغربي للوطن الكبير , يجيد التواصل ما ساعده في كسب العديد من الأصدقاء . يعكس الواقع بعدسته التي لا تفارقه , يصور كل من حوله وكل ما حوله , فاحتفظ بذخيرة حية ذخرها ليفيد بها الآخرين . تتشابك خيوطه مع الجميع تماما كشبكة عنكبوتية , ويوثق ذكريات الحضور متحدثين ومتلقين , فتخرج من جنباته آلاف الصور , تصلح أن توثق حقبة تاريخية عاشتها عدسته , وعينه تطل من خلالها لتؤكد حضوره الجسدي والروحي والتوثيقي لكل الأنشطة .
أقرأ شخصية الصمادي , فأجدها شخصية متعجلة , تريد أن تجمع كل عوامل النجاح بفترة زمنية محدودة . وأشعر في كثير من الأحيان أن الرجل , وجد عجلات القطار تتحرك ببطء استعدادا للإنطلاق , وبصعوبة ألحق رجله الأخرى بالتي سبقتها, والتحق بعربة القطار الأخيرة. هذا السلوك في تصوري , نتيجة حتمية للثقة بالنفس . فهو يؤمن أن لديه الكثير مما يعطي , فملفه يقول أنه رئيس وأمين سر وعضو للعديد من الجمعيات والمراكز والهيئات . تلك طاقة أغبطه امتلاكها . أضف إلى ذلك أن أديبنا يريد أن يرى - كما أشار في قصته – تغيرا ملموسا على حال الثقافة في وطنه الكبير , لعل الثقافة تكون مدخلا للتغيير.
نعود لفرح القصة , فبطلها , عكس الناس تماما , يبدأ يومه بضجر ويبدأ عمله بضجر, ولا يبتسم بسبب الوضع السياسي العربي المتأزم . يختزن فرح في ذاكرته عروبة القدس , ويرفض التدويل والتقسيم والتهويد . يعتقد أن جرح لبنان ما زال راعفا ,وأن اسرائيل العدو رقم واحد له ولأمته. ويظن أن وطنه يتأثر بالحالة الإقتصادية ,وأن الحل بتماسك الأمة وتمسكها بوحدتها , فيكرس جزءا من حلمه لرؤية سوق عربية مشتركة , ويحلم بجامعة للدول العربية قوية , ويتساءل كما أورد الصمادي في قصته على لسان فرح لماذا لا يكون للعرب عملة واحدة وجواز سفر موحد , ورسوم جمركية موحدة . أحلام مشروعة , لكنها صعبة المنال .
يحاول فرح - حسب قصة الصمادي - أن يغير قناعاته , فينتقل بحلمه إلى حال الثقافة . يستيقظ فيشعل سيجارته , ويبدأ بأحلام اليقظة التي هي أقرب للهذيان . يضع اللوم على الحالة الثقافية لأنه يرى مثقفين يعجزون عن رسم خيوط المستقبل . منقسمون بين منفتح على العالم ومنتفخ لا يدري ما يصنع , وبين متمسك بأبجديات الشعر وعموديته , منهم من يؤمن بالإبداع , ومنهم من يؤمن بالإتباع . منهم من يدعو لثقافة المجتمع ومنهم من يدعو لثقافة النخبة.
لكن فرح يتناسى تأثير الثقافة , ليخرج من حالة الضجر. يبحث عن أسباب أخرى لضجره , فحصر الأمر في أسرته وبات يفكر أن المجتمع المحيط والزواج الثاني لأبيه على أمه الجميلة , وفسخ خطبة أخيه لأن خطيبته ليست جامعية , واختيار ابنه لتخصص لا يريده . هذا وذاك , جعله قلقا متوترا يلفه الضجر من رأسه حتى أخمص قدميه , فلملم مشاكلة في نهاية حلمه ولحسن حظة كان يوم الجمعة , وحمد الله تعالى لأنه لن يذهب إلى العمل , وانفرجت أساريره وابتسم , ليس برغبة في الابتسام , بل لأنه أستفاق على حلم , فتصدق بجزء من ابتسامته على ابنه الأصغر وبلع ريقه , وعاد لينام بل ليهرب من أحلام اليقظة , لعله ينام نومة هانئة كما ينام السعداء .
استعارة الكاتب بلوحة عربية , وإهداءاته لزملاء عرب وزميلات عربيات , وتفاصيل قصة فرح المسكون بالهم العربي جعلنا نحكم على عروبيته .
قرأت القصة عدة مرات , لعلي أعثر بين ثناياها على إشارة تفسر لي سبب تسمية هذه القصة ب " فرح " فلم أعثر على شيء ملموس أتكأ عليه , فتعكزت على روح الصمادي المتفائلة والتي عرفتها من خلال تعاملي معه , فهو يزيد لهب نيرانه تحت طبخته , يريدها أن تطهى على نار متقدة , فتأتي أكلها قبل الأوان , وكأني به يريد على عجل أن ينتقل من حال إلى حال , على أمل أن يكون القادم أجمل .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف