الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سواليف الديرة- (3) التسوّل حسب المتر! بقلم: ميسون أسدي

تاريخ النشر : 2017-02-17
سواليف الديرة- (3) التسوّل حسب المتر! بقلم: ميسون أسدي
سواليف الديرة- (3)

التسوّل حسب المتر!

بقلم: ميسون أسدي

شاهين السيد

شاهين السيد من قرية دير الأسد، شاب وسيم معروف ومشهور بنكاته. يعمل في مجال البناء، نحيف الجسم، طيب الملامح يشرق طيبة بسيطة خالية من أي تصنع، طباعه هادئة جدًا وصامت في معظم الأحايين، لكن عندما يضايقه أحد أو يحدث أمرًا يزعجه، يبق الحصوة من فاهه ويبدأ بإطلاق المسبّات والشتائم على الخالق والملائكة وكل الأنبياء، حتى أنه كان يتفنن في خلق الشتيمة، وكانت له شتائمه الخاصّة التي لا تشبه شتائم الآخرين، ومن أحد شتائمه كان يلعن "قجج الأسد"، أي الحصالة وهي التي يضع بها الناس تبرعاتهم لمقام الأسد، أو يشتم "أعلام الأسد" وهي الأعلام الخضراء المنصوبة على أربع زوايا مقام جدّنا الأسد.

والأسد هو الشيخ محمد عبد القادر الجيلاني والمعروف محليّاً بالشيخ الأسد. وهو ولي صالح سمّيت قرية دير الأسد على اسمه، حيث كان هناك دير للرهبان يسمى دير البعنة على اسم القرية التي حافظت على اسمها وهي اليوم، محاذية لقرية دير الأسد وبيت القريتين متداخلتين بعضهما ببعض. يرقد ضريح الشيخ محمد الأسد في قرية دير الأسد وبالتحديد في الطابق السفلي في جامع "محمد الأسد" الذي سمي على اسمه أيضًا.

في إحدى المرّات، عندما كان شاهين يشتم الخالق، وقد كان مسترسلا في شتائمه، توقّف فجأة، نظر حوله، وقد بدا عليه الامتعاض، ثم تساءل مفكرًا: مصيبة كبرى لو لم يكن وجود للخالق البتّة وتذهب جميع شتائمي سدًا!!!

***

يروى، والله أعلم، أن شاهين السيد ذاته، صاحب الشتائم العجيبة، كان في أحد الأيام يجلس على المصطبة أمام بيته يحتسي فنجان قهوة ويتأمّل المارّة وخاصّة الذين ينظرون اليه وإلى بيته الكبير الجميل الذي بناه بعرق جبينه، الأمر الذي يجعله يشعره بالافتخار بما صنعت يداه.

غفل شاهين عن المارّة للحظات وهو يسكب القهوة من غلايته التوتيا الزرقاء في فنجانه الكبير، ملأ قدحا وأخذ يتملى شفافيته ويتذوقه وهو يقرقع بشفتيه، ثم كرعه دفعة واحدة، وما أن رفع رأسه حتى وجد أمامه مباشرة وعلى بعد مترين امرأة متسوّلة، جامدة الأسارير في لباس أسود- وهذا أكثر ما يبغضه شاهين- لم يكد شاهين ينبس ببنت شفة، حتى أمطرته المرأة بوابل من دعاوى المتسوّلين المعروفة، متمنية من الخالق أن يطيل بعمره وعمر أولاده وكل من ينتمي إليه بصلة القرابة من قريب وبعيد، ثم تحوّلت بالدعاء له بالتوفيق بغير كلال أو ملال بنجاح أولاده وبناته وكل من يمت اليهم بصلة. لم تتوقف المتسولة عن الدعوات إلا حينما مَدّ يده إلى جيبه واعطاها عشرة شواقل..

نظرت المتسولة إلى الشواقل العشرة، ثم نظرت إلى بيته الكبير، وبدأت تراقص نظراتها مرة لشاهين والاخرى للبيت وهكذا دواليك، وقالت له معاتبة: عندك كل هذه الاملاك وهذا الرزق الوفير، تملك هذا البيت الكبير والجميل وما حوله وتتغدق عليّ بعشرة شواقل فقط؟

لم يتبين من شاهين إذا كان غاضبًا أو ساخرًا، عندما أجابها بكل برودة وبوجه جدي: في عمري لم اجدني في موقف على مثل هذه الغرابة، هذه أول مرّة أسمع إنّ المتسولين يتسولون حسب المتر المربّع (*) واما أقوالك الروحية فلا أحد يحتاجها؟!

***

مرّة، سأله أحد أصدقائه: لماذا يا شاهين، تبدأ دائما بشتم الاله، ثمّ تتبعه بشتم الأنبياء والأولياء، أطلعني على رأيك وتفكيرك؟

أجاب شاهين ببرودة أعصاب وكأن كلامه يخلو من السخرية وقال: سأجيبك على سؤالك دون أية مداراة أو مراعاة.. أبدأ بالكبير، حتى إذا انتقلت إلى أحد غيره وغضب مني هؤلاء الصغار، فلا يستطيعون شكوتي للكبير.. لن يكون لهم عين بذلك، فقد نالته الشتيمة من قبلهم.

***

وعندما أخبره الصديق بأن شتائمه هذه ستدخله النار حتمًا، أجابه بنفس برودة أعصابه: أنا إنسان صالح ولا أتسبب بالأذية لأحد، كما أنني أساعد الآخرين دائمًا، والله يرى ذلك، وسيغفر لي هذه الشتائم، فما أنا إلا طفل أهوج في نظر الخالق، ولن يأخذ هذه الشتائم على محمل الجد، فهو أكبر من ذلك.


(*) تُدفع ضريبة "الأرنونا" حسب مساحة الدار وتقاس بالمتر المربّع.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف