الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أشكال الحب في "الحب أن" فراس حج محمد بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2017-02-18
أشكال الحب في
"الحب أن"
فراس حج محمد
"فراس حج محمد" كاتب متخصص، يستطيع أن يكتب في مواضيع عادية، لكن بلغة أدبية راقية، ويستطيع أن يكتب كتابا كاملا عن موضوع واحد، "كما هو الحال في كتاب "من طقوس القهوة المرة" و"رسائل إلى شهرزاد، وديوان "أميرة والوجد" فهي هذا الكتاب يؤكد لنا أنه صاحب طريقة خاصة في الكتابة تختلف عن الآخرين، فهو يضع لنفسه مكانة خاصة، لا يقلد أحدا، ومن الصعب على الآخرين تقليد ما يكتبه.
موضوع الحب من المواضيع المحببة التي تجذبنا إليها، فنغترف منها لنروي عطشنا، عطشنا ليس للمرأة فحسب، بل إلى الطبيعة، إلى الله، إلى الكتابة والفنون، إلى المكان والجغرافيا، فالحب عند "فراس حج محمد" لم يقتصر على المرأة وحدها، لهذا نجده يلبي كافة احتياجات الحب عند المتلقي، فأي نوع من الحب نجده في كتاب "الحب أن" وكأنه موسوعة في الحب، أو كتاب شامل عن الحب.
دائما الموضوع المراد طرحه من الكاتب يحتاج إلى لغة معينة، وإلى الفاظ محددة، يستعين بها لتقديم المادة الأدبية للمتلقي، وبما أن الموضوع ناعم وسلس وجميل سنجد أن الالفاظ واللغة والصور والفكرة كلها تتآلف معا لتكون جسما واحدا، يستطيع أيا كان، إن اعتمد على الفكرة أو على اللغة أو على الالفاظ أو على الصور أن يستمتع ويصل إلى الفكرة المطروحة في الكتاب، وهذا يحسب للكاتب الذي استطاع أن يجمع كل عناصر الكتابة معا لتتوحد وتعطي/تخدم/تقدم الفكرة للمتلقي.
وإذا ما أضفنا إلى ما سبق تعدد الأصوات في النص، بمعنى أن الحديث/الكلام لم يقتصر على الكاتب وحسب، بل نجده جعل المرأة تتحدث بلغتها هي، بما تحمله من مشاعر تجاه الرجل/الحبيب، وهذا يمثل تمرد على شيء متعارف عليه اجتماعيا، فالكاتب يتمرد/يتجاوز المألوف ويقدم مفهوم الحب من خلال صوت المرأة، التي نكاد نهملها حتى عندما نتحدث عنها، لكن الكاتب كان أكثر حكمة وعدالة منا عندما أسمعنا صوتها، حاجتها، مشاعرها.
بعد متابعة كل ما صدر للكاتب من أعمال نثرية وشعرية وجدنا هذا الكتاب يختلف تماما عما سبقه من كتب، فلا نجد فيه تأثيراً للقرآن الكريم كما هو الحالة في الكتب السابقة، وهذا يحسب علي الكاتب وليس له، فرغم لغة الكتاب الراقية إلا أن افتقاد هذا الأثر يجعل المتلقي يتساءل كيف استطاع "فراس حج محمد" أن يكتب بعيدا عن ثقافة شكلته أدبيا قبل أن يتشكل فكريا/دينيا؟
هذه رؤية عامة كان لا بد منها لتعريف المتلقي بالكاتب والكتاب، أما إذا دخلنا إلى "الحب أن" فعلينا أن نتوقف متأملين ما جاء في الكتب، فنجد هناك نص مطلق، وعندما نقول نص مطلق، فنعني بذلك انسجام اللغة واللفظ والفكرة والمضمون، بحيث لا نجد لفظ يتناقض مع الفكرة المطروحة، وعندما يكون النص المطلق في كتاب فيعني هذا توحد الكاتب مع نصه، مع ما كتبه، وكأن النص والكاتب شيئا واحدا، سنحاول تناول ما جاء في الكتب لتوضيح ما قدمه لنا الكاتب من صور ولغة وافكار عن الحب، ونبدأ بهذا النص:
"الحب أن تجتمع الفراشات
تشكل وقدها لتحج نحو زهرتك الجميلة
وتقبل الخدين عني
وتفرش سجادة للصلاة على كتفيك
وتسعى بين مرمرتين كائنتين
في نهرين من حبق وماس" ص30، النص مطلق هنا، لا يوجد فيه أي لفظ شاذ، يتعارض مع الفكرة، ونجد اللغة تنسجم مع الفكرة، ونجد الصور الأدبية ممتعة وشهية، ويمكن للمتلقي أن يذهب أينما شاء فيما رسم لنا من صور، حضور الطبيعة والمرأة معا يعطيان النص جمالية ومتعة تضاف إليه، فالنص بهذا الشكل جذاب وممتع وينتشي به.
من النصوص المتألقة أيضا هذا النص:
" الحب أن الشوق شوق الفؤاد إليك أكبر
يا حلوتي هذا الصباح إليك "سكر"
ومزنر بالورد
فيض الله في الأرجاء عنبر" ص 44، كأن حرف الراء في نهاية المقاطع "أكبر، سكر، عنبر" يعطي ايقاعا خاصة يجعل المتلقي يطرب له، يفرح به، ويجعله يعيد القراءة مرة أخرى، ليس ليتقدم من الفكر، بل ليستمع باللغة والألفاظ والصور، وكأنه أغنية جميلة يستعذب سماعها أكثر.
المرأة والكتابة
قلنا في موضع غير هذا ان المتنفس للكاتب/ة يكون من خلال تناول المرأة/الرجل، والكتابة/القراءة/الفنون ، والطبيعة، والثورة/التمرد، اعتقد بأن "فراس حج محمد" استخدم كل هذه العناصر معا وجعلها حاضرة في كتابه، فهو لم يتناول المرأة لوحدها في النص، بل جمعها والكتابة والطبيعة، فيشعر المتلقي بأن هناك ظمأ عند الكاتب لكل ما هو جميل، جوع للفرح، يطلب الحياة بكل ما فيها، فهو يعشقها، يريدها بكل فرحها وبهجتها:
"الحب أن أرى شعرك الكستنائي شعر نثر متطاير
يحرسه الوزن من التساقط في النمط
وعينيك بيتا كامل الحركات العروضية
وصدرك بستانا تنبه فيه طيران مبتهجان
يلمس أصابعي المزدهرة" ص59، يجمل الكاتب كل عناصر الفرح في هذا النص، فنجد المرأة، والطبيعة، والكتابة، لكنه لا يقدمها منعزلة عن بعضها البعض، بل يجعلها متداخلة/متشابكة/موحدة ومنفصلة في ذات الوقت، مما يدفع المتلقي ليتأمل عناصر الفرح هذه، فيجد الكتابة متداخلة مع المرأة، ويجد الطبيعة المرأة تجتمعان معا، وهذا الاستخدام يؤكد النشوة التي وصل إليها الكاتب، فهو لا يكتفي بعنصر فرح واحد بل يريدها جميعا.
التوحد مع المرأة
قبل الحديث عن صوت المرأة نتحدث عن التوحد بين الكاتب والمرأة، وكأنه بهذا التوحد يمهد لنا ما ستقوله هي، وليس هو:
"الحب أن أبحث عن عطر قرين بعطرك الأنثوي
فلم أجد
لعلي ألقاك يوما
فأستغني بك عني
وتحتويني بكلك هذا المشتهى والمنتشي" ص27، مشهد ينهي فيه الرجل وجوده تماما، ويندمج/يتماهى مع المرأة، وكأنه يعيد ذاته إلى رحمها، قبل أن يخرج للحياة، فهنا تم إلغاء الأنا للرجل، وجعل المرأة هي الأصل/الأساس العنصر الذي يستوعب/يتسع له، فهي أكبر وأعظم وأهم منه.
صوت المرأة
أكثر من عشرة نصوص تحدثت فيها المرأة، ليس عن الحب وحاجتها للحبيب فحسب، بل أيضا تحدثت عن حاجتها ورغبتها ونظرتها للجنس، للجسد الآخر، لكنه ليس جنس فاضح وصريح، لكته جنس من خلف الستار، جنس اقرب منه للحب، جنس رسم بالغة ناعمة وهادئة، فهو مشوق وجميل وممتع وشهي:
"الحب أن أعطيك من ثمري
سفرجلتي
وأعضائي سريري الجسدي
رمانتي
وعطر جديلتي بعد اغتسالي
وتقوم بيني ساجدا حرا
لتذكرني
بقصيدة لتشرب نخب ليلى مع صفاء أغنيتي" ص33، ايحاء بالرغبة الجسدية عند المرأة، فهي لطبيعتها الخجولة لا تظهر وقاحة في كلامها، في تقديم مشاعرها، لهذا لغتها أنيقة، لكنها تعطي الفكرة حقها، ولهذا نجد الإثارة في النص عندما نقرأه، فالمتحدث أنثى، وهذا وحده كافيا لجعل المستمع يثار.
صوت الرجل
لا بد لنا أن نقارن بين صوته وصوتها، وهل هناك صوتان أم صوت واحد لشخصين؟ نجيب على هذا السؤال من خلال تقديم صوت الرجل الذي جاء بهذا الشكل:
"الحب أن تأكلني امرأة كما تشتهي
وتعتلي ألفي المنتصبة
وتغريني بها
وتغرسني بوردتها لآخر ارتعاشة ملتهبة" ص72، رغم اللغة غير الصريح إلا أن الجرأة كان أكبر من تلك التي تحدثت بها المرأة، فهو يستخدم "الألف المنتصبة" وهي اشارة غير محايدة بالتأكيد، وتحمل شيء من الصراحة والوضوح، فالبراءة هنا مفقودة من النص، فهو أقرب إلى الحب الصريح منه إلى الحب العذري.
ويقول في موضع آخر:
"الحب أن يكون فرشنا مبتلة وسائده طوال الليل
والشراشف نادية
وتعتقلي يدي على غصونك المتبرجة" ص78، أيضا صورة غير بريئة، وفيها من الصراحة ما يفوق التورية، فالمتكلم هو رجل، ويعيش في مجتمع يعطيه من الحرية ما يفوق المرأة بكثير.
الحب الصوفي
كما قلنا في البداية الكاتب لا يقدم نوع/شكل واحد للحب، بل نجده يقدم العديد من المشاهد للحب، فنجده يحدثنا عن حبه الله المعطي والحافظ:
"الحب أن لا استطيع الابتعاد
وأن أبقى ألم الحرف بعد الحرف
نجما تلو نجم من سهاد
وأسجد مثل صوفي على نور القمر
ألاقي الصبح بالترتيل
بالترنيم
وجه الله طقس هداية
معنى ناجزا عيدا من الأعياد
وأن يبقى الهوى العالي كنفحة الأوراد" ص105، نحن هنا أمام حالة إيمانية مطلقة، فهو يسجد في المساء ويرتل في الصباح ويجد عظمة وجمال الله في نور القمر البهي، وإذا ما تأملنا في المقاطع السابقة نجد الكاتب يقوم بفعل السجود والتلاوة ليس للعبدة، وانما لمتعة، من أجل الحب، حب الخالق الذي أوجد هذا البهاء والجمال.
حب المكان
من الطبيعي أن نحب المكان، نحب الوطن، نحب الجغرافيا التي منحتنا الخير والفرح، المكان له أثره علينا، ويبقى فاعلا وحاضرا فينا:
"الحب أن نجد الحب في كل مكان
في القدس
في بيروت
في باريس
في الصحراء
في الوادي وفي الجبل العظيم
وفي غار وفي مد الفضاء
وأن تتآلف الأشياء في روح السماء
الحب أن الله ليس فقط إله" ص111، دعوة للحب، ونشرة في الفضاء ليتساقط مع المطر ومن ثم لينتفع به كل الناس، الكاتب حدد جغرافيا معينة من خلال اسماء المدن، ثم انتقل إلى التعميم، فلم يحدد الجبل أو الغار، وكأنه يريد الحب أن يكون امميا لكل الناس كما هي السماء لكل الناس، واعتقد بأن الكاتب كان موفقا تماما عندما جعل نهاية النص يتحدث عن السماء وعن الله، لأن مدلولهما عام وشامل ولا يختص بقوم محدد.
الكتاب من منشورات دار الأمل للنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة الأولى 2017
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف