الأخبار
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الرسالات السماوية دلالاتها وكوامنها الانسانية بقلم:عبد القادر ابو عيسى

تاريخ النشر : 2017-02-17
الرسالات السماوية دلالاتها وكوامنها الانسانية بقلم:عبد القادر ابو عيسى
الرسالات السماوية دلالاتها وكوامنها الانسانية

في البداية اقدم اعتذاري عن هذا الاختصار الشديد لمثل هذا الموضوع مع تمنياتي بالموفقية. عندما يتمعن المرئ بتاريخ العالم من بداية نشوئه الى الحال الحاضر يدرك ويرى ويفهم ان ديناميكية هذا العالم ترتكز على امرين أساسين . الأمر الأول الخير والأمر الثاني الشر . وهذين الامرين تحركهما عوامل اساسية وقناعات ثابتة صادرة ومعتمدة من وعلى نظريات ومفاهيم مختلفة متناقضة في جوهرها وفلسفتها ومراميها المحركة للمجاميع البشرية المكونة لهذا العالم , والتناقض في هذا المجال لم يُخلَق من العدم بل من واقع معاش تفرضهُ "عوامل الحاجة " وهذه غالباً ما تكون اساساً " للصراع " بين المجتمعات البشرية فيما بينها واحياناً تكون في المجتمع نفسه . في الغالب يكون العامل الاقتصادي هو الاساس يحرك مجرياته التطور في جانب " القوة " المتطورة والمختلف في الزمان والمكان , هذه الحقائق كانت موجودة وكامنة معروفة عند كل حضارات العالم على سبيل المثال لا الحصر الحضارة الرومانية والبابلية والفرعونية والصينية وغيرها والتي انبثقت منها ونتيجتها رسالات دنيوية متعاقبة في تطورها ورقيّها كنماذج راقية في المفاهيم والاهداف وكمناهج معتمدة في رسم وتقويم سلوك مجاميع وكتل بشرية كبيرة . قبل هذا كله ورافقته الرسالات السماوية منذ ان خلق الله جل شأنه  آدم ابو الانبياء " وعلّمنا آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ( 31 ) قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ( 32 ) قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ( 33  " وهذا الامر صادر من قوة الاهية اقوى من كل القوى كانت المجاميع البشرية تدرك هذه القوة وتجهل تفاصيلها قبل انبثاق الرسالات السماوية حيث من المعلوم والمعروف ان العلوم نوعان علوم وجدانية مرافقة لما يخلقه الله سبحانهُ وعلوم مكتسبة. وكما اطلق عليها وسمّاها " افلاطون " محرك لا يتحرك " اي الله سبحانه وتعالى كقوة نهائية لا مثيل لها . الرسالات السماوية فحواها ومرتكزاتها كثيرة اهمها " العدالة والعقاب والثواب " اطارها العام " الجانب الانساني " ويكون الانسان في مفاهيمها " الهدف والوسيلة " ونرى ان فحوى وجوهر وفكر هذه الرسالات كان ولا يزال عرضة للتغيير والتشويه والانتشار والانحسار والانكفاء نتيجة عوامل مختلفة منها داخلية ومنها خارجية , تُستغَل في الكثير من الاحيان من قبل اشخاص لهم مفاهيمهم واولوياتهم المختلفة التي تتناقض في الغالب مع جوهر وفحوى هذه الرسالات , يعتمد مثل هؤلاء في آرائهم وسلوكهم على خلق مفاهيم قريبة في شكلها من الحال الذي يتسترون به متناقضة في جوهرها لهُ ومرتكزين على قلة وعي وادراك وجهل الآخرين بمعاني ما يعتقدون به . بأستمرار يحاولون في فعلهم هذا بسط نفوذهم وتوسيع سطوتهم وسيطرتهم على هذه المجاميع البشرية لأغراض خاصة ذاتية تتناقض والمفاهيم العامة الحقيقية لمرامي هذه الرسالات ويرجع ذلك الى عدم الايمان بها وجهلها . البشر بأستمرار في حالة تطور وارتقاء في مفاهيمه وحاجاته ومتطلباته , لكن المجاميع البشرية التي آمنت وتأمن بهذه الرسالات والاديان تعيش احياناً حالة الانغلاق واحياناً العزة بالاثم والانانية . لو تمعّنا بتاريخ هذه الرسالات سنرى ذلك بوضوح جلي وستظهر بشكل مفضوح دوافع هذا الامر الذي لا يمكن التغطية والاحتيال عليه أو كتمانه , وان الله عز وجل شأنه لم يوصي بهذا الحال المتداول في رسالاته هذه بل اوصى بما هو اسمى . هناك تطور للمفهوم الانساني لمعتنقي هذه الرسالات في بدايته اقتصر عليهم حسب فهمهم مثل اليهود . تطور هذا المفهوم بتعاقب الرسالات وتجاوز محيطها الذي نشأت فيه مع التأكيد على مركزيتها في محيطها الخاص بها .

اليهودية مثلاً . ديانة لمجتمع " أمومي *1" منغلق على نفسه لا يقبلها الا على مواليده بالتعاقب ويعتبرون انفسهم افظل من بقية خلق الله وأحقهم بالحياة من غيرهم وهم الوارثين الوحيدين للدنيا وما فيها . وان اسفار العهد القديم دوّنت بعد نزولها على موسى عليه السلام بأكثر من سبعة قرون لذا دخلها " التحريف والتعديل والحذف والاضافة " بما يتلائم واغراض اليهود واهدافهم ونظرتهم الى الاقوام الأخرى من بابليين وآشوريين ومسيحيين ومسلمين وغيرهم والذين كانت علاقتهم معهم علاقات عدائية مستمرة وهذا ما اكده القرآن الكريم عندما اشار الى تحريف اليهود لكتاب التوراة وتغيرهم مواضع الكلم فيها , قال تعالى ( فويلٌ للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل مَمّا كَتَبت أيديهم وويل لهم مّمّا يكسبون ) ونتج هذا بعد ضياع النصوص الاصلية والحقيقية لهذه الرسالة السماوية وتمت اعادة كتابتها بما يرضي اطماع وطموح افراد متنفذين انفردوا بها وبصياغتها , فقد اعاد كتابتها الملك الفارسي الهمجي بعد انتصاره على حضارة ودولة بابل اثرَاتفاقه مع اليهود زمن آخر ملوك بابل " نبونائيد " وقد دخل في حينها عدد من الفرس المجوس الذين يعبدون النار الى اليهودية وقسم من اليهود الى الفارسية وتزوج الملك الفارسي " كورش بن كمبوجية بن جيش بيش " أمرأة يهودية جميلة دفعها اليهود عليه بغية التجسس والتأثير , وقد اثرَ بعضهم في الآخر في مجالات عديدة مختلفة ولا يزال قسم منه قائم , وهناك حالياً شارع في تل ابيب عاصمة الكيان المختَصِب اسمه " شارع كورش " وايضاً دخلت اليهودية " اقوام وثنية من سلالة مغولية قاموا ويقيمون في دولة الخزر اقوام من التتر *2 " وهؤلاء يشكلون اغلب يهود العالم بحدود 90 % وهم ليس لهم علاقة بالنبي " يعقوب " وعلى اساس ذلك حالياً اكثر من 80 % من سكان اسرائيل الحاليين خزرين . وهناك حديث للرسول محمد صلى الله عليه وسّلم فحواه " مخزرية العيون ـ خزر العيون يقاتلون المسلمين *3" ومن المعروف تماماً ان سبب انبعاث الرسالة اليهودية هو ظلم " فرعون " واليهود اليوم وعبر تاريخهم القديم والحديث يمارسون الظلم نفسه بل اقسى منه ويناقضون بذلك سبب انبعاث وفحوى وجوهر ديانتهم اليهودية . على ذلك اصبحت " التوراة " اربعة اشكال احدها لا تعترف بالأخرى , فهناك التوراة العبرية والتوراة السامرية والتوراة السبعينية اليونانية والتوراة التي اعتمدتها الطائفة الأسينية , وكل توراة تختلف عن الاخرى من حيث عدد اسفارها واسلوب كتابتها ومنهجها الدينيي والعقيدي وجميعها ترى نفسها انها الصحيحة وما عداها غير صحيح ولا يؤخذ به .

المسيحية . رسالة سماوية لم تنأى عن ما واجهته الرسالة اليهودية  بل لاقت ما لاقت وخاصة من اليهود عارضوها بشدة وشككوا بعذرية مريم عليها السلام وقاموا بقتل المسيح عليه السلام وكذّبوا ما جاء فيها ولا زالوا يكذبونها . واختلف معتنقي المسيحية فيما بينهم نسبة لمصالحهم الشخصية وآرائهم وثقافاتهم المختلفة لذلك تعددت الاناجيل " أنجيل متي وانجيل مرقس وانجيل لوقا وانجيل يوحنا " وهذه معترف بها من كل الكنائس تقريباً وهناك اناجيل غيرها مختلف عليها وغير متداولة بشكل واسع مثل " انجيل يهوذا وانجيل توماس وانجيل برنابا وغيرها " تعتبر الرسالة المسيحية اكثر تطورا من اليهودية ومكملة لها , لكن التحريف والشطب والاضافة ادى ما ادى من تخريب وانحراف لأصل الرسالة وجوهرها و هذا ما اكده الله عز وجل في محكم كتايه الكريم  {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ  التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ( 46 ) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ( 47 )} [المائدة: 46]. وانقسمت الرسالة الى اتجاهات مختلفة متناقظة في جوهرها واهدافها كان ذلك بعد مقتل النبي عيسى عليه السلام من قِبَل اليهود { الاسلام ينفي موضوع قتل النبي عيسى }

ألأسلام آخر الرسالات السماوية واتمها . متممة للرسالات التي سيقتها المسيحية وقبلها اليهودية جاءت وضلت متكاملة محافضة على تفاصيلها في أدارة شؤون مجتمعها ومنهجها واضح غير مشوّه رغم الكثير من محاولات التخريب والتزوير المختلفة من قِبَل عناصر متعصبة وحاقدة لا يروق لها انتشار وتعميم هذه الرسالة التي ترسم منهج وحياة البشر كأفراد وكمجتمع لوجوب عوامل التوحد 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف