الأخبار
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

" دورات المياه " .. والسياحة في الأردن بقلم : كريم الزغيّر

تاريخ النشر : 2017-02-18
" دورات المياه " .. والسياحة في الأردن بقلم : كريم الزغيّر
" دورات المياه " .. والسياحة في الأردن

بقلم : كريم الزغيّر


فيديو قصير لا يتعدى الدقيقة الواحدة ، يتحدث فيه سائحٌ أمريكيّ عن " دورات المياه " في الأردن وعدم نظافتها وتأثير ذلك الأمر على السياحة ، في الفيديو يقول هذا السائح بأن دورات المياه تنعدم فيه النظافة ، ورغم ذلك تجد من يأخذ منكَ المال مقابل إستخدام دورات المياه وهو ما يعرف بـ " التيبس " أي بلغتنا العامية " البخشيش " ، عادةً هذه الأمور تُسيء إلى سُمعة الأردن السياحية في العالم ، وهذا ما ينعكس على الحركة السياحية بشكلٍ عام في بلد أحوج ما يكون في ظروفه الإقتصادية " المُترّدية " إلى تنشيط السياحة سواء الداخلية أو الخارجية .

في إحدى المرات كنتُ وزملائي نقوم بتغطية حفلة موسيقية للموسيقار الأردني المُبدع طارق الناصر في المُدرج الروماني أحد المعالم الشهيرة في وسط العاصمة عمّان ، وقبل أن يبدأ الموسيقار الناصر بسحر آذاننا وإطراب قلوبنا توجّهت أنظار أحد الزملاء إلى منتصف المدرج وإذ بوزيرة السياحة السيدة الفاضلة لينا عنّاب تجلس هناك فذهبت راكضاً أنا وزميلة لي لإجراء حديث سريع معها لأن مثل هذه الفرص قلما تحدث والصحفيّ عليه إقتناصها ، ذهبت مُسرعاً ولا أعلم كم جسدٍ ضربته بقدمي من جرّاء الحالة اللاشعورية والتركيز على الوصول فقط لوزيرة السياحة ، أجرينا الحديث مع الوزيرة وكان كلامها فقط يتمحور حول دور الثقافة في المجتمع ولكنني وبإجتهادٍ لحظيّ قلت لها : " معاليكي ماذا عن الآثار القريبة منا والتي تغطيها النفايات ، وتنبعث منها رائحة الصرف الصحيّ وهي قريبة منا جداً " ! ولله الحمد لم أدفع ثمن هذه الكلمات العفوية .

يقولُ لي صديق درس في بداية حياته الجامعية في تخصص السياحة بأن دكتور إحدى المواد كان يتحدث عن السياحة في الأردن وأهمية تسويقها إعلامياً ، وما كان من هذا الشاب الذي كان الأول على المملكة الأردنية الهاشمية في تخصص " الفندقة " إلا أن طرح تساؤلاً على الدكتور والطلاب ما الفائدة من التسويق الدعائي ودفع المبالغ الباهظة إذا كانت الآثار نفسها والمعالم نفسها والشواطئ وكل " الجسم السياحي " غير نظيف أليسَ الأجدر دفع هذه الأموال في تنظيف ، وتنمية ، وإعادة تأهيل هذه المعالم ، فما كان من الدكتور إلا أن أجابه ساخراً متهكماً على طالب يحاول الإجتهاد : " الزبالة هي عامل جاذب للسياحة " ، حكمة فلسفية عظيمة !

السياحة في الأردن تعد من أهم العوائد المالية للدولة الأردنية إضافةً إلى أنها تشكل 13% من الناتج المحلي حيث تصل عائداتها إلى 4.3 مليار دولار ، فكيف تُهمل الدولة الأردنية وتسُد باباً يُدخل إلى هذا المردود وهي في وضع إقتصادي سيء .

الأردن يتمتع بطقسٍ يبحث الجميع عنه لما فيه من الإعتدال ، إضافةً إلى أن السياحة في الأردن متعددة الأشكال فمنها العلاجية ومنها الأثرية ومنها الدينية إلخ ، فلماذا هذا الإهمال المتعمّد ، لماذا لا تستغل هذه الثروات بدلاً من إستنزاف جيب المواطن ، لماذا التعنت في البقاء على نفس الوسائل الفاشلة التي أثبتت أنها وسائل بالية وتقليدية في جذب السُيّاح .

أسئلة بحاجة إلى إجابة ، ونتمنى أن يكون هذا السائح الأمريكي قد أيقظ وزارة السياحة ودوائرها من " نومهم العميق " .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف