الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فاطمة اليازورية بقلم:عبدالعزيز أمين عرار

تاريخ النشر : 2017-02-17
فاطمة اليازورية
عبدالعزيز أمين موسى عرار / بحث ومشرف تاريخ

اشتهرت بلدتنا يازور بتاريخها الحافل وتراثها العامر وموقعها الجغرافي فهي عتبة الزائر لمدينة يافا ، وفيها يلتقي التاريخ مع الجغرافيا لتتضح أهميتها في زمن دول وممالك عديدة،وكثيراً قاومت الغزاة وعاندتهم بما تستطيعه أو يتوفر لديها أي وسيلة من وسائل القوة أكانوا آشوريين ورومان وفراعنة ويونان، ولكن يازور فشلت في هذه المرة في صد الغزاة الجدد من المنظمات الصهيونية التي راحت تقذفها بالقنابل في محاولة لبث الذعر فيهم ، واستسلمت هذه المرة للقوة العسكرية والإعلامية الطاغية .
هوجمت يازور بقذائف المورتر وإطلاق النار الكثيف ورغم أنها قرية لم تبدأ هذه المرة بإطلاق النار على جيرانها اليهود حسبما اتهم به العرب في قرى أخرى . بل حملت الرايات البيض معلنة استعدادها للعيش للعيش تحت سيادة هؤلاء الغزاة الجدد ، ولكنهم كان لديهم تصميم مسبق بتهجير مدينة يافا وجميع القرى الكبيرة المحيطة بها سواء قاوموا أو لم يقاوموا فالأمر سيان يجب تنظيف المنطقة حسب خطة دالت فالضرورة تقتضي احتلال يافا وتهجير أهلها عبر منفذ بحري ، ولتشرع القوارب بحمل الخائفين والذي أصابهم الهلع ، والغريب أن واحدة من الشخصيات لعبت دور تجار الحرب وراحت قواربها تنقل الفارين إلى لبنان مقابل أجرة والأغرب أن الانجليز واليهود تركوا الميناء على حاله بلا رقيب أو حسيب في حين زاد الضغط على سلمة ومن معه من المناضلين وفتح طريق الشرق كالعادة كي يهاجروا إلى رام الله ونابلس .
ظهر على قريتنا المنفتحة والعظيمة منذ أن كان وزيرها حسن اليازوري في عهد الدولة الفاطمية أنها قرية وادعة ومسالمة لم تعرف عائلاتها الخلافات العشائرية والطائفية والمذهبية والعنصرية، و ظلت بعيدة عن الفتن وحالات الانفلات التي شهدتها البلاد في عصر بني عثمان.
وهم في ذلك يسترشدون بالمثل الشعبي القائل"ابن عمك إن لاكك ما زلطك".
أو قول الشاعر العربي:
إن الذي بيني وبين بني عمي لمختلف جدا "
قلبت الأمور رأسا على عقب وأنتهت حالة الأمان والسكينة والاستقرار التي عاشتها يازور البلدة العامرة .
كان حال يافا زمن الانتداب البريطاني كحال القاهرة تنعم بالأسواق والمتاجر ومقرات الأحزاب والصحف والنوادي ،ومنها تنطلق الثورات لكنها كانت لا تخلو من بيوت " طق الكيف والطرب" بل حتى أن احداهن طلبت رخصة لفتح بار وذلك قبل نكبة فلسطين بقليل ، وهذا دفع أحد الشيوخ للتبشير بالكارثة بسبب غضب الله.
اجتمع الشباب اليازوري للدفاع عن قريتهم بما توفر لهم من بارودات كنديات وانجليزيات واستنات وبرنات لكنها عجزت عن الصمود في وجه المنظمات الصهيونية الأكثر عددا وعدة ودعما وتنظيما،وهي تزيد خمسة أضعاف عنها.
سقطت يافا وقراها، وراح الفلسطينيون يهيمون على وجوههم باستثناء عبدالمعطي المصري وهو يازوري من أصول مصرية تزوج طيراوية صعبية كانت له عونا على صموده وثباته بين براثن المغتصبين، و فضل الموت في بلده على أن يتركها ،وحينما سأله بعض أصدقائه عن الرحيل.

أجاب : أحب إلي الموت هنا على أن أموت في بلاد الناس.
.بقي يقيم في غرفته بجانب سقيفة أغنامه، يرعى دوابه ويحافظ على أرضه المزروعة بالبرتقال البلنصي والشموطي، وبقي برتقال يافا مضرب الأمثال وماركة تجارية مهمة تسجل على جميع البرتقال الذي تصدره إسرائيل باسم برتقال (جافا).

لم يكن عبدالمعطي المصري اليازوري وأسرته الوحيدين المتشبثين بالأرض و الذين رفضوا الرحيل والترحيل ألقسري، بل أن أعدادا كبيرة من عرب فلسطين في الجليل والمثلث والنقب والمدن الفلسطينية الأخرى آثرت الصمود على الرحيل، وكانوا أمام امتحان جوابه عسير ماذا نعمل بالواقع الجديد؟!
أجاب عرب فلسطين في الداخل والخارج بمواقف شتى، فقد اختار الذين هجروا ورحلوا خارج منطقة 1948 الانخراط في الأحزاب الإسلامية و الأممية والقومية والوطنية، ولاحقا أسسوا منظمات العمل الفدائي ، أما الذين صمدوا في وطنهم السليب فآثر بعضهم التعايش مع المستوطنين اليهود ونسج علاقات اجتماعية مع المستوطنين الجدد باعتبارهم جيران وأبناء عمومة واحتفلوا بعيد الاستقلال الصهيوني. في حين انتسب فريق آخر للحزب الشيوعي (راكاح )، واختارت فئة من المتعلمين تأسيس حركة سياسية تشبه فصائل (م .ت .ف) دعيت باسم حركة الأرض .
كانت شخصية عبدالمعطي وزوجته فاطمة عن عمل محمد الشنير (يافا)، ومفلح زعرور (حيفا)، واقترب عمله من عمل محمد عطا الله حسن رزق الله (خربة الزاكور)، واختلفت مع سلوك موسى أبو حلوة من المثلث.
ظل عبدا لمعطي في اقامته في يازور يستأنس بالتاريخ والذكريات ويتشبث بالأرض التي ورثها عن أجداده ومع أن المياه قطعت من قبل شركة مكوروت القطرية وجففت بيارته، وحينما سأل مندوبها حايم : أجاب باختصار هناك توصية بمنع ري البيارة .
كان على عبدالمعطي أن يختار مهنة جديدة فآثر اختيار مهنة الرعي محافظا على صموده ، وكان ينام على ضوء الشموع رغم أن أعمدة التيار الكهربائي تمر من فوق بيته لكهربة المستعمرات راح عبدالمعطي .يتذكر ماض عتيد قد ولى ، ووحيدا في جو الوحشة في هذه الديار التي أجبر فيها على الرحيل والتهجير دون أنيس يخفف من جرحه النازف .
شاخ رب الأسرة وتعرض لضغوط وإغراءات ليتخلى عن أرضه، ولكن دون جدوى.
توفي عبدالمعطي وبقيت الأم وابنها فاختارت طريق زوجها في الحياة، ورفضت جميع الإغراءات ودفعت أبنها للزواج من عربية في يافا ،وشجعته على الإقامة فيها خوفا من قتله والاستحواذ على الأرض وكي لا تقع في أيدي الطامعين بها، و واصلت عملها الدءوب وحدها دون معين لها وتقضي الليل تتأمل النجوم، وتسترق النظر إلى القمر وراحت تسأل نفسها متى تكتمل رؤيتنا له ومتى نفرح بقم الحرية وهل يضيء سماء عروبتنا يوما ما . هل أفرح بلقاء أقاربي وأولاد عمي الذين أجبروا على الرحيل إلى البلاد العربية.
...جاءت حرب 1967 لتفتح باب العمل لأبناء الضفة الغربية في الأرض السليبة عام 1948 وعملت سميحة في أراضي يازور المسلوبة . مرت أيام وإذا بها تشاهد إمرأة ترعى أغناما في هذا المكان تحمل عصاها .
قالت سميحة : اقتربت منها وقلت لها بالعبرية : بوكر توف كفيرت .
ردت بعصبية وقالت : يا مجنونات قلن صباح الخير وللا مستحيات أنا عربية بنت عربي ابن هذه البلاد.
قالت سميحة: قلت وأنا غير مصدق قولها ، ولكنك أنت الوحيدة في هذا المكان.
فقالت هناك داري ، وهي قديمة سكن فيها أبي وجدي من أيام العسملي.
ولكن لماذا أنت وحدك في هذا المكان.
قالت لقد جار علينا الزمن واخترنا الصمود والتشبث في هذه الأرض .
ـ طيب ألا تخافين من هؤلاء اليهود الذين يحيطون بك من جميع الجهات.
قالت لا ؟
قلت غريب !!
ردت وما الغريب في الأمر : نحن أصحاب البيت وأصحاب الدار، ولا نخاف من الحرامي مهما كان كبيراً أم صغيراً.
دعتنا لتناول الطعام في بيتها وزيارتها ، ولكن الأدون شموئيل رفض ،وقال غدا يمكنكن الذهاب إليها اليوم في شغل كثير .وشاء القدر أننا لم نعد في اليوم التالي، ولا ندري ما مصير فاطمة وكيف انتهى.
13/2/17
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف