الأخبار
سيناتور أمريكي: المشاركون بمنع وصول المساعدات لغزة ينتهكون القانون الدوليالدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

خالي البيه بقلم محمد محمود عمارة

تاريخ النشر : 2017-02-19
خالي البيه  بقلم محمد محمود عمارة
قصة قصيرة بقلم / محمد محمود عمارة

ما إن وضع ضابط الهجرة ختم المغادرة على جواز سفره حتى أطلق "جمال" لساقيه العنان غير مبالٍ أو مكترثٍ لما تلفظ به كل من اصطدم بهم في طريقه إلي البوابة 22. تسارعت دقات قلبه في سباق محموم مع قدميه خشية أن يفيق قبل أن يصل إلى باب الطائرة كما اعتاد في السنوات الخمس الماضية...
كان هذا الحلم يراوده دائماً ، يتكرر بأدق تفاصيله ، يستيقظ عند نفس المكان ليكتشف أنه لم يسافر عائداً إلى وطنه ، بل أنه لم يغادر حتى غرفته ، و أنه لازال في فراشه . كان أكثر ما يضايقه من هذا الحلم أنه لن يرى أمه.
شعر أن ما يراه اليوم مختلف عن حلم كل يوم ، فالمطار مزدحم والحركة من حوله كثيرة، من بعيد أشار إليه أحد زملائه محيياً ، فرد تحيته ، سمع نداء الصعود للطائرة ،تحرك في لهفة، تجاوز باب الطائرة، سابق نفسه إلى مقعده المحدد، تحركت الطائرة ببطء ثم انطلقت على الممر قبل أن تحلق به مخترقة آفاق السماء ، عندها تأكد أنه لا يحلم وأنه مستيقظ هذه المرة .
أخيراً سيرى أمه التى غابت عن ناظريه خمس سنوات كاملة لم يستطع خلالها أن يرفع سماعة الهاتف ليسمع صوتها ولو لثوانٍ معدودة... فمن أين له ثمن المكالمة ....!!
لازال يتذكر صوتها الحاني وهي توصيه قبل سفره أن يطيع خاله في " الغربة " وألا يعصي له أمراً، فعدا أنه شخص مهم هناك ، فهو من سيقوم مقام أبيه رحمه الله ، كان يحلو لها أن تلقبه بأخي البيه عند الحديث عنه مع الجيران والمعارف، وعلى الرغم أنه لم يلتق خاله كثيراً لطول المسافة الزمنية بين المرات المعدودة التي زار فيها مصر، إلا أن تعلق أمه بإخوانها وأخواتها جعله وإخوانه يكنون لهم كل حب واحترام، وازداد حبه لخاله هذا تحديداً عندما أرسل إليه الفيزا.
كان استقبال "خاله البيه" يوماً مشهوداً لا يستطيع أن يمحوه من ذاكرته،فالفرحة العارمة والبشر والسرور و الاستقبال بالأحضان عند رؤيته في صالة الوصول كانت مجرد أوهام تبددت و تحطمت على وجه خاله العابس و جبينه المقطب واستقباله الفاتر وعينان تكادان تصرخان في وجهه متسائلةً: "ما الذي أتى بك..هل كنت تنقصني ؟؟؟ " لولا أنه هو من أرسل التأشيرة،طبعاً بعد إلحاح شديد من أمه بعد تخرجه من كلية التجارة.
حاول أن يبرر لنفسه حالة خاله هذه ويلتمس له الأعذار، ليس مع هذا الموقف فحسب ، بل مع كثير من المواقف التي جعلته يشعر أنه عبء ثقيل عليه ، لكن ما لم يستطع تجاوزه أو تبريره يوم أن عاد منهكاً من رحلة بحث مضنية عن وظيفة فدخل الشقة واغتسل وتوضأ و تهيأ للصلاة ، لكن ضحكات ماجنة مصدرها غرفة خاله شلت حركته في مكانه .... انفتح باب الغرفة ليكشف عن "خاله البيه" شبه عارٍ متأبطاً فتاة ليل .... تسمر في مكانه مذهولاً ، أما خاله فقد فاجئه وجوده للحظة ثم مضى في طريقة إلى باب الشقة مودعاً الفتاة بقبلة ومبلغ من المال دسه في صدرها. يومها اكتشف جزءاً من عالم خاله المجهول الذي لا يعرفه، عالم يمكن اختزاله في ثلاث كلمات: خمر ونساء ودخان أزرق. أحس بشئ كبير ينكسر بداخله، فصورة خاله الذي وضعه مقام أبيه تحطمت ، فشتان بين رجلين: رجل لم يره إلا مصلياً أو صائماً ، ورجل لا يستحي من المعصية،بل كان يحاول أن يجره إلىها ويشجعه على الخوض في أوحالها.
تمنى أن يفر من هذا الجو الموبوء ويغادر هذا العالم الملوث ، لكن عدم عثوره على وظيفة حال دون ذلك .............
كان يوم عثوره على وظيفة بعد عام كامل من البحث المضني، ويوم تسلمه أول راتب من الأيام المشهودة في غربته ... بل حياته كلها ، ففي ذلك اليوم جلس مع خاله .. أخرج دفتراً سجل به كل ما أنفقه عليه..... حتى زجاجة المياه الغازية سجّلها... !!! ثم انتقل إلى شقة أخرى.
أفاق على صوت المضيفة تسأله عن وجبته المفضلة ، أجاب بابتسامة ودودة ... نظر إلى وجبته فحمد الله كما يفعل دائما شكرا و امتنانا لما وصل إليه بعد كل سنوات الضنك التي عاناها بسبب خاله و زوج اخته .... زوج أخته الذي ورطه في ضمان سيارة و قروض ثم خلع في هدوء و جعله وجهاً لوجه مع البنك يفترس راتبه كاملا إلا من دراهم معدودة لا تسمن و لا تغني من جوع وفاءً للأقساط ، الأقساط و القروض التي ما تركت له ثمن مكالمة يطمئن بها على أمه...
الآن أين هو ، و أين هما ؟؟ لقد من الله عليه و فتح له أبواب الخير يغرف من أيها شاء ، أما خاله فقد بارت تجارته و خسر شركاته و وصار ضيفا عليه بسبب بطالته و ضيق حالته ، أما زوج أخته فلا زال قابعا في السجن يكمل مدته بعد أن اتهمه بعضهم بخيانة الأمانة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف