مدى الحاجة إلى قانون يحكم "الجرائم الإلكترونية" في فلسطين
بعد بزوغ ظاهرة العولمة وشيوع إستخدام شبكة المعلومات العالمية "الإنترنت" مع ما تبع ذلك من إنتشار منصات "شبكات" التواصل الإجتماعي وإستخدامها على نطاق واسع من قبل معظم شرائح المجتمع، قامت العديد من الدول في العالم الغربي بإصدار قوانين تعنى بالجرائم الإلكترونية سواء كانت تتبع النظام اللاتيني
(CyberCrimes) أو النظام الأنجلوسكسوني، وتعرف تلك الجرائم بإسم وقامت بعض الدول في العالم النامي بإصدار قوانين تتناول الجرائم الإلكترونية مثل الهند التي تعد من الدول النامية المتقدمة على المستوى التكنولوجي، حيث أصدرت قانون "تكنولوجيا المعلومات" لعام 2000 الذي تضمن، من ضمن مسائل أخرى، تنظيم الجرائم الإلكترونية من الناحية القانونية. كذلك، قامت بعض الدول العربية بإصدار قوانين تعنى بالجرائم الإلكترونية منها قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن لعام 2015 الذي حل محل قانون جرائم أنظمة المعلومات المؤقت لعام 2010، وأيضاً قانون الجرائم الإلكترونية في الإمارات لعام 2012 الذي تم تعديل أحكامه بداية العام 2016 بحيث تم تغيير الوصف الجنائي لهذا النوع من الجرائم إلى جناية بدلاً من جنحة كما كان ينص عليه القانون قبل تعديله، ما مع يترتب على ذلك من أن تصبح العقوبة السجن المؤقت عوضاً عن الحبس، وتم كذلك رفع الحد الأقصى للغرامة بحيث تصبح مليوني درهم عوضاً عن نصف مليون درهم كما كان ينص عليها القانون قبل تعديله.
ومن الجرائم الإلكترونية إنتهاك خصوصية الآخرين، إنشاء حسابات وهمية على شبكات التواصل الإجتماعي، إنشاء محلات إلكترونية وهمية، الإتجار ببضائع محظورة عبر الإنترنت، القرصنة عبر الإنترنت، بث الكراهية، التهديد والتشهير والإبتزاز، سرقة البيانات، الغش والإحتيال المالي، تعطيل أنظمة المعلومات، التلاعب بالمحتوى الإلكتروني، الذم والقدح عبر الوسائط الإلكترونية.
في فلسطين، من المعلوم أنه لا يوجد لغاية الآن قانون ينظم الجرائم الإلكترونية، غير أن ذلك لا يعني عدم تجريم هذا النوع من الأفعال بموجب قانون العقوبات ساري المفعول لعام 1960 ما يعني أنه يمكن تطبيق ذلك القانون على الأفعال التي تندرج ضمن وصف "الجريمة الإلكترونية" على إعتبار أن نصوصه تمثل القواعد العامة بالنسبة لكافة الجرائم والعقوبات، على الرغم من أنه قانون قديم نسبياً جرى إصداره قبل ثلاثة عقود من ظهور الجرائم الإلكترونية. معنى ذلك، أن جرائم بث الكراهية، التهديد والتشهير والإبتزاز والذم والقدح بوسائط إلكترونية يمكن إخضاعها لنصوص قانون العقوبات ساري المفعول ذات العلاقة وتجريم من يرتكبها.
كذلك، تضمن قرار بقانون رقم (18) لعام 2015 بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في المادة (28) نصوصاً تناولت تجريم ومعاقبة كل من يقوم بالإتجار بالمواد المخدرة وترويجها إلكترونياً من خلال موقع قام بإنشائه على الشبكة العنكبوتية لهذا الغرض، وكل من يقوم بتشفير أي من المواقع التي يستخدمها تجار المخدرات لكي لا تقع تحت رقابة السلطات، وكذلك كل من يقوم بعرض معلومات على موقع إلكتروني عن كيفية تصنيع المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو عن كيفية إنتاجها وأساليب تسويقها وترويجها وطرق تعاطيها.
خلاصة القول: إن النظام القانوني الفلسطيني ليس خلواً من نصوص تعاقب كل من يرتكب أية جريمة إلكترونية في فلسطين بموجب قانون العقوبات ساري المفعول لعام 1960، وكذلك بموجب أية قوانين أخرى ذات علاقة مثل قرار بقانون بشأن مكافة المخدرات والمؤثرات العقلية سالف الذكر. غير أنه لا بد من التأكيد في هذا السياق على ضرورة العمل الجاد على إصدار قانون يحكم الجرائم الإلكترونية أسوة بدول غربية وعربية أخرى، خصوصاً مع شيوع إستخدام الإنترنت لأغراض إقتصادية، تجارية، وإجتماعية، وذلك حفاظاً على النسيج الإجتماعي، والإستقرار الإقتصادي المنشود في دولة فلسطين.
من نافلة القول: يعد أمر تطبيق قانون يعنى بالجرائم الإلكترونية ممكناً من الناحية العملية والتقنية في فلسطين، خصوصاً في ظل وجود وحدة خاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية في جهاز الشرطة.
الكاتب: المحامي والمحكم القانوني د. إيهاب عمرو
بعد بزوغ ظاهرة العولمة وشيوع إستخدام شبكة المعلومات العالمية "الإنترنت" مع ما تبع ذلك من إنتشار منصات "شبكات" التواصل الإجتماعي وإستخدامها على نطاق واسع من قبل معظم شرائح المجتمع، قامت العديد من الدول في العالم الغربي بإصدار قوانين تعنى بالجرائم الإلكترونية سواء كانت تتبع النظام اللاتيني
(CyberCrimes) أو النظام الأنجلوسكسوني، وتعرف تلك الجرائم بإسم وقامت بعض الدول في العالم النامي بإصدار قوانين تتناول الجرائم الإلكترونية مثل الهند التي تعد من الدول النامية المتقدمة على المستوى التكنولوجي، حيث أصدرت قانون "تكنولوجيا المعلومات" لعام 2000 الذي تضمن، من ضمن مسائل أخرى، تنظيم الجرائم الإلكترونية من الناحية القانونية. كذلك، قامت بعض الدول العربية بإصدار قوانين تعنى بالجرائم الإلكترونية منها قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن لعام 2015 الذي حل محل قانون جرائم أنظمة المعلومات المؤقت لعام 2010، وأيضاً قانون الجرائم الإلكترونية في الإمارات لعام 2012 الذي تم تعديل أحكامه بداية العام 2016 بحيث تم تغيير الوصف الجنائي لهذا النوع من الجرائم إلى جناية بدلاً من جنحة كما كان ينص عليه القانون قبل تعديله، ما مع يترتب على ذلك من أن تصبح العقوبة السجن المؤقت عوضاً عن الحبس، وتم كذلك رفع الحد الأقصى للغرامة بحيث تصبح مليوني درهم عوضاً عن نصف مليون درهم كما كان ينص عليها القانون قبل تعديله.
ومن الجرائم الإلكترونية إنتهاك خصوصية الآخرين، إنشاء حسابات وهمية على شبكات التواصل الإجتماعي، إنشاء محلات إلكترونية وهمية، الإتجار ببضائع محظورة عبر الإنترنت، القرصنة عبر الإنترنت، بث الكراهية، التهديد والتشهير والإبتزاز، سرقة البيانات، الغش والإحتيال المالي، تعطيل أنظمة المعلومات، التلاعب بالمحتوى الإلكتروني، الذم والقدح عبر الوسائط الإلكترونية.
في فلسطين، من المعلوم أنه لا يوجد لغاية الآن قانون ينظم الجرائم الإلكترونية، غير أن ذلك لا يعني عدم تجريم هذا النوع من الأفعال بموجب قانون العقوبات ساري المفعول لعام 1960 ما يعني أنه يمكن تطبيق ذلك القانون على الأفعال التي تندرج ضمن وصف "الجريمة الإلكترونية" على إعتبار أن نصوصه تمثل القواعد العامة بالنسبة لكافة الجرائم والعقوبات، على الرغم من أنه قانون قديم نسبياً جرى إصداره قبل ثلاثة عقود من ظهور الجرائم الإلكترونية. معنى ذلك، أن جرائم بث الكراهية، التهديد والتشهير والإبتزاز والذم والقدح بوسائط إلكترونية يمكن إخضاعها لنصوص قانون العقوبات ساري المفعول ذات العلاقة وتجريم من يرتكبها.
كذلك، تضمن قرار بقانون رقم (18) لعام 2015 بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في المادة (28) نصوصاً تناولت تجريم ومعاقبة كل من يقوم بالإتجار بالمواد المخدرة وترويجها إلكترونياً من خلال موقع قام بإنشائه على الشبكة العنكبوتية لهذا الغرض، وكل من يقوم بتشفير أي من المواقع التي يستخدمها تجار المخدرات لكي لا تقع تحت رقابة السلطات، وكذلك كل من يقوم بعرض معلومات على موقع إلكتروني عن كيفية تصنيع المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو عن كيفية إنتاجها وأساليب تسويقها وترويجها وطرق تعاطيها.
خلاصة القول: إن النظام القانوني الفلسطيني ليس خلواً من نصوص تعاقب كل من يرتكب أية جريمة إلكترونية في فلسطين بموجب قانون العقوبات ساري المفعول لعام 1960، وكذلك بموجب أية قوانين أخرى ذات علاقة مثل قرار بقانون بشأن مكافة المخدرات والمؤثرات العقلية سالف الذكر. غير أنه لا بد من التأكيد في هذا السياق على ضرورة العمل الجاد على إصدار قانون يحكم الجرائم الإلكترونية أسوة بدول غربية وعربية أخرى، خصوصاً مع شيوع إستخدام الإنترنت لأغراض إقتصادية، تجارية، وإجتماعية، وذلك حفاظاً على النسيج الإجتماعي، والإستقرار الإقتصادي المنشود في دولة فلسطين.
من نافلة القول: يعد أمر تطبيق قانون يعنى بالجرائم الإلكترونية ممكناً من الناحية العملية والتقنية في فلسطين، خصوصاً في ظل وجود وحدة خاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية في جهاز الشرطة.
الكاتب: المحامي والمحكم القانوني د. إيهاب عمرو