الأخبار
(حماس): قدمنا رداً إيجابياً وجاهزون للدخول فوراً في مفاوضات حول آلية التنفيذلماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسط
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

"جريمة في رام الله"..بين دور النيابة العامة بحماية المجتمع وكفالة حرية الرأي والحق في التعبير

تاريخ النشر : 2017-02-14
  الكاتب: المحامي والمحكم القانوني د. إيهاب عمرو 

"جريمة في رام الله"

بين دور النيابة العامة بحماية المجتمع وكفالة حرية الرأي والحق في التعبير

ثار الجدل خلال الأيام القليلة الماضية داخل المجتمع الفلسطيني بعد صدور قرار النيابة العامة الموقرة بمصادرة كافة نسخ رواية "جريمة في رام الله" بسبب إحتوائها، وفقاً لقرار النيابة العامة، على نصوص ومصطلحات مخلة بالآداب والأخلاق العامة. وإستند القرار المذكور إلى التحقيقات التي قامت النيابة العامة بإجراؤها فيما يتعلق بالرواية كونها تمس حياء المواطن الفلسطيني وخاصة الأطفال، وكونها تتنافى كذلك مع الاتفاقيات الدولية ومنظومة القوانين الفلسطينية ذات العلاقة، خصوصا قانون المطبوعات والنشر الفلسطيني لعام 1995. وأكدت النيابة العامة أن هذا القرار لا يتنافى مع حرية الرأي والتعبير المكفولة بموجب القانون التي توجب الالتزام بالمبادئ والقيم الأخلاقية في إطار ممارسة حرية الرأي والتعبير. بناءاً على ما سبق، قامت النيابة العامة بتسطير مذكرات إحضار لكل من المؤلف والناشر الموزع، ليتم استكمال إجراءات التحقيق حسب الأصول والقانون.                                                         

بالمقابل، قامت بعض الجهات الحقوقية والنخب الفكرية بإثارة تلك القضية وإعتبارها قضية رأي عام مستندين في ذلك على حرية الرأي والحق في التعبير اللذين كفلتهما القوانين المحلية والإتفاقيات الدولية التي إنضمت فلسطين لها مؤخراً، خصوصاً أن قرار النيابة العامة سالف الذكر، حسب تلك الجهات الحقوقية، جاء بعد مضي أربعة أشهر من طرح الرواية في الأسواق وأن قانون المطبوعات والنشر ينص في المادة (47) على أنه يجوز للسلطة المختصة بقرار إداري، وليس قضائي، ضبط ومصادرة جميع نسخ المطبوعة الصادرة في ذلك اليوم وللمحكمة أن تأمر بتعطيل صدور المطبوعة تعطيلاً مؤقتاً ولمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر. وأضافت تلك الجهات أن فكرة تعارض الرواية مع الأخلاق العامة لم يشملها قانون المطبوعات والنشر في المادة (37) منه التي نصت على ما يلي: " يحظر على المطبوعة أن تنشر ما يلي: (أ) الأخبار والتقارير والرسائل والمقالات والصور المنافية للأخلاق والآداب العامة".           

إن الجدل الذي ثار، ولا يزال، يحتم علينا وضع النقاط على الحروف بخصوص تلك القضية. والمدخل لذلك، حسب رأيي المتواضع، يكون من خلال التوفيق بين دور النيابة العامة كحارس للعدالة الجنائية من جهة، وبين كفالة حرية الرأي والحق في التعبير المنصوص عليهما في القانون الأساسي المعدل لعام 2003.            

من جانب، تعد النيابة العامة جزءاً لا يتجزأ من السلطة القضائية، ويطلق على أعضاء النيابة العامة إسم "القضاة الواقفين" للدلالة على دورهم في حماية المجتمع ورعايته. وتعد النيابة العامة صمام الأمان للمجتمع من أي إعتداء قد يقع عليه، كونها تمثل المجتمع وتنوب عنه عند حدوث إعتداء يهدد أمنه وسلامته. وتقوم النيابة العامة كذلك على منع إرتكاب الجرائم وملاحقة مرتكبيها والتحقيق معهم وإحالتهم للمحاكمة تحقيقاً للأهداف سالفة الذكر.          
في سبيل ذلك، تعد النيابة العامة الجهة التي يعهد اليها بمهمة تمثيل الحق العام أمام القضاء، وتختص دون غيرها بتحريك الدعوى العمومية ومتابعة سيرها امام المحاكم حتى يصدر فيها حكم قطعي وتقوم بمتابعة تنفيذه، وفاقاً لنص الفقرة الثانية من المادة (107) من القانون الأساسي المذكور أعلاه التي تنص على ما يلي: " يتولى النائب العام الدعوى العمومية باسم الشعب العربي الفلسطيني ويحدد القانون اختصاصات النائب العام وواجباته". وكذلك وفاقاً لنص المادة (67) من قانون السلطة القضائية لعام 2002 التي تنص على ممارسة النيابة العامة الاختصاصات المخولة لها قانونا، وأن لها دون غيرها الحق في رفع الدعوى الجنائية (دعوى الحق العام) ومباشرتها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. وفي ذات السياق تنص المادة (1) من قانون الإجراءات الجزائية لعام 2001 على إختصاص النيابة العامة دون غيرها بإقامة الدعوى الجزائية ومباشرتها وأنه لا يجوز أن تقام تلك الدعوى من غيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون. وتتمتع النيابة العامة بسلطات التحقيق والاتهام والمرافعة أمام الجهات القضائية المختصة والاشراف على تنفيذ الاحكام الجزائية. ويشمل الإطار القانوني الذي يحكم وينظم عمل النيابة العامة في فلسطين بشكل رئيسي كل من القانون الأساسي المعدل لعام 2003، قانون السلطة القضائية لعام 2002، وقانون الإجراءات الجزائية لعام 2001، كما أوضحنا آنفاً.                                                         
من جانب آخر، لا بد من إعادة التأكيد على أن حرية الرأي والحق التعبير كفلهما القانون، وذلك كحق وليس كمنة، لكن دون مخالفة أحكام القانون، حيث تنص المادة (19) من القانون الأساسي على ما يلي:  "لا مساس بحرية الرأي، ولكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون". وتنص المادة (2) من قانون المطبوعات والنشر الفلسطيني لعام 1995 على ما يلي: "الصحافة والطباعة حرتان وحرية الرأي مكفولة لكل فلسطيني، وله أن يعرب عن رأيه بحرية قولاً، كتابة، وتصويراً ورسماً في وسائل التعبير والإعلام". في حين تضع المادة (7) من ذات القانون قيداً على تلك الحرية واجب الإلتزام به كما يظهر من طبيعة القاعدة القانونية الآمرة، حيث تنص المادة المذكورة على ما يلي: "أ- على المطبوعات أن تمتنع عن نشر ما يتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق الإنسان واحترام الحقيقة وأن تعتبر حرية الفكر والرأي والتعبير والاطلاع حقاً للمواطنين كما هي حق لها ب- يجب أن لا تتضمن المطبوعات الدورية الموجهة إلى الأطفال والمراهقين أية صور أو قصص أو أخبار تخل بالأخلاق والقيم والتقاليد الفلسطينية".    

من نافلة القول، إن قيام النيابة العامة بمباشرة إجراءات التحقيق مع متهم لا يعني بالضرورة إدانته، إذ ليس من إختصاصات النيابة العامة إدانة أي متهم، كون أنه يبقى بريئاً حتى تثبت إدانته من قبل المحكمة المختصة بحكم قطعي لا يقبل الطعن بأي طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية، ذلك أن سلطة التحقيق الإبتدائي والإتهام في القضايا الجزائية كأصل تكون بيد النيابة العامة دون غيرها، لكنها لا تملك بأي حال من الأحوال سلطة الإدانة، حيث إن إدانة أي متهم تعد من إختصاصات المحكمة التي تنظر القضية كونها تقوم بإجراء التحقيق النهائي، وتملك كذلك تبرئته من التهم الموجهة له من قبل النيابة العامة. وتستطيع النيابة العامة حفظ القضية وعدم تحويل المتهم للمحكمة في حالات معينة، كحالة عدم كفاية الأدلة.               


 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف