غدا تشرق الشمس
بقلم: يارا الباشا.. سورية
كان الرجل الميت يجلس بجانبي كل يوم, يضع يده على كتفي ويحدثني عن شِعره وأنا لا أرى سوى جثثا من الكلمات تنتصب على حطام جسده شواهد قبور, رغم ذلك أصدقه وأحفظ الرؤية عن ظهر قلب, أعانقه ثم أبكي دمعا جافا.
لا شيء يجمعنا سوى صفير عال للوحدة ودم بارد فقط.
ومثل جثة فهمت الدور الملقى على عاتقها. في براد الحياة القاسي هذا أصمت وأكتفي بمراقبة الجثث التي أقاسمها حيزا مؤقتا من هذا الفراغ الكامل. ولأني لست أكثر حزنا من أي أحد، ولن أكون -ربما- ولأن كل هذا لم يعد مهما، أطرحه سُمّا خارج جلدي، وأقول: "سينتهي كل هذا بعد حين". وأكذب ونكذب، ونبني لكذباتنا الصغيرة الهامشية سياجا فضيا، ثم نتراكم على أنفسنا كما تتراكم أسراب الغربان على فطيسة..
يا للسخافة
عندي قلب يخفق دون عناء
الآن وكل شيء يبدو واضحا
كيف لا أتفكك؟!
كيف لا أتجزأ؟!
وكيف أبرر كل هذا القتل في داخلي؟!.
كنت أتحدث عن الرحيل دائما ولم أرحل يوما، أنتصب في مكاني كمسمار مهمل على حائط، وأترك خيالا ينتحب سدى. ومن شدة الخوف لا أجرؤ على النوم وأهرب فقط من كل شيء: من الوجوه، من الأصوات, الحشود, الأماكن. ولا أستطيع القيام بأي شيء سوى؛ أن ألجأ إلى رائحتك في كل مرة, كأني أعرفها أو ألفت أثرها طويلا.
أحبك ربما عبثا..
أو لأخبئ وجها يفضحه الخوف بين يديك الطريتين.
كيف أرى وجهك في كل الأشياء؟
وكيف لا تصير الأشياء كلها قاسية بعد ذلك؟
تقول الصديقة على عجل غير مصدقة نفسها:
"غدا تشرق الشمس"..
لو تخبرني يا بحر، ماذا يمكن أن يعني كل هذا الضوء لأعمى مثلي، ماذا يمكن أن يفعل سوى أن يحدث ثقبا مميتا في الخيال، هو الألم، الألم فقط..
ولأننا لا نعرف عن الألم سوى حصصنا من الوخز التي لا يشاركنها بها أحد. ولأننا نحب لو نبكي قليلا، ثم نحظى بعدها بعناق خاطف ورائحة تدوم طويلا.
نتخيل شمسا وحقلا بعيدا
نتخيل موقد نار
وحبا بسيطا
ونقول بعد حين ينتهي هذا
بعد حين نهدأ
بعد حين تحرقنا الشمس
ويقتلنا الخيال.
بقلم: يارا الباشا.. سورية
كان الرجل الميت يجلس بجانبي كل يوم, يضع يده على كتفي ويحدثني عن شِعره وأنا لا أرى سوى جثثا من الكلمات تنتصب على حطام جسده شواهد قبور, رغم ذلك أصدقه وأحفظ الرؤية عن ظهر قلب, أعانقه ثم أبكي دمعا جافا.
لا شيء يجمعنا سوى صفير عال للوحدة ودم بارد فقط.
ومثل جثة فهمت الدور الملقى على عاتقها. في براد الحياة القاسي هذا أصمت وأكتفي بمراقبة الجثث التي أقاسمها حيزا مؤقتا من هذا الفراغ الكامل. ولأني لست أكثر حزنا من أي أحد، ولن أكون -ربما- ولأن كل هذا لم يعد مهما، أطرحه سُمّا خارج جلدي، وأقول: "سينتهي كل هذا بعد حين". وأكذب ونكذب، ونبني لكذباتنا الصغيرة الهامشية سياجا فضيا، ثم نتراكم على أنفسنا كما تتراكم أسراب الغربان على فطيسة..
يا للسخافة
عندي قلب يخفق دون عناء
الآن وكل شيء يبدو واضحا
كيف لا أتفكك؟!
كيف لا أتجزأ؟!
وكيف أبرر كل هذا القتل في داخلي؟!.
كنت أتحدث عن الرحيل دائما ولم أرحل يوما، أنتصب في مكاني كمسمار مهمل على حائط، وأترك خيالا ينتحب سدى. ومن شدة الخوف لا أجرؤ على النوم وأهرب فقط من كل شيء: من الوجوه، من الأصوات, الحشود, الأماكن. ولا أستطيع القيام بأي شيء سوى؛ أن ألجأ إلى رائحتك في كل مرة, كأني أعرفها أو ألفت أثرها طويلا.
أحبك ربما عبثا..
أو لأخبئ وجها يفضحه الخوف بين يديك الطريتين.
كيف أرى وجهك في كل الأشياء؟
وكيف لا تصير الأشياء كلها قاسية بعد ذلك؟
تقول الصديقة على عجل غير مصدقة نفسها:
"غدا تشرق الشمس"..
لو تخبرني يا بحر، ماذا يمكن أن يعني كل هذا الضوء لأعمى مثلي، ماذا يمكن أن يفعل سوى أن يحدث ثقبا مميتا في الخيال، هو الألم، الألم فقط..
ولأننا لا نعرف عن الألم سوى حصصنا من الوخز التي لا يشاركنها بها أحد. ولأننا نحب لو نبكي قليلا، ثم نحظى بعدها بعناق خاطف ورائحة تدوم طويلا.
نتخيل شمسا وحقلا بعيدا
نتخيل موقد نار
وحبا بسيطا
ونقول بعد حين ينتهي هذا
بعد حين نهدأ
بعد حين تحرقنا الشمس
ويقتلنا الخيال.